الملك يترأس جلسة عمل خُصصت لموضوع مُراجعة مدونة الأسرة        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء        أخبار الساحة    الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب        بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنت‮... ‬انثروبولوجيا نفسك،‮ ‬بقرب ‬النبي ‬‮......‬ كوة ‬مفتوحة ‬على ‬الغيب ‬هي ‬الأبواب‮!‬

كان ‬واضحا ‬أننا ‬سننتظر ‬بعض ‬الوفود ‬التي ‬لم ‬تصل ‬بعد، ‬وكان ‬للصدفة ‬الماكرة ‬دورها‮:‬ ‬علينا ‬انتظار ‬وصول ‬الوفد ‬من ‬الأشقاء ‬الجزائريين، ‬مع ‬مطلع ‬يوم ‬الخميس‮.‬
فجرا، ‬بدأت ‬الرنة ‬الجزائرية ‬المألوفة ‬في ‬تداول ‬الحديث ‬تطرق ‬أسماعنا، ‬نحن ‬الذين ‬اعتدناها‮..‬ ‬آخرون ‬بدأوا ‬منذ ‬تلك ‬اللحظة ‬يخلطون ‬بيننا ‬وبينهم، ‬وأحيانا ‬يضاف ‬إلينا ‬التوانسة، ‬أهلنا ‬في ‬تونس‮!‬
التأخر ‬الطفيف، ‬غيَّر ‬قليلا ‬من ‬برنامج ‬اليوم ‬الموالي، ‬ولم ‬يعد ‬الأمر ‬يتعلق ‬ببرنامجنا ‬كما ‬تسلمناه ‬من ‬قبل ‬الوصول‮..‬
‬هكذا ‬لم ‬يكن ‬في ‬برنامج ‬اليوم، ‬الخميس ‬14 ‬دجنبر، ‬ما ‬يدعونا ‬إلى ‬التغيير ‬الكلي ‬لاسترخائنا، ‬لكن ‬كان ‬واضحا ‬أن ‬التغيير ‬الأكبر ‬هو ‬أننا ‬سنترك ‬توقيت ‬الصلوات ‬يضبط ‬إيقاعنا ‬اليومي‮...‬
فجر ‬
ظهر ‬
عصر
مغرب
‬وعشاء‮...‬
الفندق ‬على ‬مقربة ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮:‬ ‬وهو ‬تحفة ‬معمارية، ‬بمآذنه ‬العشرة، ‬ينشر ‬الضوء ‬نهارا ‬على ‬المحيط ‬‮..‬ ‬ضوء ‬يشعر ‬المسلم، ‬ومن ‬تربى ‬في ‬حوض ‬ديني، ‬أنه ‬يصل ‬إلى ‬العمق‮..‬يشعر، ‬الذي ‬تربى ‬مثلي ‬بالقرب ‬من ‬مسجد ‬بسيط، ‬وعلى ‬صوت ‬أجداد ‬قيمين ‬على ‬مكان ‬للعبادة، ‬أن ‬هذا ‬الضوء ‬يخترق ‬كل ‬الطبقات ‬التي ‬تراكمت ‬بفعل ‬اركيولوجيا ‬الزمن ‬المعاصر‮.‬ ‬يستطيع ‬أن ‬يضيء ‬الأحشاء، ‬ويضيء ‬الروح ‬السادرة ‬في ‬الاستفهام‮.‬
المشي ‬بالأقدام ‬الحافية، ‬الأسيويات ‬العجائز ‬وهن ‬يعبرن، ‬المقوسات ‬بفعل ‬السن ‬والاندونسيات، ‬اللواتي ‬لم ‬يجدن ‬مضاضة ‬في ‬بعض ‬ماكياج ‬خفيف ‬بالحرم ‬النبوي، ‬كل ‬ذلك ‬يُغرِّب الزائر ‬مهما ‬كان ‬تطلعه ‬إلى ‬الزيارة‮.
