استهل الكاتب العام الجديد، للحزب الإشتراكي العمالي الإسباني، بيدرو سانتيش، كلمته في اختتام المؤتمر الإستثنائي، الذي نظمه الحزب يومي 26 و 27 يوليوز الأخيرين، بمدريد، بإدانة الهجوم الإسرائيلي على غزة، واصفا إياه بالهجوم «البربري»، و مطالبا المنتظم الدولي و الإتحاد الأوروبي و حكومة إسبانيا بإيقافه «لأن هناك أطفالا، و أشخاصا أبرياء يموتون، و العمل على وقف إطلاق النار، في أرض طالما تعرضت لهذا النوع من الأعمال غير المسؤولة»، و قد استقبل هذا الموقف بحفاوة كبيرة من طرف المشاركين في هذا المؤتمر، الذي تميز فيه الإشتراكيون الإسبان عن باقي الأحزاب الإشتراكية الأوروبية. و قدم الكاتب العام الشاب، في كل تدخلاته، خلال الجلستين الإفتتاحية و الختامية، كل مواصفات الزعيم المتمكن من الملفات و القضايا، رغم أنه كان إلى عهد قريب مغمورا، لكنه تمكن من الفوز في انتخابات شارك فيها مناضلات و مناضلو الحزب، على الصعيد الوطني، وعددهم الإجمالي 200.000. و قد حصل على 49 في المائة من الأصوات، بينما حصل منافساه إيدواردو مادينا على 36 في المائة من الأصوات و خوصي أنطونيو بيريس طابياس، على 15 في المائة من الأصوات. و يعتبر هذا النوع من الإنتخابات، على صعيد الحزب كله، سابقة في تاريخ الأحزاب الإشتراكية، لكن الهدف منها كان هو إعطاء صورة جديدة عن الحزب الإشتراكي في إسبانيا، بعدما أصبحت مكانته مهددة في هذا البلد، بعد الإنتخابات الأوروبية، التي مني فيها بهزيمة تاريخية، حيث لم يحصل في إسبانيا، إلا على 23 في المائة من المقاعد. بينما صعد نجم حزب جديد، Podemos « نستطيع «، على يسار الإشتراكيين، تم إنشاؤه في سنة 2014، و حصل على 5 مقاعد في الإنتخابات الأوروبية. شكلت هذه الهزيمة زلزالا داخل الإشتراكيين، الذين قرروا تغيير القيادة بكاملها، و الدخول في عهد جديد، و هو ما حصل بتنظيم مؤتمر استثنائي، تنظيمي، صادق على انتخاب بيدرو سانتيش، من طرف قاعدة الحزب، و انتخب لجنة تنفيذية جديدة، لرفع التحدي الذي يواجهه هذا الحزب، في بلد يعيش أزمة اقتصادية، دفعت بآلاف الشباب إلى الهجرة بحثا عن عمل. لذلك اعتبر الحزب أن التغيير لن يتم إلا بتقديم صورة جديدة للشعب الإسباني، و خاصة الشباب، و هي أن الأمل ممكن خارج الوصفات التي يقدمها اليمين الحاكم، و نجح الإشتراكيون في خلق هذا الإنطباع على مستوى الصورة، حيث أصبح «بيدرو الوسيم»، كما يسمونه، نجما في وسائل الإعلام، التي كانت مغلقة في وجه الإشتراكيين. غير أن الصورة وحدها لاتكفي، و هو ما عمل الزعيم الإشتراكي الجديد على تكريسه في تدخلاته، التي حاولت تقديم البدائل، معتبرا أن الفساد و الرشوة من أكبر الآفات التي تعاني منها إسبانيا، مثل «كثرة اللوبيات التي تؤثر في القرارات»، و أكد أن «إصلاح الإقتصاد ينبغي أن يتم عن طريق إصلاح السياسة»، كما توعد الإشتراكيين بأنه لن يتساهل مع أي شخص ثبت عنه الفساد، و طالب المسؤولين منهم، بالإعلان عن ممتلكاتهم، ووعد بأنه سيطرح مقترح قانون للشفافية في ميزانية الأحزاب، معتبرا أن بلده محتاج لقوانين صارمة لمحاربة الفساد السياسي. و طرح، أيضا، في برنامجه العمل على إصلاح قوانين الشغل، منتقدا اليمين الحاكم، الذي يعالج مشاكل القرن الواحد و العشرين، بإجراءات القرن التاسع عشر، في علاقات الشغل، كما انتقد سياسته في المجال الضريبي، التي أفقرت الطبقة المتوسطة، و أعطت امتيازا للأغنياء، و طالب بالمساواة في فرص التربية، مؤكدا أن بنتيه تدرسان في التعليم العمومي، لكنه لا يريد أن تدرسا الدين، بل الفلسفة و العلوم و الرياضيات و الثقافة و الفن... و قال نحن حزب علماني، لا نعادي الديانات، و لكننا نرفض الوصاية على المجتمع. كما أدان موقف اليمين من المرأة، و طالب بالمساواة على كل المستويات، و خصص جزءا هاما من تدخلاته للقضية الكاطالانية، معتبرا أن «الإنفصال لا يعني حتما الحرية»، بل هناك موقف وسط بين المركزية التي يدافع عنها اليمين، و بين الدعوات الإنفصالية، و هو مراجعة الدستور في الجانب المتعلق بالفيدرالية. و قد حضر الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، ضيفا في هذا المؤتمر، إلى جانب بعض الأحزاب الإشتراكية الأخرى، كما وجه زعيما الحزبين الإشتراكي الألماني و الإيطالي، كلمة خاصة للمؤتمرين عبر الشاشة . كما توجه بيدرو سانتيش إلى المؤتمرين المجتمعين في إطار المؤتمر الإستثنائي، بأنه سيحيل رئيس الحكومة الحالي، ماريانو راخوي على التقاعد، معلنا أنه لن يفوز بولاية ثانية، مؤكدا بأن الإشتراكيين يريدون الفوز بالحكم لتطبيق برنامجهم و إحداث التغيير الذي تنتظره إسبانيا.