يسعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى تحويل الأقليات العرقية الناقمة في إيران ذات الأغلبية الشيعية إلى التشدد بهدف التشجيع على شن هجمات انتقامية من العمليات العسكرية التي تشارك فيها طهران ضد التنظيم في عدة مناطق بالشرق الأوسط. وأعلن التنظيم المتشدد، الذي تتضاءل الأراضي الخاضعة لسيطرته في العراقوسوريا، مسؤوليته عن هجوم لم يسبق له مثيل في طهران في 17يونيو عندما هاجم انتحاريون ومسلحون مقر البرلمان الإيراني وضريح آية لله الخميني مما أسفر عن مقتل 18 شخصا. وكان المهاجمون إيرانيين لكن من الأكراد السنة. وقال معارضون وممثلون لأقليات الأكراد والبلوخ والعرب في مقابلات إن حركات التحرير التي استمرت لعقود تحولت إلى صراعات طائفية بدافع من التنافس الجيوسياسي في المنطقة. وأضافوا لرويترز أن بعض الجماعات الانفصالية الإيرانية، التي شن العديد منها تمردا مسلحا دعما لحركاتها القومية أو المدنية، تجد نفسها على نحو متزايد جزاء من الصراع بين السنة والشيعة في المنطقة. ويقف بعض النشطاء إلى جانب السعودية الغريم السني لإيران في المنطقة لإظهار غضبهم مما يرونه قمعا من قبل الدولة الدينية الإيرانية التي يشكل السنة عشرة بالمئة من سكانها. بل إن بعض الإيرانيين الذين تحولوا إلى التشدد ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك بالانضمام إلى تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، وهما عدوان لكل من إيران والسعودية، لشن حرب على الشيعة في ساحات القتال. وقال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومقره أربيل إن التطرف الديني يزداد بسرعة بين "الشباب المتحمس ضعيف الثقافة". والحزب جماعة علمانية مسلحة تدأب على شن هجمات في إيران. وقال مصطفى هجري "إذا لم تغير الجمهورية الإسلامية الإيرانية سياساتها تجاه المسلمين السنة في إيران وفي المنطقة فإن المزيد من الناس سيميلون إلى منظمات مثل تنظيم داعش (الدولة الإسلامية)". ورفضت الحكومة الإيرانية التعليق. وتشن الجماعات السنية المسلحة منذ فترة طويلة هجمات دورية على أهداف عسكرية ومدنية في إيران احتجاجا على ما تصفه بالتمييز ضد الأقلية العربية والجماعات العرقية السنية. وشددت إيران حملتها ضد أعضاء هذه الجماعات في السنوات القليلة الماضية مستهدفة إياهم بالاعتقال وأحكام الإعدام. *تسجيل مصور يحمل تهديدا في التاسع من أغسطس آب بثت الدولة الإسلامية تسجيلا مصورا تهدد فيه بشن هجمات جديدة في إيران وتدعو فيه الشبان الإيرانيين إلى الانتفاض والجهاد في بلادهم. ويعتمد التنظيم في كثير من الأحيان على بث كلمات لأتباعه الناطقين بلغات متعددة على الانترنت لتسليط الضوء على مدى انتشاره عالميا. وبث التنظيم في مارس آذار فيلما وثائقيا مدته 40 دقيقة تضمن أشد انتقاداته الدعائية لإيران وهاجم فيه المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي ووصفه بأنه صديق للغرب. وظهر في الفيلم مقاتلون بلوخ وفارسيون وأهواز يحثون على شن هجمات داخل إيران. وبث التنظيم التسجيل المصور بالتزامن مع استعادة القوات العراقية والفصائل المسلحة المدعومة من إيران مناطق رئيسية خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراقوسوريا. وقال مقاتل يدعى أبو المجاهد البلوخي "سنريكم أيها المرتدون الزرادشتيون" في إشارة إلى ديانة قديمة كان يعتنقها الإيرانيون قبل دخول الإسلام. وأضاف "أيدينا لن تكون بعيدة عنكم. كما ذقتم بأسنا في العراق والشام فسنحتل بإذن الله بلاد فارس ونجعلها سنية". وعقب هجوم طهران سارعت إيران إلى اتهام السعودية وأشارت إلى تصريح لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مايو أيار والذي قال فيه "نعرف أننا هدف رئيسي للنظام الإيراني، الوصول إلى قبلة المسلمين هدف رئيس للنظام الإيراني، لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية". ولم