هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيدي سليمان والنواحي من منطق التهيئة والبناء المدروس إلى منطق التأزيم والعشوائية

لا يمكن استساغة الاستمرار في اعتبار سيدي سليمان ونواحيها منطقة لجمع المحاصيل الفلاحية ونقلها إلى مناطق أخرى، وبالتالي تحويل رؤوس الأموال المحققة بها إلى مدن أخرى (منطقة لاستنزاف الخيرات والجهد). ما تحتاجه اليوم عاصمة بني احسن هو تمكينها من منطقة صناعية بمقاييس دولية تمكن من خلق التكامل ما بين القطاعات الفلاحية والصناعية والخدماتية.
فعندما نتحدث عن التراجعات نستحضر ما بذلته سلطة الحماية من مجهودات استثمارية وتدبيرية من أجل رفع الاستفادة من خيرات المنطقة إلى أعلى المستويات. إن الأهمية التي أعطيت لمدينة سيدي سليمان ومحيطها في تلك الفترة كانت استثنائية بكل المقاييس. لقد تحولت المدينة ومحيطها القروي في زمن قياسي إلى مجال منتج وبمردودية كبرى، مجال جذاب بمقوماته الاقتصادية والطبيعية. لقد تولى المهندس والمهيء المعماري الفرنسي إيكوشار مبكرا وبنفسه، إعداد مخطط للتهيئة للمجال الحضري، مخطط مازالت تحتفظ به السلطات العمومية والفعاليات المحلية كذكرى بارزة في تاريخ التمدين وكقيمة هندسية ومعمارية بالمنطقة. الأهم من كل هذا، حرص هذا المهندس على ضمان التنفيذ المتوازن لهذا المخطط، توازن كانت الغاية منه، بشهادة الفرنسيين والمغاربة، تحويل المدينة إلى مجال حضري بمقومات علمية (حياة حضرية بامتياز) وباقتصاد مجالي بمردودية كبيرة. لقد وصل حد الإعجاب بهذا الإنجاز إلى درجة تم نعت المدينة في أواخر زمن الحماية وبداية الاستقلال بباريس الصغيرة (petit Paris)
كان مستوى التنظير في السياسة الحضرية والنجاعة في التنفيذ (التخطيط والتدبير الحضريين)لمدينة سيدي سليمان عاليا جدا إلى درجة مكنت من تحقيق الترابط الوثيق بين وتيرة التمدين (Rythme d?urbanisation) ومستوى التطور الاقتصادي المجالي المحلي وخاصة الصناعي منه. لقد كانت أسس هذا التوازن في السياسة الحضرية مرتبطة أشد الارتباط بمعرفة وخبرة الفاعلين العموميين وبتوفر العقار الكافي في الملكية الخاصة للدولة، عقار شاسع مكون من رسمين مشهورين ومعروفين، رقم الأول 16602 ويمتد من واد بهت غربا إلى محطة القطار الكبيرة ، ورقم الثاني، المحاذي للأول، 16603 (الذي بنيت على جزء منه المحكمة الابتدائية الجديدة). لقد شكل الرصيد العقاري الشاسع في الملك العام للدولة، إلى جانب ملكها الخاص، وعاء مكن سلطة الحماية والدولة المغربية ما بعد الاستقلال من إنجاز العديد من الاستثمارات الأساسية في مجالي الخدمات الاجتماعية والاقتصادية (بناء المؤسسات التعليمية، دار الشباب، مكتب البريد، والمعامل في مختلف القطاعات الإنتاجية المرتبطة بالفلاحة، القباضة، إدارة الأشغال العمومية، المستشفى البلدي، الدرك الملكي، ملعب الكرة الحديدية، معمل السكر، محطتي القطار، المركز الصحي لمحاربة الملاريا، الكنيسة، دار الثقافة، مصلحة الاتصالات اللاسلكية، دار الأطفال، دار الفلاح، المعهد الفلاحي لحماية النباتات، ملعب حسنية سيدي سليمان لكرة القدم،....)، وحول محيطها إلى ضيعات وجنان للفواكه والخضروات والحوامض بمختلف أصنافها. لقد تحولت المدينة ومحيطها إلى مجال شديد الاخضرار نتيجة استفادة المنطقة من عملية تجفيف «المرجات» ومدها بتجهيزات السقي الكبير (Grande Hydraulique) . كما تحولت عبارة «واد بهت» إلى رمز مجتمعي لوفرة مياهه ونقاوتها حيث أدمجت في تسميته بعض المرافق وبعض الجمعيات (مقهى واد بهت، جمعية واد بهت ...).