.‬
‬أنت‮... ‬انثروبولوجيا نفسك‮!‬
‬عندما ‬توجد ‬في ‬المكان ‬المقدس، ‬تصبح ‬انثروبولوجي ‬نفسك، ‬هو ‬ذا ‬التفكير ‬في ‬الطقوس ‬التي ‬تسعى ‬إليها ‬بقناعة ‬مع ‬الاحتفاظ ‬بعين ‬خارجك‮...‬، ‬عين ‬تراقب، ‬وقد ‬اخترقت ‬عوالم ‬تركها ‬في ‬البصر ‬كل ‬ما ‬قرأته ‬وعشته‮:‬ ‬تمر ‬بالشعراء ‬هنا ‬وهناك ‬كما ‬تمر ‬بالباحثين، ‬وأنت ‬تحمل ‬كتاب ‬فيلسوف ‬فرنسي ‬إلى ‬غرفتك ‬لتقرأ ‬صفحات ‬عن ‬جسد ‬المسيح‮..‬
تكاد ‬بلاد ‬السعودية ‬تذوب ‬لتحل ‬بلاد ‬الحرمين، ‬لا ‬خارطة ‬سياسية ‬في ‬الدماغ، ‬بالرغم ‬من ‬الضغط ‬الذي ‬تمارسه ‬عليك ‬المحاضر ‬اليومية ‬للسياسة‮.‬ ‬بالرغم ‬من ‬حرائق ‬الراهن ‬وقرارات ‬العواصم ‬هنا ‬وهناك..‬‮...‬
اضمحلت ‬الخارطة ‬وارتسمت ‬جغرافيا ‬الله، ‬شيء ‬ما ‬لم ‬يعد ‬يربطني ‬بالراهن، ‬مكانيا ‬وزمانيا‮..‬
هناك ‬حالة ‬ذهنية ‬تعوض ‬الوجود ‬المادي ‬في ‬العالم‮!‬
‬الأرض ‬تقيم ‬في ‬الزمن،
ما ‬بين ‬فجر ‬وعشاء
والزمان ‬يقيم ‬في ‬المكان ‬
بين ‬الروضة ‬والمحراب، ‬هنا ‬تسير ‬وأنت ‬تودع ‬المسجد، ‬نحو ‬توديع ‬الرسول، ‬وترسل ‬إليه ‬سلاما ‬يخترقك، ‬قادما ‬من ‬طفولتك ‬ومن ‬أعماقك
عبر ‬كل ‬العقود ‬التي ‬عشتها‮..‬
ههنا ‬في ‬إقامة ‬شاعرية ‬تكاد ‬تكون ‬بلاغة ‬عن ‬قوة ‬الغيب‮..‬
‮****‬
الجو ‬الدافئ، ‬إن ‬لم ‬نقل ‬الحار ‬حرارة ‬طرية، ‬يدفع ‬إلى ‬التجول ‬بين ‬جهات ‬المسجد ‬النبوي‮..‬ ‬
غافلنا ‬سؤال ‬صاعد ‬من ‬الترسبات ‬المهنية‮:‬ ‬أين ‬يا ‬ترى ‬وقعت ‬حالة ‬التفجير ‬الإرهابية ‬التي ‬وقعت ‬في ‬رمضان ‬السنة ‬الماضية؟
ما ‬زلت ‬أذكر ‬أنني ‬وقتها ‬كتبت ‬‮:‬متى ‬يفجرون ‬المسجد ‬النبوي؟
وحدث ‬ذلك، ‬وبدا ‬لي ‬كما ‬لو ‬أن ‬استرجاع ‬هذا ‬الحدث، ‬فيه ‬نوع ‬من ‬الامتحان ‬الغيبي ‬لمقال ‬صحافي‮..!‬
