وجد المكتب المديري للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفسه مجبرا على الرضوخ لطلب الشارع الرياضي المغربي، الذي ظل ينادي لسنوات بعودة الناخب الوطني السابق، بادو الزاكي، إلى قيادة المنتخب الوطني الذي تحالف مع الإخفاق لعقد من الزمن، رغم أن المكاتب الجامعية السابقة جربت كل الوصفات والحلول والتركيبات. وأعلنت مصادر عليمة أن بادو الزاكي سيكون مساعدا باثنين من أبرز لاعبي المنتخب الوطني في فترة التسعينيات، وهما سعيد شيبا ومصطفى حجي، أحسن لاعب في إفريقيا لسنة 1998 . ففي كل مرة كان يفرغ فيها منصب ناخب وطني كان بادو الزاكي، يدخل بشكل تلقائي دائرة التنافس، حتى ولو لم يقدم ترشيحه. غير أنه في هذه المرة أعلن بشكل رسمي عن رغبته في العودة إلى منصبه السابق، وقيادة المنتخب الوطني المغربي في نهائيات كأس أمم إفريقيا 2015، التي ستجري في شهر يناير المقبل بالمغرب، وهو يعي أنه سيكون في فم المدفع، غير أنه التزم وقطع على نفسه واعدا أمام الجماهير المغربية، من خلال تصريحاته الصحافية، بأن يقود أسود الأطلس إلى بلوغ أعلى الأدوار في هذه المسابقة القارية. لقد وضع الزاكي كل ما راكمه من مجد كروي، سواء كحارس دولي كبير أو كناخب وطني قاد المنتخب الوطني إلى نهاية أمم إفريقيا، على فوهة بركان، لأن أي نتيجة سلبية قد تكون لها تبعات سلبية على مساره التدريبي. ولن ينسى بادو الزاكي الطعنة التي تلقاها في الظهر قبل سنتين عندما جالس أعضاء من جامعة علي الفاسي الفهري، حيث تم الاتصال به من طرف أعضاء جامعيين، إلى جانب مواطنيه امحمد فاخر وعزيز العامري ورشيد الطاوسي، الذي حصل على دعم بعض الأعضاء الجامعيين من أجل قطع الطريق على الزاكي، الذي كانت حظوظه وافرة لقيادة المنتخب الوطني، قبل أن يستقر الاختيار في النهاية على الطاوسي كخلف للبلجيكي إيريك غيريتس، الذي كبد الجامعة أكبر فضيحة في تاريخها، عندما عجزت عن الكشف عن راتبه الشهري، الذي ظل إلى اليوم سرا من أكبر أسرار بناية المنظر الجميل. وحتى لا يشرب من نفس الكأس، قدم الزاكي خلال الاجتماع الذي عقده برئيس الجامعة فوزي لقجع، يوم الثلاثاء الماضي بالرباط، استراتيجة عريضة لتطوير المنتخب الوطني، كان من أبرز خطوطها العريضة إعادة الانضباط إلى بيت المنتخب الوطني وضمان مشاركة مشرفة في الكأس القارية 2015، بل أكثر من هذا وعد بالمنافسة على لقبها، وهو رهان لا يمكن أن يلتزم به أحمق، بل إنسان يعي جيدا جسامة المهمة مستحضرا كل التجارب التي راكمها سواء خلال الإشراف على الأندية الوطنية أو مع المنتخب الوطني، الذي تسلمه مدربا مؤقتا، قبل أن يتحول إلى مدرب رسمي، وبلغ معه نهاية الكأس القارية. قبل السفر إلى تونس في سنة 2004، كان الكل متحفظا بشأن المشاركة المغربية، لأن العديد من لاعبي المنتخب الوطني آنذاك كانوا صغار السن، ويخوضون المسابقة القارية لأول مرة في مشوارهم الكروي، كيوسف