تعد مرتفعات الظهراء بالمنطقة الشرقية من بين المناطق المغربية التي يعتمد اقتصادها على تربية الماشية، حيث أن أغلب ساكنة إقليمي جرادة وفكيك كان ولا يزال اهتمامهم الكبير مرتبطا بهذا القطاع الحيوي، وتعرف المنطقة بصنف واحد من الأغنام يطلق عليه اسم» الدغمة» التي تشتهر بجودة لحومها على المستوى الوطني مقارنة مع الأصناف الأخرى من الماشية بمختلف مناطق المملكة ك»الصردي» بالشاوية ودكالة و»الدمان» بالمناطق الجنوبية و»تمحضيض» بسهول الأطلس الصغير والمتوسط ..بالإضافة إلى الأغنام الجزائرية المعروفة باسم» البركية»التي لاتزال تقتحم جل أسواق البلاد بفعل التهريب انطلاقا من مناطق الحدود بإقليمي جرادة وفجيج..ويبدو أن توالي سنوات الجفاف التي اجتاحت المنطقة خلال عقود أثرت سلبا على هذا المجال الاقتصادي المهم، علاوة التهريب العكسي للقطيع الوطني إلى الجزائر ومنها إلى تونس وليبيا ، نظرا لانتشار وباء الحمى القلاعية الذي بات يتهدد الماشية الجزائرية . اعتماد اقتصاد منطقتي جرادة وفجيج بالدرجة الأولى على الماشية كان من تداعيات موجة الإغلاق التي عرفتها العديد من مناجم إقليمي جرادة وفجيج،بكل من منجم « المنغنيز» ببوعرفة، مرورا بزنك ورصاص سيدي بوبكر وتويست وواد الحيمر، وانتهاء بمناجم الفحم الحجري بجرادة، أن ركز جانب كبير من ساكنة المنطقة في عيشهم على تربية الماشية ..وتعتبر أسواق عين بني مطهر وتندرارة واحدة من كبريات التجمعات الإقتصادية للمواشي على الصعيد الوطني . ونظرا لما كان لهذه الأسواق من أهمية قصوى خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي، لم يدخر المعمرون جهدا في نهب الثروة الحيوانية بصنفيها البري»الوحيش» وكذا الأليفة ، والتي كانت تزخر بها منطقة النجود العليا، بحيث كان يعمد الفرنسيون لشحن المواشي على متن بواخر بميناءي» بني انصار» ووهران باتجاه أوروبا انطلاقا من أسواق المنطقة، خاصة عين بني مطهر، أو»بركنت» ، كما كان يطلق عليها..ولأن معظم مناطق إقليمي جرادة وفجيج على امتداد شساعتهما فهي تعج بالبدو الرحل الذين ينتقلون من مكان إلى آخر بحثا عن الماء والكلأ لرعي ماشيتهم، مصدر عيشهم الوحيد..إلا أنه منذ مطلع ثمانينيات القرن المنصرم،اتسعت رقعة الجفاف المصحوبة بزحف الرمال والتصحر..ما حال دون صمود عشرات الكسابين والفلاحين بالمنطقة أمام عجف الطبيعية ،وبذلك سجل تراجع كبير في مستوى اهتمام السكان بالماشية..بعدما نفقت قطعان كبيرة منها جراء الظواهر القاهرة السالفة الذكر ، بالإضافة إلى اكتساح الأمراض المستوردة والمنقولة عبر القطيع الجزائري المهرب ك»اللسان الأزرق» و «الجذري» و» الحمى القلاعية» . وباء الحمى القلاعية يستنفر السلطات أرخى شبح الأوبئة والأمراض المنقولة أبرزها»الحمى القلاعية» ، بظلاله على القطيع الوطني ،جراء تهريب المواشي الجزائرية خاصة منها الأغنام، إلى قرى ومدن بالجهة الشرقية من المملكة.. وباء»الحمى القلاعية» ما فتئ يعصف بمئات رؤوس الأغنام بالشطر الآخر من الحدود، حيث تواصل السلطات الجزائرية المختصة في سباق مع الزمن لحرق القطعان الموبوءة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه تحسبا لاستفحال الوباء بين عموم الماشية. ..في وقت ذاته تغض السلطات الجزائرية الطرف حاليا عن تهريب الماشية المغربية إلى أراضيها عبر السوق السوداء،بغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي بأسواقها..ولو أن حدة وحركية التهريب على خط التماس من الحدود عبر مسالك معروفة عرفت انخفاضا ملحوظا في أعقاب تشديد الحراسة بالشطر المغربي من الحدود بواسطة وسائل متطورة للمراقبة ، وكذا حفر وتسييج أغلب المعابر الحساسة.. وفي هذا الإطار،لم يخف مواطنون بالجهة الشرقية قلقهم وانزعاجهم من موجة ارتفاع أسعار أضاحي العيد الملاحظة في أسواق الماشية لهذا العام ، جراء عمليات التهريب المسترسلة لعشرات القطعان من الأغنام المغربية باتجاه الجزائر.. العديد من الشاحنات والحافلات المحملة بأصناف قطعان الماشية القادمة من غرب المملكة تحط الرحال بمدن وقرى من الحدود تمهيدا لتسريبها عبر نقط تهريب معروفة بكل من منطقة «الشط « «الدغمانية:» -» حبارة»و «تيولي» بإقليم جرادة وكذا معابر»الصوان»-» المنكوب» و»جبل عبو لكحل» بإقليم فجيج.. نحو الجزائر، ومن ثم إلى تونس و ليبيا حيث تقوم مافيا التهريب هناك بعرضها على المواطنين بأثمان باهظة في ظل الأزمة السياسية الحالية التي يشهدها البلدان..