تدرس بنغلادش التي فشلت مساعيها المتمثلة بتوزيع وسائل منع الحمل على اللاجئين الروهينغا فكرة القيام بحملة تعقيم طوعية للذكور لمنع الانفجار السكاني في المخيمات المكتظة والبائسة. ويتكدس نحو 900 الف مسلم منهم الروهينغا في مدن الخيم هذه، جنوب بنغلادش. وقد وصل ما يفوق 60% منهم إليها منذ أواخر غشت، هربا مما تعتبره الاممالمتحدة تطهيرا عرقيا في بورما. وتتخوف دكا من انفجار الولادات وسط هذه المجموعة المعروفة تقليديا بكثرة التناسل، ومن شأن هذا الأمر ان يؤدي إلى تفاقم هشاشة الظروف المعيشية في المخيمات الضخمة. ويفيد احصاء للسلطات أن حوالي 20 ألف امرأة من الروهينغا حامل في الوقت الراهن، وان 600 قد أنجبن منذ وصولهن إلى بنغلادش. لكن حملة التوعية وتوزيع وسائل منع الحمل بين الروهينغا لم تؤد إلى النتيجة المرجوة. لذا، يفكر مسؤولو التخطيط العائلي في بنغلادش في أساليب جذرية. فقد طلبوا من الحكومة إذنا لقطع القناة الدافقة لدى الذكور على اساس طوعي. وما زال يتعين على لجنة صحية ان تعطي موافقتها على هذه الخطوة. وقال بينتو كانتي باتاشارجي، مدير التخطيط العائلي في مؤسسة كوكس بازار، لفرانس برس أن «الروهينغا يرزقون بكثير من الأطفال، جراء الجهل. والمجموعة بأكملها تعرضت طوعا للنبذ». وكان الروهينغا المهمشون منذ عقود في بورما، ممنوعين في الواقع من دخول المستشفيات والمدارس. ولم يستفيدوا من أي تربية جنسية. وتتسم نساء الروهينغا عموما بالخصوبة، خصوصا ان بعض الرجال يتزوجون عددا من النساء. والتقى عاملون في المجال الاجتماعي بعض العائلات التي يبلغ 19 عدد أولادها. وقال باتاشارجي أن «تعقيم الذكور هو أفضل وسيلة للسيطرة على السكان. وإذا تم تعقيم الرجل، يفقد القدرة على صنع الاطفال حتى لو تزوج اربع او خمس مرات». وفي عيادة لتنظيم الأسرة في بالونغتالي، يحاول عاملون في المجال الاجتماعي بصعوبة توعية نساء الروهينغا اللواتي يرفضن استخدام وسائل منع الحمل. ووصلت سابورا، الأم لسبعة اولاد، حاملة ابنها الذي يبلغ عمره سنة ويعاني من نقص حاد على صعيدي الفيتامينات والمغذيات. وقالت لفرانس برس «تحدثت مع زوجي عن تدابير للحد من الولادات. لكنه لم يقتنع. أعطوه اثنين من الواقيات الذكرية. لكنه لم يستخدمهما». ورغم ان عودة اللاجئين إلى ولاية راخين البورمية ليست محتملة، أضافت «يقول زوجي إننا نحتاج إلى مزيد من الأولاد، لأننا نمتلك اراضي في بورما. فتأمين الطعام لهم لا يشكل قلقا». ولا ترى ميمونة التي انجبت أربعة أولاد حتى الآن، والحامل من جديد، مشكلة في امكانية انجاب مزيد من الأطفال، واصفة إياهم بأنهم «هبة من الله». فرحانة سلطانة الموظفة في التخطيط العائلي التي طرحت أسئلة على مئات الروهينغيات، تقول إن كثيرات أجبنها ان الاسلام لا يجيز تحديد النسل. وأضافت «في راخين، لا يذهبون إلى عيادات التخطيط العائلي، خوفا من أن تعطيهم السلطات البورمية أدوية تؤذيهم مع اولادهم». وتؤكد سلطانة أنها التقت امرأة في الخامسة والستين من عمرها، وبالتالي جدة، وعلى ذراعيها مولود جديد. وأوضحت «لقد دهشت. قالت لي إنها لا تستطيع ان تقول لا لزوجها». ولا يبقى للاجئين الروهينغا العالقين في مخيمات لا يستطيعون مغادرتها، والممنوعين من العمل في بنغلادش، إلا الجنس كنوع من «التسلية»، كما يقول ناشط حقوقي. وتساءل نور خان ليتون، مدير منظمة بنغلادشية غير حكومية، «هذه حياة كارثية.