تم إقرار الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة القروية خلال المؤتمر الرابع لمجموعة من المنظمات غير الحكومية في بيكين سنة 1995. وفي سنة 1997 أصبح هذا الاحتفال ينظم من طرف القمة العالمية للمرأة يوم 15 أكتوبر من كل سنة. والهدف المتوخى من وراء الاحتفال باليوم العالمي للمرأة القروية، الذي ينظم في أكثر من 100 بلد في العالم، يمثل في " تقديم للمرأة القروية ولتنظيماتها إمكانية : رفع قيمة المرأة القروية، تحسيس الحكومات والشعوب بالدور الهام الذي تلعبه المرأة القروية " ويعتبر اليوم العالمي للمرأة القروية "مناسبة للاعتراف بالدور المتعدد الذي تلعبه المرأة القروية، التي تتشكل في أغلبيتها من الفلاحات والمقاولات الصغيرة… ".
تتوزع حياتها على ثلاث جبهات: البيت حيث تنجز الأشغال المنزلية وتتعهد الأبناء بالرعاية والتربية، والحقل حيث تشارك الرجل في العمل الفلاحي، والسوق حيث تتولى بنفسها تسويق المحصول. إنها المرأة القروية التي تحتفي بها الأممالمتحدة في 15 أكتوبر من كل عام بمناسبة اليوم الدولي للمرأة القروية. ويسلط هذا اليوم الضوء على النضال اليومي لهؤلاء النسوة في سبيل توفير لقمة العيش لأنفسهن ولأسرهن في ظل معاناتهن من تمييز متعدد الأوجه ومن الاستغلال الاقتصادي ومن محدودية الاعتراف بإسهاماتهن المتعددة . وقد اختارت المنظمة هذه السنة، من أجل لفت الانتباه إلى وضعية هؤلاء النسوة اللواتي لا تقل إنتاجيتهن عن إنتاجية الرجال، دون أن يحظين مع ذلك بما يكفي من الاعتراف والتقدير ، كشعار لهذا اليوم الدولي «الزراعة المتكيفة مع المناخ من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات القرويات: التحديات والفرص». ولعل الإحصاءات في هذا الباب بالغة الدلالة، فالنساء يمثلن 43 في المائة من اليد العاملة في القطاع الفلاحي، حيث ينجزن نفس الأعمال التي يقوم بها الرجال «تربية الحيوانات وتعهد المحاصيل وتسويقها»، إلى جانب عملهن في المنزل، وهو عمل في الظل لا يتلقين عنه أي مقابل. إلا أنهن يعانين التهميش بشكل كبير مقارنة بالرجال من حيث الوصول إلى وسائل الإنتاج، والخدمات العامة مثل التعليم والصحة وخدمات المياه والصرف الصحي. ويسود التمييز القائم على النوع جميع أنحاء العالم، لكنه أكثر تفشيا في بلدان الجنوب وفي إفريقيا حيث تشكل النساء 70 في المائة من اليد العاملة في القطاع الفلاحي. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، فإن تحقيق المساواة بين الجنسين من حيث الحصول على الأراضي ووسائل الإنتاج والمعلومات والتمويل سيساعد إفريقيا على زيادة الإنتاج الفلاحي بنسبة 20 في المائة. ومن شأن هذه المساواة أيضا أن تمكن النساء، فضلا عن الرجال، من اعتماد تقنيات واستراتيجيات قابلة للتكيف مع تغير المناخ لضمان استمرارية الإنتاج. ذلك أن ضمان المساواة في الحصول على الأراضي وباقي موارد الإنتاج يكفل تحقيق المساواة بين الجنسين والأمن الغذائي وتدبير تقلبات المناخ. فالتغيرات المناخية تضاعف معاناة النساء، إذ تسهم في تعقيد وصولهن -المحدود في الأصل- إلى التكنولوجيا وإلى الملكية والتمويل بأسعار معقولة والمياه والطاقة والبنى التحتية والخدمات المتصلة باستغلال الأراضي. وفي خضم كل هذه العقبات، وزيادة أعباء العمل وهيمنة الذكور، لا خيار أمام المرأة القروية إلا أن تواصل نضالها من أجل رفاه أسرتها وضمان الأمن الغذائي للمجتمع، والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي الذي لا تستفيد من ثماره إلا فيما ندر. على الصعيد الوطني، ظلت جهود التنمية القروية التي تركز على المشاكل الاقتصادية والتدابير الرامية إلى زيادة الإنتاج الزراعي، منذ فجر الاستقلال، موجهة