عرفت مدينة الرباط مؤخرا حدثا هاما وبارزا سيكون له أثر ايجابي, ليس فقط على الرباط كعاصمة للمملكة ، بل على المغرب ككل في المستقبل القريب، والأمر يتعلق هنا «ببرنامج الرباط مدينة الأنوار» الذي تم توقيعه مابين يدي جلالة الملك . وللتعرف على هذا البرنامج ومشاريعه المتعددة وانعكاساتها الايجابية على المستوى التنموي والاجتماعي...، وللتعرف كذلك على الوظائف المتعددة للمدينة التي سيرسخها هذا البرنامج، ولكي يقدم لنا كذلك قراءة لهذا المشروع الضخم الممتد على أربع سنوات، التقينا بفتح الله ولعلو, عمدة الرباط وأجرينا معه الحوار التالي: خلال الأيام المنصرمة, عرفت العاصمة حدثا كبيرا وهاما سيكون له تأثير ايجابي على مستقبل العاصمة، يتمثل هذا الحدث في توقيع برنامج الرباط مدينة الأنوار كيف ترون هذا المشروع؟ من المؤكد أن توقيع برنامج الرباط مدينة الأنوار بين يدي جلالة الملك محمد السادس في الأيام الأخيرة, يعتبر حدثا مهما بالنسبة لعاصمة المملكة ومنعرجا في تطورها لأنه يعطي لها وضوحية الرؤية بالنسبة لآفاق التطور، ولنستوعب أهمية هذا الحدث يجب أن نطرحه في إطاره التاريخي، لقد برز, انطلاقا من خطاب ملكي سابق, فصل في تحليل نقط ضعف المدن. أن على بلادنا أن تكون واعية بضرورة الاهتمام بأوضاع المدن وخاصة المدن الكبرى، لقد رأى الكثير من المحللين في هذا الخطاب نوعا من المساءلة الموجهة للمنتخبين، ولكن مساءلة موجهة لكل الفاعلين ومن بينهم المنتخبين وكل مكونات الدولة ، على المستوى الحكومي وعلى المستوى الإقليمي والمحلي وكذلك للمكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. انطلاقا من هذا الخطاب أتصور أن هناك مشروعا يمكن أن نربطه بهذا الخطاب يفرض أن نعي بضرورة تأهيل الحواضر وفي ذلك مستقبل بلادنا كمستقبل كل بلدان العالم المرتبط ارتباطا عضويا بالحواضر، عملية التمدن عرفتها أوربا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين بشكل هادئ بترابط متواز لارتحال الإنسان من البادية إلى المدن ,ولكن قبله ارتحال كذلك للأموال الناتجة عن فوائض الإنتاجات الفلاحية من البادية إلى المدن. القرن 21 سيعرف نهاية التمدن في العالم, أي أن جل السكان سيعيشون بالضرورة في المدن, وهي النهاية نفسها التي ستعرفها القارة الإفريقية بوثيرة سريعة, لكن ليس بتك الوثيرة التي ستعرفها أوربا ، فتحويل الإنسان إلى المدن سيمر بسرعة وسيسبقه تحويل الفوائض المالية وهذا ما يؤدي إلى أوضاع المدن في هذه القارة، أوضاع السكن بالأساس والمدن ستتسم بالفقر أكثر منها تتسم بأدوات التطور. وكيف تقرأون كعمدة للمدينة أهمية برنامج الرباط مدينة الأنوار بالنظر لمستقبل المدينة؟ أهمية المشروع ناتجة من أنه إذا كان 60 في المائة من سكان المغرب يعيشون في المدن, فقبل أواسط هذا القرن سيعيش 95 في المائة في المدن، من ذلك أن توازن الأفراد والعائلات، توازن البلاد اقتصاديا وسياسيا ومجتمعيا، مرتبط أساسا بالمدن. طبعا العالم القروي سيبقى حاضرا, بل حاضر حتى اليوم في المدن وربما حضوره اليوم في المدن أكبر من حضوره في البادية كما كان من قبل, خاصة من الناحية الفكرية والاقتصادية والسياسية. انطلاقا من هذا أصبح من اللازم أن يكون لبلادنا مشروع للمدينة، وأنا اعتز بأن برنامج الرباط كالبرامج التي همت الدارالبيضاءوسلا وغيرها فهي برامج مرتبطة بالتحكم في مستقبل البلاد. فالمدينة