واليوم، وبالتأمل في حصيلة التدخلات في المجال الحضري زمن المغرب المستقل، وفيما آل إليه الوضع في المدينة ومحيطها، لا يمكن للمرء إلا أن يتأسف ويتحسر بحزن شديد. لقد أغلقت المنشآت الاقتصادية، وتفشت ظاهرة السكن غير اللائق، وزادت حدة رداءة الخدمات العمومية خصوصا الاجتماعية منها، ورداءة التجزئات والتجهيزات المتعلقة بها نتيجة الاحتكار في مجال التعمير والهندسة المعمارية ومنطق تعامل السلطات الإدارية معه، وإفلاس الشركات الفلاحية المعروفة وعلى رأسها صوديا وسوجيطا،...إلخ. والشيء الخطير الذي تم تسجيله خلال هذه المدة يتجلى بالخصوص في سوء التدبير العقاري بالمدينة ، خاصة ما عرفه الوعاء العقاري برسميه السالفي الذكر من عشوائية مقصودة في الاستغلال والاستعمال. لقد عرف هذا العقار عددا كبيرا من التفويتات لم تخدم في مجملها الاقتصاد المحلي ولا التنمية البشرية والاجتماعية، بل مكنت العمليات المتكررة لبيع أجزاء منه (من مستفيد لآخر) إلى إغناء مجموعة من الأشخاص أصبحوا يشكلون اليوم طبقة نافذة في المدينة، بل ويشكلون شبكات زبونية تؤثر بقوة بشكل مباشر أو غير مباشر في المشهد السياسي المحلي. فما عرفه المجال العقاري من عمليات بيع زبونية توج بخلق منظومة قوية غير رسمية تشارك، بكل ما لديها من قوة، من أجل تنمية امتيازاتها من خلال دعم بعض النخب الموالية لها (المسخرة لخدمة مصالح الفئة السائدة عوض دعم وخدمة مصالح الساكنة) بالمال ومصادر النفوذ المعروفة، إلى درجة أصبح من شبه المستحيلات، بدون تدخل قانوني صارم لسلطة الدولة لتصحيح الوضع المتأزم، التفكير في إنتاج نخب جديدة على أساس الكفاءة والخبرة والمعرفة والمسؤولية وحب الوطن والغيرة على مستقبل البلاد (الحق في التنمية المحلية والجهوية والتقدم في تحقيق التوزيع المتكافئ للسكان وللأنشطة الاقتصادية بين جهات المملكة). وهنا، ونحن نتابع ما تبذله بعض النخب النزيهة من مجهودات نضالية بمنطق معين، محاولين التأثير على التوازنات قصد تحسينها، ينتابنا إحساس بعدم وصولهم إلى هدف تحريك «المياه الراكدة» المحروسة ما لم تبادر الحكومة الحالية إلى دعم النزاهة الانتخابية من خلال الحث على المصداقية والدقة في شروط الترشيح. فإضافة إلى تأثير المال والنفوذ المصطنع على الاستحقاقات الانتخابية، مازالت النخب المحلية ذات الكفاءة والنزيهة تعيش ضغوطات تأثير تراكم المعطيات التاريخية بشقها القبلي والعشائري والمالي. فمدينة سيدي سليمان تحولت إلى عاصمة قبائل بني احسن في مرحلة ما بعد الحماية كمجال فضلته سلطة الحماية على مركز دار بلعامري. فبعدما كان مركز دار الكداري يلعب هذا الدور ما قبل الحماية بفضل قوة نخبه ، وعلى الخصوص قوة عائلة الكدادرة التي كانت على رأس قبيلة المختار بقوادها الأشداء في تلك المرحلة حيث امتدت سلطتهم في تلك الفترة ما بين الحدود مع قبائل الشراردة (بومعيز الحالية)، والحدود مع الغرب المحدودة بواد سبو، إلى مدينة سلا (كان يطلق على القائد محمد الكداري قائد القواد الذي له الصلاحية المطلقة لمنح صفة القائد لبعض الشخصيات من قبائل اتحاد بني أحسن والتي يراها ملائمة لمنطقه وتستجيب لشروطه)، توجت مجهودات سلطة الحماية بتحويل منطقة مدينة سيدي سليمان إلى منطقة غنية وذات نفوذ ترابي قوي.
