القراءة الأولية لمشروع مسودة قانون المسطرة الجنائية الذي سيعرض على البرلمان ، يبدو لنا فيه بقدر ما يضم ايجابيات ، يضم كذلك مجموعة من النقائص والتراجعات المخالفة لما جاء به الدستور في يخص حقوق المواطنين واستقلال القضاء. لكن مع ذلك هنا بعض الجوانب الايجابية منها ، أولا، أثناء الساعات الاولى لاعتقال المتهم يحضر المحامي عند الشرطة القضائية. وبإمكانه الاتصال والتحاور مع المعتقل لمدة 30 دقيقة لاأكثر، مع امكانية تسجيل السمعي البصري للاستجواب. كما أن مسودة القانون المسطرة الجنائية، طرحت بدائل للاعتقال الاحتياطي كالقيد الالكتروني لمتابعة المتهم ، ثم اقرار عقوبات بديلة ، وذلك من خلال انجاز عمل من أجل المنفعة العامة. لكن هناك أمور ونصوص نجدها مخالفة لروح ونصوص الدستور، تضمنها نص المسودة ، وهذا يظهر في العديد من المواد ، مثلا، الاختراق الامني ، الذي يمكن أي رجل من النيابة العامة أن يتقمص دور الجاني ويختلط بالجناة من أجل يورط الإنسان ، وهذا أمر يمس بحقوق الإنسان.. لكن الاخطر بالنسبة لنا كحقوقيين ، أن هذا الاختراق يعطي الحق ليس فقط للامن المغربي القيام به ، بل يعطي الحق للاجهزة الامنية الاجنبية ، وهذا يمس بالسيادة الوطنية . هذه بعض الملاحظات الشاملة، فيما يخص مسودة قانون المسطرة الجنائية ، التي تتضمن نصوصا تسعى الى تقوية دور النيابة العامة وهيمنتها المطلقة على القضاء المغربي ، نظرا لأن النيابة العامة غير مستقلة وتابعة لوزارة العدل ما سيجعل الإنسان وحريته بيد الاجهزة التابعة لوزارة العدل . ولدي سؤال آخر ، فيما يخص الافراد الذين يتابعون في حالات خاصة ، وأضيف لهم مستشارو الملك ، لهذا لاأرى أن هناك وصفا قانونيا لهذا المنصب . فقانون المسطرة الجنائية أعطاهم حقا غير موجود في الدستور. كما أنه ، وتحت غطاء الارهاب ، نجد أن هناك توسيعا لدورالشرطة القضائية ورجال المباحث بصلاحيات واسعة التي تمس بقرينة البراءة. كما حثت مسودة المشروع، بفرض استعمال اللغة العربية فقط ، وحتى في الحالة التي تكون فيها المتابعة من طرف المصالح الامنية الاجنبية ، حيث نجد النص لايشير مطلقا للغة الامازيغية التي أصبحت لغة رسمية. إذن هذه بعض الملاحظات الاولية ، التي تتطلب ضرورة فتح نقاش طويل بين الحقوقيين. (*) رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان