المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 بروفيسورات كبار من أطباء المغرب في كتاب قنبلة! ..

متى يعلنون انقراض المستشفيات الجامعية ونهاية التكوين الطبي؟

ألقى البروفيسور الشهير عبدالسلام الخمليشي بحجر كبير في بركة الصحة العمومية، ونبه إلى الخطر الذي يتهدد المستشفيات الجامعية، في كتاب لم يسبقه إليه أحد، وإن سبقته الكثير من الكتب البيضاء عن الموضوع الصحي. لكن الكتاب، بحد ذاته، كان مناسبة لكي يتحدث آخرون، من طراز البروفيسور الخمليشي، درجة علمية وممارسة واطلاعا، عن موضوع الانقراض الذي يتهدد المنظومة الصحية والاستشفائية الجامعية
في بلادنا ..
ألقى البروفيسور الشهير عبد السلام الخمليشي بحجر كبير في بركة الصحة العمومية، ونبه إلى الخطر الذي يتهدد المستشفيات الجامعية، في كتاب لم يسبقه إليه أحد، وإن سبقته الكثير من الكتب البيضاء عن الموضوع الصحي. لكن الكتاب، بحد ذاته، كان مناسبة لكي يتحدث آخرون، من طراز البروفيسور الخمليشي، درجة علمية وممارسة واطلاعا، عن موضوع الانقراض الذي يتهدد المنظومة الصحية والاستشفائية الجامعية في بلادنا.
«إنني أضيع وقتي هنا» يلخص البروفيسور التونسي الوضع بعبارة يسمعها دوما تتردد أمامه« لا شيء على ما يرام ، إنني أضيع وقتي هنا»، وتأتيه كلازمة على لسان زملاء ضاق بهم الحال والغضب.
والبروفيسور عبد القادر التونسي، الذي كتب التقديم الأول للكتاب، هو بروفيسور جراح في المركز الاستشفائي الجامعي بن سينا، حيث يعمل البروفيسور الخمليشي، إضافة إلى كونه عضوا مشاركا في الأكاديمية الفرنسية للجراحة. البروفيسور الذي عرف نفسه باعتباره صديق البروفيسور الخمليشي، رافق المستشفى الجامعي بن رشد منذ يوليوز 1957، أي أن الرفقة طالت سنوات الاستقلال برمتها، وقد اعتبر أن المستشفى ضرورة مغربية، «إذ لا توجد أي قرية واحدة ، لم يتلق ولو مواطن واحد منها على الأقل العلاج.. في هذا المركز، تتلخص أوضاع الألم في ما سجله كأجوبة عن سؤال بسيط: ما الذي يعني هذا؟ إنه يعني، يقول لنا البروفيسور التونسي» كل آلات التصوير الطبي معطلة، لمدة أسابيع، السكانير بدوره عاطل منذ عشرة أيام، تأجيل البرنامج الجراحي لهذا القسم أو ذاك بسبب عطب في التهوية الخاصة بغرفة العمليات، لا يمكن إجراء العملية لهذا المريض أو ذاك لأن البنج غير موجود، وهي أعطاب تقع باستمرار ولمدد طويلة على عكس ما قد يقع في بعض المستشفيات في بعض دول العالم. التطبيب ليس هو النشاط الوحيد في المستشفى الجامعي، بل هناك التكوين الطبي والذي يعتبر مدرسة التعلم الحقيقية للطالب، وفي هذا الصدد يشهد البروفيسور التونسي أن «التكوين يعاني في الوقت الحاضر من اضطرابات