وصل الرئيس الأميركي مع زوجته ميلانيا إلى نادي «مارا لاغو» قبل أسبوع، ومنذ ذلك الحين يتكرر برنامجه بشكل شبه يومي. قبيل التاسعة صباحا، يغادر الموكب الرئاسي النادي سالكا الجسر الذي يصل جزيرة بالم بيتش بالبر . ويتجه ترامب إلى ملعب الغولف في رحلة تستغرق نحو عشر دقائق، يتخللها بعض الوقوف على الشارات الحمراء. وعلى الجسر، يحتشد محبو ترامب كل يوم حاملين لافتات منها «ترامب 2020»، و»أفضل رئيس» و»هيلاري إلى السجن». في المقابل، ينتظره عدد قليل من المعارضين، مثل سيدة ترتدي قميصا ورديا كتب عليه «قاوموا»، كانت تنتظره ذات صباح أمام ملعب الغولف. وأظهرت مقاطع بثتها شبكة «سي أن أن» الثلاثاء الرئيس بالثياب التي يرتديها حين يلعب الغولف، من قميص أبيض وسروال أسود، إلى القبعة الحمراء الشهيرة التي كانت رمزا في حملته الانتخابية، وهو يقود بنفسه سيارة الغولف الصغيرة. يمارس الغولف مع أصدقاء وأفراد من العائلة ومع عضو في مجلس الشيوخ، وأيضا مع عدد من اللاعبين المحترفين منهم جيم هيرمان. بعد ذلك يتوجه الرئيس إلى مطعم ناديه «غريل روم» حيث اعتاد على ما يبدو أن يتناول طعام الغداء بين أعضاء النادي. وفي هذا المكان تحديدا أعطى مقابلة مرتجلة لصحافي من «نيويورك تايمز» فيما كان أصدقاؤه ومعارفه يمر ون ويحي ونه. وهذه المقابلة التي استمرت نصف ساعة وترك زت على روسيا تصد رت الاهتمام الإعلامي صباح الجمعة. عند الساعة الثانية بعد الظهر، يعود الرئيس إلى النادي. وهو لم ينقطع عن لعبة الغولف سوى في يوم عيد الميلاد. لم يخرج ترامب سوى مرتين، مرة لحضور قداس الميلاد، وأخرى لزيارة ثكنة مجاورة لجهاز الإطفاء. ولا يكف ترامب عن إمطار متابعيه على موقع تويتر بالتغريدات، وهو غالبا ما يكتبها في الصباح قبل الغولف، ثم في المساء أو الليل. وبين انتقاد الشرطة والترويج لخطته الاقتصادية والحديث عن القضاء على مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وكوريا الشمالية، والهجوم على مجلة «فانيتي هير»، غر د ترامب أربعين مرة في أسبوع واحد. والجمعة وجد له هدفا جديدا ينقض عليه، هي هيئة البريد الأميركية ومن ورائها عملاق التجارة الإلكترونية «أمازون». وقال «لماذا هيئة البريد في الولاياتالمتحدة، التي تخسر مليارات الدولارات سنويا، تتقاضى مبالغ صغيرة من أمازون لايصال طرودها» معتبرا أن ذلك «ي غني أمازون ويجعل البريد أكثر فقرا». وكانت تلك التغريدة عند الثامنة صباحا. وهي المرة الثامنة التي يهاجم فيها ترامب هذه السنة شركة «أمازون» المملوكة لجيف بيزوس الذي اشترى في العام 2013 صحيفة «واشنطن بوست» الأكثر تناولا لإدارة ترامب ولقضية تدخل روسيا في الحملة الانتخابية. الأسبوع المقبل، تنتهي إجازة الرئيس، ويعود إلى واشنطن مع برنامج مكتظ، يترك ز حول الميزانية والهجرة والبنى التحتية. لكنه لن يكون بعيدا عن ناد أو ملعب غولف أو مطعم يملكه، سواء في واشنطن أو في نيويورك. فبحسب شبكة «أن بي سي»، أمضى ترامب 113 يوما من أيامه الثلاثمئة والاثنين والأربعين الأولى في الرئاسة في مطعم أو ملعب أو ناد يملكه. وكان دونالد ترامب ينتقد أوباما لتمضيته وقتا طويلا في الغولف، لكن الوقت الذي أمضاه هو حتى الآن في الملاعب أثناء رئاسته أطول بكثير من ذاك الذي أمضاه سلفه الديموقراطي خلال المدة نفسها. في وول ستريت بعد عام على وصوله إلى البيت الأبيض تفاخر بورصة وول ستريت بانتعاشة بارزة ناتجة عن وعود المرشح الرئاسي الجمهوري واجتماع استثنائي للظروف الاقتصادية المؤاتية. واعتبر آلان سكرينكا من مكتب «كورنرستون ويلث ماناجمنت» «انه عام مميز للمستثمرين في الأسهم». وسجلت المؤشرات الرئيسية الثلاثة في سوق وول ستريت مستويات لم يشهد لها مثيل منذ 