نظمت الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، بشراكة مع مجلسي جهة الدارالبيضاء – سطات وجماعة الدارالبيضاء، يوما دراسيا حول موضوع «الديمقراطية التشاركية ودور المجتمع المدني ومختلف الفاعلين في تحقيق الأمن المجتمعي وسبل النهوض به» وذلك يوم السبت 13يناير2018 بمقر جهة الدارالبيضاء-سطات. بحضور أزيد من 250 شخصا من ممثلي الجمعيات المدنية ومستشارين بالجماعات الترابية وشخصيات ومسؤولين بعدد من الجامعات والمؤسسات العمومية المختلفة. وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أشار مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى سياق إقرار الديموقراطية التشاركية في الدستور المغربي قبل سنة 2011 وتنصيص هذا الأخير على آليات الديمقراطية التشاركية المختلفة ودسترة العديد من المجالس والمؤسسات الاستشارية والتشاورية التي تعطي للمجتمع المدني حضورا مهما. وبعد أن أوضح أن التحدي المطروح حاليا يتمثل في تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية على أرض الواقع، استعرض عدد ا من مجهودات الوزارة في هذا الصدد، حيث قامت في مرحلة أولى ببرمجة تكوين 1200 فاعل جمعوي في موضوع آليات الديموقراطية التشاركية في مختلف جهات المملكة، ثم برنامج تكوين المكونين، والعمل على إطلاق منصة رقمية للتكوين التفاعلي عن بعد بشراكة مع ثلاث جامعات وطنية، وأيضا إطلاق برامج تهم خمسة مشاريع : المجتمع المدني والتحول الرقمي، المجتمع المدني والترافع المدني حول القضية الوطنية، المجتمع المدني والنموذج التنموي الجديد، المجتمع المدني والتنمية المجالية، المجتمع المدني والأمن المجتمعي الذي هو موضوع لقاء اليوم الذي له خمسة أهداف أساسية تتمثل في أولا: تكوين هيئة علمية لإعداد دليل عمل المجتمع المدني في الأمن المجتمعي، ثانيا: إطلاق برنامج عملي للتكوين والبحث العلمي لتعزيز قدرات المجتمع المدني في الأمن المجتمعي، ثالثا: توفير منصة لشبكة وأنسجة جمعوية تشتغل على الأمن المجتمعي، رابعا: توفير شروط الانتقال إلى جيل ثاني من الدعم العمومي الموجه للجمعيات التي تشتغل في مجال الأمن المجتمعي، وخامسا رفع قدرات المجتمع المدني في مجال استباق التحديات الرقمية المرتبطة بالأمن المجتمعي. كما أشار السيد الوزير إلى أن هذا اللقاء سيعقبه لقاء جهوي ثاني تقدم فيه نتائج العمل. وقد أبرز الوزير أن تحديد هذه الأهداف تم بناء على تشخيص ودراسة مقارنة، منوها بما راكمته بلادنا في مجال الأمن المجتمعي، مرتكزا على ما جاء في خطاب العرش عندما قال جلالة الملك أنه من حق المغاربة بل من واجبهم أن يفخروا بأمنهم. وأضاف الوزير أنه وإن كان المغرب قد راكم رصيدا مهما في مجال الأمن، فإنه يحتاج إلى مواكبة من قبل المجتمع المدني لأن قضية الأمن ليست قضية أجهزة الأمن وحدها، والتي نجدد التقدير بعطاءاتها ومجهوداتها، حيث ركزت معظم التجارب العالمية على أهمية المقاربات الاستباقية والوقائية والمقاربات الإدماجية والعلاجية التي لا يمكن النجاح فيها بدون دور فعال للمجتمع المدني ونحن نحتاج إلى بذل المزيد من الجهود في هذا المجال خاصة بالنظر إلى حجم التحدي المطروح في مجال الأمن المجتمعي وهو ما تؤكده المعطيات الرقمية المرتبطة بتسجيل أزيد من 440 ألف جريمة في السنة، وحوالي 350 ألف موقوف من بينهم 14 ألف قاصر، وفي مجال التطرف ومحاربة الإرهاب تم تفكيك 23 خلية في 2015 و15 خلية في 2016 و10 خلايا في 2017 مع حوالي 1000 معتقل في هذا مجال. منبها إلى خطورة استغلال الشبكات الإرهابية للوسائل التقنية الحديثة والاليات الرقمية في التجنيد، مشيرا إلى قيام «تويتر « بإغلاق 300 ألف حساب في ظرف 6 أشهر فقط. وفي مجال محاربة المخدرات تم خلال 10 أشهر الأولى من 2017 مصادرة أزيد من 4 ملايين من الحبوب المهلوسة وأزيد من 186 طنا ما بين مخدر الحشيش والشيرا، و تمثل نسبة المسجونين في قضايا المخدرات 25 في المئة من مجموع المسجونين. وفي مجال التفكك الأسري نسجل حالة طلاق واحدة من بين كل 6 حالات زواج، كما تسجل سنويا ما بين 15 ألف و16 ألف حالة عنف ضد النساء منها 10 في المائة اعتداءات جنسية كما تسجل بالمحاكم الابتدائية نصف مليون قضية سنويا مرتبطة بالقضايا الأسرية (50 في المائة من مجموع القضايا المسجلة بالمحاكم). وبعد أن استعرض خريطة الأمن المجتمعي، أكد الوزير على أن تعزيز قدرات المجتمع المدني هو تعزيز لقدرات بلانا في محاربة الجريمة، وفي عدم التربية والتطبيع معها وفي عدم تقديم رموز الجريمة كأبطال. وأكد ا الوزير أننا إزاء تحولات مرتبطة بما هو رقمي تفرز ظواهر وتحديات جديدة تفرض علينا تعبئة كافة طاقات المجتمع بما فيها طاقات المجتمع المدني من أجل ربح رهان انخراطه في هذا المسار المرتبط بالأمن المجتمعي بمختلف تحدياته وقضاياه. واختتم كلمته بتوجيه الشكر إلى جهة الدارالبيضاء-سطات التي قبلت أن تكون منصة لإطلاق هذا المشروع الذي سيمتد على المستوى الوطني. من جهته قال رئيس جهة الدارالبيضاء – سطات أن الجهة مطالبة بالمساهمة في العمل المؤسساتي القائم على أساس التنمية والتي تبدأ بالأمن بجميع أبعاده، مشيرا إلى أنه لا أمن مع البؤس وغياب الثقة ، مذكرا بأن الاختلاف يشكل مصدر غنى، داعيا إلى مواصلة هذا النوع من المبادرات مع كافة المعنيين من أجل البناء الديمقراطي. وعبر رئيس الجهة عن أمله في أن تتوج أشغال هذا اللقاء بمبادرات واقعية وملموسة من خلال مذكرة تفاهم ونواة علمية تضم جميع الكفاءات في أفق إعداد دليل عملي لفائدة جمعيات المجتمع المدني التي لها دور أساسي في تحقيق الأمن المجتمعي باعتبار ارتباطها المباشر بالواقع وقدرتها على رفع انتظارات ومقترحات المواطنين من جهة، ودورها في إعداد وتتبع وتقييم السياسات العمومية بموجب الدور الذي منحها إياه الدستور من جهة ثانية. وفي مستهل كلمته، اعتبر محمد القدميري العامل مدير الشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون بوزارة الداخلية أن دعوة المديرية العامة للجماعات المحلية للمشاركة والإسهام في هذا الملتقى، تجسيد لما جاء في الرسالة الملكية الأخيرة التي تفضل جلالته ببعثها للملتقى البرلماني الثاني للجهات، والتي أكد من خلالها جلالته على ضرورة إرساء علاقات جديدة مبنية على التعاون والحوار والتشاور، وهو تجسيد نراه اليوم ونراه في هذا اللقاء الثاني الذي سبقه لقاء في مدينة سلا. وأكد العامل على أن ما أتت به مضامين ومقتضيات القوانين التنظيمية، وما نصت عليه من أجهزة تشاركية أمر مهم يجب فهمه أولا من أجل تفعيله، مشيرا إلى أن بلادنا تمكنت مند نهاية القرن الماضي تحت قيادة جلالة الملك من وضع أسس ديمقراطية منفردة في ترسيخ المسار الديمقراطي والبين مؤسساتي، وكذا وضع أسس وآليات الحوار والتشارك وتأهيلها وتطويرها، بهدف بناء انسجام تام بين الطموح التنموي في أبعاده الاقتصادية والاجتماعية، وبين تنشئة الإنسان المغربي بما يمكن من الدفاع عن طموحاته السياسية التي نحن بصددها وكذا تملكه المشروع التنموي والاستفادة من نتائجه بصفة عادلة. وأبرز العامل أن التحولات الجوهرية التي نعيشها اليوم جميعا مند إقرار دستور 2011، هي نتيجة طبيعية لخيارات استراتيجية لحكامة ترابية برهانات متعددة أساسها التنمية المحلية المندمجة والمستدامة، وأداتها تقوية دور المنتخبين، لهذا يعد دور المواطنين والمجتمع المدني عن طريق هذه الآليات التشاركية من أبرز المستجدات المؤطرة لهذه المقاربة التي جاءت بها القوانين التنظيمية الثلاثة، خاصة القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، والذي ينص على تمكين الجهات من إحداث ثلاث هيئات استشارية إحداها بشراكة مع فعاليات المجتمع المدني وأخرى مع الفاعلين الاقتصادين وبالتالي تهتم بقضايا الشباب علاوة على تمكين المواطنين والمواطنات والجمعيات من حق تقديم العرائض، لإدراج نقطة في جدول أعمال مجالس الجماعات الترابية. وأكد العامل أنه يتعين على المجالس المنتخبة باختلاف أنواعها، إشراك الهيئات الاستشارية في جميع مراحل إعداد برامج التنمية، والمتمثلة في التشخيص والتخطيط والبرمجة والتنفيذ والتتبع والتقييم، مؤكدا أن نجاح أي إصلاح مهيكل لا يقتصر فقط على إصدار قوانين تنظيمية أو قوانين عادية، بل يبقى رهينا لمدى انخراط جميع الفاعلين في تنزيله على أرض الواقع، وإدراك المزايا الحميدة التي توخاها المجتمع بإقرار هذا الإصلاح. وفي ختام كلمته، أكد العامل أن وزارة الداخلية حريصة على مواكبة ودعم الجماعات الترابية في تفعيل الديمقراطية التشاركية وذلك من خلال مواكبتها في إرساء الهيئات الاستشارية، وتفعيل الإطار القانوني لممارسة الحق في تقديم العرائض على مستوى الجهات. من جهته، أبرز رئيس جماعة الدارالبيضاء أن من أهم التحديات التي تواجهها الدارالبيضاء قضية الأمن المجتمعي الذي يستدعي إطلاق مشاريع ترابية ووطنية والخروج بدلائل ومقترحات، كما أبرز أن تميز المغرب بالأمن والاستقرار في المحيط الإقليمي المضطرب، جاء بتظافر جهود مختلف الفاعلين وأدى إلى إصلاح في ظل الاستقرار تمخض عنه دستور 2011 الذي أعطى للمجتمع المدني أدوارا جديدة. وأشار رئيس الجماعة إلى أن دراسة موضوع الأمن المجتمعي يتم من خلال خمسة عناصر: الأول من حيث المقاربة الذي يجمع بين ما هو سياسي وعلمي وأكاديمي وأمني إذ لا يمكن لطرف وحده أن يحقق هذا الأمن، فلابد من الالتقائية والتكاملية. العنصر الثاني يتمثل في استحضار مفهوم الأمن المجتمعي في شموليته بما فيه الأمن الروحي، والأمن الأسري والأمن التربوي والأمن الثقافي والفكري والحضاري. العنصر الثالث: الاهتمام بالجانب الوقائي والاستباقي وما للمجتمع المدني من دور أساسي فيه عن طريق نشر ثقافة الحوار والانفتاح ومحاربة العنف…، العنصر الرابع: التنمية الاقتصادية والمساهمة في المجالات التي تحد من الهشاشة والفقر التي تؤدي إلى عدم الأمن، والمجتمع المدني له دور في التنمية وتأطير الشباب ومحاربة الفقر والهشاشة. العنصر الخامس يتمثل في الرقابة المدنية الذي تقوم بها منظمات المجتمع المدني. وفي ختام الجلسة الافتتاحية، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ومجلس جهة الدارالبيضاء-سطات ومجلس جماعة الدارالبيضاء من جهة، وجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، وجامعة الحسن الأول بسطات، وجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة، من جهة أخرى. وتهدف هذه المذكرة إلى التعاون بين الأطراف حسب ما يتوفر عليه كل طرف من خبرات ووسائل عمل وإلى تكثيف الجهود لتفعيل آليات الديمقراطية التشاركية وخلق نموذج تنموي رائد بجهة الدارالبيضاء-سطات وذلك عبر إحداث هيئة جهوية للبحث العلمي(Cluster) تحت إشراف جهة الدارالبيضاء- سطات تضم جميع الفاعلين الجهويين في هذا الحقل، وذلك في إطار تنزيل وتفعيل دور الجهة في تجميع الطاقات الجهوية وبتعاون مع الوزارة المعنية ومجلس جماعة الدارالبيضاء، وذلك