بالفعل دخل القيصر فى جولة شرسة جديدة ضد الولاياتالمتحدة و الغرب بعد فرض الولاياتالمتحدةالأمريكية عقوبات ضد قطاع النفط الروسي، حيث حظرت على روسيا استيراد المعدات الخاصة باستخراج النفط في المناطق الصعبة، فى الوقت الذى كانت تأمل فيه روسيا الحصول على تلك المعدات الضخمة لكى تتمكن من استخراج النفط الإضافي خلال السنوات العشرين القادمة، و أتت العقوبة الأمريكية بعد عقوبات الاتحاد الأوروبي الذي سبق أن حظر على روسيا استيراد الوسائل التكنولوجية الخاصة باستخراج النفط من المياه العميقة، والتنقيب في منطقة الجرف القاري في المنطقة القطبية الشمالية و استكشاف احتياطات النفط الصخري . فجاء الرد من الرئيس الروسى « فلاديمير بوتين « بحظر أستيراد المواد الغذائية من الاتحاد الاوربى و الولاياتالمتحدة، و هو الامر الذى سيعرضهم لخسائر قد تقدر ب 12 مليار يورو، و بتأكيد ذلك الحظر سيؤثر فى المقام الاول على دول الاتحاد الأوروبي أكثر من الولاياتالمتحدة لكونها المُصدر الأول للمنتجات الغذائية لروسيا . فروسيا تستورد من أوروبا 31.5% من اللحوم، و 42.6% من مشتقات الحليب، و32% من الفواكه و الخضار . و بدئت موسكو تنظر للبدائل فى دول اسيا و أمريكا الاتينية و هنا كان الشرق الاوسط فى الخاطر و كان الزمن حاضر، فبالتزامن مع تلك الجولة الشرسة بين القيصر و رعاة البقر، جائت زيارة الرئيس المصرى « عبد الفتاح السيسى « الى روسيا بعد زيارة هامة للمملكة العربية السعودية رسم فيها كلا من الرئيس « عبد الفتاح السيسي « و الملك « عبد الله بن عبد العزيز « أطال الله فى عمره، خطوط مستقبل المنطقة، فى ظل ما تعيشه المنطقة من أجواء مليئة بالمخاطر التى تهدد أستقراره . فلقاء « فلاديمير بوتين « و « عبد الفتاح السيسى « وجه أكثر من رسالة للغرب بداية بأستقبال طائرة الرئيس المصرى بسرب من المقاتلات الجوية الروسية بعد دخولها المجال الجوى الروسى مباشرة فى سابقة هى الاولى من نوعها . فروسيا الاتحادية تعمدت كسر كل قواعد البروتكول الرسمية، و أبتكرت خيال جديد فى كل صورة او حركة او مكان أستضاف الرئيسان، فعقب مراسم الاستقبال التي تضمنت استعراض الرئيس لحرس الشرف وعزف السلام الوطني للبلدين، تفقد كلا الرئيسان عددًا من المعدات والتقنيات العسكرية داخل ساحة المطار، ثم توجه إلى مجمع لأورا بمبنى استاد البياتلون، حيث كان في استقباله الرئيس الروسي « فلاديمير بوتين «، ثم قام الرئيسان بزيارة قصيرة إلى منطقة روزا خوتر السياحية، تناولا خلالها الشاي في أحد المقاهي قبل التوجه بالمروحية إلى قصر بوتشاروف روتشييه مقر إقامة الرئيس الروسي، حيث عقد الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية، تلتها مباحثات موسعة على مأدبة غداء أقامها الرئيس الروسي تكريمًا للرئيس والوفد المرافق له، ثم توجه الرئيسان عقب ذلك إلى مرسى الفرقاطة «موسكو» التابعة لأسطول البحر الأسود الروسي، حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس . فهذه كانت أبرز مشاهد لقاء « بوتين « و « السيسى « و النتائج المعلنة كانت كالاتى و البداية كانت ردا على الغرب بزيادة الصادرات الزراعية المصرية الى روسيا بنسبة 30% و التوجه نحو أسواق منتجات الغذاء المصرية . و عسكريا أعلنت موسكو بدء تسليم السلاح الروسى عالى التقنية للقوات المسلحة المصرية، و من بينها مقاتلات من طراز «ميج-29» وكذلك أنظمة صواريخ كورنيت المضادة للدبابات والمروحيات الهجومية كاموف كا-25، و ميل مي-28، ومي-25. و تجاريا انشاء منطقة حرة و