اليزمي يقول إن الخلاصات والتوصيات التي سينتهي إليها التقرير حول أحداث الحسيمة هي المرجع الوحيد والحموشي يرفض بشكل قاطع الاتهامات
خلق نشر تسريبات جزئية لتقرير نسب إعداده للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مزاعم بالتعذيب قد تكون لحقت ببعض معتقلي الحركة الاحتجاجية في الحسيمة، ردود فعل متباينة لدى أكثر من جهة معنية بتدبير ما بات يسمى ب»حراك الريف». ولم يتردد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بعد الاستغلال الأحادي لبعض شذرات التقرير، في أن يخرج ليعبر عن استغرابه للتسريب الجزئي لوثيقة حرص المجلس أن توجه حصريا إلى الجهة المعنية، وللاستغلال الأحادي لبعض الشذرات من وثيقة داخلية قد أدى إلى استنتاجات لم يخلص إليها العمل المنجز من قبل الخبيرين المكلفين من قبل المجلس بشأن الثبوت القطعي لتعرض كل المعتقلين الذين تم فحصهم والاستماع إليهم للتعذيب. واعتبر المجلس أن الخلاصات والتوصيات التي سينتهي إليها تقريره الشامل والنهائي حول أحداث الحسيمة وتداعياتها هي المرجع الوحيد للوقوف على تقييمه لمختلف المجريات لكل الأحداث في أبعادها ومراحلها، بكل حياد وموضوعية ومسؤولية، كما دأب المجلس على ذلك في كل تقاريره. وأوضح المجلس أنها ليست تقارير نهائية تمثل موقف المجلس، الذي لا يمكن له، أخلاقيا وقانونيا، التطاول على اختصاص السلطة القضائية، وهذا ما أوصى به الخبيران وما تحّصل لديه من قناعات بناء على التحريات والأبحاث والمقابلات والمعاينات التي تنجزها فرق عمله ميدانيا. وأشار المجلس ،في هذا الصدد، إلى أن العمل الذي أنجز من قبل الطبيبين الخبيرين يندرج ضمن وسائل العمل التي يتبعها المجلس ضمن وسائل أخرى لإنجاز تقاريره حول مثل هذه الأحداث. وأكد أن ما أنجز من عمل من قبل الخبيرين قد تم وضعه رهن إشارة الجهة المختصة لتتخذ بشأنه ما تراه ملائما من تدابير قانونية على اعتبار أن المجلس لا يمكن له، أخلاقيا وقانونيا، التطاول على اختصاص السلطة القضائية، وهذا ما أوصى به الخبيران. ويذكر أن هذه الخبرة أشرف عليها كل من البروفسور هشام بنيعيش، وهو طبيب شرعي رئيس معهد الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء؛ والدكتور عبد الله الدامي، طبيب شرعي بمعهد الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء. وقد كشفت تسريبات جزئية أن تقريرا نسب إعداده للمجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن مزاعم بالتعذيب قد تكون لحقت ببعض معتقلي الحركة الاحتجاجية في الحسيمة خلص إلى أن مزاعم تعرض معتقلي الحسيمة للتعذيب «ذات مصداقية»، مدعومة بدلائل مادية ونفسية. وتداولت تقارير إعلامية متعددة أن التقرير، الذي أنجز في إطار الاختصاصات المخولة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث جرى تكليف فريقي عمل للتحري في هذه المزاعم تعرض عبر القيام بإجراء فحوصات ومقابلات مع 19 معتقلاً بسجن عكاشة بالدارالبيضاء، و16 معتقلاً بسجن الحسيمة، بالإضافة إلى متابع واحد في حالة سراح؛ وذلك يومي السبت والأحد 17 و18 يونيو المنصرم، أوصى بضرورة إجراء بحث معمق مع المتهمين بممارسة التعذيب وضمان نيلهم العقاب. وأشارت التسريبات الجزئية إلى وجود آثار تعذيب، بناءً على شهادات المعنيين بالأمر والمعاينة