يعد كتاب »أدب المقاومة.. المفاهيم والمعطيات« محاولة جادة من الكاتب الروائي السيد نجم لرصد وتوثيق مصطلح يقع بين المفهوم الأدبي والسياسي معاً، خصوصاً مع تلك المرحلة التي تمر بها الأمة العربية الآن. ويوثق تنظيرياً لمفهوم المقاومة من حيث موضوعات ومحاور مفهوم المقاومة: »الهوية - الحرية - الآخر العدواني في التجارب الكبرى للشعوب«. وأدب المقاومة تحديداً يتمثل في تجربة الحرب وتجربة الثورة، مع إذكاء مفاهيم وقيم الانتماء والهوية والحرية، وكل تجارب الدفاع عن الحياة، الحياة الفضلى التي تعلي من شأن الإنسان. ولعل هذا الكتاب هو الأول من نوعه، إذ ارتكز على تقديم التعريفات وتحليلها في مجال التنظير لأدب المقاومة. كما يسعى للإجابة عن هذا الأدب، ومحددات المقاومة من مفاهيم: »الهوية والحرية والآخر العدواني والانتماء«، ويرى الكاتب أن »رصد التاريخ النضالي للإنسان وحده، هو القادر على كشف الحقائق، وبيان حكمة الوجود الإنساني. إلا أن هذا التاريخ لم يسجل بعد، فقد حرص الحكام قديماً على تاريخهم الشخصي، فأرّخ لهم المؤرخون، وبدماء العامة من الناس، خطّوا سطور تلك الصراعات والبطولات بأسماء الملوك والحكام، وتعد سمة المقاومة المرتكزة على الوعي الجمعي، هي أبرز السمات التي يمكن رصدها في تاريخ الجماعات والدول والأمم، لبيان وكشف جوهر العقل والوجدان الفردي والجمعي خلال فترة زمنية ما، طوال تاريخ الإنسان على الأرض«. ويوضح نجم أن الأدب وكل الفنون تعد وسيلة ناجعة وقادرة على توطيد الذات الجمعية في مواجهة العدوان، كما تؤدي دورها في كشف الآخر العدواني، وإبراز ما يبعث به من أفكار ويمارسه من أفعال، حتى يتسنى مواجهته. وهو القادر على كشف هول تجارب القهر والاضطهاد والاستغلال والاستبداد والإفساد، فيثور المرء عليها ويواجهها ب»الثورة«، ويبرز التجربة الحربية »الحرب« وإبراز قسوتها، ومن ثم بحث إمكانية وضرورة تجاوزها، مع مواجهاتها أو ممارستها إن لزم الأمر. ويشير إلى أنه نظراً إلى قصور كل التقنيات للوصول إلى أغوار النفس البشرية التي هي جوهر اهتمام الأدب والفنون، يصبح أدب المقاومة في موقع متقدم بين المنجزات الإنسانية في الكشف عن حقيقة جوهر »الوجود« بالمعنى الفلسفي، كما يعد أدب المقاومة وثيقة بمعنى ما، يمكن الرجوع إليها، وهو الباقي دوماً وقت أن يذهب الجميع. لكل تلك الأسباب يعد »أدب المقاومة« أدباً إنسانياً، موضوعه وهدفه الإنسان. ويلفت نجم إلى أنه حان الوقت الآن إلى تصحيح الخطأ الشائع بالخلط بين »أدب المقاومة« و»أدب الحرب«، فأدب الحرب معني بالدرجة الأولى بالتعبير عن التجربة الحربية (المعاشة)، بينما أدب المقاومة أعم وأشمل، ويضم كل التجارب المعنية بمقاومة فساد وقهر واحتلال واستبداد ما، وهو الأدب المحفز على البناء والتحول الاجتماعي الأفضل.