تأخر المغرب، من حيث مقارنة رد فعل خصومه في إعلان الموقف من حكم المحكمة الأوروبية . وكان لافتا أن الموقف المعبر عنه، جاء مشتركا مع المفوضية الأوروبية، عقب إعلان الحكم. باعتبار المفوضية هي المخولة مؤسساتيا ودستوريا في أوروبا بمتابعة التفويض الممنوح لها من لدن مؤسسات الاتحاد بخصوص الاتفاقيات مع المغرب. والواضح أن الموقف المشترك يتجاوز طابعه التاكتيكي المباشر، إلى ترسيم وحدة الموقف. فقد جاء البلاغ ليؤكد في العمق، أن الاتحاد كمؤسسة، والمغرب كبلاد، وطرف في اتفاقيات التعاون الاستراتيجي، يوجدان في نفس الخندق، من خلال تبيان أنهما يقدمان نفس القراءة. والواضح أن هناك وجود طرف أول هو (الاتحاد/المغرب)/وهناك طرف ثان تمثله الجزائر -البوليزاريو والمنظمة البريطانية للتضامن«...اللذين أعلنا موقفا مشتركا مع الحكم الصادر. ثانيا، لم يتقدم أي طرف في معادلة المغرب الاتحاد الأوروبي بقراءة خاصة به، أي كلاهما تشبث بقراءة مشتركة، لا المغرب تقدم وحيدا، ولا المفوضية الأوروبية قدمت قراءة منفردة. وهو ما يعني أن المستقبل يفترض تعاملا مشتركا مع القرار بما يجعله تحديا لهما معا.. ومن عناصر المستقبل المشترك المتفق على حيثياته، بعد أن أكدت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، في تصريح مشترك، أنهما «أخذا علما بقرار محكمة العدل الأوربية الصادر بخصوص اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي»: – مواصلة الشراكة الاستراتيجية، والحفاظ عليها وتعزيزها. والحرص على الحفاظ على تعاونهما في مجال الصيد البحري». – مواصلة تعزيز حوارهما السياسي والحفاظ على استقرار علاقاتهما التجارية. مع التأكيد على «عزمهما الحفاظ على تعاونهما في مجال الصيد البحري». والواضح أن الطرف المعني أكثر بتطبيق الحكم، اذا ماكان فرضيا واجب تطبيقه، أعلن أنه سيعمل على استقرار العلاقات التجارية من جهة، والتعاون في مجال الصيد البحري كموضوع للحكم من جهة ثانية.... ** الحكم، في القراءة الإيجابية من الطرف المغربي، يستند إلى هذا الاستشراف، وهو ما يعني أنه لا يلغي، ولا يمنع، ولا يشكك في قدرة المغرب على إبرام اتفاقيات في مجال الصيد البحري، وإلا ماكانت للممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، لتقبل بتوقيع بلاغ يتحدث عن تأكيد التعاون في هذا المجال، والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية... ** الحكم أيضا، يتجاهل خلاصات المدعي العام، والذي كان قد رافع على قاعدة أن الاتفاق البحري غير شرعي، ولا حق للمغرب في التوقيع،. وقد كان وزير الصيد البحري، قد عبر عن رأي المغرب بهذا الخصوص، إذ قال عزيز أخنوش إن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، أكدت بخصوص اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أنها لم تساير رأي المدعي العام، الذي طلب منع الصيد«، وتلك إشارة إلى ما كان ....المدعي العام للمحكمة الأوروبية قد أعلنه في بداية يناير 2018 من كون الاتفاق "باطل" بسبب انتهاكه «حق شعب الصحراء في تقرير المصير» في مسايرة واضحة لأطروحة البوليساريو... *** وفي صدد التوجه المستقبلي دوما، استند المغرب إلى سابقة فلاحية وقعت في 2016، لكي يعرب مع الاتحاد الاوروبي، عن «إرادتهما التفاوض حول الآليات الضرورية المتعلقة بالشراكة في مجال الصيد البحري». ولهذا يقرأ المغرب هذا القرار، كقرار مماثل له، لم يمنع موضوع الحكم، وهو الفلاحة. فهذا قرار المحكمة، مماثل للقرار المتعلق بالاتفاق الفلاحي، والمغرب والاتحاد الأوروبي، يتعين عليهما في مستقبل المفاوضات، اعتماد الآليات الضرورية من أجل الانسجام مع قرار المحكمة. المغرب هنا لا يطعن في القرار كما نرى، لايحقر المقرر القضائي، مهما كانت لا واقعيته وعدم قدرته على تغيير الواقع، بل يدرك أن عليه والاتحاد :«اعتماد الآليات الضرورية من أجل الانسجام مع قرار المحكمة.» ** بالرغم من صدور القرار، فالاتفاق ساري المفعول، لأن المحكمة الأوروبية لم تمنع الصيد البحري، وبالتالي، فإن أنشطة الصيد البحري ستتواصل بشكل طبيعي إلى حين انتهاء سريان الاتفاق، أي يوليوز القادم. *** لا دور للبوليساريو، لا في القضية، ولا في المستقبل المتعلق بالتوقيع، وهذا كان هو أمل الانفصاليين ومحتضنيهم. والواضح أن هذا يثبت، أن مقتضيات التعامل، من طرف الاتحاد الأوروبي، محكومة بثوابت سابقة، وردت في العديد من مواد الاتفاق. الاتفاق يظل بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ويشمل مياها تحت سيادة مغربية. والثابت المهم، هو أن أي دور في هذا الملف، يتطلب أن تكون الأمور واضحة في المستقبل من خلال التنصيص على مزيد من التدقيقات بخصوص الأقاليم الجنوبية في إطار البروتوكول المقبل للصيد البحري. في هذا المضمار، فما دامت الصحراء المغربية غير مذكورة بوضوح، لا يمكن استنتاج ذلك بالبرهان الذهني. ولكي تكون الصحراء ضمن ... منطقة الحظر، يجب أن تعرف كذلك، ولا يكفي الاستنتاج، بل لا بد من التنصيص صراحة.. ** هل المغرب متفق؟ لا يمكنه أن يقبل بقرار لا سلطة شرعية وراءه، سوى الانحياز،كما لا يمكن للمغرب أن يقبل بترتيب سيادته لأجل تغييبها، أي ترتيبها، وهو في كل الاتفاقيات لا يوقع إلا بمنطق السيادة الكاملة على أراضيه.. وكل قرار يفضي إلى وجود ترابين.. deux territoires وهو يتعامل منذ الانطلاقة بأن الأرض واحدة، وكل اتفاق لا بد أن يسري على الصحراء المغربية....