يواجه القضاة الفرنسيون الخميس مهمة شاقة تتمثل في محاكمة شقيق محمد مراح وشريك له بعد خمسة اسابيع من النقاشات المؤثرة، بين معاناة الضحايا والطابع الرمزي للمحاكمة ومضمون الملف بحد ذاته. وقال اوليفييه موريس محامي العسكري الذي قتله محمد مراح، أمام محكمة الجنايات في باريس "انها محاكمة خارجة عن المألوف، تشكل علامة في تاريخ الارهاب الفرنسي". من جهته، صرح سيمون كوهين محامي ضحايا قتلوا في مدرسة يهودية، لوكالة فرانس برس ان محاكمة عبد القادر مراح الاخ الاكبر لمحمد مراح "مشحونة بالمشاعر. لم يتم التعبير عن الألم فقط بل شعرنا فيه. الاصطدام بين العالمين لم يظهر فحسب بل انفجر". وغلب التوتر على المناقشات نظرا للطابع الفريد لأول محاكمة بعد الاعتداءات التي شهدتها فرنسا منذ 2012 وما يتوقعه الضحايا والرأي العام من القضاء. وقال كوهين ان "الرهان هو قدرة القضاء الديموقراطي على محاكمة ارهابيين بدون التضحية بالقانون". وأدت الانفعالات التي أثارتها روايات الضحايا والشهود إلى مزيد من التوتر في أجواء الجلسات المشحونة اصلا. وعبد القادر مراح ملاحق بتهمة المشاركة في جرائم شقيقه وبالاتفاق الجنائي الارهابي إلى جانب مهرب صغير يدعى عبد الفتاح ملكي. ومنذ اليوم الاول، خاض المحامي ايريك دوبون موريتي الذي يرافع عن مراح، وبعض محامي الاطراف المدنية معركة شرسة، اضطر رئيس المحكمة فرانك زينتارا للتدخل فيها لدعوتهم إلى الانضباط، من الشتائم إلى المقاطعة والتعبير بحركات الرفض. ويقول كوهين "الكرامة ليست الصمت وغياب الجدل. من الطبيعي ان يتم التعبير عن الانفعالات وان تتواجه الفرضيات. إنه دور قضاء ديمقراطي والنموذج الذي ندافع عنه"، وذلك ردا على زميله اوليفييه موريس الذي رأى أنه "عنف غير جدير بدخول قاعات المحكمة". وحتى قبل بدء جلسات المحاكمة، دان دوبون موريتي محاولة تدفيع موكله ثمن جرائم شقيقه الذي خصص الجزء الأكبر من الجلسات له. لكن ادوار مارسيال محامي فتاح ملكي رد في تصريح لفرانس برس "كيف يمكننا تجنب محاكمة محمد مراح عندما نتحدث عن براءة او مسؤولية المتهمين؟ كنا نعرف أنه أمر حتمي"، معتبرا ان النقاش حول الأدلة جرى فعلا. وأضاف "لا يستطيع احد القول ان حرية التعبير لم تكن كاملة". والوقائع التي تؤخذ على عبد القادر مراح تستند إلى دوره المفترض "كراع" عقائدي لشقيقه ومشاركته في سرقة دراجة نارية صغيرة وشراء السترة التي استخدمت خلال الاعتداءات. أما فتاح ملكي فملاحق لأنه أمن سلاحا وسترة واقية من الرصاص للقاتل. لكن لتكون جدية، يجب ان تفترض هذه الاتهامات ان المتهمين كانا على علم مسبق بخطط المنفذ، وهذا لم يتم اثباته رسميا خلال الجلسات. وبالنسبة لفتاح ملكي الذي كان واضحا انه ليس متشددا دينيا وأنه يطمع بالمال، يبدو الأمر محسوما. وقال مارسيال "تحدثوا كثيرا عن الاتفاق الجنائي وأخشى ان يكون وجود موكلي في قفص الاتهام مجرد إضافة تخدم الملف". ويبدو الدور الذي لعبه عبد القادر مراح أكثر خطورة بشكل واضح. فقد عرف عن نفسه بأنه مسلم "أصولي" وكانت كل أقواله وشهاداته تنضح بالتطرف. وتثير دروس الإعداد للجهاد التي كان يستمع إليها ورحلاته إلى مصر وقربه من شقيقه عند وقوع الهجمات وتبريره لسرقة الدراجة النارية تساؤلات ايضا. وقال شرطي في الجلسة "ليست هناك أدلة ضده بل حزمة مؤشرات". وأضاف "كما نتحدث عن قرينة الشك، يجب ان تكون هناك قرينة الدليل"، بينما ذكر زميله أن "القناعة الأخيرة" للقضاة هي المهمة في نهاية المطاف.