الجسدية؛ وهي «أفعال تتعارض مع الضمانات الدستورية الممنوحة لكل شخص موقوف أو معتقل»، يضيف التقرير. ودعا التقرير إلى فتح تحقيق دقيق من لدن السلطة القضائية يشرف عليه أشخاص غير أولئك المرتبطين بهذا الملف، من أجل التحقق من أعمال التعذيب وضمان معاقبة المسؤولين على ذلك. كما شدد التقرير على ضرورة إجراء خبرة طبية ونفسية تُعهد لخبراء متخصصين في توثيق الدلائل المادية والنفسية للتعذيب طبقاً للمعايير الدولية، خصوصاً بروتوكول إستانبول؛ وهو عبارة عن دليل للتقصي وتوثيق التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية. ولم تتأخر المديرية العامة للأمن الوطني، هي الأخرى، في التعبير بشكل كبير عن رفضها القاطع للاتهامات والمزاعم الخطيرة الموجهة لمصالحها وموظفيها، والتي أوردها البعض بصيغة الجزم والتأكيد، استنادا إلى وثيقة جزئية منسوبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تم تسريبها خارج الإطار الرسمي بكيفية مشوبة بالتجاوز. كما أعربت المديرية العامة للأمن الوطني عن أسفها البالغ للتوظيف المتسرع والاستغلال غير القانوني لهذه الوثيقة المسربة، والذي تطبع في كثير من الحالات بالطابع السياسي، خصوصا من بعض الجهات الأجنبية؛ وذلك بشكل يسيء إلى جهود المملكة المغربية ومكتسباتها في مجال تدعيم منظومة حقوق الإنسان. هذا، ورفضت المديرية العامة للأمن الوطني توجيه التهم ونشر الادعاءات على ضوء وثيقة جزئية وغير رسمية، لم تعرض على مصالح الأمن الوطني، بالقنوات الرسمية، ليتسنى الرد على ما جاء فيها، مشددة على أنها ستجيب على جميع الادعاءات التي وردت في تلك الوثيقة، حال توصلها بها رسميا من الجهة التي أعدتها أو صدرت عنها، من منطلق احترامها التام للقانون، وتفاعلها الإيجابي مع خلاصات وتوصيات المؤسسات الدستورية المعنية، وأيضا من منظور أن تلك الادعاءات غير الرسمية أسست استنتاجاتها «الطبية وغير الطبية» على إفادات وشهادات لأطراف محددة دون استقراء وجهة نظر باقي المتدخلين المؤسساتيين والرسميين. وبعد أن أقرت المديرية العامة للأمن الوطني بأن القول بثبوت التعذيب، باعتباره فعلا مجرما يقع تحت طائلة القانون، يندرج ضمن ولاية السلطات القضائية المختصة، بما توفر لها من قناعات وجدانية ومن خبرات طبية وإفادات وشهادات ومعاينات ومشاهدات موثقة، وهي مسألة لم تتوفر في هذه الوثيقة المسربة التي تعوزها الصفة أيضا، شددت في المقابل على التزامها وتقيدها الصريح بالنتائج والخلاصات الرسمية وحدها دون غيرها من التسريبات، التي تقتضي ممن يفترض فيه إعدادها إجراء بحث دقيق لتحديد ظروف وملابسات نشرها دون استيفائها للمساطر والشكليات المقررة قانونا. يذكر، أن حصيلة الاعتقالات والمتابعات إثر الاحتجاجات، التي تعرفها الحسيمة منذ ثمانية أشهر، بلغت 97 يوجدون أمام قاضي التحقيق؛ منهم 48 شخصاً بالدارالبيضاء، و21 بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، و28 بابتدائية الحسيمة، وذلك بحسب آخر إحصائيات رسمية، أعلنت عنها الحكومة الخميس الماضي. كما يوجد 45 شخصاً في مرحلة الحراسة النظرية بالحسيمة، واثنان آخران في الدارالبيضاء. وصدرت، إلى حد الساعة، أحكام ابتدائية في حق 40 شخصاً، فيما يتابع 18 شخصاً في حالة سراح، وجرى حفظ القضية في حق 16 شخصاً.