صناعية مع مجموعة الاتحاد الجمركى التى تضم كلا من روسيا و كازخستان و بيلاروسيا . ثم الاتفاق على عودة السياحة الروسية الى مصر بكامل طاقتها . و فى الشأن السياسى أكدت روسيا على دور مصر و المبادرة المصرية لانهاء العدوان الصهيونى على قطاع غزة . و تنسيق روسى مصرى كامل بشأن الملف الليبى المتفجر . و الاتفاق على حل الازمة السورية دون أى تدخل أجنبى، و دعم حكومة الوفاق الوطنى فى العراق برئاسة الدكتور « حيدر بغدادى « . لقد أنتهت زيارة الرئيس المصرى لروسيا التى أستمرت 48 ساعة، و لكن لم تنتهى ثمار تلك الزيارة، و سيرى الجميع الحصاد الحقيقى لتلك الزيارة فى المستقبل القريب، و ستتضح أهدافها الاستراتيجية و العسكرية الحاسمة على الملفات المتفجرة بالشرق الاوسط قريبا . بالفعل كانت 48 ساعة هامة لكلا الطرفين المصرى و الروسى فى صراعه مع الغرب، سواء للقيصر و صراعه مع رعاة البقر، او للعُقاب الذهبى و صراعه مع من يراعهم راعى البقر فى أقليم الشرق الاوسط . ثم جائت ال 48 ساعة الملاحقة لتلك الزيارة بأهمية كبيرة أيضا، حيث أعلن « أناتولي إيسايكين « المدير العام لشركة تصدير الأسلحة الروسية روس أوبورون أكسبورت التي تدير 80% من صادرات روسيا من الأسلحة، بأن البحرين أصبحت أول دولة أجنبية تعاقدت على شراء صواريخ «كورنيت أ أم» المضادة للدبابات، و هذا التعاون ليس وليد الصدفة أو تلك اللحظة، و لكن جاء تتويجا لجهود صاحب السمو الملكي الأمير « سلمان بن حمد آل خليفة « ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، و اللواء ركن بحري « يوسف احمد مال الله « مدير التخطيط والتنظيم، بعد أتفاقيتهم مع الجانب الروسى بنهاية شهر أبريل من العام الحالى بتزويد مملكة البحرين بمنظومات دفاعية متطورة . ثم تصريح « أناتولي إيسايكين « لوكالة أنباء إيتار تاس بإن شركته تنوي إجراء مباحثات للتعاون مع مجموعة توازن القابضة الإماراتية خلال معرض أوبورون أكسبو 2014 الذي انطلق بمدينة جوكوفسكي بضواحي موسكو، للتعاون مع الإمارات العربية المتحدة لإنتاج ألاسلحة . جدير بالذكر أن كلا من « سيرجى كيريينكو « رئيس مؤسسة الطاقة الذرية بروسيا و معالى « محمد بن ظاعن الهاملى « وزير الطاقة الإماراتى عقدا اتفاقية لتزويد أول محطة إماراتية للطاقة النووية باليورانيوم فى براكه منذ أشهر، و تستمر الامارات فى تحركها على أساس رؤية أستراتيجية سليمة لمستقبل الطاقة و أحتياجتها . و أخِيرًا و ليس آخِرًا يعود « سيرغي كيريينكو « مجددا لمشهد التعاون العربى الروسى النووى ليعلن عن عزم روسيا و المملكة العربية السعودية لتوقيع اتفاقية حكومية بخصوص التعاون النووى و بناء محطات الطاقة النووية . كل تلك الاحداث و المشاهد كافية لتغيير شكل خريطة المنطقة أقتصاديا و عسكريا و سياسيا، و لذلك يوم زيارة الرئيس « السيسى « لروسيا، جاء تصريح الخارجية الامريكية بأن علاقاتنا مع مصر مازالت أيجابية، بالتزامن مع بث سموم ( تقارير ) منظمة هيومن رايتس أو منظمة حقوق أخوان الصهاينة أن صح التعبير، ثم قيام عناصر جماعة الاخوان بأحداث فوضى بمصر . فيبدو أن الولاياتالمتحدة لن تتعظ سوى بتصدير ربيع الفوضى اليها . حقيقة الامر القيصر كل يوم يثبت حجر جديد بالشرق، و الدب الروسى الذى سئم طيلة عقود أنحصرت فيه تحركاته بين جبال الثلج و برارى روسيا فقط، عاد يصولُ ويجولُ مجددا، و صار الشرق الان أكثر دفئاً له . نقلا عن بوابة افريقيا الاخبارية . المحلل السياسى بمركز التيار الحر للدراسات الاستراتيجية و السياسية [email protected]