هكذا، مباشرة بعد توقيع عقد الحماية، دخلت فرنسا إلى منطقة الغرب بسهولة حيث أنشأت ثكنات عسكرية بها في كل من ميناء اليوطي بمدينة اليوطي، أي مدينة القنيطرة حاليا، وفي دار بلعامري (تبعد عن سيدي سليمان بعشرة كيلومترات)، وفي باتيجان (petit Jean) أي سيدي قاسم حاليا. ومباشرة بعد إكمال الإقامة العسكرية، بدأ الخبراء والمهندسون العسكريون في انجاز المسح الطوبوغرافي لناحية دار بلعامري، التي اختيرت في البداية كمجال لاستقرار الفرنسيين المعمرين (colons) . فإلى جانب الثكنات العسكرية، تم نصب خيام عديدة للجندية الفرنسية وتم بناء إقامة كبيرة للحاكم الجهوي حيث تم اختيار موقع الإقامة العسكرية في أعلى هضبة بالمنطقة بجانب واد بهت لمراقبة كل الدواوير المجاورة: النعاعسة، أولاد بوجنون، ازهانة، أولاد ملوك، والخنافشة، وأولاد احميد، والطيسان، والحامة.
وبعد إتمام هذه المهام الأمنية والدراسات الاجتماعية والطبوغرافية والجغرافية، بدأت فرنسا ورش تجهيز المنطقة لتسهيل استغلالها ،حيث استثمرت منذ البداية في انجاز خط للسكك الحديدية يربط بين القنيطرة ومينائها ومدينة مكناس مرورا بدار بلعامري.
النشأة والتطور
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، تم إنشاء السكك الحديدية سنة 1920 بين الدار البيضاء وفاس، وبناء الطريق الرئيسية الرابطة بين المدينتين السالفتي الذكر. وكان على رأس القوات العسكرية والوجود الفرنسي في المنطقة «الرهيب هونري بريو (Henry Prio) » الذي أنشأ أول ضيعة فلاحية كبيرة على أراض خصبة وشاسعة بجوار النهر تجاوزت مساحتها مئات الهكتارات قرب الولي الصالح سيدي سليمان. إنها الضيعة التي يسميها اليوم سكان مدينة سيدي سليمان بضيعة «بريو» أو ضيعة التازي نسبة إلى الشخص الذي تمكن من تمليكها لفائدته .وبعد إتمام إنجاز هذه التجهيزات الحيوية، تولدت عند هذا «الرهيب» إنشاء قرية استعمارية سماها سيدي سليمان، نسبة إلى الولي الصالح السالف الذكر على شكل مركز استعماري. وتحول بذلك اهتمام الفرنسيين من دار بلعامري إلى سيدي سليمان.
وبعد دخول الفكرة حيز التنفيذ، أطلق اسمه على أحد أهم شوارع المدينة حيث نصب به لوحة كبيرة كتب عليها «شارع هونري بريو» نسبة إلى اسم مؤسس المدينة (شارع المقاومة حاليا). وبعد هذه المبادرة، تم تعميم تسمية الشوارع بأسماء شخصيات فرنسية وازنة أو أحداث مهمة تتعلق بالتاريخ الحديث لفرنسا كشارع الجمهورية (شارع محمد الخامس حاليا)، وشارع فرانسوا بيكار (شارع الحسن الثاني حاليا)، وشارع الماريشال اليوطي (شارع الأمم المتحدة حاليا)، وشارع باستور (احتفظ بنفس الاسم إلى يومنا هذا)، وشارع الجينرال منجان Mangin) شارع الأمن حاليا)، وشارع الرئيس لامان (شارع الملعب حاليا)، وشارع الرئيس دومير. وشيدت بعد ذلك إقامة المعمر قرب البريد حاليا وكذا كنيسة كبيرة تحرص عمالة سيدي سليمان وتبذل كل الجهود من أجل تحويلها إلى مركز ثقافي وفضاء للجمعيات.
وبعد نجاح المستعمر في خلق مركزين للإقامة في المنطقة (دار بلعامري وسيدي سليمان)، أعطيت الانطلاقة لتنفيذ مخطط شبيه بمخطط مارشال خاص بالغرب وخاصة المحيط المباشر للمدينة، حيث أشرف على إنجازه هونري بريو المعروف بلحيته الطويلة آنذاك. ويتعلق الأمر بعصرنة الفلاحة وتحويل الاستغلال التقليدي للأراضي إلى ضيعات عصرية تشرف عليها شركات فرنسية كبيرة ممولة من طرف البنوك الفرنسية.
أما بداخل المدينة، فقد أسست شركات تجارية في المجال الفلاحي. وبعد نضج أشجار الحوامض والكروم، وبعدما أعطيت الانطلاقة لجني ثمار الضيعات الفلاحية بمختلف ألوانها سنة 1932، شيدت مصانع لتلفيف وتسويق المنتوجات وتصديرها إلى الخارج. وفي مجال البحث العلمي الفلاحي، قام المستعمر بإنشاء ضيعة نموذجية للتجارب الفلاحية والزراعية المسقية والبورية بتجهيزات عصرية (في المكان الحالي الذي يتكون من تراب معمل السكر SUNAB الذي أغلق مؤخرا بعد خوصصته)، وتراب مطحنة الفلاح ومصنع الكومة، حيث تحولت إلى مشتل للتجارب تحت إشراف علماء وخبراء فرنسيين في الزراعة والفلاحة والبيطرة ( يقطنون بعين المكان). وفي سنة 1926، أعطيت الانطلاقة لبناء سد القنصرة على واد بهت من طرف شركة سويسرية وانتهت الأشغال سنة 1934 . وفي بداية 1932، أعطيت الانطلاقة لأشغال تشييد الساقية الرئيسية للسقي ( الساقية الكبيرة كما يسميها السكان) الممتدة على مسافة 40 كلم من بهب السنور ابتداء من الحدود بين زمور وبني احسن إلى منطقة الحريشة قرب سيدي قاسم لتصب في واد تهلي ( مشروع السقي الكبير). وموازاة مع انطلاق أشغال هذه الساقية الكبرى، بوشرت الأعمال لإنجاز السواقي الثانوية والثلاثية والقنوات الباطنية لتوزيع المياه لسقي 150 ألف هكتار (الدائرة المسقية لواد بهت).
وبعد هذه الإنجازات المنظمة في المجال وفي الزمن والمضبوطة من الناحية التقنية والواضحة من حيث الأهداف، أصبحت المدينة مجالا أخضر محاطا بالأراضي المسقية ذات الجودة العالية حيث امتدت القنوات لتشمل بعض الحدائق في وسط المدينة. وموازاة مع المجهودات الكبيرة في مجالي السقي الكبير والصناعة التحويلية الفلاحية على الخصوص، أعطت سلطة الحماية اهتماما بالغا لتوسيع الوعاء العقاري الفلاحي من خلال استصلاح الأراضي الفلاحية وتجفيف «المرجات» المائية التي تغطي مساحات شاسعة في منطقة الغرب والتي نذكر منها مرجة لجواد، ومرجة لكلاب، والمرجة الكبيرة، ومرجة للايطو، والمرجة الزرقاء، ومرجة قابات. وتوجت هذه المبادرة ببلورة مخطط لتجفيف «المرجات» واستصلاح أراضيها وتجهيزها، تلته انطلاقة للأشغال بوتيرة جد سريعة بدءا بحفر قنوات التجفيف والتي نذكر منها قناة لكلاب، وقناة الوحاد، وقناة البطحة، وقناة الهيدي، وقناة بهت سبو، وقناة اردم السفلى، وقناة تهلي، وقناة الحامة، وقناة بويدر، وقناة تيفلت بو، وقناة لابوكا، وقناة الفكرون، وقناة مادر، وقناة مضى، وقناة مارقتن، وقناة سمكات،... إضافة إلى العشرات من القنوات الثانوية التي تربط بين أراضي «المرجات» وهذه القنوات الكبيرة. واستمرت الأشغال الكبرى، التي شقت وسط الأراضي المجففة وديانا كبيرة باستعمال آخر الآليات التكنولوجية المخترعة آنذاك (الآلات والمعدات) كالجرافات الكبيرة «دراكلاين». وبعد إنجاز هذه القنوات، وإنهاء تجهيزها بالقناطر والخنادق والمسالك، ناهيك عن استصدار قانون لحماية هذه التجهيزات وصيانتها ( الظهير الشريف بتاريخ 01 غشت 1925)، تلته مجموعة من القوانين والمراسيم التطبيقية في مجال الماء، ومجال تفويت استغلال الماء، وتحديد المجال العمومي المائي، والحقوق المائية الخاصة، والماء الصالح للشرب، والمياه المعدنية، والمياه الجوفية، والمياه الحضرية، وأجراف الوديان، وأسرة الأنهار، وشرطة الماء، والاعتراف بحق الماء، وأداء واجبات استغلال الماء، وسرقة الماء، والمناطق المحمية،...الخ. كما تم الاهتمام بحماية صحة المواطنين من خلال إجراءات تقنية بيئية تتعلق بمحاربة «الناموس» من خلال إتلاف أعشاشه وبيضه التي كان يضعها في ضفاف «المرجات» و»الضايات» والأنهار. وكإجراءات مصاحبة لحماية السكان من قسوة الطبيعة، تم تنظيم عمليات دورية لمحاربة الأعشاب الضارة والتي تحوي أعشاش الحشرات ك»البردي»، و»السمار»،... وإزالة الأوحال، ورش البترول «المازوط» على المياه الراكدة، وتسميم نقط الماء بواسطة الحوت الصغير، وتوزيع «لاكنين»، و»الجير»، و»جافيل» على السكان.
