أكدت وزارة الخارجية في بلاغ لها ليلة الجمعة، إعادة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وكوبا، وذلك تنفيذا لتعليمات ملكية بهذا الخصوص، التي تضمنت أيضا فتح سفارة للمغرب بالعاصمة الكوبية هافانا. وأوضحت الخارجية أن بلاغا مشتركا حول الموضوع تم توقيعه في نيويورك بين البعثات الدائمة للبلدين لدى منظمة الأممالمتحدة يهم، على الخصوص، إعادة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء. وأشارت الوزارة إلى أن هذا القرار يندرج في إطار تنفيذ التوجيهات الملكية من أجل دبلوماسية استباقية ومنفتحة على شركاء ومجالات جغرافية جديدة. من جهتها، أكدت الخارجية الكوبية استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفي بلاغ نشر بالموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الكوبية « برنسا لاتينا» أكدت هذه الأخيرة أن سفيرة الجزيرة الكاريبية لدى الأممالمتحدة، أنايانسي رودريغيز كاميخو، ونظيرها المغربي عمر هلال قد وقعا على الاتفاق القاضي بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وذلك بمقر البعثة الكوبية لدى الأممالمتحدةبنيويورك، وأضافت أن هذا الاتفاق سيتم تنفيذه بناء على مبادئ وقرارات الأممالمتحدة والقانون الدولي وكذا اتفاقية جنيف لسنة 1961 المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول. ونقلت أغلب الجرائد الكوبية خبر إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كما نشرت نص البلاغ الذي عممته الخارجية الكوبية بهذا الخصوص، وأشارت بعضها إلى أن إعادة العلاقات الدبلوماسية تأتي بعد قطيعة استمرت لمدة 37 سنة ، وبالضبط منذ 1980 عندما قرر المغرب قطع علاقته الدبلوماسية مع كوبا بسبب اعتراف هذه الأخيرة بالجمهورية الصحراوية الوهمية ودعمها للانفصاليين. وكانت كوبا في ذلك الوقت من أهم مزودي الانفصاليين بالسلاح، كما دربت مقاتليها على حرب العصابات، وفي التسعينيات، وخصوصا بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، توقفت كوبا عن مدهم بالسلاح، لكن استمر دعمها السياسي والدبلوماسي للبوليساريو كما أن علاقتها بالجزائر وطيدة، حيث كانت هذه الأخيرة قد أعلنت الحداد لمدة ثمانية أيام بعد وفاة فيديل كاسترو. ورغم أن العلاقات الدبلوماسية ظلت مقطوعة بين البلدين طيلة هذه المدة إلا أن العلاقات التي تدخل في إطار الدبلوماسية الموازية ظلت مستمرة، خصوصا على الصعيد الثقافي، كما سبق لنواب برلمانيين ومستشارين بعدد من الهيئات التمثيلية أن تبادلوا الزيارات واللقاءات التي كانت تتخللها مشاورات حول السبل الكفيلة بإعادة قطار العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين إلى سكته الطبيعية. وسبق لكاتب هذه السطور أن أجرى حوارا مطولا مع نائبين كوبيين قاما في بداية الألفية بزيارة إلى المغرب، نشر على صفحات الجريدة، وأكد النائبان أن هناك شعورا متزايدا في كوبا بأهمية استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وما يمكن أن يجنياه على الصعيد الاقتصادي والتجاري، كما أكدا خلال الحوار المذكور أن كوبا توقفت عن مد البوليساريو بالسلاح وأن هافانا لا تسمح بأن توجه رصاصة كوبية ضد المغرب. استعادة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا كان لها صدى قوي بمخيمات اللاجئين بتندوف، وفي هذا الإطار ذكرت جريدة «إيل باييس» الإسبانية أن الخبر كان مفاجئا في المخيمات، وأن بعض عناصر البوليساريو أبدت امتعاضا من الموقف الكوبي، في حين اعتبر البعض الآخر أن المسألة عادية، فالمغرب، حسب رأيهم، يرتبط أيضا بعلاقات دبلوماسية مع الجزائر التي تعتبر أكبر داعم للانفصاليين. أما في الجزائر فقد فضلت وسائل الإعلام الصمت حيث لم تشر إلى هذا الموضوع باستثناء قصاصة نقلتها وكالة الأنباء الرسمية عن «الوزير الصحراوي «المزعوم، المكلف بأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي عمر منصور الذي اعتبر أن عودة العلاقات بين المغرب وكوبا وفتح سفارة في هافانا «فشل للمغرب» مؤكدا بذلك كيف يسوق قادة الانفصاليين الأخبار والتحاليل المبنية على منطق مقلوب لمحتجزي المخيمات. هذه التطورات المتسارعة تأتي عقب زيارة خاصة قام بها جلالة الملك إلى كوبا لقضاء العطلة، وهي الزيارة التي اعتبرها عدد من المراقبين خطوة استباقية وغير مسبوقة لا بد أن تتلوها خطوات أخرى وهو ما تأكد بعد توقيع اتفاق استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ومعلوم أن راوول كاسترو سعى منذ توليه الحكم خلفا لأخيه الأكبر فيديل كاسترو إلى نهج سياسة مغايرة، خصوصا على الصعيد الاقتصادي والعلاقات الخارجية، وإن كانت متأنية تحسبا لعواقب غير متوقعة، توجت بعودة العلاقات الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة بعد أزيد من نصف قرن من القطيعة وذلك في 2015، حيث قام الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بزيارة إلى الجزيرة، كما أن كوبا نهجت انفتاحا تجاريا على دول كانت تقاطعها منها دول الخليج. ويبلغ عدد سكان كوبا حوالي 11 مليونا، وتملك مؤهلات اقتصادية واعدة خصوصا مع سياسة الانفتاح الجديدة، وهي تتوفر على موارد طبيعية مهمة، وتشتهر بزراعة قصب السكر والبن والحوامض، كما تعتبر قبلة سياحية بامتياز، بفضل شواطئها الخلابة وموروثها الفني والثقافي، غير أن نقطة قوتها الرئيسية تتجلى في النجاح الذي حققته على الصعيد الطبي حيث تعتبر من الدول الرائدة في مجال الرعاية الصحية حيث قدم أطباؤها وعلماؤها إسهامات كبيرة للصحة العالمية.