وأنا أتابع فقرات برنامج مباشرة معكم والتي استضافت فيه القناة الثانية الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي والأمين العام لحزب الاستقلال، بالإضافة الى السيد الشوباني عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أثارني هذا الاخير أي السيد نبيل بنعبد الله عندما لم يجد حرجا في رفع شعار حكومة جلالة الملك في وجه المعارضة التي وصفت الحكومة بالعاجزة عن تحقيق الانتظارات والمطالب الاجتماعية للمغاربة، حيث تابع السيد وزير الاسكان قائلا: إن هذه حكومة الملك وليست حكومة بن كيران.. هذا الكلام والذي يعني ضمن ما يعنيه عند السيد الوزير يدفعنا للتساؤل: هل أصبح شعار حكومة جلالة الملك الوسيلة الوحيدة للحكومة لتبرر فشلها في تسيير الشأن العام، خصوصا وأن رئيس الحكومة سبق له هو أيضا أن تحدث بنفس الكلام عند زيارته للولايات المتحدةالأمريكية، وذلك عندما صرح لقناة تلفزيونية أمريكية قائلا إن الملك هو الذي يحكم في المغرب، وعند عودته أكد نفس الكلام، حيث صرح ليومية أخبار اليوم قائلا ان الملك هو رئيس الدولة، وهو الذي يرأس المجلس الوزاري، وهو رئيس السلطة القضائية، وهو أيضا القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وبالتالي فان جميع السلط متمركزة في يده، وكي يتم كلامه يضيف بأنه كان دائما واضحا وصريحا مع المغاربة، ولن يكذب عليهم. كم هو جميل أن نسمع هذه الصراحة والوضوح من السيد رئيس الحكومة في ما يتعلق بشرحه للوثيقة الدستورية، وما جاءت به من فصول توضح حسب تقييمه بأن جميع السلط تتجمع في يد المؤسسة الملكية، لكن وللأسف لا الزمان ولا المكان يمكن أن يقبل مثل هذا القول.حيث أنه اذا أردنا أن نغامر بأن نخضع تقييم السيد بن كيران الى تمرين العقل، فإننا سنجد أنه ورغم قوله بأنه لن يكذب على المغاربة، فقد كذب عليهم إبان حملة التصويت على الدستور لأنه أنذاك جاب البلاد شرقا وغربا، شمالا وجنوبا يدافع عن الوثيقة الدستورية ، حيث اعتبرها وثيقة متقدمة بالنسبة للدساتير التي سبقتها لما جاءت به من توسيع لصلاحيات رئيس الحكومة، بالاضافة الى إعادة توزيع السلط بشكل يضمن توازنها ويحترم مبدأ الفصل بينها، واعتبر هذا الدستور يشكل ثورة هادئة. إن هذا الأسلوب الذي ينهجه السيد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في التعامل مع المغاربة لا يمكن إلا أن يزيد من ثقافة العزوف، وفقدان الثقة في السياسة التي يعرفها مشهدنا الحزبي و السياسي. إن السيد بن كيران حين يقول إن الملك هو الذي يحكم ،فإ نه بهذا يريد أن يتنصل من مسؤوليته أمام من بوأوا حزبه المرتبة الأولى، وجاؤوا به على رأس الحكومة وهو بهذا الكلام يكون قد تنكر للسياق السياسي الذي بدأ بخطاب 9 مارس، وانتهى بالتصويت على دستور 2011 الذي جاء به الى رئاسة الحكومة. لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن زعيم الحزب الاسلامي، ومعه أمين عام حزب التقدم والاشتراكية يريدان أن يوهموا المغاربة بأن الحكومة لا تحكم، وبالتالي فانهم بهذا يتنكرون لما جاء به الباب الخامس من دستور 2011 والذي ينص في فصوله على: الفصل89 تمارس الحكومة السلطة التنفيذية وتعمل تحت سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين والادارة موضوعة تحت تصرفها... الفصل 90: يمارس رئيس الحكومة السلطة التنظيمية... الفصل 91: يعين رئيس الحكومة في الوظائف المدنية في الادارات العمومية وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية.. الفصل92: يتداول مجلس الحكومة تحت رئاسة رئيس الحكومة في السياسات العمومية والسياسات القطاعية... الفصل93: الوزراء مسؤولون عن تنفيد السياسة الحكومية كل في القطاع المكلف به. إن اقتراب موعد الانتخابات يبين لنا وبشكل واضح ولا يمكن للعين أن تخطئه أن شعار حكومة جلالة الملك هو سلاح تريد الأغلبية من خلاله التهرب من مسؤولية الفشل في تدبير الشأن العام، وذلك بالدفع في اتجاه أن الملك هو من يحكم وبالتالي هو من يجب أن يحاسب وليست الحكومة لأن من لا يحكم لا يجب أن يحاسب. إن هذه الطريقة في التعامل مع المغاربة والتي تستفز قدرتهم على التقييم، وتستهين بذكائهم تضر بالحياة السياسية وتصيب الانتقال الديمقراطي التي تعرفه بلادنا في مقتل. لهذا فشعار حكومة جلالة الملك قد يشكل وسيلة تظن الأغلبية من خلاله أنها قادرة على التنصل من مسؤولية فشلها في تدبير الشأن العام، لكن الواقع والتاريخ أبانا على أن المغاربة لهم من الوعي والتجربة ما يمكنهم من تحليل الأمور وتقييم الحصائل، فموعدنا الانتخابات القادمة.