الوضع قد يفضي إلى حدوث نقص في تعداد القطيع المحلي من» الدغمة « بحسب توجس المواطن. هذا وأكدت مصادر مطلعة أن الحرس الحدودي المغربي، أصبح على درجة عالية من الاستعدادات تحسبا لأي محاولة جديدة لتهريب القطيع الوطني من الأغنام باتجاه الجزائر، خاصة وأن الأجهزة المعنية تعتمد في ذلك على وسائل للمراقبة عن بعد( الرادار) .. بما يضمن عودة الاستقرار إلى سوق الأغنام لتحقيق الاكتفاء الذاتي الوطني من أضاحي العيد . وأضافت المصادر ذاتها بأن دورية الحرس الحدودي المغربي تمكنت من إفشال محاولات لعملية تسريب قطعان من الخراف المحلية إلى التراب الجزائري، في الأشهر القليلة الماضية . كما أنه تم اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية بالتأهب و الاستنفار بجميع المنافذ الحدودية للبلاد المرتبطة بالنطاق الترابي لإقليمي جرادة و فجيج التي تعتبر بالبوابات الكبرى للتهريب و التهريب المضاد للماشية على وجه الخصوص ،خشية من انتقال وباء «الحمى القلاعية» من الأغنام الجزائرية المهربة إلى القطيع الوطني ، ، خاصة خلال الأيام القليلة التي تسبق عيد الأضاحي.. في وقت كانت المنظمة العالمية للصحة الحيوانية ، قد أعلنت عن اكتشاف حالات وبائية من فيروس الحمى القلاعية في ماشية تونس .. و في هذا الصدد ذكرت بعض المصادر الإعلامية المغربية بأن المكتب الوطني للسلامة الصحية قام في الآونة الأخيرة بتوجيه مذكرة إلى كافة مدراء الفروع الجهوية للتحاليل و البحوث و مديري مراقبة الجودة و الهيئة الوطنية للأطباء البياطرة و معهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة ، بغرض تكثيف الجهود و الرفع من حالة اليقظة و الترقب على منافذ الشريط الحدودي المغربي الجزائري للتصدي لأي تسربات محتملة للوباء إلى داخل الوطن . وللتذكير فإن القطيع الوطني كان قد تضرر من وباء الجذري المنقول من الماشية الجزائرية عبر التهريب مستهل الألفية الثالثة .. الوباء أدى إلى نفوق المئات من رؤوس الماشية المغربية . من جانبها قامت الجهات المعنية بحملات تحسيسية استهدفت مربي الماشية من أجل الاهتمام بالحالة الصحية للماشية، كما طمأنت الجميع بأن الوضع الصحي للماشية في عمومه يدعو للارتياح وألا مجال للخوف والقلق ،خاصة وأن المغرب استطاع أن يقضي على الحمى القلاعية بمناطق الحدود وغيرها بالمملكة،معتمدا إجراءات وقائية صارمة كحرق القطعان الموبوءة وإخضاع نسبة90 % من قطعان الماشية لعملية التلقيح . كما تم القضاء على داء الجذري منذ سنوات حسب مصادر مطلعة أكدت أن جمعية مربي الأغنام والماعز(ANOC) كانت قد اتخذت إجراءات وقائية مماثلة في إطار المحافظة على سلالة الغنم بتجنيبها أية أمراض قد تحدق بها كترقيم رؤوس الماشية وهي عملية تقنن تنقل الأغنام بالمغرب ، كما ستعمل الجمعية المذكورة على تطوير السلالات المحلية وتأطير الكسابين على المستوى المؤسساتي والتكويني ومنع أي استيراد للماشية بكل أشكالها والضرب بيد من حديد على أباطرة التهريب من وإلى المغرب. تباين في الأثمان وتخوف من المضاربة يظل المواطن البسيط في حيرة من أمره يترقب انخفاض أسعار الأغنام عله يظفر بأضحية تتناسب وقدرته المادية..أسواق الماشية تشهد انتعاشا ملحوظا في الرواج وتواجد مكثف لقطعان الخرفان على وجه الخصوص،بدورها الباحات وكذا الاسطبلات و الزرائب فضلا عن المحلات الكبرى بأغلب المدن لا تخلو من أعداد كبيرة لأضاحي العيد، لكن أغلب المواطنين لم يبادروا بعد لشرائها.. فهم يكتفون في الوقت الحالي بالتجوال وسط الأسواق وتجمعات الماشية لمعرفة سقف الأثمان والاستفسار عن الجودة،بما يرجح كفة العرض على الطلب. حتى اللحظة، ووفق مصادرنا ، فأثمان الخراف تتراوح مابين: 1500 درهم و3000 درهم،تتحكم فيها معايير وشروط السلامة الصحية والجودة وبنية الخروف أو الشاة.. وقد لا تستقر أسعار الأضاحي على حال بفعل عامل المضاربة والسمسرة الذي قد يؤثر بشكل كبير في ارتفاعها !