خطيرة، وهي اضطرابات لا تعود، هذه المرة إلى مشاكل تقنية بل إلى قرارات»! ومن مظاهر هذا الخلل أن «مراكز الاستشفاء تعرف عددا من الطلبة الأطباء أكثر من عدد المرضى» وبعض المتدربين الأطباء يقضي من الوقت في البهو «الكولوارات» أكثر مما يقضيه بالقرب من سرير المرضى..! وهو ما يلخصه البروفيسور التونسي بالقول» في هذه الظروف، وداعا للتداريب الاستشفائية»! الذي استقبل أيضا «شخصيات من آفاق متنوعة أعانهم على استعادة صحتهم ومواصلة مختلف أنشطتهم|». ولهذا، فإن تشريح وضع المركز الاستشفائي ابن رشد، هو في الوقت ذاته استرجاع لمكانة هذا المركز الذي فيه أغلب أحسن الأطباء المغاربة تلقوا تكوينهم في المستشفى الجامعي بالرباط». ويتفق الأطباء الأربعة على أن أحد المشاكل الكبرى التي يعاني منها المركز ابن سينا هي التكوين، وبالضبط ما يتعلق بالأطباء الداخليين والمقيمين. بالنسبة للتونسي، الذي يعتبر أن الالتحاق بالداخلية، عبر مباراة هي الأكثر صعوبة في الدراسات الطبية، وأن الذي تم في هذا الإطار هو الإعلان عن تحويل الطبيب الداخلي إلى طبيب مقيم، والإقامة الخاصة بالطلبة الذين يودون دراسة أحد التخصصات.. والطبيب الداخلي ما أن يحصل على دبلوم حتى يكون مطالبا بمغادرة المستشفى.. الجامعي، وهو ما اعتبره التونسي كارثة بالنسبة للتكوين الطبي». الخطير أن الطالب نفسه يمكنه أن يعود مجددا إذا ما أراد أن يخوض مباراة الاستاذ المساعد، وقد يحصل على مراده بمعدل 10 على 20 فقط، وهو مستوى لايعكس المطلوب في مثل هذه الحالة..
الطب الداخلي بالنسبة للبروفيسور التونسي خط أحمر، وهو يقول « إذا حدث يوما وفرض إصلاح ما، يجب عدم المس بالطب الداخلي«..لأن الداخلية هي الوحيدة القادرة على إعطاء البلاد مشتلا للأطر القيمة لتدريس الطب. وبهذا الصدد يقول البروفيسور التونسي» .. فإذا تم، لسبب أو آخر المس بهذا النظام، فلن يتم تكوين أساتذة في الطب، بل مجرد بهلاوانيين بمجسات حول العنق»!!.
وبالنسبة للمستشفى الجامعي تشكل الجراحة العامة مشكلة حقيقية، حيث إن شهادتها تسلم للأطباء المقيمين الذين قضوا الوقت الساحق من تكوينهم في لأقسام الجراحة الباطنية، والحال أن هذه التداريب التي تدوم 6 أشهر لا تفيدهم في شي»، لأن الجراحة العامة لا يمكن اكتساب مهاراتها إلا بالتكوين في قسم حقيقي للجراحة العامة، أي في قسم يعالج جميع الاصابات والتعفنات الجراحية المتداولة كقرحة المعدة والبروستاتا وإصابات الرحم الخ، والكارثي في كل ذلك هو أن «مثل هذه الأقسام لم تعد موجودة منذ 40 سنة في المستشفى الجامعي»....!!! وعليه فإن الجراحة العامة نفسها لم تعد موجودة «اللهم إلا في خيال بعض الزملاء، كما يقول البروفيسور التونسي.
