قال خيرات بأنه يجب على الدولة أن تعمل على بلورة مشاريع تنموية مؤطرة وممولة من طرفها، وأن تخلق آليات مصاحبة لذوي الحقوق في استثمارها، بدل البحث عن مستثمرين من القطاع الخاص، والذين تحرك بعضهم الرغبة في الاستحواذ والجري وراء الربح غير المشروع، كما يجب فك الاشتباك مع إدارة المندوبية السامية للمياه والغابات كما هو واقع الحال في العديد من المناطق، والأمر يتعلق بمائة الف هكتار دعا البرلماني الاتحادي عبد الهادي خيرات إلى ضرورة تغيير الدولة لنظرتها حول الأراضي الجماعية، وهي التي دائما تبين أنها تمن على المواطنين بهذه الاراضي . وأضاف وهو يتحدث صباح يوم الثلاثاء 29 أبريل 2014 خلال الجلسة العامة للقاء الجهوي الرابع للحوار الوطني حول الاراضي الجماعية المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك تحت شعار « الأراضي الجماعية من أجل تنمية مستدامة «، بأن هذه الاراضي، خاصة بالسكان، ولكنها تستغل وتدبر بشكل جماعي، كما أشار إلى أن حجم الوعاء العقاري لهذه الأراضي غير واضح، حيث يتم الحديث اليوم عن 15 مليون هكتار، في حين أنه في المناظرة السابقة تم الحديث عن 12 مليون هكتار، بل كانت وثائقها تشير الى 10 ملايين من الهكتارات، وهذا يبين - يقول خيرات - أن الوعاء العقاري للأراضي الجماعية السلالية غير واضح، الشيء الذي يجعله عرضة للسطو، مما يتطلب إجراءات استثنائية مع المحافظة العقارية وبتنسيق مع هيأة المساحين الطوبوغرافيين مع توفيرالغلاف المالي للتعويضات، حتى لا تخضع للسوق. وقال عبد الهادي خيرات أنه لايمكن استغلال الوعاء العقاري من حجم 15 مليون هكتار متنوعة من أراضي سقوية، الضيعات النموذجية المشجرة، ضيعات بورية فلاحية، أراضي بها مناجم متنوعة، (ذهب، فضة، رخام، مقالع رمال و....) ومع ذلك تمتنع المؤسسات المالية من الاستثمار فيها باستثناء الخواص الذين تتدخل الدولة لحمايتهم.. وحول الترسانة القانونية المنظمة لهذه الاراضي، قال البرلماني الاتحادي بأنه من المؤسف أن الاطار القانوني الذي يؤطر هذا الوعاء مازال يخضع لظهير 27 أبريل 1919 والذي يعد ظهيرا استعماريا جيء به لأغراض ضبطية، وأن هذا الاطار القانوني المنظم للأراضي الجماعية السلالية يدخل ضمن إطار القانون الخاص بدل أن يؤطر بالقانون العام، وفي هذا الإطار يجب أن تخضع النزاعات إلى سلطة القضاء بدل الخضوع لأهواء ونزوات النواب الذين يفرضون في كثير من الأحيان بشكل فوقي من طرف رجال السلطة، والذين يكونون في الغالب أطرافا في النزاعات. وحول الأراضي الجماعية التي توجد في المدارات الحضرية أو المحاذية لها، يقول عبد الهادي خيرات بأنها يجب أن تخضع إلى مبدأ العرض والطلب، إن اقتضت المصلحة العامة لذلك، عوض أن تفوت بأثمنة بخسة، الشيء الذي يحرم ذوي الحقوق من إمكانيات مادية هائلة. وقال خيرات بأنه يجب على الدولة أن تعمل على بلورة مشاريع تنموية مؤطرة وممولة من طرفها، وأن تخلق آليات مصاحبة لذوي الحقوق في استثمارها، بدل البحث عن مستثمرين من القطاع الخاص، والذين تحرك بعضهم الرغبة في الاستحواذ والجري وراء الربح غير المشروع، كما يجب فك الاشتباك مع إدارة المندوبية السامية للمياه والغابات كما هو واقع الحال في العديد من المناطق، والأمر يتعلق بمائة الف هكتار. ولم يفوت خيرات المناسبة دون الحديث عن موقع المرأة في هذا المجال، حيث قال بأنه يجب إشراك المرأة في الاستفادة من حق الإنتفاع بالتساوي مع الرجل، كما هو الحال ومنذ قرون بالأطلس المتوسط، وتماشيا مع روح الدستور الجديد وخاصة الفصل 19 منه الذي