هل ما يحدث في بر مصر مستقل عن تطورات محيطها الإقليمي؟ هل هو مضاد لتطور داخلي محتوم؟. إنها بعض من الأسئلة التي رافقت، ضمنيا، الخطوة الثانية الكبرى، ضمن خارطة الطريق المعلنة منذ الحراك الشعبي الثاني ليوم 30 يونيو 2013، الذي انتهى إلى إزالة حكم الإخوان، المتمثلة في الإنتخابات الرئاسية بعد الخطوة الأولى المتمثلة في التصويت على الدستور الجديد أيام 14 و 15 يناير 2014 (عرف نسبة مشاركة بلغت 38 %. وصوت لصالحه 20 مليون مصوت مصري من مجموع 53 مليون مواطن يحق لهم التصويت. وكانت نسبة قبوله قياسية بلغت 98 %.). ولقد جاءت هذه الخطوة الثانية، المتمثلة في الإنتخابات الرئاسية لأيام 26/27/28 ماي 2014 (التي ينتظر الحسم في نسبة المشاركة فيها والنتائج النهائية يوم الثلاثاء 3 يونيو 2014)، لتضع اللبنة الأولى لميلاد الجمهورية الثانية ببلاد طيبة، مختلفة عن الجمهورية الأولى التي تأسست بعد إسقاط الملكية يوم 22/23 يوليوز 1952، من خلال ما أصبح يعرف تاريخيا ب «ثورة الضباط الأحرار». وهي الجمهورية الثانية التي يحكمها الدستور الجديد، التي فيها مزاوجة بين النظام الرئاسي (35 % من القرار التدبيري للدولة) والنظام البرلماني (55 % من السلطة في يد رئيس الحكومة)، مع سلطة أكبر للبرلمان. إن الرؤية، بهذا المعنى، للقصة المصرية، كحدث يصنع في التاريخ من جديد، تفرض الإحتياط من أي اصطفافات غير تلك التي يسندها الواقع المادي للوقائع وللمعطيات الملموسة للواقع الملموس. وتفرض الرؤية إليها في شمولية ما تعرضه الصورة العامة للفضاء الذي تتفاعل ضمنه مصر، الدولة والمجتمع. وهو الفضاء المنطلق من الأحياء العشوائية الغارقة في فقر كارثي بحي أمبابة القاهري، حتى العمق الإفريقي للنيل والعمق المتوسطي لميناء الإسكندرية وقناة السويس. ذلك أن قدرا جديدا، يصنعه تدافع المصالح في هذا الفضاء الممتد الشاسع، الذي أحب أن أسميه إجرائيا ب «الفضاء الآفرو ? متوسطي»، الذي تشكل مصر أحد مفاتيحه الإستراتيجية، كون الجغرافية قد منحتها أن تكون أكبر تجمع بشري في هذا الفضاء كله، وأن تكون أيضا جسر عبور بين إفريقيا وآسيا، عند نقطة تماس حساسة جدا، هي معبري باب المندب وقناة السويس على البحر الأحمر. وعند عتبة حليف استراتيجي غير عادي للحلف الأطلسي هو إسرائيل. بهذا المعنى فالإنتخابات الرئاسية الأخيرة، ليست مجرد لحظة مصرية خاصة، بل هي أكبر من ذلك، إنها لحظة «فوق مصرية»، بسبب تقاطعاتها مع تطورات إقليمية جد دقيقة، ضمن ذلك الفضاء «الآفرو ? متوسطي». علينا، هنا، الإنتباه بداية (كمقاربة أولية إجرائية) إلى أن قدرا جديدا يصنع في الفضاء المتوسطي، شماله وجنوبه، من خلال انتخابات هنا وانتخابات هناك. وأن تمة معطى مشترك بين التطورات هنا وهناك، هو اتساع رقعة التطرف، سواء التطرف المادي العنيف في الضفة الجنوبية، الممتد من سيناء حتى شمال مالي، مرورا بفوضى ليبيا واصطخاب المواجهات الأمنية في جبل الشعابني بتونس وبالجنوب