بهدف تعزيز البحث العلمي وإنجاز الدراسات بغية النهوض بقضايا الأمن المجتمعي عبر تملك وتفعيل آليات الديمقراطية التشاركية؛ وكذا إعداد اتفاقية شراكة وتعاون تترجم مضامين هذه المذكرة التفاهمية. وتضمن برنامج اليوم الدراسي ندوة علمية بعنوان: «الديمقراطية التشاركية آلية لكسب رهان السلم الاجتماعي ونجاح النموذج التنموي» والتي تضمنت مداخلة حول الأمن المجتمعي والتحدي القيمي للرابطة المحمدية للعلماء؛ ومداخلة حول الأمن المجتمعي والتحدي الحقوقي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛ ومداخلة حول التربية على القيم في المنظومة التربوية الوطنية وتحديات الأمن المجتمعي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛ ومداخلة حول آليات الديمقراطية التشاركية وقضايا الأمن المجتمعي لممثل جامعة الحسن الأول بسطات ومداخلة حول «الأمن المجتمعي ومحاربة التطرف والعنف» لممثل وزارة العدل؛كما توزع المشاركون على ثلاث ورشات: الأولى حول الديمقراطية التشاركية على المستوى الترابي رافعة للنهوض بالأمن المجتمعي. والثانية حول «أي نمط تدبيري لتحقيق التشاركية والالتقائية بين مختلف الفاعلين على الصعيد الوطني والجهوي للنهوض بقضايا الأمن المجتمعي. (المفهوم، التحديات، الآليات)»؛ والثالثة في موضوع «المجتمع المدني وقضايا الأمن المجتمعي: عرض تجارب رائدة للشراكة بين الدولة والجمعيات في محاربة المخدرات والعنف والتطرف والفقر والمساهمة في استقرار الأسرة».
أرضية اليوم الدراسي الجهوي حول الأمن المجتمعي
إن إقرار المشرع المغربي لآليات الديمقراطية التشاركية تنزيلا للمقتضيات الدستورية، يشكل علامة بارزة في التطور الديمقراطي لبلدنا، والرغبة في خلق بنيات قارة ودائمة تجسر الحوار والتشاور بين مختلف الفاعلين والمؤسسات الوطنية، فقد نص الفصل 12 على : "مساهمة الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية،في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمه،وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة طبق شروط وكيفيات يحددها القانون.. كما نصت الفصول الدستورية : الفصل 14على الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع و الفصل 15 على الحق في تقديم العرائض من طرف المواطنات والمواطنين إلى السلطات العمومية، و الفصل 139 على وضع آليات تشاركية للحوار والتشاور، من طرف مجالس الجهات ومجالس الجماعات الترابية الأخرى، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها…كما منح للمواطنات والمواطنين وكذا للجمعيات الحق في تقديم العرائض الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله، وهي الأحكام التي انعكست على مستوى القوانين التنظيمية للجهات والجماعات الترابية الأخرى، ثم الشروع في تنزيلها عبر تأسيس عدد من هيئات التشاور الترابية استجابة للمقتضيات القانونية السالفة الذكر. والأكيد أن القضايا الاجتماعية تشكل محور اهتمام الفاعلين وحاجتهم إلى فتح حوار مستمر بين السلطات العمومية والمنتخبة والمواطنين والمواطنات والجمعيات، ولعل في صلب هذه القضايا "الأمن المجتمعي" كحاجة ضرورية وأساسية للتنمية والبناء، لارتباطه بحماية الأفراد والجماعات في حياتهم الشخصية والجماعية وممتلكاتهم الخاصة من جميع الأخطار، على اعتبار أن هذه الحماية هي مسؤولية الدولة خصوصا فيما يتعلق بفرض النظام العام وبسط سيادة القانون، وأنه كلما تحقق الأمن والشعور بالعدالة كلما تعزز الانتماء لهذه الدولة بصفتها الحامي والأمين على حياة الناس وممتلكاتهم وآمالهم بالعيش الكريم. وحيث إن مقومات الأمن المجتمعي تتجلى، في