وحسب مجموعة من الشهادات، لقد تحولت سيدي سليمان في زمن قياسي إلى منطقة خضراء بمياه نهرها الصافية الغنية بالثروة السمكية، وأصبح مجالها الترابي فضاء للتسلية والسباحة وممارسة هواية الصيد. كما عاشت المدينة اكتفاء ذاتيا في مجالات عرض الخضر والفواكه والسكر والبواكر والحوامض.... كما خلقت هذه الاستثمارات الكبيرة عروضا جد كافية من فرص الشغل، بل تجاوزت الطلب بكثير، مما أبرز الحاجة إلى جلب العمال من مناطق أخرى ( الهجرة من القرى المحيطة بالمدينة ومن المدن الأخرى المجاورة والمناطق الأخرى للعمل في الحقول والضيعات). كما اختص الوافدون من قبائل الريف في مجال حراسة المنتوج الفلاحي قبل جنيه أو ما يسمى ب»الغلة» (التكلف بما يسمى بالعامية « بالعسة») ، والوافدون من القبائل الصحراوية في حفر الآبار. وهكذا تحولت المنطقة إلى جنان ومساحات خضراء بمردودية كبيرة في مجالي الفلاحة والصناعة وتربية الماشية... ونظرا لهذا الازدهار عرفت المدينة إقبالا كبيرا حيث استقطبت أهل سوس (تجارة المهارة)، وبعض العائلات الفاسية (برادة، بلامين، بنعبد الله، ومامول،...) بأموالهم وعائلاتهم.
ونتيجة للتطور الفلاحي والصناعي بالمنطقة، أنجزت سلطة الحماية مخططا للتنمية كانت الغاية منه ضمان الاستغلال العقلاني للثروة المائية الهائلة التي تزخر بها المنطقة، وتحويله إلى دعامة أساسية لتحويل الغرب إلى إحدى المناطق الغنية فلاحيا وصناعيا في إفريقيا الشمالية. وتضمن هذا المخطط في شقه الصناعي خلق مجموعة من الوحدات الصناعية التي دعت الحاجة إلى برمجتها على المستوى القريب والمتوسط والتي نذكر منها: محطات للتجفيف والتلفيف وتصدير الفواكه والخضر، معمل لصناعة الكلأ المصنوع من بقايا الشمندر وقصب السكر والفواكه والخضر، ومعمل لصناعة «المربا» وتعليب الفواكه والخضر، وتوفير الحاويات العصرية الكبرى لتخزين الحبوب والأرز، ومعمل لتجفيف أوراق التبغ، ومعمل الزيوت والتصفية، وتوسيع معمل السكر، ومعمل للحليب ومشتقاته، ومحطة كبيرة للتبريد....إلخ.
تراكم الإخفاقات التدبيرية
نتيجة لتراكم الإخفاقات التدبيرية ما بعد الفترة الحماسية لفجر الاستقلال، سرعان ما تحولت مدينة «باريس الصغيرة» إلى حاضرة للنوم. لقد عبرت التراكمات عن فشل ذريع في التدبير العمومي والسياسي للمدينة ونواحيها إلى درجة أصبحت فيها السياسة مرتبطة أكثر برفع نسب المشاركة الانتخابية بالأموال الوسخة (شراء الذمم). وبذلك ابتعدت المسؤولية التدبيرية عن المعرفة العلمية والاختيار السياسي المسؤول للنخب المحلية لصيانة التراكمات والزيادة من وتيرة الإنجازات التنموية بروح وطنية وتعبئة شاملة للمجتمعات المحلية. فباستثناء الفترات الأولى المغمورة بالروح الوطنية ما بعد الاستقلال والتي كان عنوانها البارز إعطاء الانطلاقة لورش الإصلاح الزراعي والصناعة الفلاحية والتنمية القروية (ما قبل 1976 حيث أكدت مصادر موثوقة الحضور المستمر للقيادات السياسية الوطنية إلى المنطقة وعلى رأسها المهدي بنبركة)، فقد عرفت المنطقة منحى فتح الباب لصراع المصالح الشخصية على مصراعيه على حساب مستقبل الساكنة. بالطبع لم تجن المدينة ونواحيها في آخر المطاف إلا الفقر والفشل الذريع في سياق مجال جغرافي يعد من أغنى المجالات وطنيا.
