بعد إسقاط عضوية مقعد برلماني من طرف المحكمة الدستورية قضت المحكمة الدستورية في قرارها عدد 17/32 م . إ الصادر يوم الثلاثاء 22 غشت الجاري بإلغاء المقعد البرلماني الذي كان يشغله محمد كريمين عن حزب الاستقلال بالدائرة المحلية بنسليمان (إقليم بنسليمان) المخصص لها ثلاثة مقاعد. ويأتي قرار الحكم هذا، إثر الطعن الذي تقدم به كل من كريم الزيادي ( حزب التقدم والاشتراكي) وسعيد الزيدي (مرشح لا منتمي)، بصفتهما مرشحين للانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر 2016 بنفس الدائرة، حيث استندت هذه الأخيرة في حكمها على مجموعة من الأدلة والمآخذ التي تخالف أحكام الدستور والقوانين التنظيمية للانتخابات التشريعية، بعد اطلاعها على المستندات والوثائق التي أدلى بها الطاعنان وكذا بعد الاطلاع على المذكرات الجوابية للمطعون فيه. ويتلخص مأخذ الدعوى في كون المطعون في انتخابه قام بتوزيع منشورات انتخابية تضمنت صورته بمفرده، دون الإشارة إلى كونه وكيل لائحة الترشيح،ودون ذكر أسماء باقي المترشحين باللائحة المعنية وترتيبهم، موهما الناخبين أن نمط الاقتراع فردي وليس لائحي، وأنه قام بذلك بجماعة بنسليمان و جماعة بوزنيقة، مما شكل مناورة تدليسية، وأثر على نتيجة الاقتراع لفائدة المطعون في انتخابه. مما يخالف أحكام المادة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب التي تنص على أن انتخاب أعضائه يتم عن طريق الاقتراع باللائحة الذي يستوجب، بالنظر لطبيعته ومراعاة لمبدإ الشفافية وتكافؤ الفرص، أن يتعرف الناخبون على صور جميع المترشحين والبيانات المتعلقة بهم، وأن المادة 23 من القانون التنظيمي المذكور تنص على أنه يجب أن «تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح عددا من الأسماء يعادل عدد المقاعد الواجب شغلها». وكان الطاعنان قد أدليا بمحضر معاينة منجز من قبل مفوض قضائي بتاريخ 20 أكتوبر 2016 ، وبإعلانين انتخابيين خاصين بالمطعون في انتخابه، يعرفان به وحده دون باقي المترشحين في لائحة ترشيحه، وبقرص مدمج يتضمن شريطا للقاء انتخابي تظهر فيه إعلانات انتخابية تعرف بالمطعون في انتخابه وحده. وبما أن هذا الأخير لم يدل في مذكرته الجوابية بما يثبت أنه وزع إعلانا انتخابيا يتضمن صور وأسماء جميع المترشحين في لائحة ترشيحه، حيث اعتبرت المحكمة الدستورية أن ما قام به المطعون فيه في دعايته الانتخابية يعد مناورة تدليسية هدفها إخفاء صور وبيانات باقي المترشحين للتأثير على إرادة الناخبين، ويشكل، بالتالي، إخلالا بصدقية وشفافية الاقتراع. ولذلك فقد قضت نفس المحكمة بإلغاء انتخاب السيد محمد كريمن عضوا بمجلس النواب على إثر الاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر 2016 بالدائرة الانتخابية المحلية «بنسليمان» (إقليم بنسليمان)، وتأمر بتنظيم انتخابات جزئية في هذه الدائرة بخصوص المقعد الذي كان يشغله عملا بمقتضيات المادة 91 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب. وبإلغاء المقعد البرلماني لحزب الاستقلال عن الانتخابات التشريعية 7 أكتوبر 2016 يكون إقليم بنسليمان قد بقي «وفيا» لنهجه في مواصلته للريادة في إفساد العمليات الانتخابية وتحطيمه للرقم القياسي في إعادتها عدة مرات، حيث يعتبر الإلغاء الأخير للمقعد البرلماني بدائرة بنسليمان هو الخامس من نوعه منذ انطلاق مسلسل الانتخابات التشريعية سنة 1977، وذلك إما عن طريق تدخل السلطات بتزوير إرادة المواطنين أو تورط بعض المرشحين في إفساد العمليات الانتخابية. وكانت أول عملية لإعادة الانتخابات التشريعية بالمغرب هي تلك التي عرفها إقليم بنسليمان سنة 1994، بعد تدخل الإدارة وتزوير الانتخابات التشريعية لسنة 1993، وتغيير إرادة المواطنين الذين صوتوا بكثافة ووضعوا ثقتهم في المرحوم أحمد الزيدي بدائرة بوزنيقة. كما تمت إعادتها للمرة الثانية سنة 1997 بدائرة المذاكرة إثر تسريب الورقة الفريدة من صناديق الاقتراع. ليواصل الإقليم مساره من جديد في تزوير الانتخابات التشريعية لسنة 2002 إثر تدخل السلطات المفضوح، وفرض إرادتها لإنجاح صهر الوزير الأسبق في الداخلية المرحوم إدريس البصري حيث تمت إعادتها للمرة الثالثة بعد الطعن الذي تقدم به بعض المرشحين آنذاك. أما المرة الرابعة التي ستعاد فيها الانتخابات البرلمانية فكانت سنة 2007 بعد أن تم الطعن في نتائجها إثر ضبط شيك مقدم من طرف أحد المترشحين كان الغرض منه هو شراء أصوات الناخبين خلال الانتخابات المذكورة. أما المرة الخامسة التي ستعاد في الانتخابات التشريعية بنفس الإقليم فهي التي تم الإعلان عنها مؤخرا من طرف المحكمة الدستورية. وبذلك يمكن أن نعتبر أن إقليم بنسليمان قد دخل كتاب غينيس في تحطيم الرقم القياسي وإعادة الانتخابات البرلمانية خمس مرات من أصل ثمان ولايات برلمانية عرفها المغرب.