إيمان المواطنات والمواطنين بمبادئ التوافقية والتشاركية والثوابت الوطنية، حينها يسهل توجيه الطاقات للوصول إلى الغايات التي تندرج في إطار القيم والمثل العليا لتعزيز الروح الوطنية وتحقيق العدل والمساواة وتكافؤ الفرص وتكامل الأدوار، مع الإبقاء على الخصوصيات الثقافية التي تجسد مبدأ التنوع المرتبط أساسا بصون الحرية واحترام حقوق الإنسان ، بما فيها حقوق الفئات التي جاءت في المواثيق الدولية وتحديدا بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان : المرأة /الطفولة /الشباب / ذوو الاحتياجات الخاصة و المهاجرون …، ويعتبر المجتمع المدني اليوم فاعلا أساسيا في البناء الديمقراطي و المساهمة في إرساء دعائم الأمن المجتمعي بأبعاده الخمسة الرئيسة؛ الاقتصادي والبيئي والروحي والثقافي والسياسي، خصوصا أن العالم يشهد تنزيل الجيل الجديد من حقوق الإنسان المرتبط عموما بالحق في التنمية والرفاه. وتشهد بلادنا تطورا ملموسا على مستوى الجهود المبذولة من طرف الدولة والمجتمع لتحقيق هذه الغايات الكبرى، ترجمت على مستوى تطوير الآليات القانونية ، حيث نصت الوثيقة الدستورية في تصديرها على:" أن المملكة المغربية وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ،تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ومقومات العيش الكريم في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة". كما أنه في إطار إعداد السياسات العمومية يجب مراعاة حقوق هذه الفئات وحماية المجتمع من الأخطار والآفات التي تهدد الأمن المجتمعي، وعلى الخصوص تنامي ظاهرة الإجرام والمخدرات والغلو والتطرف والفقر والعنف والتفكك الأسري…وهي كلها قضايا تحتاج إلى تكاثف الجهود المبذولة من قبل الدولة ومؤسساتها والهيئات المنتخبة مع جمعيات المجتمع المدني من أجل تحقيق الأمن المجتمعي عبر برامج ومشاريع مختلفةومتكاملة. وفي هذا السياق، يعقد هذا اليوم الدراسي الجهوي من أجل مدارسة أهم الإشكاليات والمتمثلة أساسا في: – ماهي آليات الديمقراطية التشاركية المؤسساتية والقانونية التي تهدف إلى ضمان مشاركة المواطنات والمواطنين والجمعيات في النهوض بعمل الجماعات الترابية وتعزيز الجهوية المتقدمة؟ – ماهي المداخل الممكنة لجعل المجتمع المدني فاعلا أساسيا في تحقيق الأمن المجتمعي وفق النموذج التنموي المغربي الجديد؟ -أين تكمن عناصر التشاركية بين الدولة والمجالس المنتخبة من جهة،والمجتمع المدني والجامعات والفاعلين الاقتصاديين من جهة أخرى لتفعيل الديمقراطية التشاركية والمساهمة في إرساء دعائم الالتقائية في البرامج والمخططات؟ أهداف اليوم الدراسي: – تسليط الضوء على أهمية آليات الديمقراطية التشاركية في النهوض بعمل الجماعات الترابية وتعزيز الحكامة المجالية. – إبراز تجليات العلاقة بين الأمن المجتمعي وجلب الاستثمار وتحريك عجلة الاقتصاد وخلق النموذج التنموي المغربي الجديد. – التشخيص المشترك لواقع الأمن المجتمعي بجهة الدارالبيضاء-سطات ورصد التحديات الراهنة التي يتقاسمها مختلف الفاعلين سعيا لتحقيق الالتقائية في البرامج والمخططات والتشاركية في تنزيلها من أجل التصدي للظواهر المهددة له. – استثمار آليات الديمقراطية التشاركية القانونية والمؤسساتية التي تضمنها دستور 2011 والتي جاءت بها القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بغية المساهمة في إرساء الأمن المجتمعي. – اقتراح أشكال التعاون المشترك بين مختلف الفاعلين من مجالس منتخبة وهيئات اقتصادية ومنظمات مدنية ومراكز بحثية علمية من أجل تحصين الأمن المجتمعي من تحقيق النموذج التنموي الجديد.