ونجد أننا أمام وضع تسلم فيه شهادة أو دبلوم الجراحة العامة، في الوقت الذي لا يتلقى فيه الطبيب تكوينا فيه، وبالتالي قد يجد نفسه ذات يوم من الأيام أمام .. القضاء. مقابل ذلك، يتواصل النزيف داخل المستشفى الجامعي، والإطارات المهمة يتوإلى رحيلها، «والجامعة تفرغ من أحسن أطرها» وهم في الغالب أطر كفؤة بمقدورها تكوين أجيال أخرى من الأطباء. الطيب الشكيلي الذي عرفناه كوزير للتربية الوطنية أكثر مما ذاع صيته كبروفيسور في طب الأعصاب، أو عميد سابق لكلية الطب والصيدلة في الرباط، خصص بدوره الشهادة التي قدمها للحديث «عن التراجع المؤسف» الذي يعرفه النظام المغربي في التكوين الطبي.. في التقديم الذي قدمه االشكيلي، لغة تبدو محايدة، وربما تستحضر أن رفيقا من التقدم والاشتراكية، الذي ينتمي إليه الشكيلي، وهو أحد قيادييها المعروفين تاريخيا، كان على رأس القطاع، لكنها لغة تقول بالهدوء ما قالته لغة الخمليشي الحارة والمنحازة بكل قوة.. فالشكيلي بدوره يتحدث عن التراجع في التكوين، وفي البحث العلمي وفي طرق تحمل أعباء الساكنة». وهو يعتبر أن « الضعف المتواصل يعرفه التكوين الطبي منذ عقدين، في الوقت الذي يحصل فيه البلد على مستشفيات جامعية عالية التطور تقنيا وهندسيا».
يأتي الكتاب من طرف البروفيسور الخمليشي كصرخة إنذار تعبوية فيما يخص الاصلاحات المؤسساتية والتنظيمية .. يقترح لها حلولا واقعية وفعالة» ومن الأشياء التي يشترك فيها الطيب الشكيلي مع البروفيسور الخمليشي، تسجيل «الوهن الذي أصبحت تعانيه مؤسسة المستشفى الجامعي من التكوين الطبي والتراجع الحقيقي في البحث الطبي.» وبناء على تشريح ينبه إلى « الغياب القانوني لمراكز جامعية حقيقية يحدد آليات الاشتغال بين المراكز المعنية والكليات الطبية» بالإضافة إلى قصور النظرة إلى الوسائل الواجب وجودها والتي تختزل «في عدد الأسرة»... ويضيف إلى ما سبق، الخلل في طرق قبول الأطباء المقيمين عبر «لجن مكونة داخليا وبدون حضور أعضاء خارجيين كما كان الأمر عليه في السنوات السابقة». الوقت الضائع ليس الوقت الضائع، ذاك الذي يقضيه المريض في انتظار العلاج الافتراضي، بل هو ايضا الزمن الذي يسمي « العمل بدوام كامل»، لأنه الحق الذي منحته الوزارة للأطباء العموميين لكنهم «يستعملونه بطريقة فوضوية» على حد الشكيلي، بحيث تتقلص الخدمات« التطبيبية، وخدمات التكوين والبحث العلمي إلى حدها الأدنى..». ويعود بناء على ذلك إلى اعتماد أسلوب جديد أو نظام جديد يسمح لأساتذة التعليم العالي بممارسة فنهم في إطار العمل بالدوام الكامل المنظم والخاضع للتقويم في احترام للقواعد الأخلاقية والمهنية»..
هذا الموضوع أثاره البرورفيسور العلوي، الذي يشتغل في جراحة الرحم والولادة إلى حدود الساعة.... البروفيسور العلوي، الذي يجر وراءه سيرة طبية كبيرة ، عاصرت المغرب الصحي الحديث، يعيد إلى الأذهان النقاش الذي كان واردا عن اعتماد نظام الدوام الكامل، ويذكر بأن السنوات العجاف، التي رافقت التقويم الهيكلي وانخفاض المداخيل من الفوسفاط والكلفة الكبيرة لمرافقة قضية الوحدة الترابية، كلها عوامل جعلت الخزينة العامة تجد صعوبة في الاستجابة لمطالب الاطباء والأساتذة وحاجيات المستشفيات الجامعية. وهو مادفع الحكومة إلى القبول بنظام الدوام الكامل «خارج المؤسسات» العمومية، عبر دورية في 1996.َ ولم يتم تحيينها أو إعادة النظر فيها. فأصبحت التجاوزات هي القاعدة، وفاقت الآثار الوخيمة على تقديم الخدمات من تكوين وتطبيب ورعاية للمرضى كل التوقعات من حيث سلبياتها. وهو ما أصبح «يستدعي حلولا عاجلة من أجل بقاء الأطباء الباحثين والأساتذة في تخصصاتهم وفي أقسامهم.