2013، فارتفع داو جونز بنسبة 25,08% وناسداك ب28,24% واس اند بي 500 ب19,42%، مع تراكم الارقام القياسية على امتداد العام. وأفاد هاورد سيلفربلات من «اس اند بي داو جونز انديسز» ان «داو جونز حقق 71 رقما قياسيا في 2017، في إنجاز غير مسبوق منذ إطلاق المؤشر في 1896. كما سجل «اس اند بي 500» 62 رقما قياسيا، بعدما احرز 77 اغلاقا في القمة في العام 1995». كذلك سجلت 5 قطاعات من أصل 11 تشكل مؤشر اس اند بي 500، تقدما فاق 20% فيما كانت نسب الارتفاع الأعلى من حصة شركات التكنولوجيا (+36,9%) والمالية (+20,03%). ورغم بعض الانتكاسات في آخر العام أحرزت آبل ارتفاعا بنسبة 46% وفيسبوك 53% وجاي بي مورغن 24% وبنك اوف اميريكا 33%. في المقابل، كان قطاعا الطاقة (-3,8%) والاتصالات (-5,9%) ضمن القطاعات الخاسرة. انبثقت هذه الانجازات النادرة الحدوث من عوامل متنوعة بحسب المحللين. واعتبر غريغوري فولوخين من ميسخرت للخدمات المالية ان «الظروف المؤاتية كافة اجتمعت بشكل استثنائي جدا. فالنمو العالمي القوي أثر سريعا على نتائج الشركات». «إلى ذلك يجب إضافة تراجع الدولار وآمال الاصلاحات الضريبية في اوروبا والولاياتالمتحدة التي كانت محركات شديدة القوة» بحسبه. وسجل الدولار تراجعا بنسبة 10% على العام، ما غذى عائدات الشركات الاميركية المصدرة الكبرى. كما ان وعد ترامب عند توليه السلطة بإجراء تعديل ضريبي واسع يخفض ضريبة الشركات من 35% الى 21%، استقبل في وول ستريت على أنه وسيلة تعزيز إضافي لأرباح الشركات. وتابع فولوخين «يمكن اعتبار وول ستريت هذا العالم بأنها سوق +منيعة+، بعدما عجز أي خبر سيئ على غرار كوريا الشمالية او خطر العرقلة بشأن الميزانية او غيرها، عن الاخلال بالمؤشرات لأكثر من يوم أو اثنين»، ذاكرا ان المؤشرات ليست قياسية لكنها «تعكس الحقائق الاقتصادية التي فاقت التوقعات في كل مكان». وما ضاعف الصورة الايجابية للعام 2017 في ذهن لاعبي وول ستريت هو الضعف البارز لتقلبات القيم. وسط ارتفاع للاسعار فاق المعتاد، أوضح سام ستوفال من سي اف آر ايه ان «التقلبات جاءت أقل من نمطها المعهود. بعبارة اخرى يمكن اعتبار العام 2017 بمثابة +غداء مجاني+» للمستثمرين الذين استفادوا من عوائد كبرى في بيئة قليلة المخاطر. كما ان نسب العوائد على سندات الخزينة الاميركية بقيت متدنية جدا «رغم رفع معدل فوائد البنك المركزي الاميركي ثلاث مرات»، على ما ذكر وليام لينش من هينسديل اسوشييتس. وأنهت فائدة العشر سنوات هذا العام على 2,431% في مستوى قريب لما حققه في يناير. أضاف ان «العوائد المقدمة كانت شديدة الانخفاض للمستثمرين في المنتجات ذات العائدات الثابتة (منتجات متصلة بنسب الفائدة) التي سرعان ما ترحل الى سوق الأسهم». وعلى اعتاب العام 2018 يبدو المحللون متفائلين بشأن المستقبل. وقال سيلفربلات «ستبرز نتائج الاصلاح الضريبي اعتبارا من العام الجديد. وفي غضون اسبوعين يستأنف موسم النتائج مع صدارة جاي بي مورغن وويلز فارغو. وتنتظر التوقعات تسجيل ارتفاع». الرياضة على خط السياسة و دخلت الرياضة الأميركية في 2017 بقوة على خط السياسة، لاسيما في حرب كلامية وحركة اعتراضات بين اللاعبين خصوصا ذوي البشرة السمراء في كرة السلة وكرة القدم، والرئيس دونالد ترامب. بعد عقود من مسار سلس أصبح خلاله الدوري الأميركي للمحترفين «ان بي ايه» ودوري كرة القدم الأميركية «ان اف أل» في مصاف العلامات التجارية الغنية والذائعة الصيت، وسط ابتعاد عن أي صبغة سياسية، تبدلت الأمور جذريا خلال أسبوع واحد. وقال لاعب نادي نيو إنغلند باتريوتس طوم برايدي، أحد أبرز اللاعبين في تاريخ الدوري، «لن أتحدث في السياسة على الاطلاق (…) اذا أراد الناس الاصطفاف الى جانب