الجزائري. أو التطرف السياسي في الضفة الشمالية، بعد نتائج انتخابات البرلمان الأروبي التي وسعت من رقعة اليمين المتطرف ضمن الجسد السياسي الأروبي، خاصة في مواقعه المؤثرة مثل إنجلترا وفرنسا وهولندة والتشيك وبولونيا. لأن قراءة مشهد التحولات بين ضفتي المتوسط، يجعل المرء يستشعر كما لو أن تباعدا ينحفر بينهما اجتماعيا وثقافيا، يخشى أن تكون نتائجه مرسخة لروح تطرفات بينهما. وعلى الواحد منا أن يأخد نتائج الإنتخابات الأروبية الأخيرة بما يجب لها من جدية، لأن درس التاريخ غير البعيد، يعلمنا أن الفاشية والنازية قد ولدت في أروبا بعد الأزمة العالمية لسنة 1929. ألم يصعد هتلر وموسوليني (القادمين معا من اليسار الأروبي اليائس المحبط) إلى خشبة المشهد السياسي العام في ألمانيا وإيطاليا، مباشرة بعد تلك الأزمة، في سنوات 1931/ 1935؟. ألم تكن الفاتورة رهيبة في القارة العجوز، حيث خلف التطرف السياسي ذاك، أكثر من 40 مليون قتيل وملايين المعطوبين والأرامل والأيتام، ودمر كل البنية التحتية للأروبيين، مما فتح الباب لميلاد قوة اقتصادية وعسكرية جديدة هي الولاياتالمتحدة الأمريكية، عبر مخطط مارشال الشهير وعبر تأسيس الحلف الأطلسي؟. أليس الخوف كل الخوف، أن تكون أزمة 2008 العالمية الجديدة، مدخلا فتح الباب لميلاد شكل جديد للتطرف السياسي بأروبا، من خلال الصعود المتوالي لليمين المتطرف هناك؟. خاصة وأن حجر الزاوية في الخطاب السياسي لهذا اليمين الأروبي هو اعتباره الجنوب والهجرة منه، مصدر كل مشاكل بلدانه الأمنية والتنموية. ويحق لنا هنا التساؤل، من سيؤدي الفاتورة هذه المرة تاريخيا؟. (كم هو مخيف هذا السؤال). حقا، هناك نقطة اختلاف، في بداية القعد الثاني من القرن الجديد، الذي شاء قدرنا أن نكون من شهوده، هو أن الواقع المجتمعي للشعوب العربية في الجنوب المتوسطي مختلف عن حال بداية القرن الماضي (القرن 20)، كونه أفرز منذ تدشين الحراك الشعبي لرجل الشارع، شكلا غير مسبوق لدور الفرد فيها، يدفع بهذا القدر أو ذاك، نحو شكل جديد للدولة عربيا. وهو دور مؤثر حاسم (للإعلام وآليات التواصل التي توفرها التكنولوجيا الحديثة دور فارق في ذلك)، يقدم فيه المشتل المصري، بحراكه المصطخب المثال الأبرز. مثلما يقدم فيه العفن السوري بسبب الثقافة الطائفية الإقصائية والفوضى الليبية بسبب تغييب وتفقير بنية الدولة منذ 40 سنة (وتلك الجريمة السياسية الكبرى للقدافي ونظامه)، عناوين أخرى سلبية مقلقة. من هنا، إلحاحية قراءة الإنتخابات الرئاسية المصرية برؤية من داخل، أي من داخل السؤال الشعبي المصري. بغاية تلمس ما يصنعه الفرد هناك من تحولات، بأكبر قدر من الإنصاف، ستكون جزء من جواب الجنوب المتوسطي أمام بداية انغلاقية واضحة لأروبا. إن تلك الإنتخابات الرئاسية المصرية، بهذا المعنى، تفرض علينا قراءتها في بعدين حاسمين: البعد الداخلي لتطور الوعي المصري مجتمعيا. ثم البعد الإقليمي الخارجي المتشابك. من هنا، داخليا، فإنه