صدرت في تونس التّرجمة العربيّة للأعمال الشعرية الكاملة للشّاعر الرئيس السنغالي الأسبق، ليوبولد سيدار سنغور، عن الدّار التونسيّة للكتاب. وقد قام بهذه المغامرة الشّاعر والرّوائي التونسي جمال الجلاصي، الذي سبق وترجم رواية »السّيد الرئيس« للغواتيمالي ميجال انجل أستورياس، الحائز على جائزة نوبل للآداب ورواية »إضراب الشّحّاذين« للسّنغالية أمنيتا ساو فال، الحائزة على الجائزة الكبرى للأدب الإفريقي. ولد ليوبولد سيدار سنجور العام 1906 في مدينة شاطئية صغيرة تقع جنوب العاصمة داكار. وهو ينتمي إلى قبيلة قريبة جدا من الطبيعة، إحيائية ومسيحية في آن واحد، بمعنى أنه تختلط في عقائدها العناصر الإحيائية والعناصر المسيحية. والإحيائية هي أقدم الديانات الأفريقية. وهي تعتقد بوجود روح أو قوة حيوية تحرك جميع الكائنات الحية، وكذلك تحرك عناصر الطبيعة كالحجارة والريح. تخطت شهرة سنجور حدود السينغال، ووصلت إلى العالم أجمع. وربما كان ذلك عائدا إلى أنه يكتب بلغة عالمية حية وواسعة الانتشار، وهي اللغة الفرنسية. لكنه كان يعبر عن أعماق الشخصية الزنجية الأفريقية. واستخدامه للغة الفرنسية لم يكن تبعيّة للاستعمار، كما ظنّ بعضهم، إنما عن تعلق بهذه اللغة، التي كتب بها كبار الفلاسفة والأدباء والشعراء على مدار التاريخ. فالجزائري كاتب ياسين كان أيضاً ضد الاستعمار، لكن هذا لم يمنعه من كتابة أعمال أدبية رائعة بلغة فولتير وفيكتور هيغو وروسو ومنتسكيو. وكان يعتبر اللغة الفرنسية بمثابة »غنيمة« غنمناها من المستعمر! ومن أهم دواوين سنجور نذكر: أغنيات الظل، وقرابين سوداء، ومراثي كبرى، وأثيوبيات وليليّات. ومن كتبه النظرية أو الفكرية نذكر: مختارات من الشعر الزنجي والملاغاشي الجديد باللغة الفرنسية، ثم الخصوصية الزنجية والنزعة الإنسانية، ثم الأمة والطريق الأفريقي إلى الاشتراكية، ثم الخصوصية الزنجية والحضارة الكونية، ثم حوار الثقافات. حصل سنجور على عدد كبير من الأوسمة والجوائز الأدبيّة من بينها الجائزة العالميّة الكبرى للشعر من جمعية شعراء وفنّاني اللغة الفرنسيّة سنة 1963، والجائزة الأدبيّة للأكاديمية الدّولية للفنون والآداب بروما 1969. جائزة غيوم آبولينار 1974، جائزة سينوديل دوكا 1978 جائزة ألفريد دي فني 1981، جائزة الدولة للأسد الذّهبي فرنسا 1986. كما مُنح شهادات دكتوراه فخرية من 37 جامعة. انتُخب عضوا في الأكاديمية الفرنسيّة في 2 يونيو 1983. يقول المترجم والأديب جمال الجلاصي عن هذا الكتاب: لقد قضّيت قرابة الأربع سنوات في رحاب أفريقيا، وفي رحاب شاعر عميق إنساني يعتبر الأدب وسيلة لردم الحفر التي تفصل بين الأجناس والعقائد. فسنجور يكتب كي يعبّر عن الإنسانيّ المشترك عن السّلام والإخاء، وقد حفر عميقا في بيئته المحليّة وفي ذاكرته الجماعية كي يصل إلى الإنسان. إنّها سنوات من المتعة والتّعب اللّذيذ وقد كانت التّرجمة سببا لعقد صداقات مع أدباء سنغاليين قدّموا لي خدمات جليلة وأضاؤوا لي مناطق غامضة بلغة الولوف، حيث يستعمل سنغور مفردات محلّية للتّعبير عن المناخ الشّعري الخاص، وقد أسّس بذلك مدرسة »الزّنوجة«، أو ما سمّي »الخصوصيّة الزّنجية«، هذا المفهوم الذي أسّس له صحبة رفيق دربه »إيمي سيزار« الذي سيكون مشروعي القادم في التّرجمة. « جدير بالذكر أن هذه التّرجمة تعتبر إضافة نوعيّة للمكتبة العربيّة، حيث ترجم سنجور إلى أغلب لغات العالم ويدرّس شعره في أكبر الجامعات.