أذكر ‬أن ‬السعودية ‬شهدت ‬عدة ‬عمليات ‬انتحارية ‬في ‬يوم ‬29 ‬رمضان، ‬وبالضبط ‬4 ‬يوليوز ‬2016، ‬أهمها ‬عملية ‬تفجير ‬المدينة ‬المنورة ‬وقت ‬أذان ‬صلاة ‬المغرب ‬في ‬موقف ‬سيارات ‬تابع ‬لمركز ‬قوات ‬الطوارئ ‬بجوار ‬الحرم ‬النبوي. ‬
قال ‬شهود ‬عيان ‬إن ‬شخصا ‬دخل ‬إلى ‬الموقف ‬التابع ‬لقوات ‬الطوارئ ‬مجاور ‬للحرم ‬النبوي ‬الشريف ‬وأظهر ‬لهم ‬رغبته ‬في ‬الإفطار ‬معهم ‬ومن ‬ثم ‬قام ‬بتفجير ‬حزامه ‬الناسف‮...‬.‬
‬وليس ‬في ‬الاستدراج ‬الإرهابي ‬أية ‬غرابة‮.‬ ‬فالسماط ‬هنا ‬يمد ‬كل ‬لحظة، ‬وقد ‬شهدنا ‬ساعات ‬المغرب، ‬موائد ‬طويلة ‬على ‬طول ‬المسجد ‬العامر ‬منصوبة ‬للسياح ‬والمصلين‮..‬ ‬وخلف ‬التفجير ‬مقتل ‬4 ‬من ‬قوات ‬الطوارئ ‬منهم ‬3 ‬قتلوا ‬في ‬الموقع ‬نفسه، ‬والحالة ‬الرابعة ‬توفيت ‬بالمستشفى‮.‬ ‬بالإضافة ‬إلى ‬الانتحاري ‬وإصابة ‬8 ‬آخرين ‬بجروح ‬مابين ‬خطيرة ‬وبسيطة ‬ولم ‬تحدث ‬أي ‬إصابات ‬للمدنيين ‬في ‬حصيلة ‬أولية‮.‬ ‬
حينها، ‬قوات ‬الأمن ‬‮«‬منعت ‬المصلين ‬من ‬مغادرة ‬المسجد ‬النبوي ‬لفترة ‬محدودة ‬حتى ‬تأكدت ‬من ‬خلو ‬المنطقة ‬من ‬المتفجرات‮..»..‬
‬أنظر ‬مجددا ‬إلى ‬شساعة ‬المكان، ‬وأبواب ‬المسجد ‬المترعة ‬بالتاريخ ‬وبالناس، ‬وكم ‬لزم ‬الموقف ‬من ‬ضبط ‬النفس ‬من ‬لدن ‬المصلين‮...‬…‬
‬شعوب ‬من ‬كل ‬فج ‬عميق ‬
في ‬باحاته ‬الصقيلة‮‬
بين ‬الأخضر ‬والذهبي، ‬حفاة ‬ومعتمرون، ‬نساء ‬من ‬كل ‬السحنات، ‬أغلبها ‬أسيوي ‬‮…‬
سرعان ‬ما ‬تترك ‬الذاكرة ‬المهنية ‬مكانها ‬للدهشة‮:‬ ‬من ‬هذا ‬الرجل، ‬أنا ‬القادم ‬بكل ‬طبقات ‬الانتروبولوجيا ‬، ‬وعهود، ‬ينبثق ‬طفل ‬صغير ‬من ‬أعماقي ‬ليجد ‬نظرتي ‬إلى ‬مكان ‬مقدس ‬عند ‬ملايير ‬المسلمين، ‬منذ ‬خرج ‬نبي ‬فقير ‬من ‬غار ‬ما ‬في ‬بيداء ‬الحجاز ‬ليؤذن ‬في ‬الناس ‬بالتوحيد.‬
