هل سبق لكم أن سمعتم بالأستاذة «شيلبي سوليفان- بنيس»؟ ربما سمعتم بها إن كنتم قد تابعتم أخبار آخر مغربي في معتقل «غوانتانامو» الشهير… أو قرأتم مقالاتها في «ربريف الولاياتالمتحدةالأمريكية» (Reprieve US)، أو شاهدتم ربورتاجا عن أول تجربة ثقافية أثارت الجدل في أمريكا، ألا وهي معرض الأعمال الفنية الخاصة بمعتقلي غوانتانامو. لمن لم يسمع بشيلبي من قبل، فهي محامية أمريكية شابة خريجة قانون جامعة نيويورك. عرفت بدفاعها عن بعض معتقلي ما يسمى بحرب الولاياتالمتحدة على الإرهاب وعن ضحايا قصف «الطائرات الذكية» في الحرب التي تشنها نفس الدولة على «معاقل الإرهاب» في أفغانستان والشرق الأوسط. آخر قضية أثيرت حولها هي إقدامها على عرض لوحات ومنحوتات معتقلي غوانتانامو في متحف بمدينة نيويورك. إذ شهدت هذه المبادرة متابعة إعلامية هامة، وانقسم الرأي العام النيويوركي، والأمريكي عامة، بين مؤيد ومعارض لها. يرى المؤيدون، بمن فيهم أقرباء بعض ضحايا عملية 11 شتنبر 2001، أن معتقلي غوانتانامو بشر كذلك وأنهم قادرون على الإبداع مثل باقي البشر، وكان من المفروض أن يتم اعتقالهم ومحاكمتهم طبقا للقانون بدل اختطافهم من دول أخرى، وتعذيبهم في دول تبعد بآلاف الكيلومترات عن واشنطن (وفق عدة تقارير محايدة) ثم الزج بهم في سجن قاعدة عسكرية اقتطعتها أميركا سابقا من التراب الكوبي عنوة. لكن معارضي مبادرة شيلبي هاته يرون أن معتقلي «الحرب ضد الإرهاب» لا تنطبق عليهم نفس القوانين التي تسري على «المواطنين الأمريكيين الأبرياء» ولا يجب أن يتمتعوا بحقوق الإنسان لأن إنسانيتهم «مشكوك فيها». بعد الجدل، تدخلت السلطات الأمريكية الرسمية (البنتاغون ومن معه) لتقول إن «الأعمال الفنية» للمعتقلين ليست ملكاً لهم بل هي في ملكية الدولة، لذلك فالدولة وحدها هي من تقرر مصيرها: هل تُعرَض أو تُحفظ كأدلة إدانة أم تُحرق. هذه أول مرة نسمع فيها في دولة حديثة أن من يرسم أو ينحت أو يخربش لا يملك عمله. وبتأويل هذا القرار تاريخيا، يمكن القول إنه اعتراف صريح بأن أولئك المعتقلين هم سبايا، وبالتالي هم بأجسادهم وعقولهم في ملكية من سباهم! وبلغة العدول يحوزهم البنتاغون حيازة تامة قيد حياتهم وعند وفاتهم، يملكهم هم وما ينتجون ويستغل جثامينهم كما يشاء! إذاً، ما علينا إلا أن نتقبل ونستسلم لشريعة «المنتصر»، وما على «عبد اللطيف ناصر» آخر معتقل مغربي في غوانتانامو سوى الامتثال، هو من حصل في ولاية «أوباما» على أمر كتابي بإطلاق سراحه وترحيله إلى بلاده. وظلت تلك الورقة تنتظر في المغرب من يوقعها ولم توقع حتى فات الأجل. ثم تسلم «ترامب» الرئاسة وتراجع عن وعد إغلاق غوانتانامو وظل عبد اللطيف هناك. قد يقول قائل إنه من زبانية ابن لادن ويستحق نفس مصيره، وإن العم سام كان رحيما به لمجرد تركه على قيد الحياة. وحتى لا ندخل في تفاصيل مَن صَنَع التطرف والإسلام السياسي والإرهاب ونَشَره عبر العالم، ومن المستفيد الأكبر مما يجري منذ 11/9 ، نقول فقط: الفرق كل الفرق يكمن في عواقب إرهاب الأشخاص أو بعض الجماعات وإرهاب الدولة…إرهاب الدولة الأمريكية للعالم كله، خصوصا في عهد من ينعتنا بدول «الخراء»، حاشاكم! فالأخطر ليس هم بعض الخارجين عن القانون بل الدولة الخارجة عن القانون.