موقع حياة العائلة، الإنسان فيها كل شيء من الميلاد حتى الوفاة ولكنها بالنسبة للمجموعة الوطنية فيها تحدد آفاق البلاد من خلال ثلاثة منافذ، الأول هو المنفذ الاقتصادي وهو منفذ التنافسية، فإزاء العولمة تنافسية البلاد تحدد داخل المدينة من خلال قطاعات السكن والتجهيزات الأساسية والنقل ومنظومة التعليم والتكوين والصحة، المنفذ الثاني هو المنفذ التضامني الاجتماعي داخل المدن تحدد آليات محاربة الفقر والإقصاء, وهناك كذلك تطرح قضايا السكن والنقل وبصفة عامة موقع الاقتصاد الباطن، فالبعد الاجتماعي ضروري لكي لا تدبر المدن بسرعتين، ثم المنفذ الثالث هو الاستدامة التي تمس الإنسان، والاستدامة تحدد كذلك داخل المدن من خلال الاعتناء بقضايا التنمية والثقافة والمعرفة والرياضة. فإذا أردنا أن يكون لنا اقتصاد واعد فيجب أن يكون له قدرة تنافسية وقدرة تضامنية وله قدرة الاستدامة وهذه القدرات يجب أن تحدد داخل المدن. كنت دائما مقتنعا وتعمل كعمدة على أن الرباط بالإضافة إلى أنها عاصمة المملكة سياسيا، فلها وظائف أخرى, هل يمكن أن نقول أن هذا البرنامج اليوم منسجم مع هذا التوجه والتنوع في الوظائف لمدينة الرباط ويرسخها؟ دعني أؤكد لك أن الأهمية النوعية لبرنامج الرباط مدينة الأنوار, أنه برنامج اعتمد بالأساس على هوية هذه المدينة, ذلك انه في وضع برنامج العمل للمدن لابد أن نأخذ بعين الاعتبار أفضليات المقارنة لكل مدينة, أي ماهية الأشياء التي تملكها من قدرات وإمكانيات، وهذه الأفضليات تحدد من خلال موقعها الجغرافي، تاريخها، موقعها في خارطة البلاد والمنطقة التي تنتمي إليها، وبصفة عامة الوظائف التي ترتبط بوجودها هذه الوظائف التي تحدد الهوية. مثلا ليس لنا طموح في مدينة الرباط أن نصبح مدينة صناعية أو أن يكون لنا ميناء كبير مادمنا نتواجد ما بين الدارالبيضاءوالقنيطرة وميناء طنجة المتوسط، هذا سيؤدي بنا إلى تحديد هوية مدينة الرباط التي يمكن أن نلخصها في النقط التالية: - أولا هي العاصمة السياسية للمملكة. - ثانيا هي النواة الأساسية لتجمع ثلاث جماعات كبيرة سلا، تمارة، والرباط, يجب أن نخلق روابط التضامن والتآزر بينهم وخاصة علينا أن نقوم بتدبير كثير من القضايا المشتركة مثل النقل الماء والكهرباء والنظافة الخ...ثالثا هي عاصمة جهة, وبالتالي لها أن ترتبط بأنشطة فلاحية وصناعية خارج مجالها، فبعد بناء ميناء المتوسط خرجت مدينة الرباط مما كان يسمى فيما قبل المغرب النافع, القنيطرة, الدارالبيضاء بدأت تحتل موقعا استراتيجيا بين ميناء القرن 20 وميناء القرن 21 وهو ميناء طنجة المتوسط. كذلك لها وظيفة تطورها في العشر سنوات الأخيرة مكنتها بالأساس من خلق تكامل مع مدينة الدارالبيضاء في مجال القطاع المالي «يجب أن لا ننسى أن الدارالبيضاء عاصمة القطاع المالي» وفي مجال الخدمات وخاصة التكنولوجيات الحديثة»مشروع تيكنوبوليس من جهة والتطور الذي تعرفه عمارة حي الرياض لاتصالات المغرب». لكن المهم أن تطور مدينة الرباط في السنوات الأخيرة خاصة, بدءا من انتهاء مشروع وكالة أبي رقراق الذي هو كذلك مشروع ملكي, جاء ليحقق تقاربا تضامنيا بين مدينتين تاريخيتين وليصالحهما مع محيطهما النهر وغدا البحر، هذا التطور إذا أعطيت لمدينة الرباط وظائف جديدة، برنامج الرباط، مدينة النوار سيرسخها وسيؤكدها. فهي مدينة للثقافة بامتياز, فلننظر مثلا إلى الدور الذي تلعبه منذ ست