اعتبر نيكولا دي سانتيس، المسؤول عن قسم دول الحوار المتوسطي ومبادرة اسطنبول التي تجمع الدول الشريكة لحلف الشمال الأطلسي ومن ضمنها المغرب، أن أي تدخل عسكري للحلف يكون بناء على ما تقرره الدول الأعضاء ال28 بالإجماع، واستجابة لما تفرضه بعض الظروف الطارئة أو بطلب من الأممالمتحدة كما هي الحال في البوسنة ومؤخرا ليبيا. وفي جواب عن سؤال ل»الاتحاد الاشتراكي» حول الدور المثير للجدل لتدخل الحلف في ليبيا الذي خلف وراءه حالة من عدم الاستقرار تثير قلق مختلف دول شمال إفريقيا، قال دي سانتيس إن القرار الأممي الذي طلب من الحلف التدخل لإنقاذ الليبيين من بطش القذافي سنة 2011، لم يكن يتضمن أية إشارة لدخول قوات الحلف إلى ليبيا وضمان استقرار الأوضاع إلى حين الانتهاء من عملية انتقال السلطة في إطار ديموقراطي وإعادة الاستقرار إلى البلد، كما حدث في البوسنة مثلا. واعترف دي سانتيس أن نتائج هذا التدخل لم تكن ملبية لانتظارات العديد، وأن الأوضاع غير المستقرة في ليبيا تثير قلق المجتمع الدولي مشيرا إلى استعداد الحلف للتعاون مع السلطات الليبية لتقوية مؤسساتها في أفق إقامة شراكة مستمرة معها. جاء ذلك في لقاء نظمه حلف الشمال الأطلسي بمقره في العاصمة البلجيكية بروكسيل يوم الاثنين الماضي مع عدد من ممثلي وسائل الإعلام المغربية، لشرح سياسة الحلف وتوجهاته في إطار اللقاءات السنوية التي يعقدها مع وسائل الإعلام. واستأثرت علاقة الشراكة التي تجمع الحلف مع المغرب حيزا هاما من العروض التي قدمها مختلف مسؤولي الحلف أمام الصحافيين المغاربة والنقاشات التي أعقبتها، وفي هذا الإطار شدد المقدم هنري لامباري، المسؤول العسكري بالحلف، في عرض حول التعاون العسكري بين الحلف الأطلسي ودول « الجوار المتوسطي» على أهمية هذه العلاقة التي وصفها ب» الجيدة» معتبرا أن الشراكة بين الطرفين التي تعود إلى 20 سنة، حققت عدة أهداف مشتركة، توجت بتوقيع برنامج خاص للتعاون بين الطرفين، موضحا أن الحلف لا يفرض أي برنامج معين على شركائه بل يظل منفتحا على مطالب كل شريك حسب حاجياته الأمنية. وفي عالم تسوده الاضطرابات وتواجه عدة مناطق وعلى رأسها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديات أمنية خطيرة، أكد مختلف المسؤولين أن الحلف مهتم بشكل مباشر بهذه المخاطر ومستعد لمواجهتها مع شركائه وهو ما أكده بيانه المتمخض عن قمة نيوبورت ببلاد الغال بداية الشهر الجاري التي كان المغرب من بين المدعوين إليه . واتفق المسؤولون على أن الحرب على الإرهاب وبالخصوص على تنظيم داعش والوضع في أوكرانيا تأتي على رأس اهتمامات الحلف وشركائه، مبرزين أن الحلف على استعداد للتعاون مع الأطراف الدولية إذا ما طلب منه ذلك. ونوه المسؤولون الأطلسيون بالتزام المغرب من أجل العمل على استتباب السلم والأمن كما أكدت على ذلك مشاركة قواته في كوسوفو والدعم السياسي الذي قدمه المغرب للحلف خلال الأزمة الليبية قبل ثلاث سنوات. وفي لقاء لسفيري إسبانيا والبرتغال لدى الحلف، خواو ميرا غوميز وميغيل أغيري دي غارسر، اعتبر السفيران أن النموذج المغربي وانفتاحه السياسي وتطوره المجتمعي وتسامحه الديني يشكل أحسن رد على التطرف الإسلاموي، ودليلا على أن ما يطرحه أمراء التطرف لا يمثل الإسلام الحقيقي. من جانبه أكد السفير المغربي في بروكسيل منور عالم أن العلاقة بين المغرب والحلف والتي توجت قبل عشرين سنة بتوقيع اتفاق شراكة، تمتد إلى أزيد من خمسة عقود، عندما اختار المغرب في أوج الحرب الباردة التحالف مع المعسكر الغربي، مشددا على أن تجربة المغرب في مكافحة الإرهاب والتطرف جعلت الحلف يعتبره شريكا مهما للحلف بل وأحد أهم شركائه لمواجهة هذه التحديات، مؤكدا أن المغرب سبق قبل عقدين من الزمن أن نبه إلى مخاطر تغلغل القاعدة في شمال إفريقيا والساحل، وتهريب المخدرات والبشر والسلاح، ولو أخدت تحذيراته على محمل الجد لكان الوضع غير ما هو عليه، منتقدا سياسة بعض دول الجوار في التعامل مع هذه المخاطر والتي لا تتبنى المقاربة الشمولية والعمل الجماعي لمواجهتها لأهداف سياسية معروفة.