حجي وجواد الزايري ومروان الشماخ وحسن علا والحسين خرجة ويوسف المختاري وباها واليعقوبي والعليوي وغيرهم، مما جعل أكثر المتفائلين لا يتوقعون بلوغ النهائي، غير أن الفوز في المباراة الأولى من المجموعة الرابعة أمام نسور نيجيريا رفع حظوظ أصدقاء العميد نور الدين النيبت، وحلقوا عاليا في سماء تونس، وتصدروا مجموعتهم، ليواجهوا في ربع النهاية منتخب الجزائر في مباراة ملحمية، عرف خلالها أبناء المدرب بادو الزاكي كيف يدبرون دقائقها ويحولون تخلفهم بهدف الجزائري عبد الملك شراد في الدقيقة 84، إلى فوز بين ( 3 - 1) بعد أن رد عليه مروان الشماخ بهدف قاتل في الدقيقة 93، ويكتب الشوطان الإضافييان كل فصول المتعة والإمتاع المغربي. وفي نصف النهائي قصت أسود الأطلس أجنحة نسور مالي برباعية نظيفة، فكان النهائي الأول في تاريخ الكرة المغربية، باعتبار أن دورة 1976 كانت في شكل بطولة. هذه النتائج الباهرة أخرجت الجماهير المغربية إلى الشارع، ونسجت أروع الصور، وتغنى المغاربة طويلا ب " الزاكي ووليداتو"، الذين خصهم جلالة الملك محمد السادس باستقبال حافل بأكادير. ومنذ 2005 ظل الزاكي ينتظر العودة إلى المنتخب الوطني، كونه شعر بأنه لم يأخذ حقه كناخب وطني وإطار مغربي حقق ما عجز عنه غيره من المدربين سواء كانوا مغاربة أو أجانب، غير أن التصريحات التي أطلقها مباشرة بعد الإخفاق في التأهل إلى مونديال ألمانيا 2006، عجلت برحيله، فشعر "بالشمتة" لأنه وإن فشل في التأهل للمونديال، فإنه المنتخب الوحيد في تلك التصفيات الذي لم ينهزم، لكنه احتل الرتبة الثانية وراء تونس، وعجز للمرة الثالثة على التوالي عن الفوز عليها في لقاء رسمي، حيث خسر أمامها النهائي في 2004، وتعادل معها ذهابا 1 - 1 وإيابا 2 - 2 في تصفيات المونديال. بعد سنوات عن رحيله عن المنتخب، سيطلق الزاكي تصريحا ناريا في حق بعض أعضاء جامعة الجينرال حسني بنسليمان، واتهمهم بالتآمر عليه، ودفعه إلى الرحيل مرغما عن المنتخب، غير أنه سرعان ما تراجع تلك التصريحات. لقد ظل الزاكي، ولو بشكل غير مباشر، مرتبطا بالمنتخب الوطني، وكان دائما موضوع مقارنة مع كل المدربين التسعة الذين خلفوه - باحتساب أفراد التركيبة الرباعية ( مومن والناصري وعموتة والسلامي) وكانت كفة الميزان دائما تميل إليه، فيرتفع ضغط الشارع من أجل عودته، بيد أن معارضيه داخل المكاتب الجامعية، كانوا دائما يرفضون ويوقعون على اختيارات فاشلة. لكن هذه المرة كان فوزي لقجع أكثر ذكاء، ورفض أن يعيد نسخ نفس السيناريوهات السابقة، رغم أنه كرر نفس الطريقة التي اختارت بها جامعة الفاسي الفهري رشيد الطاوسي، باستدعاء أربعة مدربين والجلوس إليهم في اجتماعات مطولة من أجل الاطلاع على مشروعاتهم مع المنتخب الوطني. فجاء اختياره منسجما مع مطلب الجمهور المغربي، رغم أن بعض المقربين من الموضوع أسروا بأن رئيس الجامعة قرر بهذا الاختيار أن يضحي بالزاكي، لأنه