سنوات المكتبة الوطنية للمملكة على المستوى الثقافي والمعرفي، فهي تأني مدينة في المعرفة انطلاقا من موقع جامعة محمد الخامس والجامعة الدولية، ولكن أكثر مراكز البحث العلمي والأكاديميات العلمية والتقنية، مركز البحث في اللغة العربية الأمازيغية ومن هنا من الأهمية بمكان ضرورة بناء مجمع جامعي جديد. فهي كذلك مدينة ايكولوجية، هي مدينة المناطق الخضراء وفي 2010 وقع اختيارها مع خمسة مدن أخرى كمدينة أولى في هذا المجال وبعد ذلك في 2012 سجلت كثرات إنساني عالمي من طرف اليونيسكو، وفي 2013 التأم داخلها المؤتمر الرابع للمدن العالمية وبذلك أصبحت مرجعا من مراجع التطور الحضري للمدن العالمية. اذا كانت الرباط عاصمة سياسية ولها تعدد في الوظائف، ثقافية وايكولوجية ومعرفية، فماذا عن اكراهات ومعيقات النمو والتطور بارتباط مع الرهانات والطموحات ؟ بطبيعة الحال هذه المدينة تواجه صعوبات واكراهات وعلينا أن نستخرج من هذا البرنامج فرصة للتغلب عليها، فما تزال مدينة الرباط تدير ظهرها إلى البحر ومن هنا سيكون من الضروري وضع برنامج خاص بفتح المدينة على محيطها البحري الطبيعي بعد المصالحة مع النهر يجب التصالح مع البحر و من الصعوبات كذلك ، تجاوز الازدواجية التي تطبع مساراتها وهذا يفرض النجاح في برامج إنهاء وجود مدن القصدير، في يعقوب المنصور وكذلك في السويسي وإنهاء وجود السكن غير اللائق في مقاطعة اليوسفية وتأهيل المدينة القديمة. ومن الاكراهات والطموحات في نفس الوقت, ضرورة خلق منظومة للنقل العمومي عصرية, الشيء الذي يتطلب تجاوز مخلفات منظومات نقل الحافلات التي تراكمت على مدى الأربعين سنة وإدماج منظومة الحافلات ومنظومة الترامواي الذي يعتبر الآن مكسبا، وكذلك من اكراهات النجاح في وضع منظومة ناجعة لتدبير قضايا النظافة, وهنا كذلك بعد أن تخلت بعض الشركات الأجنبية كما هو الحال في مجال النقل على متابعة العمل في منطقتنا, وأخيرا من الرهانات التي تعترض نفسها ضرورة التحكم في منظومة توزيع الماء والكهرباء والتطهير، خاصة بعد أن قررت شركة فيوليا لاعتبارات تهم حضورها دوليا أن تخرج من المغرب. إذن من حسن الحظ , أن مدينة الرباط تملك أدوات ومواثيق أحيانا تكون قديمة، فقليل من يعرف مثلا أن مشروع أبي رقراق الذي لم يصبح عمليا إلا منذ سبع سنوات اعتمد على دراسات أنجزت منذ 70 سنة، الرباط تملك مواثيق وأدوات عمل هي التي اعتمدت في تحضير هذا البرنامج وهي أولا مخطط التنمية الحضري، مخطط التنمية الجماعي ومخطط التنقل الجماعي. بطبيعة الحال البرنامج الذي وقع أمام جلالة الملك هو برنامج إطار وسيكون على كل مكونات المدينة ولاية، وعمالة وجهة ومدينة بجانب مختلف الوزارات وعلى رأسها وزارة الداخلية والمالية والسكنى ,وأن تخرج هذه الاتفاقية الإطار لبرامج مفصلة وهنا بالضرورة سترجع للمواثيق المتواجدة حاليا. هل يمكن أن تفصل لنا في ماهية برنامج الرباط مدينة الأنوار؟ هذا البرنامج الذي بادر صاحب الجلالة بدفع كل الأطراف بأن تلتزم حوله, ينطلق من مفهوم مدينة الأنوار ويتعلق الأمر ببرنامج مندمج 2014-2018 .