يدعو إلى المناصفة. وانتظمت أشغال الملتقى الجهوي الرابع للحوار الوطني حول الأراضي الجماعية ، في جلسة عامة حضرها الوالي بيكرات و العامل مديرالشؤون القروية بوزارة الداخلية عبد المجيد الحنكاري ، و ورشات موضوعاتية تتعلق بالأراضي الجماعية المستغلة في الفلاحة و الأراضي الجماعية الرعوية و الأراضي الواقعة بالمناطق الحضرية ، و استثمرت نقاشاتها في صياغة مجموعة من التوصيات . الحوار الوطني : أسئلة التطوير و الحفاظ على مصلحة ذوي الحقوق و يهدف الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك تحت شعار: « الأراضي الجماعية نحو تنمية بشرية مستدامة» من أجل بلورة رؤية مستقبلية في إطار توافقي وتشاوري مع مختلف الشركاء و الفاعلين. و يسعى إلى وضع تشخيص مشترك حول واقع الأراضي الجماعية و دراسة الرهانات و الإشكاليات المطروحة، و صياغة رؤية مشتركة حول مستقبل الأراضي الجماعية مع بلورة التوجهات الكبرى للإصلاحات التي يتعين إنجازها لحماية الرصيد العقاري الجماعي وتثمينه خدمة لمصالح ذوي الحقوق ودعما للتنمية المحلية والوطنية . و استندت فعاليات الملتقى الجهوي الرابع للحوار الوطني حول الأراضي الجماعية و النقاشات التي عمت ورشاته إلى مجموعة من الرهانات التي تتقاطع في موضوع الأراضي الجماعية و يتدخل فيها عدد من الفاعلين و الشركاء . فعلى المستوى البشري و الاجتماعي فالأراضي الجماعية، فضاء يعيش فيه جزء هام من ساكنة البلاد، لكنه يعاني من اتساع دائرة الفئات الهشة مع تزايد المطالب والانتظارات. و على المستوى الاقتصادي تشكل الأراضي الجماعية رصيدا احتياطيا عقاريا مهما هو محط اهتمام متزايد للفاعلين الإقتصاديين العموميين والخواص. لكن استغلال الأراضي الجماعية يبقى دون المؤهلات التي تتوفر عليها بسبب تعدد الإكراهات. و مستقبل هذه الأراضي رهين بالرفع من الاستثمارات والإنتاجية وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية. و من الناحية البيئية تبرز عدة تحديات مرتبطة بالحفاظ على الموارد الطبيعية و صيانة التوازنات الإيكولوجية، حيث تعاني أراضي الجماعات السلالية من تزايد الضغط على الموارد الطبيعية (الموارد المائية، الضغط المتزايد على المراعي...) مما يحتم ضرورة ترشيد استهلاك الموارد والحفاظ على التوازنات الإيكولوجية. وفي ظل تقادم الإطار القانوني الخاص بأراضي الجماعات السلالية، أصبح من الضروري وضع قواعد قانونية تساير و تواكب السياق العام الوطني و تستجيب لمتطلبات و انتظارات الفاعلين والشركاء، بالإضافة إلى ملاءمة الإطار المؤسساتي للإصلاحات القانونية والتنظيمية المرتقبة. رصيد عقاري مهم يبلغ الرصيد العقاري الجماعي على المستوى الوطني إلى آخر سنة 2013 ما يناهز15 مليون هكتار موزعة على 60 عمالة و إقليما، و تهم أزيد من 4600 جماعة سلالية . و خضع منها للتصفية القانونية 8 مليون و 900 ألف هكتار من الأراضي الجماعية. أما بخصوص الجهات الأربع التي يشملها الملتقى الجهوي الرابع، فيبلغ مجموع الجماعات السلالية بجهات الشاوية ورديغة و دكالة عبدة و مراكش تانسيفت الحوز و تادلة أزيلال ، 969 جماعة سلالية ينوب عنهم 2515 نائبا . أما مجموع الرصيد العقاري الجماعي بهذه الجهات فيتجاوز مليون و 700 ألف هكتار ، تتوزع على جهة الشاوية ورديغة بما مجموعه 258 ألف هكتار و جهة دكالة عبدة بما يناهز 268 ألف هكتار و جهة مراكش تانسيفت الحوز بما يفوق 941 ألف هكتار و تادلة أزيلال بمجموع 213 ألف هكتار . و تتوزع هذه الأراضي على المجال الفلاحي بما يفوق مليون و 125 ألف هكتار