ونتيجة لسوء التسيير، وضعف السلطة العمومية في مجال المبادرة والمراقبة والتقييم والتنسيق، تحولت المدينة إلى فضاء للفوضى يصعب العيش به (احتلال الملك العمومي الخاص والطرق الوطنية من طرف الباعة المتجولين، ووسائل النقل غير القانونية، وفوضى في السير والجولان،...). أكثر من ذلك، تم الترخيص لبعض المقاهي لفتح خدماتها أمام الشباب 24/24 ساعة حيث تعرف إقبالا كبيرا طوال الليل والنهار. فالشباب يسهرون الليل وينامون طوال النهار، أما الفئات العمرية الأخرى وأغلبهم الموظفون ورجال التعليم فلا يجدون غير فضاءات المقاهي للترفيه عن النفس (فتح نقاشات روتينية يشوبها التكرار، لعب «الكارطا» و»الرامي»،...). إن الديناميكية الاقتصادية التي عرفتها المدينة في السنوات الأولى بعد الاستقلال لم يكتب لها الاستمرار حيث سرعان ما تحول الحماس الوطني إلى صراعات على المصالح توج بتراجعات مستمرة بسبب سوء التسيير وطغيان الذاتية على الروح الوطنية. ونتيجة لتراكم السلبيات وتأثيرات السلوكات الفاسدة، كل الوحدات الإنتاجية أغلقت، وكان آخرها معمل السكر الكبير، ولم تبق إلا البنايات الضخمة الفارغة في المنطقة الصناعية الشاسعة الممتدة من المحطة الصغيرة إلى المحطة الكبيرة للقطار. أكثر من ذلك لقد تحولت مساحات شاسعة بها إلى تجزئات سكنية.
في مجال التنمية المجالية، إلى جانب انتشار السكن غير القانوني والعشوائي خصوصا في الجهة الغربية، وجد الشباب والأطفال والأسر أنفسهم أمام انعدام تام للمجالات الرياضية والترفيهية، ووجدت الساكنة نفسها أمام أحياء ببنايات فوضوية تنعدم فيها المجالات الخضراء، والمرافق والفضاءات الخاصة بالأطفال والشباب، والتجهيزات الأساسية. فدار الشباب الوحيدة بالمدينة تعاني ولا تستضيف إلا عددا قليلا من الزبناء لضعف تدبيرها وسيطرة بعض الأشخاص على مجلس الدار من خلال فبركة مكاتب النوادي المختلفة (منطق «الانزالات»). لقد اختفى كل شيء جميل من مسرح، وسينما، وترفيه، وموسيقى، ورياضة، وتكوين، وتأطير جمعوي في مختلف المجالات.
في مجال الرخص الحرفية، تعيش المدينة فوضى عارمة حيث يعم الأحياء ضجيج الآلات الصناعية كآلات النجارة، والميكانيك، والتلحيم، وغيرها،...، ومازالت المدينة تعرف انتشارا للأوساخ والنفايات في العديد من الأماكن لعدم تنظيم القطاعات الحرفية والتجارية وهيمنة القطاعات غير المهيكلة (Secteur informel) . كما عرفت المدينة ومازالت تعرف استغلالا مبالغا فيه للمجال العمومي في الأحياء السكنية، وفي الشوارع الرئيسية للمدينة، حتى بلغت الجرأة ببعض التجار بالشارع الرئيسي إلى كراء المساحات التي تفصل دكاكينهم ومتاجرهم عن الطريق المعبدة، مما يدفع المارة إلى احتلال الطريق الخاصة بالسيارات.