هذا المفهوم مرتبط في الواقع بالوظائف التي تتحدث عليها مدينة الثقافة، مدينة البيئة ومدينة المعرفة، فهو يتمحور حول سبعة منافذ. المنفذ الأول الذي يؤكد الهوية الثقافية للمدينة أي انطلاقا من مكتسباتها في هذا المجال ستكون هناك عدة مشاريع، أولا مشروع المتحف الأركيولوجي وعلوم الأرض والذي سينضاف إلى المتحف الوطني للفنون المعاصرة والى متحف كثيرا ما نتناساه هو متحف بنك المغرب، كذلك البرنامج سيهدف إلى إنهاء بناء المعهد الوطني العالي للموسيقى وفنون الرقص والى تأهيل متحف المجوهرات وتأهيل المراكز الثقافية المرتبطة بأسماء علال الفاسي والمهدي بنبركة وعبد الفتاح سباطة وكذلك مسرح المنصور ومسرح قاعة أباحنيني, ثم المكتبات المتواجدة في بعض الأحياء وطبعا سيكون بناء مسرح وطني كبير على ضفتي أبي رقراق فضلا عن أنه سيتم تأهيل مسرح محمد الخامس، من المكونات الأساسية لترسيخ الوظيفة الثقافية لمدينة الرباط، واعتبارا لكون مدينة الرباط سجلت كتراث عالمي سيطبق برنامجا لحماية المواقع المسجلة من أسوار وأبواب كبرى وطبعا صومعة حسان وقصبة لوداية وقصبة شالة, كما سيخصص للمدينة القديمة عناية خاصة لتأهيلها، ثم إعادة كل الساحات المحيطة بأبوابها بدءا من باب الحد إلى سوق لغزل ومرورا بباب شالة وباب البويبة ثم باب الملاح. وفي هذا الإطار يعتمد البرنامج على حماية وسط المدينة أي ما يسمى بالمدينة الحديثة أي شارع محمد الخامس وشارع علال بنعبد الله ومحيطها المامونية وساحة بغداد، لأنه يجب أن لا ننسى وهذا يخص مدينة الرباط وحدها، بحيث أن المواقع التي بنيت في وقت الحماية سجلت كذلك كتراث إنساني عالمي. أما بالنسبة للبرامج المرتبطة بخصوصية مدينة الرباط كمدينة خضراء, أي عاصمة البيئة, فهنا سيكون بالأساس على البرنامج ان يقوي من الوظيفة، أولا الفضاءات الخضراء التاريخية بجانب خلق ما يسمى بالحزام الأخضر انطلاقا من مدخل الرباط في الحزام الأخضر مرورا بشارع عبد الرحيم بوعبيد إلى غابة ابن سيناء والى المسجد الكبير، حديقة أندلسية كبرى بجانب ذلك ستكون برامج خاصة باسم البيئة لتقوية التوجيه البيئي تهم إعادة تأهيل ملعب سباق الفرس وبرنامج خاص بكورنيش الرباط. وماذا عن الاهتمامات الأخرى كالمرافق الاجتماعية وبعض التجهيزات الأساسية؟ اعتقد بأنه من أهم الأشياء التي جاء بها هذا البرنامج هو أنه له بعد اجتماعي وتضامني في ثلاث اتجاهات، الاتجاه الأول يتجسد في تقوية كل اهتمامات القرب, أي التجهيزات الأساسية المرتبطة بالأحياء الشعبية, وفي هذا المجال نذكر مشاريع الملاعب الرياضية القاعدية، المسابح، تأهيل المدارس، العناية بالمساجد والزوايا، ثم تأهيل المراكز الصحية وتحويل مستشفى مولاي يوسف إلى مستشفى خاص بالعمالة وإعطاء كل العناية للمراكز السوسيوتربوية وعلى رأسها المركز (عين عتيق) الذي لا يعرفه السكان رغم أهميته وهو يأوي آلاف المهمشين , ويوجد خارج المدينة بالرغم من انه تابع لها. والاتجاه الثاني يتعلق بتحسين شروط السكن وذلك بالقضاء على مدن الصفيح التي تعيش فيها أكثر من 9000 عائلة ثم تأهيل الأحياء المعروفة بالسكن غير اللائق وإعطاء أهمية لبعض الأحياء التي عرفت نوعا من الركود العمراني عمليا منذ العديد من السنوات كحي العكاري والمحيط. وبخصوص الاتجاه الثالث, سيسعى بالأساس إلى خلق إدماج أنماط التنقل عبر إنشاء قطب مندمج في نهاية حي الرياض بعد بناء محطة قطار جديدة ومحطة التنقل للحافلات, ثم تمديد خط الترامواي وسط يعقوب المنصور ووسط حي الرياض, ثم إعادة تموضع غرب حي أكدال وفتحه على المحيط الأطلسي عبر شارع الحرية بعد بناء محطة القطار الفائق السرعة. هذه المشاريع تفرض كذلك إعادة انتشار بعض التجهيزات الجماعية الكبرى