و المجال الرعوي ب 501229 هكتار و المجال الحضري و شبه حضري ب 88 335 هكتار و المجال الغابوي و المحميات ب 17327 هكتار . حيث أن المجال الفلاحي يهيمن على توزيع الأراضي الجماعية ب65 بالمائة . أما الأراضي الواقعة في دوائر الري و الخضعة لمقتضيات الظهير الشريف رقم 30 69 1 الصادر بتاريخ 25 يوليوز 1969 فيصل حجمها إلى 135 ألف و 682 هكتار تتركز ببني ملال و أزيلال و الفقيه بن صالح و مراكش و قلعة السراغنة . و يصل عدد ذوي الحقوق المستفيدين منها إلى 15876 مستفيدا . فيما يبلغ عدد المنازعات التي تهم الأراضي الجماعية بالجهات الأربع 598 نزاع ، 105 منها طبيعته مالية و 413 إدارية ، و 80 نزاع ذي طبيعة عقارية . و تعتبر الأراضي الجماعية رصيدا عقاريا مهما بناء على تنوع استعمالاته و احتضانه لخيرات كبيرة ، إضافة إلى كونه يمس كتلة بشرية تقدر ب10 ملايين مستفيد . كما أن هذه الأراضي تمثل رصيدا عقاريا لتوطين الأنشطة الاقتصادية و الاجتماعية بالمجالات الحضرية و شبه حضرية ، و تمثل فرصة حقيقية لاستقطاب الاستثمار و توفير الشغل لفائدة ذوي الحقوق و إدماج الجماعات السلالية في مسلسل التنمية البشرية في إطار رؤية مستقبلية . و يعتبر إصلاح المنظومة القانونية الخاصة بأراضي الجموع و إعطاء الأولوية للتصفية القانونية ، و توفير جميع و الوسائل التي تمكن من إدماج هذا الرصيد في التنمية المستدامة للبلاد بالحفاظ على مصالح المجموعات البشرية التي ظلت منذ زمن بعيد تستفيد منها . و ظهر من خلال المناقشات التي عرفتها جلسات الملتقى الجهوي الرابع المنعقد بمراكش أن هناك عدة رهانات ينبغي للمناظرة الوطنية حول الأراضي الجماعية أن تعطيها الأولوية التي تستحقها، و في مقدمتها توحيد المرجعية القانونية لتدبير و استغلال هذه الأراضي التي يغلب عليها العرف و العادة ، و توضيح شروط النيابة ، و تجاوز وضعية تداخل الصلاحيات بين النواب و مجلس الوصاية ، و جعل حل النزاعات بيد القضاء . طبيعة الأراضي الجماعية كما سبق ذكره تقدر المساحة الإجمالية للأراضي الجماعية ب 15 مليون هكتار وهي ملكية للجماعات السلالية .تعرف هذه الجماعات كقبائل، فخدات قبائل، دواوير أو كل مجموعة سلالية، ويطلق على الأشخاص الذين ينتمون إلى الجماعة السلالية ويتمتعون بحق الإنتفاع من الأراضي الجماعية «ذوي الحقوق». تتميز هذه الأراضي بكونها غير قابلة للتقادم، ولا للحجز ولا للتفويت ، باستثناء الدولة، الجماعات المحلية، المؤسسات العمومية والجماعات السلالية . يوزع حق الانتفاع منها بين ذوي الحقوق من طرف جمعية المندوبين وهي مؤسسة تتكون من نواب الجماعة السلالية وهم الممثلون الشرعيون لجماعتهم السلالية والمخاطبون الرئيسيون، وتتكلف جمعية المندوبين بتدبير الممتلكات الجماعية طبقا للأعراف والعادات وكذا تعليمات الوصاية التي تعهد إلى السيد وزير الداخلية. (كما تسهر على تسيير شؤون هذه الوصاية على الجماعات السلالية مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية وكذا السلطات الإقليمية.) سؤال التسيير تمارس مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية مهام الوصاية باسم وزير الداخلية على الجماعات السلالية من خلال منظور يتوخى التنمية البشرية لذوي الحقوق. كما تعمل المديرية على تنسيق تدخلات وزارة الداخلية في مجال التنمية القروية بين المستويين المركزي والترابي ودعم تتبع مشاريع التنمية البشرية المستدامة. و يمثل مجلس الوصاية مؤسسة تحكيمية وتقريرية تعمل تحت إشراف وزير الداخلية، و تبت في: النزاعات داخل الجماعات