أنا ‬الآن ‬في ‬أول ‬مسجد ‬بناه ‬الرسول ‬بالمدينة ‬‮...‬من ‬بين ‬أبوابه ‬ومداخله ‬التي ‬يقترب ‬عددها ‬100مدخل، ‬هناك ‬اهتمام ‬بواحد ‬منها، ‬كان ‬في ‬طريق ‬مجيئنا ‬من ‬الفندق، ‬وحوله ‬تدافع ‬خاص‮:‬ ‬باب ‬السلام‮!‬ ‬وله ‬الحظ ‬الأوفر، ‬لأنه ‬أقصر ‬الطرق ‬إلى ‬الروضة ‬الشريفة‮!‬
إلى ‬قبر ‬الرسول ‬، ‬عليه ‬الصلاة ‬والسلام، ‬وطريق ‬الناس ‬كلهم ‬إلى ‬روضة ‬من ‬رياض ‬الجنة‮..‬
هذا ‬الاكتشاف ‬يهز ‬الزائر، ‬وهو ‬يدخل ‬في ‬زحام ‬رفيع، ‬يتجاوز ‬المتصور‮..‬
أعراق ‬من ‬كل ‬جهات ‬العالم، ‬وبكل ‬اللغات ‬وبكل ‬الألوان ‬والملابس، ‬بابل ‬كبيرة‮ ‬لا ‬تتكرر ‬فوق ‬الأرض ‬حول ‬مزار ‬ديني، ‬يقدسه ‬أتباعه‮..‬
من ‬هنا ‬يمر ‬الفقراء ‬من ‬بلاد ‬البنجاب
والأمراء ‬والملوك، ‬
الكل حفاة ‬عراة‮..‬
‬الأبواب، ‬عيون ‬المكان ‬على ‬أعماقنا، ‬وفي ‬حالة ‬الأبواب ‬الدينية، ‬تكون ‬هي ‬شرفة ‬الغيب ‬على ‬أرواح ‬العصر ‬الحائر ‬وكوة ‬الزائر ‬على ‬الغيب‮..‬
وهنا ‬أيضا ‬يلمس ‬المقدس ‬نفسه ‬بالذهب، ‬ويوشح ‬روح ‬الناظر ‬بزخرف ‬دنيوي، ‬لكي ‬يطبع ‬يومه‮...‬، ‬والأبواب ‬أيضا ‬تجربة ‬اليدين ‬في ‬رسم ‬السماوي، ‬على ‬تجاويف ‬الخشب ‬والمرمر، ‬واستنطاق ‬الجبص، ‬بأنامل ‬تحترف ‬التسبيح ‬وخروج ‬الدنيوي ‬من ‬المادة ‬إلى ‬هوة ‬المغيب ‬في ‬اليومي ‬الزاحف‮..‬
‮****‬
سنعلم ‬من ‬بعد ‬أن ‬وفودا ‬كثيرة، ‬من ‬شرق ‬آسيا ‬تحديدا، ‬تكتفي ‬بتذكرة ‬السفر ‬ثم ‬الوصول ‬إلى ‬الحرم ‬حيث ‬تظل ‬ترابض ‬ليل ‬نهار ‬‮..‬بباحة ‬المسجد‮.‬
ولفت ‬الحضور ‬الكثيف ‬للناس، ‬ليلة ‬الخميس، ‬كل ‬أعضاء ‬الوفد، ‬الذين ‬كانوا ‬يتبادلون ‬الانطباع ‬كلما ‬التقوا ‬بالفندق ‬أوفي ‬الحرم‮.‬
الجو ‬منعش ‬للغاية، ‬والأغلبية ‬اكتفت ‬بالزي ‬المغربي، ‬كما ‬لو ‬كان ‬إشارة ‬تلتقطها ‬الأنفس، ‬من ‬بعيد‮.‬