إذا ما فشل في الاستحقاق القاري " سيموت" كمدرب إلى الأبد ولن يعود اسمه إلى التداول من جديد، لأنه سيضيع فرصة عمره، كما أنه من جانب آخر أراد كسب هدنة مع الشارع الرياضي، لأن الحضور الجيد للعناصر الوطنية في الكأس القارية، سيمنح المكتب المديري الحالي شعبية كبرى. ويشير مقربون من الزاكي إلى أن هذا الأخير واع بهذا الفخ، وعندما وعد بالمنافسة على اللقب القاري، فإنه أراد بذلك ضرب عدة عصافير بحجر واحد، فهو سعى إلى قطع الطريق على منافسيه الأجانب، الذين تحفظوا على الشرط الذي وضعه فوزي لقجع حين مفاوضته لهم، معتبرا أن لقب الكأس الإفريقية رهان مغربي بامتياز، وأيضا العودة إلى منصبه السابق، الذي شعر أنه سلب منه. من هو بادو الزاكي؟ من مواليد سيدي قاسم في 2 أبريل 1959 ، حارس مرمى وعميد سابق للمنتخب الوطني، اشتهر الزاكي بتدخلاته الرائعة ومرونته. وكانت بدايته الأولى مع شبان جمعية سلا، قبل أن يلتحق بالوداد البيضاوي، الذي تألق رفقته ليحصل في سنة 1979 على فرصة حراسة عرين المنتخب الوطني المغربي، بعد الهزيمة التاريخية أمام المنتخب الجزائري بالدار البيضاء. شارك مع المنتخب المغربي في كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 1980 بنيجيريا وفاز بالميدالية النحاسية، كما كان أحد صناع مونديال مكسيكو 1986، حيث دخل مرماه هدفان فقط في أربع مباريات، واستطاع أن ينقذ مرماه من هدف محقق إثر تسديدة لنجم ألمانيا كارل هانز رومينيغه. بفضل جهده ومثابرته، استطاع أن ينال الإعجاب والتقدير، فأحرز جائزة أحسن لاعب أفريقي سنة 1986 . احترف بنادي مايوركا الإسباني وحقق معه نتائج جيدة ، وكان أهمها خوض نهائي كأس إسبانيا لأول مرة في تاريخ مايوركا سنة 1990 ، وترك بصمات خالدة في الدوري الاسباني من خلال صده لضربات جزاء من أشهر لاعبي الكرة العالمية، كالأرجنتيني سانشيز والهولندي كومان. وبعد اعتزاله، درس مهنة التدريب بإنجلترا، وعاد إلى المغرب لخوض تجربة التدريب، والتي توجها بقيادة أسود الأطلس إلى نهائي كأس أمم إفريقيا 2004 . محطات خالدة في مشوار الزاكي أول مباراة دولية : المغرب - الجزائر عام ((1979 * عدد المباريات الدولية : 118 مباراة دولية (من 1979 إلى 1992) * عدد المباريات في كأس العالم : 4 مباريات * عدد المباريات في كأس أمم إفريقية : 12 مباراة * عدد المشاركات في كأس أمم إفريقية : 4 مشاركات (1980 - 1986 - 1988 - 1992) إنجازاته كمدرب * الوصول إلى نصف نهائي كأس العرش رفقة الفتح الرباطي موسم 1993 / 1994 * الوصول الربع النهائي من كأس الاتحاد الأفريقي رفقة الوداد البيضاوي سنة 1998 * الفوز بكأس العرش المغربي رفقة الوداد البيضاوي سنة 1999 * الوصول إلى نهائي كأس الاتحاد الأفريقي رفقة الوداد البيضاوي سنة 1999 * الوصول مع المغرب إلى نهائي كأس إفريقيا 2004 بتونس * الوصول إلى نهائي كأس العرب رفقة الوداد البيضاوي سنة 2009