السلالية وبين الجماعات السلالية، و كذاالطعون المقدمة بخصوص لوائح ذوي الحقوق ، و طلبات توزيع المدخرات الجماعية ، و ملفات تفويت الأراضي الجماعية . و تعد مؤسسة النائب من أهم المرتكزات التي ينبني عليها نظام تدبير وتسيير الأملاك الجماعية. إذ يتم تمثيل الجماعات السلالية عن طريق أشخاص يعينون من طرف جماعتهم ويشكلون ما يعرف بجمعية المندوبين أو جماعة النواب (الفصل الثاني من ظهير 27 أبريل 1919)، ويكتسبون صفة الممثل الشرعي الوحيد والمخاطب الرئيسي في كل ما يتعلق بتدبير وتسيير شأن الجماعة السلالية التي ينوب عنها، ويقوم النائب بمهامه بصفة تطوعية وبدون مقابل. و تمارس السلطات الإقليمية والمحلية مهام الوصاية المقربة من خلال ضبط العنصر البشري ، و التصفية القانونية للممتلكات العقارية ، و حماية الأراضي الجماعيةت ، وتثمين الأراضي الجماعية (التفويت والكراء) ، ودعم عمليات التحصيل ، و إنجاز المشاريع التنموية لفائدة الجماعات السلالية مع وضع قاعدة المعطيات. ثروة هامة و رهانات كبرى تعتر الأراضي الجماعية رصيدا عقاريا يساهم بطريقة مباشرة في الانتاج الوطني، نظرا لمساحته التي تغطي نسبة 40 % من مجموع الأنظمة العقارية بالمغرب وكذا لتواجده بنسبة مهمة بالمجالات الفلاحية ذات الجودة العالية بما فيها المناطق المسقية، واحتوائه على موارد طبيعية ومعدنية متنوعة. وقد أضحت هذه الأراضي، خلال العقود الأخيرة، موضوع رهانات متعددة، يتدخل فيها عدد من الفاعلين والشركاء: الجماعات السلالية وأعضاؤها، والدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمستثمرون الخواص. وقد برز، في الآونة الأخيرة، عدد من الفاعلين الجدد المنضوين في إطارجمعيات تمثل المجتمع المدني، تثير قضايا جديدة مرتبطة بمكانة الشباب والمرأة ضمن المكونات البشرية للجماعات السلالية. وترتبط هذه الرهانات بالتطورات الهامة التي يشهدها المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتي يمكن إيجازها فيما يلي : دستور جديد يقر بالخصوص بجهوية موسعة كمدخل لإقامة حكامة ترابية جديدة ويؤكد على المساواة بين الرجل والمرأة . مطالب ملحة من طرف منتخبن وسياسين من أجل ملائمة الإطار القانوني المنظم للأراضي الجامعية مع التطورات التي يشهدها المناخ العام. رهانات ومصالح متزايدة بارتباط مع تعبئة العقار بصفة عامة لتلبية حاجيات مشاريع التنمية، تماشيا مع الطلب والتنوع السريعين للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية بروز أشكال وهيئات تمثيلية جديدة للدفاع عن مصالح الجامعات السلالية وأعضائها. الانتقاد المتزايد للعديد من الضوابط والممارسات العرفية المرتبطة باستغلال وتدبير الأراضي الجماعية. تعدد وتضخم الصراعات والنزاعات بخصوص ملكية واستغلال الأراضي الجماعية. أوضاع عقارية متنوعة واستعمالات متعددة من خلال دراسة وتحليل الأراضي الجماعية، تبرز ثلاثة أشكال من االإستعمالات تطرح إشكالية النظام العقاري للملك الجماعي وطرق استغلاله . إذ تمثل الأراضي الفلاحية خمس( 5 / 1) المساحة الصالحة للفلاحة وتتميز بتوزيعها الواسع داخل التراب الوطني، وتغطي غالبية المدارات السقوية ومناطق البور الجيد في السهول (الغرب، اللكوس، سايس، الحوز، سوس ماسة(. وتختزن هذه الأراضي مؤهلات فلاحية هائلة.