من ‬أحسن ‬اللحظات، ‬كان ‬لقاء ‬مع ‬باحث ‬سعودي ‬شاب، ‬حدثنا ‬قرابة ‬الساعة ‬عن ‬المسجد ‬النبوي، ‬وعن ‬التوسعات ‬التي ‬طالته، ‬كل ‬توسعة ‬كانت ‬تهم ‬مرحلة ‬من ‬تاريخ ‬المسلمين، ‬تماما ‬كما ‬هي ‬الأسماء ‬التي ‬أطلقت ‬على ‬الأبواب ‬التي ‬تخلد ‬أسماء ‬رجال ‬ونساء ‬التاريخ ‬الإسلامي‮..‬ ‬
محمد ‬بخش، ‬الباحث، ‬قال ‬إنه ‬لو ‬استسلم ‬لكل ‬التوقيت ‬الذي ‬يستوجبه ‬المقام، ‬لما ‬كفته ‬ست ‬ساعات.‬
مرافقون ‬قالوا، ‬الساعات ‬الست ‬داخل ‬القاعة ‬أما ‬خارجها ‬سيتطلب ‬العرض، ‬ماديا ‬ودراسيا، ‬ثلاثة ‬أيام ‬لضرورة ‬الانتقال ‬إلى ‬عين ‬المكان ‬ومتابعته ‬عينيا‮..‬
الباحث ‬في ‬تاريخ ‬المدينة ‬المنورة ‬محمد ‬بخش ‬يكشف ‬لضيوف ‬الملك ‬سلمان ‬مراحل ‬تشييد ‬وعمارة ‬الحرم ‬النبوي
كما ‬تناول ‬أبرز ‬مراحل ‬تشييد ‬وعمارة ‬وتوسعات ‬الحرم ‬النبوي ‬منذ ‬عهد ‬الرسول ‬الكريم، ‬حتى ‬العهد ‬السعودي ‬الراهن.‬
كانت ‬مصاحبة ‬نفسيه ‬أكثر ‬منها ‬عمرانية، ‬حقا:كما ‬لو ‬أنه ‬يطلع ‬الفؤاد ‬على ‬أصابع ‬الحاكم ‬وهي ‬تشير ‬إلى ‬توسيع ‬رقعة ‬الحرم، ‬ومواقع ‬الغيب ‬فيها‮!‬
‬عدد ‬المحارب ‬ومؤسس
‬كل ‬واحد ‬منها‮..‬ ‬الأسطوانات ‬والسيرة ‬الهندسية ‬لكل ‬أسطوانة ‬منها
بيوت ‬نساء ‬الرسول
ما ‬بقي ‬منها ‬وما ‬غادر‮..‬ ‬
محمد ‬بخش ‬أس هب، ‬قدر ‬الزمان، ‬في ‬الحديث ‬عن ‬التوسعات ‬السعودية ‬في ‬المسجد ‬النبوي ‬الشريف، ‬وكيف ‬أنها ‬‮«‬حافظت ‬على ‬المعالم ‬الأثرية ‬والتاريخية ‬في ‬المسجد ‬النبوي ‬الشريف، ‬والحُقب ‬التي ‬تعاقبت ‬على ‬التاريخ ‬الإسلامي ‬للحرم‮».‬
‬وكان ‬من ‬الأشياء ‬التي ‬أثارت ‬الانتباه ‬إليها ‬ووجدت ‬همهمات ‬وسط ‬الحضور ‬إشارته ‬إلى ‬أن ‬كل ‬‮»‬الصور ‬التي ‬تنشر ‬عن ‬قبر ‬النبي ‬لا ‬صحة ‬لها‮«‬، ‬وأنها ‬مجرد ‬توهيمات ‬فوتوغرافية ‬لأنه ‬لا ‬أحد ‬رأى ‬قبر ‬النبي ‬من ‬الداخل ‬منذ ‬قرون‮!‬