أساسا إلى الرجال . ويبدو أن هذه المقاربة قد تم تجاوزها، حيث باتت السلطات العمومية والمجتمع يقدران المساهمات الاجتماعية والاقتصادية للمرأة القروية. وهكذا أصبحت الجهود تركز على تمكين المرأة القروية وتعزيز قدرتها على تدبير إنتاجها وتثمينه وتسويقه، وبالتالي إدماجها بشكل أفضل في النسيج الاقتصادي والاجتماعي . وقد مكنت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ إطلاقها سنة 2005، من إحراز تقدم في هذا المجال بتشجيع المرأة القروية، من خلال تقديم الدعم المالي واللوجستي والمعنوي، على الانخراط في أنشطة مدرة للدخل -لا سيما في إطار تعاونيات -، مما ساعد على انتشال آلاف النساء من براثن الفقر والهشاشة والإقصاء. كما أصبحت قضية النهوض بالمرأة القروية وتمكينها اقتصاديا تحتل مكانة مركزية في الاستراتيجيات والبرامج الحكومية «الخطة الحكومية للمساواة «إكرام»، والبرنامج المتعدد القطاعات لمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي من خلال تمكين النساء والفتيات في المغرب «تمكين»، ومخطط المغرب الأخضر، وصندوق التنمية الفلاحية، وصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية… «. وعلى الرغم من هذه الإنجازات، لا تزال وضعية هؤلاء النساء في حاجة إلى أن تتحسن . ذلك أن أكثر من سبع نساء من بين كل عشر نساء «71.8 في المائة» في الوسط القروي يعانين من الأمية، مقارنة بحوالي أربع نساء من أصل عشر «39.9 في المائة» في المناطق الحضرية، وفقا لتقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط حول «المرأة المغربية وسوق العمل: الخصائص والتطور «، نشر سنة 2014 . وحسب التقرير، تصل حصة المرأة في العمل غير مدفوع الأجر إلى 73.8 في المائة في المناطق القروية، منها 73.6 في المائة من النساء يشتغلن أساسا في الأنشطة الفلاحية، مقابل 4.9 في المائة في المناطق الحضرية. وهذا الواقع يؤكد أنه يتعين بذل مزيد من الجهود على مختلف المستويات لإعطاء المرأة مكانتها المستحقة ضمن النسيج الاجتماعي والاقتصادي، بدءا بالتحسيس والتوعية، وهو مجال يتعين أن تضطلع فيه وسائل الإعلام بدور محوري، لإبراز المساهمات القيمة التي تقدمها جنديات الخفاء دون مقابل، مكرسات حياتهن بتفان ونكران ذات لخدمة أسرهن وخدمة المجتمع.
لاتنمية قروية دون رفع الحيف عن المرأة سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلال انعقاد دورته العادية السبعين ، التأكيد ضمن تقريره حول "تنمية العالم القروي: تحديات وآفاق "، على أن "الرؤية التنموية" المقترحة ينبغي "أن تستهدف كل مسارات التنمية الترابية المتمثلة في الجهة والإقليم والجماعة القروية"، موصيا ب"إعداد رؤية وطنية جديدة في أفق 2030 ثم 2050، تروم تنمية العالم القروي والمناطق الجبلية، وتدمج الأبعاد البشرية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية". وبالنظر للمكانة المحورية / الحساسة لحضور المرأة "داخل المجتمع القروي" ، دعا المجلس إلى "تفعيل المقاربة المندمجة للمساواة إمرأة- رجل في سياسة التنمية القروية واتخاذ إجراءات إيجابية من أجل تمكين المرأة القروية من رفع العوائق البنيوية والثقافية والقضاء على الممارسات التمييزية "لامساواة، وضع المرأة داخل الأسرة والمجتمع، المشاركة في اتخاذ القرار، الحق في الولوج إلى الملكية والأراضي السلالية، الزيجات المبكرة للفتيات القرويات، العمل المنزلي للأطفال، استغلال النساء العاملات، ظروف النقل". كما شدد التقرير، أيضا، على "ضمان ولوج أفضل للساكنة القروية – دون تمييز بين المرأة والرجل – للخدمات الاجتماعية والبنيات التحتية وتقوية دينامية الاقتصاد القروي وحماية وتتثمين الموارد الطبيعية".