وكأن هناك إصرارا وعنادا على أن تظل الدارالبيضاء متشحة بالسواد، وكأن قدر شوارعها وأزقتها هو أن تتأثث على الدوام بالنفايات والأزبال؟! كيف لايطرح السؤال عريضا ووضعيتها اليوم هي نفس وضعية الأمس، وكأن شيئا لم يتغير، وكأن أسطولا جديدا من الشاحنات والآليات الخاصة بالنظافة لم يخرج إلى شوارع المدينة وأزقتها، وكأن حاويات وصناديق القمامة البلاستيكية والحديدية بدورها لم تأخذ مواقعها بعدد من ملتقيات الدارالبيضاء، فأكوام النفايات هي نفسها والقاذورات تعلن مرة أخرى عن تحديها للنقاوة، ليس نتيجة لنقص في معدات النظافة الجديدة أو لتلكؤ وضعف تدخل من العاملين، وإنما لقصور في التفكير ولغياب حس مواطناتي ، ولانعدام وعي بيئي لدى فئة من المواطنين الذين لاتتوفر فيهم معايير المواطنة! مواطنون خرجوا ، عن سبق إصرار وترصد، لتخريب صناديق القمامة والحاويات التي تم وضعها رهن إشارتهم لكي تحتضن نفاياتهم وتحتويها بداخلها حتى لاتتضرر أعين البيضاويات والبيضاويين وزوار المدينة من القذارة، وامتدت أياديهم لتعبث بها، ومن لم يقم بذلك رمى بقمامته المنزلية بجانبها بدون حرج ولا أدنى تأنيب ضمير!؟ معدات تم اقتناؤها ب 54 مليار سنتيم من مال الدولة، من مال البيضاويين، يتم اليوم العبث بها في غياب أي روح للمسؤولية! ففي مدة تقارب الأسبوع تم إتلاف أكثر من 50 حاوية وإصابتها بالضرر، من طرف أطفال ويافعين وشبان طائشين، ومن طرف «بوعارة»، اتفقوا جميعهم ، بشكل ضمني، للتكالب على هاته الصناديق وتشويهها، هم الذين كانوا محطّ شكايات عديدة من طرف مواطنين، سواء في الأحياء القديمة او الجديدة منها على حدّ سواء، هذا في الوقت الذي لم تجد طريقها بعد إلى عدد من الأزقة والشوارع التي لاتزال بقايا الحاويات القديمة ومتلاشياتها هي التي تختزن جزءا من النفايات بينما الكميات الأكبر هي مرمية في الشارع العام، كما هو الحال بالنسبة لأزقة شوراع لاجيروند بدرب السلطان نموذجا؟ وضعية مثيرة للتساؤل، للاستنكار، للاستغراب وللحنق، إذ كيف يمكن الاستمرار في التخلص من النفايات في الشارع العام بجوار صناديق القمامة عوض وضعها بداخلها؟ كيف يمكن القبول بالعبث بها وإتلافها؟ أين هو دور الأسرة في هذا الصدد، وأين هو دور الجمعيات التي تحمل شعار العمل البيئي في التواصل مع الساكنة في المنازل، والأطفال في المدارس وبدور الشباب، ومع عموم المواطنين بالشارع العام، وأين هو دور السلطات المحلية في الحرص على سلامة هاته الوسائل والمعدات، هذا في الوقت الذي لم يتم فيه إشراك المقاطعات الجماعية في اختيار مواقعها، التي هي الأخرى مطالبة بالقيام بأدوارها للحفاظ على بيئة نظيفة لا السماح بتلويثها وتشويه تفاصيل المدينة ونشر مظاهر القبح في كل يوم!؟