‬كان ‬لي ‬أن ‬أعبر ‬عن ‬رغبة ‬دفينة‮: ‬ليتهم ‬تركوا ‬البيوت ‬كما ‬كانت..‬
‬وتركوا ‬البنايات ‬كما ‬كانت ‬في ‬أصلها، ‬و وإن ‬زادت ‬التوسعة، ‬لكي ‬يرى ‬العالم ‬بساطة ‬النبي‮ ‬وأصحابه ‬الأولى‮...‬
وقربهم ‬من ‬الأرض ‬أكثر ‬من ‬قربهم ‬من ‬العمران ‬الباهر‮..‬
كذلك ‬قال ‬الباحث ‬أيضا‮..‬
ابتسمت‮..‬
‬ومما ‬رواه ‬الباحث ‬محمد ‬بخش ‬قصة ‬محاولة ‬سرقة ‬جثمان ‬الرسول ‬الكريم‮..‬
‬مغاربة ‬يحاولون ‬سرقة ‬
جثمان ‬الرسول ‬
‬قال الباحث‮ : ‬تعرّض ‬قبر ‬النبي ‬صلى ‬الله ‬عليه ‬وسلم ‬إلى ‬مُحاولات ‬نبش، ‬وأشهرها ‬ما ‬كان ‬في ‬زمن ‬نور ‬الدين ‬وصلاح ‬الدين ‬‮.‬
قال ‬عبد ‬الملك ‬بن ‬حسين ‬الشافعي ‬‮:‬
وفي ‬سنة ‬سبع ‬وخمسين ‬وخمسمائة ‬جَرَت ‬الكائنة ‬الغريبة ‬وهي ‬ما ‬ذكره ‬العلامة ‬السيد ‬نور ‬الدين ‬على ‬السمهودي ‬المدني ‬في ‬كتابه ‬‮»‬ ‬خلاصة ‬الوفا ‬‮»‬ ‬وغيره، ‬فقال ‬‮:‬ ‬إن ‬الملك ‬العادل ‬نور ‬الدين ‬رأى ‬النبي ‬في ‬نومه ‬ليلة ‬ثلاث ‬مرات ‬وهو ‬يشير ‬إلى ‬رجلين ‬أشقرين ‬يقول‮:‬ ‬أنجدني ‬من ‬هذين، ‬فأرسل ‬إلى ‬وزيره ‬وتجهّزا ‬في ‬بيته ‬ليلتهما ‬على ‬رواحل ‬خفيفة ‬في ‬عشرين ‬نفرًا، ‬وصحب ‬مَالاً ‬كثيرا ‬، ‬فَقَدِم ‬المدينة ‬في ‬ستة ‬عشر ‬يوما ‬فَزَار، ‬ثم ‬أمر ‬بإحضار ‬أهل ‬المدينة ‬بعد ‬كتابتهم، ‬وصار ‬يتأمل ‬في ‬كل ‬ذلك ‬تلك ‬الصفة ‬إلى ‬أن ‬انقضت ‬الناس، ‬فقال ‬‮:‬ ‬هل ‬بقي ‬أحد ‬؟ ‬قالوا ‬‮:‬ ‬لم ‬يبق ‬سوى ‬رجلين ‬صالحين ‬عفيفين ‬مغربيين ‬يُكْثِرَان ‬الصدقة، ‬فطلبهما، ‬فرآهما ‬الرجلين ‬اللذين ‬أشار ‬إليهما ‬عليه ‬الصلاة ‬والسلام، ‬فسأل ‬عن ‬مَنْزِلهما ‬فأخبر ‬أنهما ‬في ‬رباط ‬بقرب ‬الحجرة ‬الشريفة، ‬فأمسكهما ‬ومضى ‬إلى ‬مَنْزِلهما ‬فلم ‬ير ‬غير ‬ختمتين ‬وكُتبا ‬في ‬الرقائق ‬ومالاً ‬كثيرا، ‬فأثنى ‬عليهما ‬أهل ‬المدينة ‬خيرا، ‬فبقي ‬مترددا ‬متحيرا، ‬فرفع ‬حصيرا ‬في ‬البيت ‬فرأى ‬سردابا ‬محفورا ‬ينتهي ‬إلى ‬صوب ‬الحجرة، ‬فارتاعت ‬الناس ‬لذلك، ‬فقال ‬لهما ‬السلطان ‬‮:‬ ‬أصدقاني، ‬وضربهما ‬ضربا ‬شديدا، ‬فاعترفا ‬بأنهما ‬نصرانيان ‬بعثهما ‬النصارى ‬في ‬زِيّ ‬حجاج ‬مغاربة، ‬وأمالوهما ‬بالمال ‬العظيم ‬ليتحيّلا ‬في ‬الوصول ‬إلى ‬الجناب ‬الشريف ‬ونقله ‬وما ‬يترتب ‬عليه، ‬فَنَزَلا ‬قرب ‬رباط ‬وصارا ‬يحفران ‬ليلا، ‬ولكل ‬منهما ‬محفظة ‬جلد، ‬والذي ‬يجتمع ‬من ‬التراب ‬يخرجانه ‬في ‬محفظتيهما ‬إلى ‬البقيع ‬إذا ‬خرجا ‬بِعِلّة ‬الزيارة، ‬فلما ‬قرب ‬من ‬الحجرة ‬أرعدت ‬السماء ‬وأبرقت ‬وحصل ‬رجف ‬عظيم، ‬فقدم ‬السلطان ‬صبيحة ‬تلك ‬الليلة ‬فلما ‬ظهر ‬حالهما ‬بكى ‬السلطان ‬بكاء ‬شديدا، ‬وأمر ‬بضرب ‬رقابهما، ‬فَقُتِلا ‬تحت ‬الشباك ‬الذي ‬يلي ‬الحجرة ‬الشريفة ‬المسمى ‬الآن ‬شباك ‬الجمال، ‬ثم ‬أمر ‬بإحضار ‬رصاص ‬عظيم ‬وحفر ‬خندقا ‬عظيما ‬إلى ‬الماء ‬حول ‬الحجرة ‬الشريفة ‬كلها ‬وأذاب ‬ذلك ‬الرصاص ‬وملأ ‬الخندق، ‬فصار ‬حول ‬الحجرة ‬سور ‬من ‬رصاص ‬إلى ‬الماء ‬‮.‬ ‬
‮*****‬
وقد ‬سردها ‬بعجالة، ‬فسرناها ‬أولا ‬بكون ‬الزمن ‬يضيق، ‬لكن ‬عند ‬الاطلاع ‬عليها ‬كليا ‬وجدنا ‬حرجا ‬غير ‬معلن، ‬من ‬كون ‬أناس ‬ينتسبون ‬إلى ‬المغرب ‬هم ‬من ‬حاولوا ‬الفعل ‬الشنيع، ‬وما ‬كان ‬يحسن ‬بالمضيف ‬أن ‬يذكر ‬على ‬مسامع ‬أبناء ‬المغرب ‬حكاية ‬من ‬هذا ‬القبيل‮...‬…‬
‬في ‬ذلك ‬اليوم، ‬16 ‬دجنبر، ‬مساء ‬يوم ‬الجمعة ‬الكريمة، ‬كان ‬لنا ‬موعد ‬آخر، ‬ومفاجأة ‬سرت ‬كل ‬الوفود‮:‬ ‬زيارة ‬منظمة ‬إلى ‬الروضة ‬الشريفة‮..‬
قلنا:هذا ‬درس ‬نظري، ‬ليت ‬الزيارة ‬تسعفنا ‬في ‬درس ‬تطبيقي ‬ونرى ‬القبر ‬والروضة ‬الشريفة ‬والمحيط ‬الصحابي ‬رأي ‬العين‮..‬
وكذلك ‬كان‮!‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.