مثل سوق الجملة للخضر وسوق الجملة للسمك, ثم مستودع الأموات, مما يحرر عدة موارد عقارية كما أن هذا يتطلب مدينة جامعية جديدة في حدود الجهة الشرقية لمدينة الرباط, الشيء الذي سيساهم في تحرير وعاءات عقارية. وأخيرا نعرف بأن التحكم في مسار مدينة يفرض تقوية تجهيزات الطرق والإنارة وبناء عدة مآرب للسيارات, من دون شك في هذا المجال إن بناء الطريق السيار الجديد خارج المدار الحضري سيحرر المسار الحالي الذي سيصبح شارعا داخل المدينة وسيفرض تشييد طرق جديدة لدخول المدينة انطلاقا من هذه الطريق السيار الجديدة, كما أن العناية التي ستخصص للشاطئ ستمكن من توسيع الطريق الساحلية وسيصبح حزام المحيط مرتبط بالطريق الساحلي الحالي وسيتابع طريقه إلى أبي رقراق بطبيعة الحال ومن اللازم بناء منفذين جديدين لمدينة الرباط ولمدينة سلا وهو ما سمي روكاد رقم 2 التي ستبنى من شالة لتخرج قرب سلاالجديدة وملتقى المطار العسكري. في نفس هذا الإطار سيطرح تأهيل مداخل المدينة وكذلك إعادة تشييد الطرق الكبرى وللملتقيات الكبرى وسط المدينة وستصبح هوية جديدة لشارع محمد السادس. لاشك أن هذا البرنامج سيتطلب اعتمادات مالية كبرى ستساهم كل القطاعات المعنية في تمويله, فكيف تنظرون كعمدة لهذا الجانب خاصة أن مداخيل المجلس تعاني نقصا كبيرا بحجم الطموحات والتحديات المرفوعة؟ ان هذا البرنامج برنامج استثماري ولكن سيكون على المدينة في المستقبل أن تتابع ,وهي ملزمة بذلك ,تنفيذ بجانب جميع الشركاء هذه المشاريع,مما يتطلب بالضرورة إعادة النظر في ميزانية تسييرها غير الكافية, خاصة إن بنية النفايات لا تسمح للمدينة بنيويا بأن تكون لها فوائض, هذا يفرض أن يدخل في القانون المالي 2015 إصلاح ضريبي يسمح كما هو موجود في كل الدول التي نطمح بأن نكون في مستواها ومستوى مدنها بتضريب بناءات الدولة التي يجب كذلك أن تؤدي سنويا كما هو الحال بالنسبة للعائلات والمقاولات رسوم على الخدمات باسم الشفافية الضريبية, ولأن المدينة هي التي تتحمل ثقل كل هذه الأعباء المرتبطة بهذه البناءات, هذا الإصلاح سيكون في صالح كل الجماعات وكل المدن وطبعا سيستجيب إلى خصوصية مدينة الرباط كعاصمة للمملكة. إن برنامج الرباط مدينة الأنوار برنامج طموح , لكن هذا الطموح لنا فيه ثقة انطلاقا من المتابعة الملكية، والمدينة في المستقبل ومن خلالها المغرب ككل، رفع الرهانات لأن الأمر لا يتعلق بمدينة ولا حتى عاصمة، فالأمر يتعلق بالمغرب في كليته ,كما قلت سابقا, بالتوازن العام وسيفتح آفاق التطور والتحديث لبلادنا، وهذا ما سيجعل هذا المشروع مشروع ملك ودولة ومدينة ومن اجل تحصينه يجب على كل الأطراف أن تحترم التزاماتها والمدينة على رأسها التي سيكون عليها أن تبيع بعض ممتلكاتها العقارية وهو شيء سيكون في صالح المدينة, لأنه سيمكنها من الحصول على موارد ضريبية عوض أن تبقى هذه الموارد العقارية جامدة بل ميتة, كما هو الحال الآن, ولنجاح هذه المهمة ستخلق شركة بمجلسها الإداري والتدبيري ولجنتها التسييرية يرأسها السيد الوالي باعتباره ممثل للدولة ومنسق كل القطاعات. الرهان الكبير من الناحية السياسية في المستقبل هو أن يكون لمدينة الرباط ككل المدن أدوات العمل السياسية وعلى رأسها أدوات المجالس المنتخبة لتكون في مستوى الطموح الذي بشر به صاحب الجلالة والذي يفرض نفسه، لكي نضمن مستقبل بلادنا وهو بالضرورة مستقبل المغرب ككل.