إذا كانت أزمة التعليم قد صارت من المسلمات أو من الثوابت الدالة على أزمة بنية ، وهو الأمر الذي أكدته و أقرت به العديد من التقارير و التصريحات بما فيها أعلى سلطة في البلاد و كذا المجلس الأعلى للتعليم ، فإن الواقع الفعلي يؤكد الوضع بشكل ملموس و جلي ، ومنتوج المؤسسة التعليمية العمومية صار في وضع رديء في مجمله و هو أمر يصعب تبريره . و إذا سلمنا جدلا بكون منظومة التربية و التكوين و إشكالاتها تعد من الإشكالات المركبة التي تعيق مسلسل التنمية بالمغرب ، و أسبابها متداخلة تحيل على إشكالات أخرى مرتبطة بكل مكونات الدولة و المشروع المجتمعي المراد تحقيقه بالمغرب منذ بداية الاستقلال على الأقل ، فكل هذا لا يعفينا من تتبع و رصد الواقع التعليمي ، هنا بالصويرة على الأقل ، من خلال مؤشرات و ملاحظات دالة ومعبرة ، مع الإشارة إلى أن الوضع لا يختلف في جوهره و كليته عن المناطق و الأقالبم الأخرى التي تتقاطع مع الصويرة في العديد المكوناتو الوضعيات و البنيات المحددة للقطاع . موارد بشرية غير قارة و الخصاص واقع فعلي من المعلوم أن إقليمالصويرة من الأقاليم التي تعتبر منطقة عبور ، وأن استقرار الأطر التعليمية بها غير مؤكد ، ففي بداية كل موسم دراسي تحدث نتائج الحركات الانتقالية تحولا على مستوى الخرائط التربوية و على توزيع الأساتذة و تعييناتهم ، خصوصا بالعام القروي . و إذا كانت الأرقام المصرح بها هذه السنة تفيد بإمكانية التحكم في الخصاص نظريا في أطر التدريس ( 2394 أساتذة التعليم الابتدائي منهم 134 خريجا ، و 650 بالاعدادي و حوالي 400 تأهيلى ) لمجموع تلاميذ بالابتدائي يفوق 62000 بمجموع مؤسسات في حدود 155 مؤسسة أغلبها مجموعات مدرسية بالعالم القروي و 29 إعدادية و 9 تأهيلية لمجموع ساكنة الإقليم و التي هي في حدود 500000 نسمة ، فإن هذا لايعني الخلاص ، إذ أن الخصاص سيطرح نفسه كمشكل قائم نظرا لمعضلة التوزيع و صعوبة تطبيق إعادة الانتشار و عدم احتساب الرخص المرضية و رخص الولادة ، و كذا النقص و الخصاص في العديد من التخصصات بالإعدادي و التأهيلي و الذي ستتم معالجته بتكليف أساتذة الابتدائي، مما سيعيدنا إلى نفس الحلقة المفرغة في إطار توزيع أطر التدريس وفق الحاجة و الواقع الفعلي . كما نشير في هذا الباب إلى أن اعتماد ظاهرة الأقسام المشتركة مازالت تعتبر قاعدة و ليست استثناء بنسبة تتجاوز 62 في المائة من مجموع الأقسام ، مما يحول دون تحقيق الجودة ، بالإضافة إلى واقع الاكتظاظ الذي تعرفه العديد من الأقسام بالمجال الحضري ، خصوصا في سلكي الاعدادي و التأهيلي . أما بخصوص أطر الإدارة التربوية و التسيير فالمشكل يتفاقم سنة بعد أخرى ، و خصوصية هذا الموسم هي مجموع الاقالات و عدم الاقرار الذي عرفته أطر الإدارة التربوية ( 2 بالابتدائي و 3 بالإعدادي و التأهيلي ) ينضاف ذلك إلى الخصاص السابق في أطر الإدارة و الحراسة العامة و النظارة و أطر لاقتصاد و الأطر العاملة بالنيابة و ملحقي الإدارة و الاقتصاد . و هكذا تعرف العديد من المؤسسات مشاكل حقيقية في تدبير الدخول المدرسي من عمليات التسجيل و التتبع ، خصوصا إذا أضفنا إلى ذلك انخراط عدد مهم من المديرين و الحراس العامين