عندما رزق مصطفى قبل ثلاث سنوات بطفل بلا ملامح وبرأس مشوه، طرق أبواب العديد من الأطباء المغاربة المتخصصين في الجراحة والتجميل على أمل أن يحدث تغيرا ما حالة ابنه، غير أن الأبواب كانت توصد كلها أمامه. ومع ذلك، فهو لم يفقد الأمل، واستعان بأحد جيرانه في إحدى القرى المجاورة لمدينة طنجة والذي نشر طلب مساعدة على أحد المواقع الإخبارية المغربية. وعلى بعد آلاف الكيلومترات، وفي قارة أخرى، وبالضبط في أستراليا، كانت فاطمة بكارة، التي هاجرت من المغرب في سن مبكرة، تبحر عبر الشبكة العنكبوتية وتحاول ربط صلتها بالوطن عبر زيارة مواقع وصفحات مغربية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فصادفت الإعلان وتأثرت للغاية بوضعية الطفل يحيى. حينها كانت فاطمة تصارع بشجاعة مرض سرطان الثدي، لكن ذلك لم يثنها عن رفع السماعة والاتصال بوالد يحيى وتعبر له عن تأثرها بوضعية الطفل وتخبره بعزمها طرق جميع الأبواب حتى يتسنى ليحيى أن يعيش حياة عادية كباقي أقرانه من الأطفال. وحسب ربورطاج بثته قناة «صانداي نيوز» الأسترالية، فإن فاطمة تمكنت بالفعل من إقناع الدكتور طوني هولمز، الشهير عالميا في مجال الجراحات الدقيقة والتقويم، بالإشراف على حالة يحيى. وبالفعل تنقلت فاطمة إلى المغرب مرفوقة بطاقم القناة الأسترالية، حيث التقت أفراد أسرة الطفل وزفت إليهم الخبر السعيد، وأشرفت على إتمام الإجراءات الإدارية لتمكين الطفل ووالدته من السفر إلى أستراليا ولقاء الدكتور هولمز، الذي ذاع صيته أكثر إثر نجاحه في فصل التوأمين الهنديين تريشنا وكريشنا اللذين ولدا وهما ملتصقين على مستوى الرأس. وفي تلك الفترة، تلقت فاطمة خبرا مفرحا بخصوص معركتها مع السرطان، إذ كشف لها الأطباء نجاحهم في السيطرة على المرض. هذا الخبر زاد من تحمس فاطمة لمواصلة الرحلة مع يحيى، ومنحها دفعة معنوية ونفسية وثقة بأن المستقبل سيحمل أخبار أخرى مفرحة. لقاء الدكتور هولمز مع الطفل يحيى كان مثمرا، إذ اتضح له أن الطفل يتصرف كأي طفل آخر في سنه، يحب اللعب، ويعبر عن فرحه ويبدي ردود فعل وتجاوب مع من حوله وإن لم يكن يراهم. وبعد ذلك جاءت مرحلة التحاليل والأشعة، حيث تم وضع صورة ثلاثية الأبعاد لرأس الطفل وتبين أن جزءا كبيرا من الدماغ ينمو بشكل عادي، ويمكن نظريا إنجاز عملية تقويم على مستوى عظام الجمجمة لسد شرخ كبير يمتد من الفم إلى الجبهة، وسد فجوات في الجمجمة، وتقويم الفكين العلوي والسفلي. ويظل الهاجس الوحيد الذي كان يؤرق الدكتور هولمز هو مدى قدرة جسد الطفل على تحمل العملية الجراحية المعقدة وما يترتب عنها من تبعات ومضاعفات محتملة. ويأمل الفريق الطبي أن تسير الأمور كما تم التخطيط لها، وأن يتمكن يحيى من الخروج من غرفة العمليات مستهل شهر دجنبر المقبل متعلقا بالحياة، كما فعل وهو يخرج من بطن أمه قبل ثلاث سنوات.