ويستغرب البروفيسور دعوة الخمليشي إلى إعادة الاعتبار لفكرة «الدوام الكامل داخل المؤسسات، هو انتصار له، هو الذي دافع طويلا عن الفكرة ورفضته الأغلبية الساحقة، ويجب أخذ هذا المقترح «بعين الاعتبار إذا كان ولا بد من استمرار الدوام الكامل... عشرون سنة مجيدة، عرفها الاستشفاء الجامعي، من 1970 إلى 1990، تركت وراءها واقعا ظلت الجماهير المريضة تعاني منه ، بعيدا عن «الفضول» السياسي والإعلامي الواسع، قبل أن يتحدث الاساتذة الاربعة بلسان واحد، ويزكون ما ذهب إليه الخمليشي. البروفيسور محمد البرحيوي، كان واحدا منهم، وقد كتب، في التقديم الرابع للكتاب، وهي عادة نادرة في الكتب عموما والكتب المتخصصة تحديدا، أن « المراكز الاستشفائية الجامعية، عوض أن تكون في قلب الترسانة التعليمية والتكوينية و الإبداع الطبي عبر بعدها الإقليمي ، لم تعد قادرة حتى على أن تتحرر من الإكراهات المفروضة عليها بسبب النقص في البنيات الطبية..».
البروفيسور البرحيوي، الذي يعمل أستاذا في جراحة الأطفال بالرباط وعمل سابقا مديرا لمستشفى الأطفال بالعاصمة والرئيس السابق لجمعية جراحة الأطفال، تحدث في النهاية عن وجود« تفاوت مهم بين الواقع الحالي وبين الهدف الاسمى المطلوب، وعن المجهود الجبار الذي يجب القيام به من أجل تأهيل نظام الصحة عبر إعادة نظر جدية في مهام كل قطاع فيه». وهو ما يجيب عنه الخمليشي ضمنيا بالقول، إنه «بالرغم من وجود بعض المبادرات، لا يوجد هناك مخطط وطني لعصرنة قطاع الصحة. من المبادرات التي يتحدث عنها تكوين 3300 ممرض في أفق 2012، الاسعاف بالهيليكوبتر، الراميد، وهي مبادرات يقول بأن «المطلوب مرافقتها بإصلاح بنيوي وتأهيل للمستشفيات الجامعية ، باعتبارها ميدان الفعل وتنفيذ هذه المبادرات.. يقدم الكتاب تاريخا عن مستشفى ابن سينا الجامعي، وعن بداياته، منذ عهد الحسن الثاني، وطبيبه عبد الهادي مسواك. والفرنسيين الذين أطلقوا مشاريعه الأولي.. يتحدث أيضا عن ميلاد كلية الطب، وعن الرجل الذي كان وراء ذلك، عبد المالك فرج ، أول دكتور مغربي وأول وزير صحة بعد الاستقلال،وهي قصة تستحق وحدها أن تروى بالتفصيل. وقصص اخرى جديرة بالفسحة، كالإعلان عن اول تجربة لزرع الكلي في المغرب كانت في سنة 1969، في جراحة المسالك البولية ايام الدكتور فرانكي والدكتور بنشقرون..! وعن دخول الدكتور لخمليشي نفسه إلى قسم جراحة الأعصاب، بواسطة الدكتور الاسباني خيرمو بعد تدريب عنده في 1973. وهو الذي أخبره بأنه تخصص المستقبل..
