أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرته الخاصة بالعقوبات البديلة، مقدما مقترحات لإصلاح المنظومة الجنائية بناء على أشغال ندوتين دوليتين حول العقوبات البديلة والسياسات الجنائية وآثارها على الأنظمة العقابية. وأشارت المذكرة إلى أن »السياسات المتبعة لا تمكن من احتواء تزايد الإجرام«، وأنه من أجل احتواء ظاهرة اكتظاظ السجون، فإنه »لا يمكن للمغرب أن يحافظ على هذا المستوى المرتفع من نسبة السجناء سواء على المستوى المالي أو الاجتماعي«، مضيفة أن الاكتظاظ السجني هو في كثير من الأحيان »نتاج لجوانب القصور في نظام العدالة الجنائية كمساطر التحقيق المطولة ومحدودة الفعالية إضافة إلى ضعف مرافق المتابعة، ومحدودية الموارد المتوفرة للمحاكم«، ما يساهم باكتظاظ القضايا الرائجة أمام المحاكم والتأخير غير المقبول لتحقيقات والانطلاق المتأخر للمحاكمة، والتأجيل المتكرر والتأخير، واصفة إياها »بعناصر يمكن أن تشكل عوامل تساهم في أزمة الاعتقال الاحتياطي«. ووصل عدد نزلاء المؤسسات السجنية بالمغرب سنة 2011 إلى 65 ألفا، أي نزيلان لكل ألف مواطن و200 نزيل لكل 100 ألف مواطن، وهي نسبة قارنتها مذكرة المجلس مع دول لها نقاط التقاء جغرافي وثقافي مع المغرب كالجزائر وليبيا ليتضح ارتفاع النسبة بالمغرب. ففي الجزائر تبلغ نسبة النزلاء 110 لكل 100 ألف نسمة، وفي ليبيا 173 لكل 100 ألف. ودعا المجلس إلى تجنيب أكثر من نصف النزلاء الموجودين حاليا في السجون دخول الزنزانة من خلال تقنيات جديدة للمراقبة القضائية كبديل عن الاعتقال الاحتياطي، وعقوبات بديلة عن السجن خاصة في حالات الجنح البسيطة. فحوالي 20 في المئة من المعتقلين الاحتياطيين يغادرون بالبراءة، 3000 يحكم عليهم بمدد قصيرة لا تتجاوز 6 أشهر، وهو ما يعني أن 21 ألف مغربي يدخلون السجن سنويا يمكن تجنيبهم ذلك، فضلا عن 15 ألف سجين تتجاوز عقوبتهم 6 أشهر لكنها تبقى جنحا بسيطة. وقدّمت المذكرة أمثلة عن هذه الحالات قائلة إن »78 شخصا تم الحكم عليهم في قضايا تسول وتشرد، و364 في قضايا للهجرة السرية، وقرابة 1700 شخص أدينوا خلال عام واحد بسبب استهلاك المخدرات«. وأوصت المذكرة بتعديل المقتضيات القانونية التي تجرم وتعاقب على مثل هذه المخالفات، خاصة منها التسول والتشرد والإدمان على المخدرات. حيث يمكن استبدال المقاربة الزجرية بأخرى إدماجية، ليكون مجموع الأشخاص الذين كان يمكن تجنب إيداعهم السجن حوالي 36 ألفا، وهو ما يفوق نصف إجمالي عدد النزلاء. كما أشار المجلس إلى أن مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة قد أورد في دليله حول المبادئ الأساسية والممارسات الواعدة في مجال بدائل العقوبات السالبة للحرية أن »الاحتجاز يؤدي بالضرورة إلى سلب الحرية، وفي الممارسة قد يؤدي بشكل منتظم إلى المساس بعدد من حقوق الإنسان. ففي عدد من البلدان، يتم حرمان النزلاء من أي وسيلة للراحة، ويعيشون في زنازن مكتظة، ويتم إلباسهم وتغذيتهم بشكل غير كاف أو ملائم. ويتعرضون بشكل خاص للأمراض، ويتم علاجهم بشكل سيء، ويصعب عليهم إبقاء الاتصال بأبنائهم وأقاربهم. وهذه الشروط يمكن أن تجعل حياتهم في خطر«. وأوصت مذكرة المجلس أيضا بتعديل القانون الجنائي بشكل يعطي بعض الفئات الأولوية في الاستفادة من هذه العقوبات البديلة، لا سيما القاصرين المتراوحة أعمارهم بين 12 و18 سنة، والمسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة أثناء قيامهم بالجريمة أو الأشخاص الذين أثبتت الخبرة الطبية إصابتهم بأمراض خطيرة، والنساء الحوامل والأمهات المرضعات. عن «القدس العربي»