كعادتهم التي جُبلوا عليها، في ما مضى وفي ما سيأتي، أغلق العربُ آذانهم بعد أن سدّوا آذانهم، وهم الآن يغلقون عيونهم عمّا يحدث في فلسطين وفي أي مكان مما تبقى لهم. في الحقيقة: العربُ لا أبواب لهم. لهم منافذ يخرجون منها ويدخلون عندما يشاؤون، منافذ سرّية وهم يتوهمون أنهم موجودون في العالم، موجودون فقط في الغياب. إنها أشبه ما تكون بالجحور، كما غالب وأغلب اللحظات على غرار الكثير من الزواحف والثدييات البرية، في الصحراء وفي الغابات، حيث تندسّ (يندسون) خوفاً ومهانةً. يدخلون ويخرجون، كما يتوهمون، لكنهم، في الحقيقة، لا يدخلون ولا يخرجون، لأنهم، حتى عندما يضعون رجلاً، يؤخرون أخرى ويترددون ولا يقدمون إلا عندما يدسّون لبعضهم البعض، أو يدورون في حلقات مفرغة على إيقاع الكيد والدسيسة والخراب والإيقاع. يترك العرب فلسطين وحدها كما يتركون كل أوطانهم مشرعة الأبواب والنوافذ. يتركون فلسطين وحدها ويتركون الفلسطينيين يواجهون مما ملكت أيمانهم، الجوع والعطش والموت. يتركون الشيوخ والعجزة والمرضى، يتركون النساء والأمهات والأطفال تجرب فيهم عقد القتل والبطش والتلذذ برؤية الأشلاء والدم. العرب لا يعرفون سوى الدخول على النساء، »ليلة الدخلة«، لفتح الأندلس بين أفخاذ من هن صاغرات, مغلوبات مقهورات حتى اللواتي هن في التاسعة من توقيت عمر لا يبدأ أبداً، ويجيدون في ذلك كل الفتاوى, يتبعهم في ذلك جيش عرمرم من علماء الموز والجزر والمهراز من أجل السرير وحده. العرب لا شجاعة لهم إلا في فراش النساء المحاصرات بكل الفتويات على وزن الفتوات والفتوحات. بهذا يحق فيهم هجاء نزار قباني ومظفر النواب ولا يستحقون أمثال محمود درويش أو أمل دنقل، لا يستحقون مارسيل خليفة ولا مصطفى العقاد، كما لا يستحقون فيروز ولا ابن خلدون أو ابن رشد أو عبد الله العروي. يستحقون عبد الرحمن منيف في «»مدن الملح« «التي أفرزت، منذ القديم، أفضل ما يملكون من صفات الغدر والتنكر والاستسلام من أجل المتعة ولذة القتل المادّي والرمزي، وعندما يتعبون يفوضون الامر لأمثال غولدا وبغين، وشاميرو شارون ,نتانياهو. غافلهم مرة هولاكو، ومن جبته تعلموا ما يفعلون الان بانفسهم كما تعلم جلادو اسرائيل من هتلر ويطبقون نازيتهم على أرض فلسطين. من يعلم من؟ من يتعلم من من؟ كان لدينا الحجاج ولدينا الآن ابو بكر البغدادي، بغداد ليست بعيدة عن القدس ورام الله ولا عن دمشق، والجميع ينعم بمعادلة الموت: تقتل او تقتل (الاولى بفتح التاء و الثانية بضمها)، كما كان في السابق، في عهد الخوارج والقرامطة والزنج والزط وهاهي القاعدة بكل تفرعها وتفريعهاتها، هاهي النصرة وداعش ودامش والامور «غادية»، بحال البارح بحال اليوم، كلها جاءت ل «تفرعنا» وتردنا الى اصولنا الاولى, الى النبع. لا تهم الاوطان، لا تهم الدول، لاتهم الانظمة ولا الشعوب. الاهم هو الإمعان في ميتافزيقا السديم، بوكو حرام، بو Peuحلال، وينسى من يقتل انه يقتل نفسه، اما المقتول فيذهب الى حال سبيله. يكتب وليد اخلاصي: القاتل يتحرك في الساحة بحرية والقتيل عاجز عن الحركة في حفرته، والقاتل لا يعرف متى ينفذ فيه الحكم، بينما القتيل مطمئن الى نهايته (ملحمة القتل الصغرى، دار كنعان للنشر والدراسات دمشق 1993، ص 12 هكذا يعودنا التاريخ، منذ قابل/هابيل، خاصة في العراق وسوريا، وليبيا، اما في فلسطين فالامر يحتاج الى سل شعرة (ما )من عجين حتى لا نكون وحدنا اغبياء، وحدنا «الاغبياء» ,لأن اخوتنا، او ابناء عمومتنا على الاقل، هم من نسل ابراهيم،هم يقدسون العجل ويكدسون الذهب والفضة. ونحن نموت حبا في البترول وعشقا في النساء حتى قبل البلوغ ونحلل نكاح الجهاد ونجنح الى الدم، دم البكارة كما دم القتلى في فلسطين وفي العراق وسوريا وليبيا. ألسنا اغبياء. هل نحن أغبياء؟ متى سنكون عقلاء؟ نسيت: العرب يكرهون العقل، كما يكرهون العقلانية. يحبون اللحم الطري النيء وحده، لحم النساءو لحم القتلى والشهداء، «المشوي» و»الضلعة.»