وزير الخارجية الإسباني يؤكد أن المغرب يمكنه الاعتماد على إسبانيا كشريك وصديق داخل في الاتحاد الأوروبي أشاد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي ناصر بوريطة، الأربعاء بالرباط، بالدور «البناء» الذي تضطلع به اسبانيا من أجل التوصل إلى حل سياسي لقضية الصحراء. وجاءت تصريحات الوزير خلال مؤتمر صحفي في أعقاب المباحثات التي أجراها مع نظيره الاسباني، ألفونسو داستيس، الذي يقوم بزيارة عمل للمملكة، وأشار بوريطة، بهذه المناسبة، إلى أنه تم التطرق خلال هذا اللقاء إلى قضية الصحراء المغربية و»ذلك في ضوء القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، وللدور البناء الذي تضطلع به اسبانيا باعتبارها عضوا في مجموعة أصدقاء الصحراء من أجل بلورة هذا القرار والدفاع عنه. وفي معرض جوابه عن سؤال بخصوص هذا الملف، أبرز الوزير أن المبادرة الوحيدة المطروحة على الطاولة هي المبادرة المغربية للحكم الذاتي، مشيرا إلى أنه «للأسف لم تسعف خطاطة المسلسل السياسي في أن تكون هذه المبادرة، التي يعتبرها مجلس الأمن جدية وذات مصداقية، موضع نقاش وتوضيح وبحث في إطار المسلسل السياسي». «ولهذا يشدد المغرب على ضرورة أن تعكس الطاولة الخاصة بهذا المسلسل الفاعلين الحقيقيين بما يمكن هذا المسلسل من أن يصبح مثمرا»، يضيف الوزير مبرزا «أننا جربنا خطاطة سابقة لم تسفر عن نتائج، ليس لأن ما كان مطروحا على الطاولة لم يكن جذابا، ولكن لأن المتواجدين في الطاولة لم يكونوا هم الفاعلين الحقيقيين». وأضاف أن المباحثات تطرقت أيضا إلى القضايا الإقليمية الهامة ولاسيما الوضع في ليبيا والشراكة بين افريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث «أن المغرب واسبانيا مدعوان للاضطلاع بدور هام من أجل عرض هذه الشراكة الثنائية في هذين الفضاءين الهامين بالنسبة للبلدين». من جهة أخرى أكد بوريطة أن المغرب واسبانيا يرتبطان بعلاقة تعاون «نموذجية» في مجال محاربة الهجرة السرية والإرهاب. وأبرز بوريطة أن التعاون بين الأجهزة الأمنية ووزارتي داخلية البلدين يشكل «نموذجا للتعاون الإقليمي». كما استحضر ناصر بوريطة، في هذا السياق، مسلسل الرباط الذي تم إطلاقه مع اسبانيا، واحتضان المملكة في دجنبر المقبل لاجتماع أممي يروم إقرار ميثاق عالمي بخصوص الهجرة. واستعرض في هذا الصدد الجهود التي يقوم بها المغرب في هذا المجال، ولاسيما إطلاق عمليات تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين، داعيا في هذا السياق شركاء المملكة، ولاسيما الاتحاد الأوروبي إلى مزيد من الانخراط في مسلسل إدماج المهاجرين التي يظل في حاجة إلى شراكة وطيدة مع أوروبا. ومن جهة أخرى، أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي أن مباحثاته مع نظيره الاسباني شكلت مناسبة للوقوف على باقي الأنشطة والمبادرات الكفيلة بتعزيز التعاون الثنائي والتحضير للاستحقاقات القادمة سواء على مستوى الزيارات أو الاجتماع المغربي الاسباني من مستوى عالي الذي سينعقد في القريب العاجل. وأضاف بوريطة أن الزيارة الهامة للوزير داستيس تأتي لتسلط الضوء على الطابع القوي والهادئ والإيجابي للعلاقات بين