نصبت العالية الهاشمي وكيلة للملك لدى المحكمة التجارية في مدينة الدار البيضاء، لتكون كأول قاضية تشرف على جهاز قضائي هام بالعاصمة الاقتصادية. والعالية الهاشمي امرأة آتية من البادية وتحديدا من منطقة الغنادرة اقليمسيدي بنور، قبل أن تنتقل صحبة والدها رجل الاعمال المشهور في مجال النقل في ستينيات القرن الى مدينة الدار البيضاء، الشيء الذي أتاح للعالية متابعة دراستها بالعاصمة الاقتصادية، والتحاقها بالمعهد القضائي مع بداية الثمانينيات، لتعين بعد تخرجها قاضية لدى المحكمة الابتدائية بالمحمدية ثم الدار البيضاء، حيث ترأست الغرفة التجارية والبحرية قبل إنشاء المحاكم التجارية المختصة منذ 30 . وكانت العالية الهاشمي ضمن مؤسسات المحكمة التجارية بالدار البيضاء سنة 1999 إلى غاية تعيينها وكيلة للملك، حيث ترأست غرفة الأصول التجارية بها كنائبة للرئيس. وتدرجت وكيلة للملك لدى المحكمة التجارية والتي حضر تعينها أول أمس بالمحكمة التجارية بالبيضاء، الى جانب وزير العدل مصطفى الرميد والسلطات المحلية عدد من القضاة والمحامين ممثلين بهيئتهم الوطنية، ناهيك عن الحضور الوازن من الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في مختلف المهام إلى أن حصلت على الدرجة الاستثنائية. والعالية أم لابن يشتغل رئيسا لمقاولة والدها و ابنتين، وهي كذلك جدة لحفيد. وهي زوجة الأستاذ نورالدين الرياحي، المحامي العام لدى محكمة النقض و عضو المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة، التي تعتبر العالية عضو نشيط بها منذ التحاقها بهيأة القضاة. وعبرت العالية الهاشمي، التي كانت تشغل منصب نائبة رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء، خلال هذا الحفل عن اعتزازها بهذا التعيين، واعدة بالعمل على تفعيل مبادئ الحكامة في معالجة القضايا المعروضة أمام المحكمة التجارية، والرفع من مستوى مردودية جهاز النيابة العامة مستندة في ذلك إلى خبرتها في نفس المحكمة منذ سنوات، ترأست خلالها غرفة من أهم غرفها، ناهيك عن خبرتها في الميدان التجاري قبل تقسيم محاكم الدارالبيضاء و إنشاء محكمة تجارية خاصة، وقالت وكيلة الملك لدى المحكمة التجارية في كلمتها التي أشرت على عمق تفكير المرأة وقناعاتها بمجال يعتقد البعض أنه حكر على الرجل: « هذه الخبرة التي قضيت فيها زهرة عمري في تفان لخدمة المواطن المغربي في مجال من أعقد المجالات الاقتصادية لا تشفع لي وحدها بهذا الاعتزاز دون التقدم بالشكر الجزيل لجميع فقهاء هذه المادة من قضاة و محامين و أساتذة جامعيين و مديرين مركزيين ومسؤولين قضائيين و خبراء و أعضاء كتابة الضبط وأعوان ووزراء العدل المتعاقبين الحاضرون منه و الغائبون، الذين نشأت و ترعرعت مداركي القانونية و العلمية و صنعتي القضائية في كنفهم، فإليهم جميعا أتقدم بعبارات الشكر و العرفان و التقدير و الامتنان، راجية من الله أن يوفق المرأة القاضية المسؤولة في النيابة العامة العامة لأول مرة منذ إنشاء هذه المحكمة التي تعتبر بحق عاصمة المحاكم التجارية المغربية، باعتبار الدارالبيضاء أصبحت ليس فقط من العواصم الاقتصادية الافريقية بل امتدت أهميتها لتصبح قطبا اقتصاديا و ماليا عالميا يضاهي الاقتصاديات الناشئة في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله، و هو ما يزيد من عزمنا على توفير الأمن القضائي، و هي الزاوية و الركن الذي يقف عليه الاقتصاد الصاعد في عالمنا المعاصر» . وفي الممرات المؤدية إلى القاعة، موقع حفل تنصيب العالية التي بدا على وجهها فرحة التتويج لمسيرة هامة لإمرأة أحبت مهنتها ودافعت عن استقلالية القرارات فيها، عبر لجريدتنا قيدوم المحامين عبد الحميد الأندلسي عن بهجته بتتويج قاضية يشهد أنها دافعت عن استقلالية القضاء في أوقات صعبة من تاريخ القضاء في المغرب، وأنه يحتفظ لها في ذاكرته بمواقف لازالت موشومة في ذهنه، وهي المواقف التي دفعته اليوم الى ترك كل التزاماته من أجل الحج الى قاعة التنصيب لمشاركة امرأة بحجم الحلم في قضائنا، هذا التتويج المستحق. يذكر أن وزير العدل أشرف قبل ذلك على تنصيب الحسن مطار وكيلا عاما جديدا للملك بمحكمة الاستئناف للدار البيضاء، ليحل محل عبد الله البلغيثي.