عكس ما يعتقده الكثير من المتشائمين (بعضهم يرى إلى الواقعة المصرية من موقع تموقف سياسي منتصر لحركة الإخوان دون قبوله ممارسة أي نقد ذاتي لكارثية أخطاءها التدبيرية سياسيا خلال فرصتها التاريخية للحكم بقصر الإتحادية بالقاهرة)، عكس ما يعتقده الكثير من المتشائمين، فإن منطق هذه الإنتخابات وروحها العامة المصاحبة لها، ستسمح لأول مرة ببداية تبلور تيارات فكرية وثقافية وسياسية في بلاد النيل، خلال 15 سنة القادمة، ستبلور إطاراتها التنظيمية الحزبية الخاصة. ويكاد المرء الجزم، أن الثورة الحقيقية ابتدأت الآن فعليا هناك. لأن مرحلة الغربلة والإصطفاف انطلقت بغير رجعة، ستفرز مشاريع، يمتحن فيها ذكاء النخب الجديدة في بر مصر، لن تخرج تحليليا، عن تيارين كبيرين: تيار محافظ ثقافيا ودينيا واقتصاديا (هو تكرار عربي مصري لتجربة الأحزاب الديمقراطية المسيحية بأروبا). وتيار ليبرالي، تحرري، حداثي، له سنده الوازن اقتصاديا (أي شكل معين للأحزاب الديمقراطية الإجتماعية). دون إغفال أن المؤسسة العسكرية المصرية نفسها ستكون موضع امتحان جديد غير مسبوق، لأنها مفروض أن تلعب الدور الحاسم في تغيير عقيدة الدولة من عقيدة عسكرية ممتدة منذ 200 سنة، منذ تأسيس الدولة المصرية مع محمد علي باشا، العسكري الألباني المتمرد على الثاج العثماني، إلى عقيدة الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المؤسسات. ولعل المثير أكثر، في الحالة المصرية، هو أن البنية المجتمعية نفسها تفرض ذلك، وتقدم المادة الخام لتحقق ذلك. بسبب أن الهرم السكاني موزع أصلا بين ثقافتين، بدوية ومدينية. يفرزها واقع التركيبة الإجتماعية لأهل طيبة، كونه البلد الشمال إفريقي والعربي الوحيد، الذي لا تزال فيه ساكنة البوادي أكبر بكثير من ساكنة المدن، بما نسبته تقريبا 54 %. وإذا ما استحضرنا أن 62 % من المصريين شباب بين 15 و 50 سنة، ندرك أن الثقافة البدوية سلوكيا لا تزال غالبة هناك. مما يترجم روح المحافظة الغالبة عند المصريين. وإذا ما أضفنا إلى ذلك ارتفاع نسبة الأمية البالغة 42 %، وتدني متوسط الدخل اليومي للفرد المصري الذي لا يتجاوز 7 دولارات (تركيا 30 دولارا وإيران 18 دولارا)، وارتفاع البطالة إلى 15 %، تتضح لنا أكثر ملامح بروفايل المواطن المصري اليوم. وبالإستتباع ما يصنع رؤيته المجتمعية والسياسية والفكرية المؤطرة لسلوكه. أي أنه مواطن يعيش أزمة مركبة، في صيرورته للتحول من البداوة إلى التمدن ومن العوز إلى الرفاه. دون إغفال، داخليا دوما، معطى آخر مثير تختص به مصر دون باقي دول العالم، هو أن سكانها ل 86 مليون نسمة، والذين سيتضاعفون إلى 170 مليون نسمة في أفق 2050، يتمركزون بنسبة 99 % فوق 4 % فقط من تراب مصر. أي على ضفتي النيل ودلتا الشمال، مما يجعل الكثافة السكانية جد مرتفعة، إن لم نقل كارثية أمنيا وتنمويا، لأنه صعب تخيل كل سكان بلد ما، يدبون ويعيشون ويتحركون فوق 4 % فقط من تراب البلد، بينما 96 % الباقية