المملكتين، والتي تتميز بكونها علاقة قائمة على الصداقة وحسن الجوار ، مشيرا إلى أنها تقوم أيضا على التفاهم بخصوص الرهانات التي ترتبط بهذه العلاقة الهامة بالنسبة للبلدين وكذا بالنسبة لمنطقتيهما الأوروبية والافريقية. وأكد الوزير أن المنتدى البرلماني الذي انعقد مؤخرا بمدريد كان «ناجحا» وأظهر للعيان أنه إلى جانب الفاعلين الاقتصاديين والديبلوماسيين، فإن الفاعلين البرلمانيين ينخرطون بدورهم في هذه الدينامية الإيجابية للعلاقات الثنائية. وقال إن المباحثات مع رئيس الديبلوماسية الإسبانية مكنت من الوقوف على المنحى التصاعدي للعلاقات الثنائية والتي تقودها علاقة قوية بين الأسرتين الملكيتين، وبين عاهلي البلدين، وتشاور سياسي منتظم إلى جانب تعاون اقتصادي مثمر للغاية. وذكر بوريطة، في هذا الصدد، بأن اسبانيا أضحت الشريك التجاري الأول للمغرب حيث تتواجد أزيد من 800 مقاولة اسبانية في المملكة، مشيرا إلى أن 33 بالمائة من الاستثمارات الاسبانية في القارة الافريقية تتركز بالمغرب. وبخصوص العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أبرز الوزير أن هذه المباحثات شكلت مناسبة للإشادة بالدور البناء والإيجابي لاسبانيا من أجل تعزيز الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي وجعلها نموذجا يحتذى على مستوى العلاقات الأوروبية- المتوسطية. من جهته أكد وزير الخارجية الاسباني، ألفونسو داستيس، أن المغرب يمكنه الاعتماد على إسبانيا كشريك وصديق داخل الاتحاد الأوروبي. وقال وزير الخارجية الاسباني إنه «من الواضح أن المغرب شريك أساسي بالنسبة للاتحاد الأوروبي»، و»تدرك المملكة أنها تستطيع الاعتماد على إسبانيا لمساعدتها في ارساء إطار عمل متميز مع الاتحاد الأوروبي». وأشار داستيس إلى أن البلدين قد نجحا في بناء إطار تطبعه الثقة والحوار، واصفا الشراكة والتعاون بين الرباط ومدريد ب»النموذج» بالنسبة للدول الأخرى. وعن زيارته للمملكة، قال الوزير الإسباني إنه يهدف من خلالها تكريس المستوى الممتاز للعلاقات بين البلدين، مضيفا أنها ستكون مناسبة لاستعراض «علاقاتنا الثنائية والإقليمية وتعاوننا مع الاتحاد الأوروبي». وشدد داستيس، في معرض حديثه عن العلاقات الاقتصادية بين البلدين، على أن إسبانيا هي الشريك التجاري الأول للمغرب، والذي يعتبر أيضا شريكا تجاريا مهما لإسبانيا خارج الاتحاد الأوروبي، مما يبرز أهمية النهوض بالجانب المتعلق بالاستثمارات الإسبانية في المملكة. وأوضح المسؤول الإسباني أن الشركات الإسبانية مدعوة الى القدوم إلى المغرب للاستفادة ليس فقط من السوق المغربية ولكن أيضا من الفرص التي تفتحها هذه السوق نحو جميع أنحاء القارة الإفريقية، مضيفا أن «هذه القضية تمثل تحديا حقيقيا لنا في المستقبل». وأضاف الوزير الإسباني أنه خلال المحادثات مع بوريطة «ناقشنا إمكانية تقاسم وتبادل ميزاتنا على مستوى إفريقيا وأمريكا اللاتينية لتطوير نقاط التكامل بين البلدين». كما نوه داستيس بالتعاون «الممتاز» بين الرباط ومدريد في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وبمساهمة المغاربة المقيمين في إسبانيا في ازدهار المناطق التي يقيمون فيها.