صدرت حديثا للقاص الشاب محمد نور بنحساين، مجموعة قصصية تحت عنوان «مرايا متكسرة»، وهي عبارة عن مجموعة لقصص قصيرة جدا، كتبت على مدى سنة لتتوج بعمل إبداعي هو الأول للقاص. جاء العمل في 75 صفحة؛ قسمها الكاتب إلى سبع مرايا؛ عالج فيها مواضيع واقعية تارة؛ كالخيانة والجشع والسرقة والاحتيال؛ كما هام بأفكاره في عوالم خيالية نأى بها عن الواقع الاجتماعي تارة أخرى؛ ليرسم بقلمه لوحات قصصية تنتفض في وجه الأقنعة المزيفة التي تزين المجتمع؛ ليري المرآة الحقيقية له؛ جعلها مرايا متكسرة، هي مرايا مبعثرة، ترك للقارئ لم شملها عله يجمع ثناياها؛ دون أن تجرحه حوافها. ويعتبر محمد نور بنحساين من الرواد الشباب للقصة القصيرة جدا بشمال المغرب. فهذا النوع الأدبي أصبح فضاء أدبيا بامتياز، وذلك لأنه يستجيب للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المعقدة والمتشابكة التي يتخبط فيها الفرد المغربي خلال الآونة الأخيرة. ولعل هذا سبب اختيار الكاتب لعنوان « مرايا متكسرة»، في محاولة منه إلى لفت انتباه القراء والدفع بهم الى النبش في صفحات هذا الكتاب الذي يعكس وجها من تمظهرات الأزمة بالمغرب. ومن المعروف أن القصة القصيرة جدا، هي مساحة ضيقة تلزم الكاتب باعتماد الدقة في اختيار الكلمات والوصف في سبيل تمرير الرسالة التي يريد تمريرها. فالقصة القصيرة جدا، جنس أدبي حديث يمتاز بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، فضلا عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب والنفس الجملي القصير الموسوم بالحركية والتوتر وتأزم المواقف والأحداث، بالإضافة إلى سمات الحذف والاختزال والإضمار. كما يتميز هذا الخطاب الفني الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر؛ إلى ماهو بياني ومجازي ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي. وقد اعتمد الكاتب لغة رمزية إيحائية جعلت من «مرايا متكسرة» نقدا ومحاولة لكشف الواقع المعاش. وقد كتبت هذه المجموعة القصصية بلغة عربية سلسة، إلا أنها تستدعي التركيز لفك شيفرة الكلمات التي تم اختيارها بعناية. وللإشارة فقط، فمحمد نور بنحساين أستاذ للغة العربية؛ حاصل على الإجازة في الدراسات العربية، و على ماجستير في النص النثري العربي القديم. فتكوينه الأكاديمي لعب دورا كبيرا في الكتابة والأسلوب الذي يعتمده، وخاصة نظرته المتعددة الأوجه من خلال لغة تلامس ما يعيشه الفرد في المجتمع المغربي. ناقد وكاتب