طرف على حساب آخر، لديهم الحق للقيام بذلك. ولدي أيضا الحق بأن أمتنع عن القيام بذلك». في تلك الأمسية، قاد برايدي فريقه الى عودة تاريخية، فقلب التأخر بنتيجة 3-28 الى فوز 34-28. الا ان أحدا لم يكن يعتقد انه بعد أشهر من ذلك، ومع انطلاق الموسم الجديد للعبة الأكثر شعبية في الولاياتالمتحدة، ستنقلب الآية في الدوري بشكل كامل. جذور الخلاف تعود الى نحو عام مضى، عندما رفض لاعب فريق سان فرانسيسكو فورتي ناينرز، كولين كابرنيك، الوقوف للنشيد الوطني الأميركي، في خطوة للفت الأنظار لمعاناة الأقليات العرقية والدينية في الولاياتالمتحدة، على يد الأجهزة المكلفة فرض القانون. واصل عدد من اللاعبين القيام بهذه الحركة قبيل انطلاق المباريات، الا انها لم تحظ بقدر كبير من الاهتمام الجماهيري أو الاعلامي. الا ان كل ذلك تبدل في 22 سبتمبر: خلال لقاء شعبي في ألاباما، أثار ترامب الذي طبعت المواقف المثيرة للجدل أشهره الأولى في سدة الرئاسة، مسألة الحركة التي يقوم بها بعض اللاعبين، ورفضهم الوقوف أثناء عزف النشيد الوطني الأميركي. وفي خضم صيحات المؤيدين له، قال ترامب ان مالكي أندية دوري كرة القدم يجب ان يردوا على ما يقوم به اللاعبون بالقول «+إطردوا إبن العاهرة هذا من الملعب حالا. مطرود، مطرود!+». في اليوم التالي، وجه ترامب سهام انتقاداته الى ستيفن كوري، نجم غولدن ستايت ووريرز بطل دوري كرة السلة. كوري، كما العديد من لاعبي أندية كرة السلة، كان من المنتقدين علانية لترامب، وأعرب مسبقا عن تردده في المشاركة مع زملائه، في الزيارة التقليدية الى البيت الأبيض التي يقوم بها الفريق الذي يحرز لقب دوري كرة السلة. رد ترامب على هذا التردد كان سحب الدعوة. وغرد الرئيس الأميركي عبر حسابه على تويتر «زيارة البيت الأبيض تعد شرفا كبيرا بالنسبة الى فريق متوج بالبطولة. ستيفن كوري يتردد، لذلك تم سحب الدعوة!». استدعت التغريدة ردودا حادة من اللاعبين، وبينهم نجم الدوري ليبرون جيمس الذي لجأ الى تويتر ووصف ترامب ب «المتسكع»، مضيفا بأن زيارة البيت الأبيض «كانت شرفا كبيرا قبل ان تحضر انت»، أي قبل ان يصبح ترامب سيد المقر الرئاسي الأميركي. اتخذت رابطة دوري كرة القدم الأميركية موقفا موحدا مما أدلى به ترامب، واعتبرت ان «التعليقات المثيرة للانقسام كهذه تظهر قلة احترام مؤسفة حيال رابطة كرة القدم الوطنية، اللعبة الكبيرة بالنسبة إلينا والى جميع اللاعبين». كما صدر بيان منفصل عن مالكي الأندية انتقدوا فيه ترامب. الا ان الرد الصارخ أتى بعد يومين من تصريحات الرئيس، عندما قام نحو 150 لاعبا في يوم واحد بحركة كابرنيك قبيل المباريات، في أكبر حركة احتجاج سياسية في تاريخ كرة القدم الأميركية. أعاد هذا الاعتراض حركة كابرنيك الى دائرة الضوء. وأوضح اللاعب فون ميلر «شعرنا ان خطاب الرئيس ترامب كان اعتداء على أكثر حقوقنا أهمية: حرية التعبير». واستمر الأخذ والرد بين ترامب واللاعبين لأسابيع، قبل ان تهدأ الحركة الاحتجاجية. الا ان هذه التجربة وضعت كرة القدم الأميركية أمام اختبار صعب اضطرها لايجاد توازن بين الدفاع عن اللاعبين في وجه الانتقادات السياسية، وفي الوقت نفسه عدم إثارة غضب المشجعين المعترضين على عدم وقوف اللاعبين للنشيد الوطني، وصولا الى حد اعتبار عدد منهم بمثابة «خونة». وخاضت رابطة الدوري في مباحثات مع اللاعبين لتهدئة الخواطر، وتعهدت بدفع نحو 100 مليون دولار لجمعيات خيرية تعنى بالمساواة والاصلاح والعلاقات بين أجهزة فرض الأمن والمجتمعات المحلية. وتأمل الرابطة في ان يساهم هذا التعهد بطي صفحة موسم غلبت عليه الاحتجاجات، من دون ان يصل الأمر بها الى حد الطلب من اللاعبين بالتوقف عن تأدية الحركة الاحتجاجية في الملعب.