تم، مساء الثلاثاء الماضي، عرض فيلم «أم عازبة» للمخرجة البريطانية ديبورا بيركين في الافتتاح الرسمي للدورة السادسة للمهرجان الدولي للشريط الوثائقي بأكادير (فيدادوك)، الذي تنظمه الجمعية من أجل الثقافة والتربية عبر السمعي البصري من 28 أبريل إلى 3 ماي المقبل. ويحكي هذا الشريط (82 دقيقة، إنتاج 2014) قصة امرأة أمية (رابحة الحيمر) وكفاحها البطولي من أجل أن تنتزع اعتراف المنظومة القضائية بزواجها المغشوش من جهة وبابنتها غير الشرعية من جهة أخرى، في قالب وثائقي مشوق ومعقد يحاكي مواقف المجتمع المغربي وتناقضاته إزاء المرأة وموقعها من الجنس والمجتمع والتربية والتعليم. وفي معرض تقديمها لهذا الشريط، أشادت مخرجة الفيلم بشجاعة المرأة المغربية واستماتتها، لكن أيضا بالهدوء والرصانة اللتين يعالج بهما المغرب قضايا بالغة الحساسية، معربة في ذات الآن عن أسفها لكون الغرب لا يقدر بما يكفي ما ينجزه البلد من تقدم في هذا المضمار. وأوضحت رئيسة المهرجان هند السايح في افتتاح هذه التظاهرة أن الدورة الحالية تتميز بتخصيص حيز هام لقضايا المرأة بعد مضي عشر سنوات على دخول مدونة الأسرة حيز التطبيق، فضلا عن تسليط مزيد من الضوء على الإنتاج المغاربي و تدشين شراكة مع المهرجان الدولي «ساني سايد أوف ذو دوك». ويتخلل هذه الدورة السادسة، التي تنفتح على مجموع الانتاجات الوثائقية من مختلف بقاع العالم، عرض 37 شريطا، منها 30 فيلما طويلا، تمثل 17 بلدا هي المغرب و الجزائر وتونس ولبنان وفلسطين و العراق وقطر والإمارات العربية المتحدة وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسينغال و جنوب السودان و فرنسا وبريطانيا وهولندا و بلجيكا وكندا والهند. ويتنافس على ألقاب الدورة 12 شريطا تتجاوز مدتها 52 دقيقة لم يسبق عرضها من قبل بالمغرب، وتمثل بلدانا من مختلف الآفاق الجغرافية واللغوية والثقافية (المغرب الكبير والشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا)، تحت إشراف لجنة تحكيم تضم شخصيات مغربية وأجنبية من مجالات السينما أو الثقافة. وتتكون لجنة تحكيم هذه الدورة من حبيبة دجانين (مخرجة وكاتبة جزائرية) ومحسن بصري (مخرج مغربي) و بيرني كولدبلات (مخرج ومنتج سويسري مقيم ببوركينافاسو) و نورما غيفارا (مخرجة من أصل كوبي مقيمة بفرنسا). وسيكون من مهمة هذه اللجنة أن تبت في شأن الأشرطة المتبارية للحصول على الجائزة الكبرى «نزهة الإدريسي» (30 ألف درهم) وجائزة لجنة التحكيم (15 ألف درهم) وجائزة حقوق الإنسان (10 آلاف درهم)، فيما تمنح القناة الثانية للفائز جائزة «خفقة قلب» (55 ألف درهم)، بينما تتكفل لجنة تحكيم أخرى من الطلبة وعشاق السينما بأكادير بتسليم جائزة الجمهور «نور الدين خاشتي» (10 آلاف درهم يخصصها المعهد الفرنسي بأكادير). ويراهن المنظمون خلال هذه الدورة، دأبا على عادتهم، تنظيم قافلة رقمية متنقلة تجوب مختلف أحياء أكادير لعرض عدد من الأفلام في الهواء الطلق، بالإضافة إلى عروض صباحية لفائدة تلامذة المدارس (8 إلى 14 سنة) وتنظيم «خلية وثائقية» لفائدة حوالي 40 طالبا من مختلف مؤسسات التكوين في مجالات السينما والسمعي البصري. وكان فيلم «عالم ليس لنا» للمخرج الفلسطيني مهدي فليفل قد أحرز، خلال الدورة الخامسة لمهرجان فيدادوك (22 25 أبريل 2013)، على الجائزة الكبرى «نزهة الدريسي» وجائزة الجمهور «نور الدين كشطي». ويعتبر مهرجان «فيدادوك»، الذي أحدثته الراحلة نزهة الإدريسي في 2008 قبل أن توافيها المنية في حادثة سير مفجعة في دجنبر 2011، أول مهرجان مغربي يعنى خصيصا بالسينما الوثائقية، ليتحول على مدار دوراته السابقة إلى موعد حقيقي للمهنيين المغاربة والأجانب، كما استطاعت هذه التظاهرة الفنية أن تنسج علاقات شراكة قوية مع عدد من الملتقيات الدولية الراقية على المستويات العربية والإفريقية والأوربية و.م.ع