بشراكة مع جمعية الصويرة موغادور ، نظم اتحاد كتاب المغرب فرع الصويرة لقاء مفتوحا مع شاعر الأعالي محمد بنطلحة حضرته أقلية هائلة من عشاق القصيدة وسقوف المجاز ، مساء يوم الخميس بدار الصويري . بداءة ، رحب القاص وكاتب الفرع « محمد بومعيز « بالشاعر والحضور وهلم اندهاشا بهذا اللقاء المنفلت مع شاعر ينبغي أن تنحني له حتى نسدل ستار هذه الأمسية المنفلتة التي ستورطنا ولا ريب في منعرجات القصيدة وسيرتها لنكتشف الخارق والمدهش في تجربة هذا الشاعر المغربي والمتوسطي . ذة يامنة لمغاري المتخصصة في علم الآثار وتلميذة محمد بنطلحة بثانوية يوسف بن تاشفين بأكادير زمن السبعينيات وفي بدايات مساره مع الدرس المغربي والبيداغوجي ، لتتحدث عن صرامته وأناقته وهيبته التي في مستواه ، وكذا استفادة جيلها من التلاميذ من صنعة تحليل النصوص الأدبية ، ولم يفتها الحديث عن الحوار الشيق الذي أجراه لحسن لعسبي وحسن نجمي مع هذا الهرم الشعري ليتحدث من خلاله عن كراهيته للرداءة في كل شيء ، وكذا عشقه للسينما حين كان عضوا فاعلا في نادي 2000، واحتقاره للانتهازية ، ثم قراءته المبكرة للأدب العالمي وعشقه للأزرق اللازوردي ، وهو بالمناسبة ، لون مدينة الصويرة التي تستضيفه وتحتفي به . وفي النهاية ، اعترفت ذة يامنة أنها وهي تقف أمام أستاذها ، فكما لو تقف أمام معلمة تاريخية ، بل تعتبر هذه الأمسية وقوفا أمام منارة تهدي إلى قصيدة الأعالي . في حين تحدث الشاعر محمد الصالحي عن أسباب نزول هذا اللقاء الذي تسببت فيه تقاطع مجموعة من أحباء القصيدة في محمد بنطلحة إنسانا وشاعرا مدهشا يستحق الحياة ،كما يستحق أكثر من لقاء مفتوح ، ثم بعدها انتقل للحديث عن محمد بنطلحة الذي يشبه قصيدته وتلك عادة الشعراء الاستثنائيين ، ثم تطرق إلى الحديث عن محمد بنطلحة في عيون الأسماء الكبرى في الشعرية العربية ، من قبيل أدو نيس وسعدي يوسف ومحمود درويش وسركون بولص ، والأكثر منه ، هو إخراج هذا الشاعر للقصيدة المغربية من محليتها وتسييسها وأدلجتها إلى أفق شاسع ، وبذلك تنفلت قصيدته من التحجر وبسعة الرحابة يضيف محمد الصالحي . كما لم يفته الحديث عن حرفية الشاعر وخبرته الشعرية بالشعرية العربية عروضا وبلاغة ونحوا وصرفا علاوة على ذاكرة محفوظاته ، ثم خلفيته المعرفية من سينما وموسيقى ولغات سامية ، وكذا انفتاحه على شعريات وفنون جميلة أخرى ، وقبل أن يسدل ستار شهادته ، تحدث عن سر هذا الإدهاش في قصيدة شاعر الأعالي ، والتي لن تكون سوى إمساكه بجمرة الشعر وجوهر الشعرية العربية ، كما يمسك بها الشعراء الكبار . وقبل انتهاء هذه الأمسية المنفلتة ، أخذ الكلمة الشاعر محمد بنطلحة ليعتبر هذه اللحظة شيئا من الأزل، بل هي الأزل نفسه ، حيث اجتمعت فيها كل الأزمنة وفي وقت واحد على حد تعبير " باشلار" ، بعدها تحدث عن علاقة الشعر بالفلسفة إذ كلاهما يهتمان بالسؤال ، بل يشبهان قمتين جبليتين ، كما اعتبر الشعر رؤيا شمولية كونية لكنها مختلفة عن العولمة ، ثم عبر عن كراهيته للأراضي المسطحة التي لا تعني سوى الرتابة ، ليعشق الالتواءات والمتعرجات لأنها تأتي بالمفاجآت ، ولم يفته الحديث عن اللغة الشعرية ومعضلتها وعن سحره بديوان " أوراق العشب " لويتمان ، ودهشته المبكرة برواية " الحوت الأبيض " للروائي الأمريكي " هيرمان ميلفيل " وللزرقة الخريفية ، وبرشاقة وتواضع الكبار ، اعتبر محمد بنطلحة نفسه شاعرا مبتدئا ، بل أنه ليس بشاعر كما " علي بن الجهم " ، وإن حدث وكان شاعرا فهو شاعر مغربي ومتوسطي ، وفي مسك الختام ، قرأ بعضا من آياته الشعرية ، وانتهى اللقاء بهدايا لهذا الشاعر الذي يعشق الحياة إلى آخر قطرة .