أعطى فرنسوا هولاند وانغيلا ميركل دفعا جديدا لعلاقتهما خلال زيارة الرئيس الفرنسي يومي الجمعة والسبت إلى معقل المستشارة الألمانية الانتخابي وعبرا عن موقف موحد حول الأزمة الأوكرانية. وقال هولاند، الذي كثف خلال يومين علامات الصداقة حيال ميركل "هذا دليل إضافي على وجود ثقة متبادلة وتقارب مستمر وتفاهم بين فرنساوألمانيا". وحظي عدد محدود فقط من رؤساء الدول والحكومات مثل الرئيس الأمريكي جورج بوش في 2006 ورئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر في 2012 بمثل هذا الاستقبال على الأراضي الانتخابية للمستشارة الألمانية. وثمن هولاند هذا الاهتمام الذي كان يصر على "زيارة" معقل ميركل الانتخابي "ليفهم بشكل أفضل وليسمع بوضوح أكبر طموحات ألمانيا لإعطاء دفع لأوروبا". وخلال مأدبة عشاء مساء الجمعة في مطعم في منتجع بينز السياحي بحث هولاند وميركل مع عدد من المعاونين المقربين في القضايا الدولية. وسهر زعيما أول اقتصادين في أوروبا حتى منتصف الليل في حانة تقليدية في سترالساند وسط حشد من الجماهير. وكان المسؤولان يبتسمان أمام عدسات الكاميرا وأظهرا علامات صداقة أمام المصورين. وبعد بداية متوترة بين هولاند وميركل قبل عامين عندما كان الرئيس الفرنسي ينتقد التقشف الذي كانت تنوي ألمانيا فرضه على أوروبا غداة انتخابه تعلم المسؤولان العمل معا وشكلت هذه الزيارة مرحلة في ترسيخ علاقتهما بحسب محللين. لكن الأزمة الأوكرانية كانت في صلب هذه المباحثات مع اختبار القوة الذي أظهره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة في القرم. ومارست ميركل وهولاند ضغوطا على كييف وموسكو لتنظيم الاقتراع الرئاسي في أوكرانيا في 25 ماي وذلك في إعلان مشترك. وأكد المسؤولان في البيان الذي نشر في سترالساند في ختام لقاء غير رسمي بينهما في شمال ألمانيا أن "لتنظيم انتخابات رئاسية حرة ومنصفة في أوكرانيا في 25 ماي أهمية كبرى". وتحدثا بالتفصيل عن إجراءات لخفض حدة التوتر في أوكرانيا عشية الاستفتاء الذي سيفضي إلى إعلان الاستقلال في شرق البلاد حيث تتكثف أعمال العنف. واعتبرا أن "الاستفتاء الذي سينظم في عدة مدن شرق أوكرانيا غير شرعي". ولوح المسؤولان مجددا بفرض عقوبات على موسكو. وقالا إن "عدم تنظيم الانتخابات الرئاسية المعترف بها دوليا سيزيد من انعدام استقرار البلاد. وتعتبر فرنساوألمانيا أن عواقب ستترتب على ذلك كما أعلنها مجلس أوروبا في السادس من مارس" دون كشف حجم العقوبات. كما دعيا موسكو إلى خفض تهديد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية. وذكرا أن "القوات الروسية المنتشرة قرب الحدود الأوكرانية يجب أن تخفض". لكن دعوتهما موجهة أيضا إلى حكومة كييف وطلبا من "كافة الأطراف الامتناع عن القيام بأعمال عنف أو ترهيب أو استفزاز. ويجب منع حيازة أسلحة بصورة غير مشروعة". وأكدا أن "قوات الأمن الأوكرانية يجب أن تمتنع عن شن عمليات هجومية قبل الانتخابات. والاستخدام المشروع للقوة لحماية الأفراد والبنى التحتية يجب أن يكون متناسبا". وطلبا من كييف "الامتناع عن الأعمال الهجومية قبل الانتخابات". ودعا هولاند وميركل إلى "حوار وطني بين ممثلي الحكومة الأوكرانية وكافة المناطق في أوكرانيا". وأوضحا أن الحوار يجب "أن يطلق في أسرع وقت وقبل 25 من الجاري لمعالجة كافة المسائل العالقة". وشددا على أهمية دور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لمراقبة الاقتراع الرئاسي والإشراف على جمع الأسلحة غير المشروعة. وخلصا إلى أنه "على كافة الأطراف الامتناع عن أي عمل قد يمس باقتصاد أوكرانيا خصوصا في مجال الإمداد بالغاز" وطلبا من الأطراف "تقديم مساعدة اقتصادية ومالية لأوكرانيا" بالتنسيق الوثيق مع المؤسسات المالية الدولية. وأكد هولاند أن صفقة بيع سفينتين حربيتين فرنسيتين لموسكو بقيمة 1,2 مليار يورو لم تلغ رغم القلق الأمريكي. وقال "وقعت الصفقة في 2011 ويتم تطبيقها وستنجز في أكتوبر المقبل. حاليا لا شيء تغير". وقبل أسبوعين من الانتخابات الأوروبية سعى المسؤولان لإظهار صورة موحدة لأوروبا. واقتراع 25 ماي سيجدد البرلمان والهيئات الأوروبية الرئيسية. كما سيتم اختيار رئيس جديد للمفوضية الأوروبية الذي يرغب جان كلود يونكر في توليه المرشح الذي اختاره المحافظون ومارتن شولز المرشح الاشتراكي-الديموقراطي. وفي حين شدد هولاند على "ضرورة احترام تصويت الأوروبيين" لاختيار خلف لجوزيه مانويل باروزو ركزت ميركل على طول المفاوضات التي ستفضي إلى هذا التعيين، "عدة أسابيع" على حد قولها. وفي ملف مجموعة ألستوم الفرنسية التي تطمح كل من جنرال إلكتريكس الأمريكية وسيمنز الألمانية لاكتسابها اتفق المسؤولان أن الخيار يعود للشركات. لكن هولاند ذكر أن الحكومة الفرنسية "مهتمة" خصوصا بالحفاظ على الوظائف. وقال "نتوقع العرض المفصل لسيمنز لاتخاذ قرار" في حين قالت ميركل أنه يتوقع أن تفوز الشركة الألمانية على منافستها "لأن ألمانيا ستواكب مثل هذا المشروع إيجابيا".