إجمالا، لقد خضع التدبير السياسي للمدينة ونواحيها لمنطق ارتجالي مقصود شل حركتها وحول مجالها إلى فضاء لممارسة الأنشطة الهشة وغير القانونية. لقد تم استعمال كل الوسائل لمحاربة المسؤولية والشفافية والكفاءة بالمدينة حيث تابعت الساكنة كيف تم خلق نخب اقتصادية محلية من فراغ وتحويلها إلى دعامة سياسية في كل استحقاق انتخابي. كما تم استغلال بعض المرافق العمومية ذات الطابع الاجتماعي سياسيا حيث تم على سبيل المثال تنصيب بعض الفعاليات المختارة على رأس جمعيات الرعاية الاجتماعية (بعدما بذلت مجموعة من الفعاليات مجهودات نشرت على صفحات هذه الجريدة لخلق التحول في تدبير هذه المؤسسات الحيوية عبر محاربة احتكار تدبيرها من طرف بعض النخب المحظوظة، تعيش اليوم هذه المؤسسات وضعا أسوأ من سابقه بالرغم من توفر الوسائل). كما تم إعداد بعض الأشخاص وتحويلهم إلى منعشين عقاريين يلجؤون إلى شراء عدد كبير من البقع العقارية في أهم التجزئات المفتوحة، ويحتكرونها إلى حين الزيادة في الأثمنة،...إلخ. وفي مجال الخدمات، تم دعم بعض الأشخاص في بعض القطاعات المربحة كتموين وتنظيم الحفلات والأعراس وكراء الأسواق والفضاءات التجارية.
وعليه، فمن خلال التشخيص العميق لانتظارات عدد كبير من المثقفين والمتتبعين في المدينة، تمت ملاحظة تعلقهم بالأمل في التفاتة الدولة إلى هذه المدينة وتحملها لمسؤولياتها الكاملة في تقوية السلطة العمومية في مجالات التنمية المجالية والاجتماعية واحترام القانون ومواجهة المضاربات العقارية والاحتكار من خلال خلق جو تنافسي سليم بين المنعشين العقاريين ومن بينهم الدولة. فما عرفته المدينة وما تعرفه يحتاج إلى تدخل عمومي استعجالي من خلال إدراج مجالها ضمن المجالات ذات الأولوية في برامج الحكومة. فتوفر المدينة على وعاء عقاري شاسع تابع للملك الخاص للدولة، وتوفر المدينة على بنايات ضخمة وشاسعة في المنطقة الصناعية، وتوفر المنطقة على فرشة مائية مذللة، وعلى رصيد مائي سطحي (واد بهت وسبو)، وعلى أراض فلاحية خصبة، وعلى صناع تقليديين ماهرين في الخزف (جماعة الصفافعة) وفي مجالات أخرى... يعتبر في نظر الساكنة مكتسبا يجب أن يكون محفزا للدولة لتمكين المدينة ومحيطها من الاستفادة من البرامج التنموية الحكومية. لقد حان الوقت لبلورة مخطط تنموي محلي وإقليمي قابل للتفعيل تساهم في تمويله وتنفيذه مختلف القطاعات الحكومية بإشراك الفعاليات والجمعيات الفاعلة المحلية.
على سبيل الختم
لقد حان الوقت لتفادي التناقض الحاصل بين امكانيات المنطقة ومستوى فقر ساكنتها. فخيرات المنطقة يجب أن تساهم في الرفع من المستوى المادي والمعنوي للسكان صونا لكرامتهم وتقوية لمقاومتهم للفساد الانتخابي والإداري. وكما سبق لنا أن أشرنا إلى ذلك تحتاج المنطقة (مدينة ودائرة سيدي سليمان) إلى تقوية التكامل الاقتصادي مع محيطها خاصة مع تراب جماعة القنصرة وذلك من خلال تهيئة بحيرة سيدي الشيخ («اللاك») إلى فضاء سياحي قروي كما كان زمن الحماية (ينضاف إلى الفضاء الترفيهي والاجتماعي في طور الإنجاز على تراب جماعة القصيبية بمحاذاة الطريق الوطنية في اتجاه القنيطرة)، وجعل الإمكانيات المائية والغابوية في خدمة التنمية المجالية بالنسبة لقبائل زمور وبني احسن من خلال نهج سياسة مندمجة تنمي الرصيد الغابوي، وتعقلن استعمال الماء، وتساهم في التنمية الاجتماعية، وتمكين التعاونيات الفلاحية من السقي العصري (من المحتمل جدا أن تتم المصادقة على جهة الرباط الكبيرة التي تحتاج إلى تقوية الروابط الاقتصادية بين كل أقاليمها وضمنها إقليما سيدي سليمان والخميسات).