شبه خالية لأنها صحراء. من هنا فإن أكبر مشروع تنموي، مجتمعي، تاريخي، قد ينجح فيه أي رئيس مصري في 20 سنة القادمة، هو تحويل الوعي الحياتي المصري من وعي يرى أسباب الحياة فقط في ضفاف النيل إلى وعي يتأسس على الإنتشار على شواطئ مصر متوسطيا وعلى البحر الأحمر. وهو انقلاب اجتماعي هائل ممكن تحقيقه عبر مخطط تنموي استراتيجي لمصر الجديدة المستقلة عن قدر الإرتهان فقط لماء النيل. على مستوى البعد الإقليمي الخارجي للواقعة المصرية، فإن تطورات الفضاء الممتد الذي تنتمي إليه مصر في بعديه الإفريقي والآسيوي، يشهد تطورات ستخلق خريطة مصالح جديدة بتلك المنطقة الحيوية من العالم الممتدة بين مضيق هرمز ببحر الخليج العربي وممر المندب وقناة السويس بالبحر الأحمر، وصولا حتى ممر البوسفور بتركيا. أي الممرات الحيوية لمرور الطاقة إلى العالم (سواء بترول وغاز إيران ودول الخليج والعراق. أو بترول وغاز روسيا والقوقاز). إن أكبر ملف، جدي، سيواجه الرئيس المنتخب الجديد لمصر، هو ملف مياه النيل وإعادة توزيعها بين دول المنبع والممر والمصب. مما يعتبر مفترق طرق أمنيا غير مسبوق، قد يفتح الباب لتدشين أول حروب المياه بالعالم. ذلك أن التغيير الذي تطالب به دول المنبع الإفريقية ل «اتفاقية مياه النيل»، الموقعة سنة 1929، بحسابات جديدة غير تلك التي وضعتها بريطانيا وهي آنذاك صاحبة أكبر إمبراطورية استعمارية في العالم، لا تغرب عنها الشمس. يجعل المنطقة، أمام قدر جديد لشعوبها سيحدد مصيرها للقرن 21 كله. قدر سيصنعه لاعبون جدد بمنطق قوة جديد. إن تأمل خريطة منابع «بحر النيل» تجعلنا نعيد اكتشاف ملامح لتلك القوى الجديدة، خاصة في العلاقة مع كينيا وإثيوبيا، التي أصبحت ترسم شكلا جديدا لعلاقاتها الدولية مع عواصم مؤثرة اليوم في كامل الشرق الأوسط عبر بوابة تلاقي آسيا مع إفريقيا وعبر بوابة تلاقي آسيا مع أروبا، التي تعتبر المجال الجغرافي ليس فقط لأكبر خزان للبترول والغاز بالعالم، بل ايضا مجالا حيويا لثروات مائية وازنة كل يحاول إعادة توزيعها والتحكم في منابعها من تركيا والعراق وسورية وإسرائيل حتى كينيا وإثيوبيا مرورا بمصر. إن نيروبي مثلا، التي زارها مؤخرا رئيس مجلس الدولة الصيني قد وقعت اتفاقية شراكة اقتصادية وأمنية مع بكين، تعزز من «اتفاقية عنتيبي» الموقعة سنة 2010 بينها وبين إثيوبيا وأوغندا ورواندا (دول المنبع) وانضمت إليها مؤخرا السودان الخرطوم. وأصبح هذا التجمع يطالب بتغيير اتفاقية 1929، رغم قوة سندها في القانون الدولي، التي تمنح لمصر حصة مياه تصل إلى 48 مليار متر مكعب كحق مكتسب، تليها السودان ب 4 ملايير متر مكعب. وحين باشرت إثيوبيا بناء «سد النهضة» كأكبر سد في إفريقيا بعد 3 سنوات (لاختيار الإسم معناه ودلالته)، فإنها قد تسلحت بقوة تحالفات مع كينيا ومع السودان الشمالي الذي وقعت معه اتفاقية تعاون عسكري للدفاع المشترك. وحين يسجل المرء دخول سفن حربية إيرانية ورسوها لأول مرة بميناء «بورت سودان» التابع للخرطوم، يدرك أن تشابكات الملف أعقد مما يمكن تخيله، بالشكل الذي يترجم أن منطق المصالح الذي صنع خلال القرن 20 في طريقه للزوال بغير رجعة. إن إيران، هنا، كلاعب إقليمي وجهوي وازن (يوازي قوة إسرائيل) لا يمكن إسقاط دوره في المعادلات الجديدة هناك، ضمن الملف المصري [سبق أن نبهنا في مقالة سابقة بتاريخ 4 أبريل 2013 إلى خطورة ما ينسج من ملامح خريطة جيو ستراتيجية جديدة بين الرئيس محمد مرسي وتركيا وإيران]. لأن طهران التي خرجت علنا منذ شهر لتعلن أن ذراعها الأمني بلغ شرق المتوسط وجنوبلبنان وأن استعادة بشار الأسد حليفها الإستراتيجي، لمدينة حمص قد رسخ محور طهران/ بغداد/ دمشق / جنوبلبنان أمنيا. طهران غير البعيدة ذراعها الأمنية عن حوثيي اليمن والتي أصبحت حاضرة بالسودان وبالإستتباع قد تصل إلى إثيوبيا. فإن هذا يقدم ملامح صورة خريطة جيو ستراتيجية جديدة بالمنطقة كلها يقع العمق العربي في قلبها، من مصر حتى سلطنة عمانوالكويت مرورا بالسعودية والإمارات (قطر قصة أخرى لأنها متحالفة ضمنيا مع الحساب الإيراني وإن لم تعلن ذلك علنا)، في ما يشبه الكماشة لذراعين أمنيين إيرانيين واحد في الشمال والثاني بالجنوب. بل إن ذلك يتحقق وقوى العالم، صانعة المصائر المصلحية، تتفاوض مع طهران حول دورها الإقليمي الجديد هذا، ليس الملف النووي منه سوى الجزء الأبرز لجبل الجليد. فإيران قوية ميدانيا في العراق وسورية ولبنان وهي قوية في أفغانستان وحاضرة في اليمن والسودان وقوية بمكر ما تنسجه من علاقات مع موسكو وبكين. هل الأمر بكل هذه السوداوية المقلقة في مشرق العالم العربي؟. أليس ذلك الإصرار على خلفية رئيس لمصر ببعد وطني قومي وعسكري إنما هو آت من إدراك القاهرة (ومصر دولة لها نخب وازنة وجيش محترف) أن المعركة القادمة معركة مصير. مصير وجود للدولة ومصير حياة للمصريين في علاقتهم بماء النيل. ولعل الذكاء السياسي المأمول هو أن تربح مصر الجديدة دول منبع النيل إلى صفها، حتى تسحب البساط عن تلك الحسابات الإقليمية والدولية المتداخلة، من خلال ابتكار توليفة مصالح مشتركة جديدة، أمنية واقتصادية، معها، مفروض أن تلعب فيها دول الخليج الدور الداعم الوازن، ماليا وطاقيا. وأن يكون كهرباء سد النهضة الإثيوبي قنطرة تجسير العلاقة بين القاهرة وأديس أبابا. وأن لا تنساق مصر أبدا وراء فكرة الحل العسكري لأن ذلك سيكون تكرارا لخطأ صدام حسين في الكويت. وبذلك وحده ستكون مصر الجمهورية الثانية قد استعادت قوتها الإقليمية عربيا وإفريقيا للقرن 21 كله. دون إغفال أن الآلية لتحقيق ذلك ليست الإنتخابات الرئاسية وحدها، بل الآلية التنفيذية والتدبيرية والنخبوية التي ستفرزها الإنتخابات التشريعية والبلدية القادمة. بما ستمنحه الإنتخابات البرلمانية من حكومة وبرلمان، وما ستنتجه الإنتخابات البلدية من نخب محلية جديدة. هل ستكون مصر الجديدة في مستوى رهانها أمام ذاتها؟ ذلك أمر يسائل ذكاء أبناءها بتحد اليوم.