ماذا تفعل اذا كنت محصورا في منزلك، بعد غروب الشمس، ولا تستطيع ان تتحرك سنة بعد سنة؟». وأضاف «ينظر إلى الحمل أيضا على أنه حماية من الاغتصاب أو الاعتداءات. قال البعض لنا إن المرأة الحامل تتعرض أقل من سواها لاعتداءات الجنود او المهاجمين»، ملمحا بذلك إلى اخبار الاغتصاب الكثيرة في بورما كما يروي اللاجئون. الحكومة البورمية تحصد الحقول بدأت الحكومة البورمية بحصاد حقول الأرز في مناطق مزقتها أعمال العنف في شمال ولاية راخين، بحسب ما أعلنه مسؤول السبت، وهي خطوة يمكن ان تثير القلق بشأن احتمالات عودة اكثر من نصف مليون لاجئ فروا إلى بنغلادش هربا من العنف الاتني في المنطقة. وأفرغت المنطقة الحدودية من غالبية سكانها المسلمين منذ أواخر غشت عندما شن الجيش البورمي حملة قمع استهدفت المسلحين الروهينغا وصفتها الاممالمتحدة بأنها قد ترقى إلى «التطهير الاثني». وأحرقت مئات القرى وسويت بالارض، فيما فر اكثر من 600 الف من الروهينغا — مجموعة محرومة من الجنسية في بورما ذات الغالبية البوذية — عبر الحدود إلى بنغلادش. وتحت ضغط دولي كبير، وافقت بورما على إعادة لاجئين خضعوا «للتدقيق» ويمكن ان يثبتوا إقامتهم في راخين. لكن تفاصيل الخطة لا تزال غير واضحة، مما يثير القلق بشأن من يسمح لهم بالعودة، وما الذي سيعودون إليه وكيف سيعيشون في منطقة لا تزال فيها مشاعر العداء للروهينغا عالية جدا. وبدأت الحكومة السبت في حصاد 71 ألف فدان من حقول الارز في مونغداو – المنطقة ذات غالبية الروهينغا والتي شهدت أسوأ اعمال العنف – بحسب وسائل اعلام حكومية ومسؤول محلي.وقال ثين واي رئيس دائرة الزراعة في مونغداو لوكالة فرانس برس «بدأنا الحصاد اليوم في ممر قرية ميو هيو غيي». وأضاف «لا نعلم متى سيعود البنغاليون الذين فروا إلى الجانب الآخر» في إشارة إلى الروهينغا الذي يطلق عليهم تلك التسمية في بورما لتحقيرهم. وقالت صحيفة «غلوبال نيو لايت اوف ميانمار» الرسمية انه تم نقل عمال بالحافلات من مناطق أخرى في البلاد للمساعدة في الحصاد. تنفي بورما تهم «التطهير العرقي» وتدافع عن الحملة العسكرية كرد على هجوم مسلحي الروهينغا على مراكز للشرطة في اواخر غشت مما أدى إلى 10 قتلى على الاقل. لكن وسائل الاعلام ومجموعات حقوق الانسان والاممالمتحدة وثقت روايات متسقة من لاجئين روهينغا عن فظاعات ارتكبت على ايدي عناصر الامن البورميين، المتهمين بقتل مدنيين واغتصاب نسوة واحراق منازل. وأعرب خبراء في الأممالمتحدة الجمعة عن «قلق كبير» بعد التحدث إلى لاجئين في بنغلادش. والروايات التي سمعوها «تشير إلى نمط متسق ومنهجي لأعمال أدت إلى انتهاكات كبيرة لحقوق الانسان طاولت مئات آلاف الاشخاص»، بحسب مرزوقي داروسمان رئيس لجنة تقصي الحقائق. وأنشأت القيادية اونغ سان سو تشي التي تتولى الإدارة المدنية للدولة – وليس لديها نفوذ على الجيش القوي – لجنة للإشراف على إعادة اللاجئين إلى راخين، التي نزح منها عشرات الالاف من ابناء اقليات اخرى بسبب العنف. وبدأت عملية بناء المنازل لأقليات مثل «مرو» بحسب وسائل اعلام رسمية، فيما حثت حكومة سو تشي كبار رجال الاعمال على التبرع لجهود اعادة البناء. لكن المخاوف تتصاعد من إمكانية أن تؤدي إعادة النازحين إلى تهميش الروهينغا. وترفض بورما الاعتراف بالروهينغا كأقلية اثنية، مما يجعل أبناء هذه المجموعة وعددهم 1,1 مليون شخص محرومون من الجنسية. وينشر الجيش الرأي القائل بأن الروهينغا «بنغاليون» اجانب من بنغلادش، رغم أن عددا كبيرا منهم عاشوا في بورما لأجيال.