تقدم إيران دليلا على صحة اتهامها ونفت الرياض صلتها بالأمر. وقالت المملكة تعليقا على هجوم طهران إنها تدين الهجمات الإرهابية في كل مكان. وألقت إيران القبض على ما لا يقل عن 100 شخص على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية منذ الهجوم. ويقول المعارضون إن الحكومة الإيرانية استغلت هجوم يونيو في طهران لشن حملة قمع ضد الأقليات. ورفضت الحكومة التعليق. وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) الرسمية هذا الشهر إن قوات الأمن فككت مجموعة مرتبطة بالدولة الإسلامية كانت تخطط لشن هجمات على مراكز دينية. وأضافت الوكالة أن عناصر من أجهزة المخابرات اعتقلوا "مجموعة إرهابية مرتبطة بداعش كانت تعتزم القيام بعمليات إرهابية في المدن الدينية". وذكرت أن المجموعة حاولت جلب أسلحة وذخائر إلى إيران وأن السلطات اعتقلت 27 شخصا من أفرادها. وكانت وسائل إعلام إيرانية ذكرت قبل ذلك بأيام أن الحرس الثوري الإيراني قتل شخصين في اشتباكات مع مجموعة من المسلحين في شمال غرب البلاد وهي المنطقة التي عادة ما تشهد تبادلا لإطلاق النار مع الجماعات الكردية الإيرانية المسلحة التي تتخذ من العراق مقرا لها. وفي يونيو حزيران أعلنت إيران اعتقال أعضاء من جماعة مرتبطة بالدولة الإسلامية كانت تخطط لشن هجمات انتحارية. ولم تكشف مزيدا من التفاصيل. وقال ناشطون أكراد معارضون للحكومة لرويترز إن السلطات تساهلت لسنوات طويلة مع الدعاة السلفيين والمتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة بشرط أن يمارسوا عنفهم خارج حدود إيران ضد الأمريكيين في العراق وأفغانستان. وقال هجري من الحزب الديمقراطي الكردستاني "القوات المرتبطة بداعش كانت تجمع علنا أموالا في بعض المساجد في كردستان الإيرانية وكان النظام يتجاهل بوضوح هذه الأعمال". ورفضت وزارة الداخلية الإيرانية التعليق. وتحدث مختار هوشمند، وهو ناشط كردي سجن في إيران بتهم تتعلق بالأمن القومي في الفترة من 2010 إلى 2012، عن ظهور المتشددين السنة في المناطق الكردية وعن لقائه بالعشرات منهم وراء القضبان. وقال "بدأوا الوعظ في عام 2004 في المساجد. ولم يخفوا تشكيل فرق تطبيق الأخلاق ومهاجمة محال تصفيف الشعر النسائية وحفلات الزفاف والمقاهي". وأضاف "العديد من الإيرانيين انضموا إلى داعش، وتلقوا تدريبهم في سوريا أو العراق والآن عادوا إلى البلاد. يحظى داعش بنفوذ في جميع المحافظات السنية في إيران". ولم تتمكن رويترز من التحقق بشكل مستقل من تصريحاته. وبخلاف المناطق الكردية تتركز بؤر التوتر المحتملة على البلوخ السنة أو المقيمين في منطقة سستان-بلوخستان الفقيرة في جنوب شرق إيران والمنحدرين من عرق عربي من منطقة خوزستان جنوب غرب البلاد الغنية بالنفط. وتقول الأقليات في إيران إنها محرومة من مستويات المعيشة الكريمة والحقوق المدنية. وعلى الرغم من أن أغلبهم شيعة ينظر الكثير من العرب في المنطقة، التي يطلقون عليها اسم الأهواز، لأنفسهم على أنهم تحت الاحتلال الفارسي. واتخذ نضالهم من أجل الاستقلال أو الحكم الذاتي نزعة دينية. واتهمت إيران السعودية بتقديم دعم مادي أو مالي للمتشددين الأهواز، وهو ما تنفيه الحكومة السعودية. ويدافع بعض شبكات التلفزيون الدينية الخليجية المملوكة للقطاع الخاص عن قضية الأهواز. وقال محمد ماجد أهوازي، وهو ناشط سياسي وصحفي يعيش في السويد وسبق أن سجن أيضا في إيران لمدة عامين بسبب معارضته للحكومة "في الأهواز تحول آلاف الشيعة إلى سنة بعد عام 2005 لكنهم لم ينضموا جميعا إلى الجماعات السنية المتطرفة مثل القاعدة". وأضاف "قبل الأزمة السورية لم تكن الدول العربية تبالي بالشؤون الداخلية لإيران… لكن بعد الأزمة السورية واضطرابات البحرين والحرب في اليمن ووجود الحرس الثوري في العراق ، وضعت الدول العربية قضايا الأهواز والبلوخ والأكراد على جدول أعمالهم".