احتجاجا على تهرب المسؤولين من الحسم في قضيتهم، والاستمرار في تهديدهم، بين الفينة والأخرى، بهدم بيوتهم، نزل عدد كبير من سكان حي أساكا بخنيفرة إلى الشارع للمرة الثالثة، في غضون أقل من شهر، وتوجهوا بمسيرتهم السلمية نحو مقر المديرية الإقليمية للأملاك المخزنية حيث نظموا وقفة احتجاجية، رددوا فيها مجموعة من الشعارات، قبل استئناف مسيرتهم باتجاه مقر باشوية المدينة ومنها إلى عمالة الإقليم التي توقفوا أمامها بهتافاتهم الغاضبة التي ارتقوا بها إلى التهديد بمقاطعة الانتخابات، ذلك قبل الدخول معهم في حوار لم يثنيهم عن مواصلة طريقهم على طول شارع الزرقطوني ثم شارع محمد الخامس باتجاه ديارهم، ولم تسلم مسيرتهم من «انزلاق» أحد رجال الشرطة الذي دفع بمواطن من المحتجين، يتجاوز من العمر 65 سنة، فأوقعه أرضا، ما استدعى نقله إلى مستعجلات المستشفى الإقليمي لتلقي الإسعافات الضرورية. ولم يفت مصادر مسؤولة من جمعية السكان المحتجين التلويح، في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي»، بتنظيم مسيرة على الأقدام نحو ولاية الجهة بمكناس، مع احتمال تنظيم أخرى نحو الرباط العاصمة، في حال ما لم يتم الحسم في ملف قضيتهم، حيث كان على السلطات المعنية تعميق البحث والتحري بغاية تحديد المسؤوليات في جذور المشكل، بدءا من مالكي الأرض والمفوض لهم التصديق على العقود وأفراد السلطة المحلية وأعوانها والموظفين المكلفين بمراقبة البناء، والتجار والسماسرة والمنتخبين، وذلك عوض تقديم المواطن ككبش ضحية بهدف التستر على حجم التقاعس المكشوف، والمؤكد أن الوقت قد حان لفتح تحقيق حول الأطراف التي كانت وراء تفشي البناء العشوائي بهذا الحي، وجرها لدائرة المساءلة والمحاسبة. «احتجاج» سكان أساكا يأتي بعد خروج مديرية الأملاك المخزنية بخنيفرة برسالة وجهتها للسلطات المحلية والإقليمية «تدعي» فيها أن الأرض المشيدة عليها منازل هؤلاء السكان هي في ملكية الدولة، مع العلم أن السكان، وعددهم أزيد من 450 فردا، اشتروا بقعهم الأرضية منذ سنوات، وغالبيتهم قاموا ببناء بيوتهم عليها، في حين لاتزال بعض البقع دون بناء جراء نزاع قضائي مع أحد أعيان المنطقة، وغالبية السكان يتوفرون على ما يثبت قانونية الشراء والترخيص بالربط بشبكتي الماء والكهرباء، ولعل مديرية الأملاك المخزنية سعت إلى وضع يدها على المساحات التي سبق لأحد الأشخاص أن ادعى أنها في ملكيته قبل حسم أمرها قضائيا لفائدة بائع بقعها، والذي لا صلة له بالشخص المدعي، إلا أن الملاحظين مازالوا يجهلون أهداف مديرية الأملاك المخزنية من وراء خروجها المفاجئ الذي يهدد السكان بالتهجير من أراضيهم وبيوتهم، رغم عدم امتلاكها أية وثيقة تؤكد ملكيتها للأرض المستهدفة من طرفها، حسب السكان. وصلة بالموضوع، أفادت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» بأن السكان كانوا قد شرعوا في اقتناء بقعهم الأرضية منذ عام 2003، ليرتفع عدد البقع إلى أزيد من 300 بقعة خلال عام 2011، حيث أخذ أصحابها في بنائها بين أناء الليل وأطراف النهار، وأمام مرأى ومسمع من السلطات وأعوانها الذين لا تنام عيونهم عن الصغيرة والكبيرة، بالأحرى السكان الذين استعانوا بآلة «الطراكس» في أشغال الحفر والبناء، وما رافق ذلك من أشكال الابتزاز من أجل «غض الطرف»، إضافة إلى «تشجيعات» المنتخبين لهم بغاية كسب أصواتهم في الانتخابات، وجميع السكان اليوم يرفضون ترك أراضيهم ومنازلهم التي لا ملجأ لهم غيرها مهما كانت الظروف والتهديدات، علما بأن جلهم أقدموا على بيع ما يملكون، وكم منهم الذين لجؤوا إلى الاقتراض من الأبناك ومؤسسات السلف، في سبيل إتمام بناء بيوتهم وفرض حقهم في السكن لهم ولأبنائهم وأسرهم. وسبق للسلطات المحلية أن تدخلت لإيقاف أشغال البناء بالحي، والتهديد بالهدم، غير أن محاولاتها باءت بالفشل أمام إصرار السكان على استكمال البناء، قبل أن ترضخ هذه السلطات إلى الأمر الواقع، خلال عام 2011، فطلبت من السكان العمل على تشكيل جمعية تكون المخاطب باسمهم على طاولات الحوار من أجل رفع اللبس عن هذا الملف وإيجاد حلول للأزمة، وبالفعل أسرع السكان بتكوين الجمعية المطلوبة التي باشرت حواراتها مع السلطات المحلية، والتي تمت أول الأمر بحضور مسؤولين من الوكالة الحضرية ومكتبي الماء والكهرباء، ومن الباشوية والجماعة الحضرية، وحينها تمت مطالبة الجمعية السكانية بإنجاز تصميم عام لكامل أطراف الموقع بأسماء السكان المعنيين بالأمر. وكم كانت مفاجأة جمعية سكان حي أساكا كبيرة أمام الرسالة الموجهة لباشا المدينة من طرف مديرية الأملاك المخزنية وتدعي أن موقع الأرض المذكورة هي في ملك الدولة، ذلك دون تفاصيل أو تبريرات منطقية ولا حتى وثائق إثبات، الأمر الذي حمل الجمعية إلى مطالبة الباشا بلقاء بينها وبين عامل الإقليم، حيث شددت على ضرورة إدلاء مديرية الأملاك المخزنية بما يثبت مزاعمها، ولعل هذه الأخيرة أصيبت بالارتباك والإحراج عندما اشترطت السماح لها بالانتقال إلى الموقع، بالتنسيق مع مصلحة المحافظة العقارية، من أجل المعاينة ورسم الحدود لغاية التأكد أكثر من مدى ملكية الموقع للدولة، ولم تعترض الجمعية على الشرط، ورغم دخول صاحب الأرض على الخط تم تأجيل موعد العملية إلى أجل غير مسمى بدعوى أن مهندس المحافظة العقارية أصيب بوعكة صحية. وبعد عدة مفاوضات واجتماعات، عادت مديرية الأملاك المخزنية إلى الإلحاح على شرطها بدراسة وتحديد الموقع، ولم يكن متوقعا أن تتخلف مرة ثانية عن تنفيذ قرارها لأسباب ظلت عالقة، ولم يتوقف السكان عن طرق مختلف الأبواب والمطالبة بالحسم في الوضع لتطمين السكان والحد من معاناتهم النفسية والاجتماعية، وخلال السنة الجارية 2014 قرر السكان الإصرار على أن تكون «سنة الحسم»، حيث عادت مديرية الأملاك المخزنية العام الماضي فحددت تاريخ 21 أبريل 2013 موعدا لمعاينة الموقع من جديد، وكم كانت دهشة الجميع قوية بعد تخلف المديرية عن تنفيذ قرارها كالعادة، وهذه المرة بررته بغياب المهندس المكلف بالعملية، ما أقنع السكان بوجود مخططات سيئة قد تظهر نتائجها في أي وقت، حيث اضطرت جمعية السكان إلى الدعوة للانخراط في ما يتطلبه الوضع من معارك احتجاجية تصعيدية إلى حين الحسم في ملف القضية. ومعلوم أن تصميما شاملا أنجزته بلدية المدينة كان قد وضعت عليه الأرض المذكورة عبارة عن مساحات مشجرة غير صالحة للبناء، رغم أن أصحاب هذا التصميم على علم بأن هذه الأرض تحتوي على بقع أرضية ودور مأهولة بالسكان، وحينها لم يفت جمعية السكان التصدي لهذا التصميم لدى بلدية المدينة بوضعها لتعرض بشأن الأمر، الأمر الذي جعل البلدية تقوم بإصلاح التصميم تماشيا مع أرض الواقع.