على امتداد فترة زمنية استمرت لأزيد من خمسة عقود، ظل الفنان الفوتوغرافي حسن بلعربي نجم الدين صديقا حميما لمختلف أصناف آلات التصوير الفوتوغرافي، سواء المرابطة منها داخل الأستوديو أو المحمولة، اللاقطة منها للصور بالأبيض والأسود أو بالألوان، التقليدية أو الرقمية … كل هذه الأجهزة كان ولازال يحيطها بنوع من الرعاية الأبوية وكأنها فلذات كبد. يحفل أستوديو التصوير الفوتوغرافي «أطلس» الذي «قاعد» اليوم عن العمل، بعدما كان شاهدا على التقاط مئات الآلاف من صور التعريف لأجيال متتالية من تلامذة مدينة تارودانت وعموم الإقليم عند اقتراب موعد كل دخول مدرسي، بالعديد من هذه الآلات الفوتوغرافية، وأدوات التحميض وغيرها من الوسائل الأخرى التي تجعل من هذا الأستوديو، متحفا حقيقيا، يقدم بانوراما جامعة عن تدرج عملية تطورالتصوير الفوتوغرافي، بدءا بمهارات ممارستها الأولية، وصولا إلى وضعيتها الحديثة التي تسخر التكنولوجيا الرقمية. موازاة مع هذه الذخيرة من آليات التقاط الصور الفوتوغرافية الثابتة، إلى جانب وسائل ممارسة التصوير الحي، فإن حسن نجم الدين، الذي تلقى أصول المهنة على يد والده الراحل»سي العربي المصور» كما اعتاد سكان تارودانت أن يلقبونه، فإن هذا الفنان يحمل ثقافة واسعة حول فن التصوير وطرق ممارسته، وهذا ما أهله لنقل هذه المهارات لعدد من هواة فن التصوير، أو اقتسام هذه المهارات مع نخبة من زملائه الممارسين لهذه المهنة خاصة في مدينتي تارودانت وأكادير. هذه التجربة الفنية المكتسبة، والحنكة المهنية المتراكمة، جعلت الفنان حسن نجم الذين، الذي كان دائما يفضل الابتعاد عن أضواء الشهرة، يستجيب لرغبة زملائه في»نادي التصوير الفوتوغرافي بتارودانت»، و»الجمعية المغربية لهواة التصوير الفوتوغرافي بأكادير»، ليكون نهاية الأسبوع الماضي ضيف تظاهرة «جلسات فوتوغرافية» التي ارتأى منظموها أن تكون عبارة عن لقاء للتواصل الحميمي في مختلف أبعاده المهنية والإنسانية. أمام حشد كبير من الصديقات والأصدقاء، والفاعلين الجمعويين والرياضيين والفنانين والإعلاميين والأساتذة الباحثين و… الذين غص بهم رواق العروض التاريخي»باب الزركان» بمدينة تارودانت، تحدث الفنان حسن نجم الدين جانبا من تجربته المهنية والفنية الممتدة لما يزيد عن خمسين سنة في مجال التصوير، حيث أعاد عجلة الزمان إلى خمسين سنة مضت ليتحدث عن «مداعبته» لمختلف آلات التصوير، وأدوات التحميض، وعن تملكه لبعض أسرار النجاح المهني التي جعلته يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الأسر الرودانية. من جملة مفاتيح هذه الشعبية المنقطعة النظير أن حسن نجم الدين عرف بحنكته وأمانته في تصوير وقائع الحفلات الأسرية من زفاف وعقيقة وخطوبة وغيرها من أجمل مناسبات العمر، حيث كانت تتسابق الأسر في مدينة تارودانت، خاصة خلال فصل الصيف الذي تكثر فيه الأفراح، لكي تحظى بخدمته الرفيعة، والتي كان يتعذر عليه في بعض الأحيان الاستجابة لها كلها، فيلجأ، تفاديا للإحراج، إلى إعارة وسائل التصوير للغير مع ترفعه عن تلقي أي مقابل مادي عنها. استعرض المحتفى به جزءا بسيطا من التظاهرات الرياضية والفنية والسياسية والأنشطة الجمعوية التي دونها بواسطة عدسته اللاقطة التي مازال يحتفظ بالعديد من الصور المؤرخة لهذه اللحظات، والتي تشكل جزءا من أرشيف ثمين أغنى به الموروث الفوتوغرافي الذي سبق لوالده الراحل أن وثق به لأحداث بارزة في تاريخ مدينة تارودانت المعاصر ومن ضمنها الزيارات التاريخية للملكين الراحلين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما، وزيارة جلالة الملك محمد السادس لهذه المدينة، علاوة عن انطلاق حدث المسيرة الخضراء. اللقاء كان أيضا فرصة للتعرف عن جانب آخر من الشغف المهني للفنان حسن نجم الدين، وهو انتسابه للمجال الإعلامي حيث عمل مصورا صحافيا لدى عدد من المنابر الإعلامية الإلكترونية والورقية في مقدمتها يومية «لومتان» التي كان مراسلا معتمدا من طرفها، كما كان عضوا نشيطا ضمن المصورين الصحافيين المنتسبين ل»الجمعية المغربية للصحافة الرياضية»، وجمعية الصحافة الرياضية العربية. «الجلسة الفوتوغرافية» التي كانت ذات بعدين، تكويني وتكريمي، تخللتها شهادات حية لبعض أصدقاء وزملاء المحتفى به الذي أجمعوا على أن الفنان حسن نجم الدين كان من الناحية المهنية «ذو كفاءة استثنائية»، أما من الناحية الإنسانية فقد كان «غاية في التواضع والمودة».