بعد ما ظلت سفن الصيد الأوربية تمخر عباب البحر لأزيد من سنتين بعيدا عن المياه الإقليمية للمغرب، تم التوصل مؤخرا إلى اتفاق يقضي بعودة 120 سفينة صيد أوربية، أغلبها من إسبانيا، لاستئناف أنشطتها بالمياه البحرية المغربية، وذلك اعتبارا من الأسبوع المقبل. بالفعل، وبعد عدة أسابيع على الموافقة على اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي، سلمت اللجنة المشتركة المكلفة بتفعيل بروتوكول الاتفاق الجديد للشراكة رخص الصيد للسفن الأوروبية التي تستجيب لجميع الشروط، والتي ستمكنها من العودة لمزاولة نشاطها في المياه الإقليمية للمملكة. وتشكل العودة إلى المياه المغربية حدثا سعيدا بالنسبة لأسطول الاتحاد الأوربي، خاصة الصيادين الإسبان، الذين تكبدوا خسائر تقدر بمئات الملايين يورو جراء عدم تجديد الجمعية البرلمانية الأوربية في ستراسبورغ للبروتوكول السابق للصيد البحري في دجنبر 2011. وكانت الكونفدرالية الاسبانية للصيد البحري والفدرالية الأندلسية لجمعيات الصيد البحري أول من تنفس الصعداء بعدما حصل البعض من المنتمين إليهما على الرخص التي تفتح أمام سفنهم الأبواب نحو المياه الإقليمية المغربية. ولم تخف وزيرة الصيد البحري في حكومة الأندلس، إلينا فيبوراس، ابتهاجها بالتوصل إلى حل نهائي بشأن «القضايا التقنية» التي أخرت دخول البروتوكول الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي حيز التنفيذ، وذلك بعد انعقاد الاجتماع الأول للجنة المشتركة في الرباط. ويتيح الاتفاق لنحو 400 صياد إسباني إمكانية مزاولة نشاطهم في المياه المغربية، مع ما يواكب ذلك من خلق أكثر من 300 فرصة عمل غير مباشرة على مستوى الصناعات ذات الصلة في إقليم الأندلس، وهو ما يعد متنفسا له دلالاته خصوصا على خلفية تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تشهدها إسبانيا إلى جانب عدة بلدان أوربية أخرى. نفس الشعور بالرضا أعربت عنه المفوضية الأوربية، التي رحبت بعودة أسطول الصيد البحري الأوربي إلى المياه المغربية. وأشارت المفوضية إلى أنه بمصادقة المغرب والاتحاد الأوربي على اتفاقية الصيد البحري، فإن أسطول الاتحاد الأوربي أصبح من حقه الشروع في الصيد بالمياه المغربية، مقابل دعم أوربي بواقع 40 مليون أورو، والذي سوف يسهم لامحالة في تطوير قطاع الصيد البحري في المغرب. إلى جانب هذا الارتياح، تضيف المفوضية، فإن البروتوكول الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي يشكل في حد ذاته مصدر ارتياح، على اعتبار أنه ينتمي إلى جيل جديد من الاتفاقيات التي رأت النور عقب مباشرة إصلاح سياسي موحد للصيد البحري في الاتحاد الأوربي الذي يركز بشكل قوي على الاستدامة البيئية والنجاعة الاقتصادية والشرعية الدولية. في سياق ذلك، قالت المفوضة الأوربية المكلفة بشؤون الصيد البحري، ماريا دامناكي، إنها تشعر أيضا بالسعادة لدخول هذا البروتوكول حيز التنفيذ، لاسيما وأنه يمثل، بحسب وصفها، «نموذجا لحكامة مسؤولة للصيد على المستوى الدولي». وأضافت «لقد انتظر الصيادون عندنا أكثر من سنتين»، مشيرة إلى أن الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوربي يضمن صيد مستداما، خاصة وأن الكميات المسموح بصيدها من طرف سفن الاتحاد الأوربي لا تتجاوز المستويات العلمية. وبعيدا عن كونه اتفاقا قطاعا عاديا، فإن البروتوكول الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي يعطي أيضا دليلا جديدا على الثقة، ويجسد عمق الشراكة القائمة التي تربط بين المملكة وبلدان الاتحاد الأوربي ال 28. كما يبرز هذا الاتفاق أيضا قابلية العلاقات بين الاتحاد الأوربي والمغرب لتجديد نفسها باستمرار، وخلق الظروف المواتية لتحقيق تنمية قوية ونمو يعود بالنفع على الجانبين. وبدخول هذا البروتوكول الجديد حيز التطبيق، يدشن المغرب والاتحاد الأوربي فصلا جديدا في علاقاتهما، ليس فقط في جوانبها المرتبطة بالصيد البحري بل بشراكات متعددة الأوجه من شأنها أن ترسم ملامح المستقبل برصانة وتفاؤل والكثير من الثقة.