أجمع المشاركون في ورشة نظمت بتونس، حول التصدي لخطاب الكراهية في وسائل الإعلام، أن مهنة الصحافة في المنطقة المغاربية، تتعرض لأخطار رهيبة، جراء تظافر عدة أسباب، أهمها المشاكل الاقتصادية التي تعيشها المقاولات، بالضغط المالي الذي تثيره، وتكاثر المواقع الرقمية، دون أن تتوفر على أية مؤهلات مهنية وتنظيمية ومالية، وخضوعها لمنطق الربح والسوق والتوسع والانتشار، ولو على حساب الأخلاقيات، ولجوء السياسيين ومختلف اللوبيات إلى خدمات الإعلام والشبكات الاجتماعية، لنشر الدعاية، في الكثير من الأحيان، دون ضوابط أخلاقية. وتساءل أحد المشاركين من تونس، في هذه الورشة، التي انطلقت أمس وتنتهي اليوم، هل نمارس صحافة ثورة، بكل تداعياتها وتبعاتها، من تهجمات وتصفية حسابات وحملات… أم ينبغي أن نمارس الصحافة، فقط، أي طبقاً للمعايير الكونية لهذه المهنة؟ ونفس الهاجس عَبّر عنه مشاركون من ليبيا، سجلوا كيف تحولت الصحافة والإعلام، أداة في يد العشائر والقبائل والميليشيات، بالإضافة إلى الدور الكبير للشبكات الاجتماعية، في هذه المحاصصة. وسجل صحافيون جزائريون مشاركون في هذه الورشة، المنظمة من طرف الفيدرالية الدولية للصحافيين، أَن هناك فوضى في تنظيم المهنة في بلدهم، حيث تسلم البطاقة المهنية لمن لا يستحقها، في إطار أزمة عامة للصحافة والإعلام، واعتبروا أن كل هذا الوضع، يخدم السلطة الجزائرية، التي تتحكم من خلاله في خيوط اللعبة، بالإضافة كذلك إلى الاستثمار في الإعلام، الذي قامت به لوبيات مالية ومجموعات اقتصادية كبرى، لخدمة مصالحها. وإذا كانت لكل بلد مغاربي خصوصياته، فإن الوضع في المغرب، يتقاسم بعض هذه المظاهر، لكنه يتميز، على الخصوص، بالتهديد الذي تواجهه المهنية، التي تعتبر أفضل جواب على الأزمة التي قد تتعرض لها الممارسة الصحافية والإعلامية، إذا لم يتحمل الفاعلون السياسيون مسؤوليتهم، في وضع القواعد الضرورية لحرية الصحافة، على أرض الواقع، والتي يمكن تلخيصها في المهنية. المسؤولية العمومية في هذا الشأن واضحة، لأن التطور الذي شهدته الديمقراطية وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان، وصل إلى خلاصة أساسية، مفادها أن الصحافة، كيفما كانت عمومية أو خاصة، تعتبر ملكية مجتمعية، تسري عليها معايير المرفق العام، لذلك ينبغي حمايتها، حتى لا تترك تحت رحمة السوق، الذي تطرد فيه العملة الرديئة، العملة الجيدة.