اتفق نواب الأمة، يوم الاثنين الأخير، على قرار مجانية استغلال ملاعب القرب. ومن المعلوم أنه قد مرت سنة تقريبا على صدور مذكرة من وزارة الشباب والرياضة تتعلق بموضوع استغلال منشآت وزارة الشباب والرياضة ومرافقها الرياضية في مختلف مناطق المغرب، تشير إلى أنه لا يمكن استغلال تلك المنشآت إلا بشروط تحددها مصلحة تم إحداثها ومنحت حقوق التدبير والتسيير بصفة مستقلة، وتتحدد أهم شروط استغلال المنشآت الرياضية والقاعات والفضاءات السوسيو – رياضية ومراكز الإيواء والاستقبال، كما جاء في تلك المذكرة، في أداء رسومات مالية لا يستثنى من أدائها الخاص والعام، وحتى الأندية المنتمية للجامعات الرياضية وكذا الجمعيات المتطوعة في خدمة الشباب والطفولة، وأصبح القرار إياه ساري المفعول ابتداء من فاتح شهر يناير 2017، وذلك بعد صدور مذكرة بتفعيل القرار المشترك سنة 2013 المنشور بالجريدة الرسمية بين وزير الشباب والرياضة ووزير الاقتصاد والمالية والذي يحمل رقم 1066.11، الصادر بشأن تحديد أسعار الأجرة عن الخدمات المقدمة من قبل قطاع الرياضة برسم استغلال المسابح المغطاة والقاعات الرياضية والمراكز السوسيو رياضية للقرب وحلبات ألعاب القوى التابعة لوزارة الشباب والرياضة. في هذا الإطار، منحت مصلحة مراقبة المؤسسات والقاعات الرياضية الاستقلالية في تدبير وتسيير كل المنشآت الرياضية، وتحديد أسعار استغلالها التي تشير بعد تعميم دورية بخصوصها، أنها عرفت ارتفاعا ملحوظا لن يكون بمقدور غالبية الأندية والجمعيات التجاوب معها. بعد صدور ذلك القرار، رأى متتبعون أن المرسوم الجديد الذي بدأ تطبيقه في الفاتح من يناير الماضي، والمتعلق بتفويض تسيير المسابح والقاعات الرياضية والمركبات السوسيو رياضية ل( (sigma والذي يفرض أداء مبالغ مالية عالية مقابل استعمال القاعات، سيثقل كاهل الجمعيات والأندية، بل وسيجعل العديد منها عاجزة تماما عن ولوج قاعات ومنشآت أحدثت لفائدتها. مرت سنة تقريبا، وهاهو البرلمان يعيد الأمور إلى نصابها، أي تمكين الشباب المغربي من استغلال مرافق وضعت وأنجزت أساسا لفائدته، فقد وافق أعضاء مجلس النواب في جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الاثنين الأخير، على قرار إجراء تعديل في قانون المالية 2018 بفتح ملاعب القرب بالمجان للعموم، وسار وزير الشباب والرياضة خلال نفس الجلسة، على نفس توجه أعضاء مجلس النواب، ووعد «بتحرير هذه الملاعب من احتلال الجمعيات التي تسيرها، والتي حولتها إلى مشاريع خاصة وليس إلى ملاعب قرب من المفروض أن تكون في خدمة ممارسي الرياضة من كل الفئات». جميل إذن أن يتم «تحرير» ملاعب القرب وكل المنشآت الرياضية وفتحها في وجه كل راغب في ولوجها واستغلالها، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في هذا الإطار، يتعلق بمصير المصلحة التي أحدثت بوزارة الشباب والرياضة، في يناير الماضي، والتي منحت التفويض لتدبير كل المنشآت الرياضية والتي أقرت مباشرة بعد إحداثها لائحة بأسعار استغلالها عبر دورية تم تعميمها في حينها. هل ستستمر تلك المصلحة الوزارية مشرفة ومفوض لها بتدبير المرافق الرياضية؟ هل فعلا سيتم التراجع عن لائحة الأسعار وفتح تلك الملاعب بالمجان. وهل القرار الذي تم التوافق حوله وتم إقراره بمجلس النواب وعرف توافق الوزير المعني، سيشمل كل المرافق الرياضية والمنشآت الأخرى بما فيها المركبات الرياضية التي فتحت فعلا أبوابها لأندية كرة القدم مثلا، لكن بمقابل مالي أرهق صناديق تلك الأندية كما حدث في مراكش، وطنجة وفاس؟ وهل العمل بالمجانية سيتم تطبيقه أيضا على مركبات أنجزتها المؤسسات المنتخبة، جماعات ومقاطعات حضرية ومجالس عمالات، وتشرف عليها الوزارة الوصية عبر اتفاقيات تفويت، كما هو الحال مثلا في مركب رياضة وترفيه بمدينة المحمدية، والذي ما أن استبشر سكان المدينة وضواحيها بإعلان افتتاحه بعد أن أبت مزاجية بعض المسؤولين المنتخبين إلا أن يحكموا إغلاق أبوابه لقرابة العشرين سنة، حتى اكتشفوا أن الجماعة الحضرية، وفي سرية تامة، كانت قد قررت تفويته لوزارة الشباب والرياضة، ومنذ ذلك الحين أصبح ممنوعا على الراغبين في استغلال مرافقه سوى لمن يدفع؟! جميل أن يعيد نواب الأمة الأمور إلى طبيعتها التي يجب أن تكون عليها، وجميل أن يساير الوزير ما قرره النواب، وجميل أيضا أن ينتفض الوزير مطالبا بمحاسبة من سبقوه في تحمل المسؤولية وجلسوا على نفس الكرسي الذي يجلس عليه حاليا، بعد أن وجه لهم في تدخله أمام النواب كيلا من الاتهامات ننتظر فقط أن يحولها لملفات أمام أنظار القضاء، وإلا سنعتبر كلامه من طينة كلام كثيرا ما سمعناه حول ملفات فساد سابقة، بعضها رفع فعلا للقضاء دون أن نسمع عن خواتم أو نهايات لها، وبعضها ظل حبيس الأروقة ينتظر الإفراج!