لماذا وهن مستشفى ابن سينا الجامعي؟ للجواب عن السؤال، لا بد من تقديم صورة عن مستشفى ابن سينا الجامعي، وهو يتكون من 10 مستشفيات في واقع الامر،تشكل طاقته ما بين 40 و50 % من مجموع أسرة المغرب، إن تحليل واقع الامر فيه يعكس بشكل واسع ، الواقع القائم في المستشفيات الجامعية الأخرى ويتبين من معطيات رقمية أن مركز ابن سينا الاستشفائي، مركزي في المنظومة الصحية، إذ يتلقى حوالي 400 الف استشارة طبية ل80 ألف مريض يتم استقبالهم، وإجراء 30477 عملية جراحية في نفس المدة.. وإن الميزانية انتقلت من 430 مليون درهم في 2001 إلى 630 مليون درهم في 2007، بزيادة 46 %..! والحال أن الارقام لا تعكس حقيقة الواقع، لأنها تقدم بدون تعليقات ولا مقارنات، ومن ذلك أن عدد العمليات الجراحية تراجعت من 41 ألفا إلى 35 ألفا في 2007 إلى 30 ألفا في 2010 اي بما معدله 26 %..!.. يقول البروفيسور الخمليشي «إن علامات العياء واضحة للغاية، وكل الذين يزورون مختلف مستشفيات ابن سينا من مرضى وزوار وعاملين يلاحظون علامات العياء معاينة بديهية.وهو ما أطلق عليه صاحب التشريح «« المستشفى الجامعي في محنة»».
ويكفي النظر إلى تلاشي البنايات، والصعوبة التي يجدها المرضى ومرافقوهم، وحيرتهم وغياب الحد الادنى المطلوب لإقامة المرضى المقيمين، لكي تتضح الرؤية وتظهر مظاهر المحنة.. ومن مظاهرها الشروط الصعبة في العمل، حيث «نلاحظ منذ عشر سنوات، التردي التدريجي لشروط العمل في مختلف الاقسام الجراحية والعلاجية والتقنية في المستشفى الجامعي ابن سينا». وقد أصبحت المطالبة بتحسين هذه الشروط من الأولويات لدى كل النقابات والعاملين، ولعل أهم ما يميزها هو الضعف في الوسائل الضرورية للعناية بالمريض، سواء على مستوى التشخيص أوالعلاج مع غياب شامل للمعايير الاستشفائية ونظام للتقييم وتحميل المسؤولية.. وغياب الوسائل تلخصه -حسب البروفيسور- مقولة «السبيطار ما فيه والو» وهو الوضع الذي يتعايش معه السياسيون وأصحاب القرار.. ومن مظاهره أيضا أن المرضى يشترون لأنفسهم الأدوية واغلب، إن لم نقل، كل وسائل العمليات الجراحية.. وفي «اغلب الاقسام تسلم للمريض وصفة – ورقة نموذجية-رفقة ورقة الدخول ، تحمل اسماء كل الوسائل التي تلزمه قبل الدخول إلى المستشفى». ومن النماذج التي يوردها البروفيسور الخمليشي، قسم الأعصاب، الذي يشرف عليه هو، حيث إن على المرضى أن يقتنوا بأنفسهم العديد من انواع اللوجيستيك الجراحي، من قبيل الادوات الضرورية لعلاج الكسر في العمود الفقري، اللصاق البيولوجي الذي يستعمل عند الجراحة ويزداد الوضع مأساوية عند وقوع الحوادث..!
العاملون بدورهم، يعيشون المأساة بطريقة أخرى، حيث تضرب معنوياتهم الأرقام القياسية في درجاتها الدنيا.. بسبب الإحساس بالعجز.. مظاهر التردي، وعناصر العلاج موجودة بكثرة في الكتاب، وسيكون من المفيد أن يترجم إلى العربية لكي يتم تعميم هذا التشريح الذي يغطي الجسد المغربي الصحي كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.