و المكلفين بالاقتصاد و الأطر العاملة بالنيابة في عملية الاحصاء العام للسكان و التي ستدوم إلى غاية 20 شتنبر . البنيات التحتية و مشاريع بناء و تأهيل المؤسسات في انتظار مستمر من المعلوم أن إقليمالصويرة معروف بضعف بنياته التحتية و ضعف تأهيل هذه البنيات بالنسبة للمؤسسات التعليمية ، كما يسجل التعثر الحاصل في هذا المجال منذ تنزيل المخطط الاستعجالي الذي تم إيقاف العمل به أيضا منذ مدة مع مجيء الحكومة الحالية . و الواقع الحالي هذه السنة يؤكد الأزمة ، فالعديد من المشاريع المرتبطة ببناء المؤسسات تعرف العرقلة و عدم إتمام الأشغال ، دون الحديث عن المواصفات و الجودة ، و هذا موضوع آخر ، و الأمر يؤثر سلبا على انطلاق الموسم و على باقي أيام الدراسة ، و يكفي أن نشير إلى المشكل الذي تعرفه إعدادية محمود درويش بمسكالة و الثانوية التأهيلية الخوارزمي بحد الدرى كنماذج من مشاريع لم تر النور، و الأوضاع مزرية بالنسبة للمتمدرسين و الأطر . منظومة مسار التي صارت عبارة عن متاهة أكيد أن الجميع تتبع الانتقادات و الضجة التي واكبت الإعلان عن تطبيق هذا البرنامج الذي اعتمد لتدبير العديد من العمليات المرتبطة بالمنظومة . و إذا كان «البرنام» يعد نظريا طفرة نوعية من شأنها عقلنة العمل ومكننتة و ضبطه ، فإن العديد من المشاكل التقنية و اللوجيستيكية تحول دون تحقيق أهدافه، بل إنها أصبحت تعرقل سير العمليات و منها : - ضعف و محدودية الخادم المركزي للبرنام . - عدم قدرة البرنام على تدبير كل العمليات الامتحانات الاشهادية نموذجا - - مشكل الربط بالأنترنيت بالعديد من المؤسسات و ضعف الصبيب . - ضعف التجهيزات أو انعدامها. - تقادم أو غياب التجهيزات الحواسيب و التي لم تجدد منذ 5 سنوات . - ضعف التنسيق بين المتدخلين في الأسلاك التعليمية . - ضعف تكوين المديرين و الأساتذة و المشتغلين بالبرنام. كلها مشاكل تفاقمت مع الدخول المدرسي و ساهمت في عرقلة إعادة التسجيل و منح شواهد المغادرة و توزيع التلاميذ على الأقسام . مبادرة مليون محفظة و بوادر التنصل إذا كانت المبادرة الملكية «مليون محفظة» من المبادرات التي ساهمت بشكل فعلي في الرفع من مستوى التمدرس ، ولقيت استحسانا من قبل الجميع ، فإن الموسم الحالي يعرف الكثير من المشاكل المرتبطة بأجرأتها ، مما يجعل العديد من المتتبعين يستشعرون بداية للتراجع عنها ، و نسوق هنا الوضعيات التالية : - حصر نسبة تجديد الكتب في 30 في المائة هذه السنة رغم أن هذه النسبة غير كافية ، و خصوصا بالعالم القروي ووضعية الكتب المسترجعة و غياب مشروع الإعارة و ترميم الكتب . - رفض مجموعة من المزودين توزيع الكتب - حسب تصريحاتهم - في انتظار استكمال مستحقاتهم عن السنة الماضية . - مطالبة النيابة المديرين بإعادة صياغة الطلبيات في بداية الموسم . في انتظار الأفضل هي فقط بعض المؤشرات التي تختصر بشكل مركز الوضع الخاص بالدخول المدرسي بالإقليم ، وقد لا نحتاج لكثير من التحليل و التعليل كي نقر بأن الوضع التعليمي يعرف العديد من المشاكل و إن كان الأمر يبقي من باب تحصيل حاصل ، في انتظار إصلاح شامل للمنظومة والتي بدأ الشلل يهدد كل أوصالها و مكوناتها بالفعل و الملموس .