وفي الأخير نقول إن ارتقاء المدينة إلى مقر عمالة جديدة، وما تعرفه من أوراش مشاريع تنموية وتجهيزية جديدة مفتوحة وسط المدينة ونواحيها القروية (قد تم نشر لائحة هاته المشاريع على صفحات هذه الجريدة في صيف السنة الماضية)، بإمكانه أن يساعد المجال الحضري السليماني وساكنته على تجاوز إخفاقات مشروع تأهيل المدن السابق وما عرفه من اختلالات تدبيرية. كما نرى أن تقوية الالتقائية ما بين السلطات الإدارية المحلية والإقليمية والسلطات التمثيلية بالمنطقة في المستقبل، تحتاج إلى اتحاد اشتراكي قوي ومؤثر على صناعة القرار السياسي والتنموي. نقول هذا لأنه أصبح رائجا في صفوف الرأي العام المحلي والإقليمي أن مدينة سيدي سليمان والجماعات المحيطة بها أصبحت اليوم في حاجة ملحة إلى هذا الحزب التاريخي الوطني القوي برصيده النضالي ومشاركته القوية في إنقاذ البلاد من السكتة القلبية، حزب يحتاج إلى توحيد الصف النضالي بداخله ومع باقي الأحزاب الديمقراطية الوطنية. إنها الحاجة إلى اتحاد اشتراكي قوي بموارده البشرية ونجاعة مبادراته النضالية، وتحركات فروعه، وأجهزته الموازية، وكتابته الإقليمية. إنه مطلب تحويل محطة المؤتمر الإقليمي الأول إلى مناسبة لإعطاء انطلاقة جديدة للعمل النضالي الحزبي، انطلاقة تمكن المدينة من تجاوز جو الرتابة والتناحر والصراع، ليحل محلهما التعاون والتكامل الذي يخدم المجتمعات المحلية بمعرفة ووعي عميق بالمطالب المشروعة للمجتمعات المحلية أفرادا وجماعات وتوفير شروط تحقيقها.
وعليه، يبقى من الضروري حزبيا العمل على تقديم البديل بالشكل الذي يرضي المواطنين والمواطنات، بديل بقدرات اقتراحية قوية وبطاقم مؤسساتي حزبي منظم يضمن ديمومة الحضور في المؤسسات وفي المجتمع. إنها الحاجة إلى تقوية العمل الحزبي الجماعي من خلال خلق اللجن الموضوعاتية والقطاعية القادرة على رفع تحديات المرحلة وتحقيق الرهانات المنتظرة. وهنا نقترح في هذا المقال بعض التوصيات التي نراها ذات أولوية:
* خلق لجنة حزبية دائمة للبحث والدراسة والترقب تهتم بالشأن العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي،
* نهج سياسة القرب باعتماد الآليات العصرية لتشخيص أوضاع المواطنين في مختلف أحياء المدينة (اعتماد الاستمارة في البحوث الدورية، تنظيم تجمعات كل شهرين مع نخب القرب في مرحلة أولى ومع المواطنين في مرحلة ثانية)،
* خلق لجنة حزبية لدعم المستثمرين وتشجيعهم وتوفير شروط جلبهم واستقرارهم بشكل دائم في تراب الإقليم (الاستثمار في المجال الفلاحي، والصناعات الغذائية والتحويلية، تلفيف الخضر والفواكه،...)،
* خلق لجنة للحكامة التدبيرية في المرفق العام وحماية المال العام وعقلنة تدبيره (توسيع وعاء المداخيل وعقلنة المصاريف)
* خلق لجنة حزبية لتشخيص المعرفة المحلية للمواطنين، وتنظيمهم وتأطيرهم من خلال تأسيس الجمعيات والوداديات والتعاونيات، وتمكينهم من نماذج مشاريع مدرة للدخل،
* خلق لجنة حزبية مكلفة بالجانب الفني والإبداعي (العودة القوية إلى دار الشباب ودور الثقافة): السينما، المسرح، الموسيقى، التراث الثقافي والفني الإقليمي،...إلخ،
* خلق لجنة حزبية للدعم التربوي للتلاميذ والطلبة في مختلف الشعب العلمية والأدبية والفلسفية،
* خلق لجنة لتقوية تواصل الأسرة بالمدرسة والمؤسسات التربوية المختلفة،
* خلق لجنة للتكوين في أنماط التدبير الجديدة والتكنولوجيات الحديثة،
* خلق لجنة للإعلام والتواصل الجماهيري...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.