في خطوة لافتة أعلن المستشار محمد الهيني، القاضي الذي حكم لصالح معطلي محضر 20 يوليوز، عن استقالته مساء أمس الإثنين من سلك القضاء كرد فعل على ما صدر في حقه من عقوبة تأديبية تضمنتها نتائج المجلس الأعلى للقضاء، التي تم الإعلان عنها مؤخرا، وهي العقوبة التي تمثلت في توقيفه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر بدون أجر وحرمانه من الترقية وتنقيله إلى النيابة العامة بدلا من المحكمة الإدارية . ومما جاء في تعليق للقاضي محمد الهيني على صفحة حائطه بمواقع التواصل الإجتماعي كرد على العقوبة التي صدرت في حقه، وهي العقوبة التي اعتبرها انتقاما منه بسبب الحكم الذي أصدره لصالح المعطلين، قوله " أعلن أمامكم، وبعد تفكير عميق، عن قرار استقالتي من قضاء وزير العدل، فالإنتقام بسبب حكم المعطلين بلغ أوجهه بعقوبة ظالمة مشوبة بالانحراف في استعمال السلطة لتحقيق أهداف لا صلة لها بالمصلحة العامةً". وحري بالذكر أن القاضي محمد الهيني كان قد أصدر يوم 23 ماي 2013 حكما لصالح معطلي محضر 20 يوليوز، وهو الحكم الذي أقر بقانونية المحضر المذكور، كما ألزم الدولة في شخص رئيس الحكومة، بتسوية الوضعية المالية والإدارية للمعطلين المحضريين . ومعلوم أن ذلك الحكم خالف التوجه الحكومي، ولم يرض كلا من السيد رئيس الحكومة والسيد وزير العدل والحريات المعروف عنهما مناهضتهما الشديدة للتوظيف المباشر للأطر العليا في أسلاك الوظيفة العمومية. ويشار في هذا السياق إلى أنه بعد فترة على صدور ذلك الحكم تم استدعاء السيد القاضي الهيني من طرف المفتشية العامة لوزارة العدل والحريات على خلفية ما قيل أنه تعليق دونه على صفحته بالفايسبوك وتضمن مسا بشخص مدير الشؤون المدنية بوزارة العدل، بينما اعتبرت مصادر مطلعة أن سبب ذلك الإستدعاء يعود في حقيقة الأمر إلى الحكم الإبتدائي المخالف للتوجه الحكومي الذي أصدره القاضي محمد الهيني لصالح ضحايا محضر 20 يوليوز، وهو الحكم الذي انتقده السيد رئيس الحكومة الذي ما لبث أن استأنفه لتصدر محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، بعد قرابة سنة ونصف، قرارا مرضيا لرئيس الحكومة وصادما لمعطلي المحضر، وهو القرار الذي قضى بإلغاء الحكم الذي أصدره القاضي السيد محمد الهيني. يذكر أنه عقب إعلان القاضي الهيني عن استقالته من سلك القضاء، انطلقت على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي حملات واسعة للتضامن معه واستنكار ما طاله من عقوبة انتقامية جائرة بحسب ما ورد في ثنايا العديد من التعليقات والتعليقات الفايسبوكية. ويتوقع أن تفتح استقالة القاضي الهيني الباب على مصراعيه أمام تساؤلات عدة حول استقلالية القضاء و حول الفصل بين السلطات كما حول المنعطف القضائي المثير الذي ميز قضية معطلي محضر 20 يوليوز.