إلا أنه و نظرا للضغط المتزايد على الأراضي الفلاحية والوضعية الاقتصادية والاجتماعية الهشة لبعض ذوي الحقوق وتقادم أنماط الاستغلال وتجاوزها و صغر حجم الاستغلاليات وتنامي ظاهرة الحيازة الفعلية من طرف ذوي الحقوق والمعاملات العقارية التي لا تتماشى ونظام الأراضي الجماعية، أصبحت هذه الأراضي موضوع عدة رهانات وإشكاليات يجب معالجتها. كما أن قسطا ضئيلا من الأراضي الجماعية يتم استغلاله لأغراض فلاحية وغابوية من طرف مستثمرين في إطار عمليات الكراء والشراكة عن طريق مصالح الوصاية. أما الأراضي الرعوية فيتم تسييرها من طرف الجماعات السلالية وفقا للأعراف والتقاليد. لكن استغلالها يتم بصفة فردية من طرف أعضائها. ويؤدي هذا الاستغلال الفردي، الذي تغذيه المصالح الشخصية، إلى الضغط المتزايد على الموارد الطبيعية وتدهور عام مع احتدام الصراع حول المناطق ذات وفرة من حيث الماء والكلأ. ولتجاوز هذه الإكراهات تم تنظيم بعض ذوي الحقوق في إطار جمعيات وتعاونيات في مناطق محدودة لعقلنة استغلال المراعي والمحافظة على مؤهلاتها الرعوية. غير أن هذه التنظيمات قد ساهمت بشكل كبير في تراجع دور الجماعات السلالية في تدبير المراعي ومعالجة الصراعات المرتبطة بها. هذا، فضلا عن التأخر الكبير في مسطرة تصفية وضعيتها القانونية، وذلك رغم المجهودات التي بذلتها سلطات الوصاية خلال العشر سنوات الأخيرة. و بالنسبة للأراضي الجماعية الواقعة داخل المدارات الحضرية والمجالات الضاحوية، فبحكم موقعها المتميز، أصبح الطلب على هذه الأراضي في ارتفاع كبير وقيمتها في ازدياد مضطرد، مما يجعلها عرضة لظاهرة التعمير العشوائي وانتشار السكن غير اللائق من خلال القيام بتجزئات عشوائية وبإيعاز، في بعض الأحيان، من المضاربين العقارين الذين يستغلون الأوضاع الهشة لذوي الحقوق. وتستدعي هذه الوضعية إعادة النظر في مكانة هذه الأراضي ضمن وثائق التعمير التي غالبا ما تكون مجحفة في حقها ولا تعيرها الأهمية اللازمة فيما يخص التنطيق العمراني. كما تجدر الإشارة إلى أن العقارات الجماعية تتم تعبئتها عبر عمليات التفويتات التي تعرفها هذه الأراضي والتي تدخل في إطار المساهمة بالأساس في تفعيل البرامج التنموية القطاعية العمومية. إطار قانوني في حاجة إلى التطوير تعود الجذور التاريخية للأراضي الجماعية إلى عصور جد قدمية. وقد ظلت تستغل حسب الأعراف المحلية لكل جماعة سلالية. ومع بداية القرن الماضي، تدخلت سلطات الحماية منذ 1912 بإصدار نصوص قانونية لتنظيمها، توجت بإصدار ظهير 27 أبريل 1919، والذي أدخلت عليه العديد من التعديات والتغيرات كان آخرها سنة 1963 . وبعد الاستقلال، صدرت مجموعة من النصوص القانونية، عمدت إلى معالجة مجموعة من الثغرات في النصوص السابقة وعملت على تصحيح بعض الأوضاع الناتجة عنها. على أن أهم إصلاح شمل الأراضي الجماعية، جاء به ظهير 25 يوليوز 1969 المتعلق بالأراضي الجماعية المتواجدة في دوائر السقي، والذي جعل من هذه الأراضي ملكية على الشياع لصالح ذوي الحقوق. غير أن هذه النصوص القانونية، بالرغم من أنها ظلت تتسم بمحدودية في ضبط كل الجوانب المتعلقة باستغلال الرصيد الجماعي الخاضع للأعراف والعادات، فإنها ساهمت في المحافظة على الأراضي الجماعية وحماية مصالح ذوي الحقوق. وقد دأبت سلطات الوصاية، من أجل معالجة إشكالية محدودية الإطار القانوني، على إصدار العديد من الدوريات والمناشير والدلائل تتعلق بوضع مساطر مضبوطة تهم تنظيم وتسيير شؤون الجماعات السلالية والأراضي الجماعية. وتتجلى بالخصوص في معالجة الجوانب التالية : عدم تحديد مفهوم «الجماعة» المالكة لهذه الأراضي، فظهير 1919 يعرف بحق الملكية الجماعية للقبيلة، أو للفخدة، أو للدوار أو لأي جماعة سلالية أخرى، دون توضيح المقصود من هذه المصطلحات. عدم تحديد طبيعة حق الانتفاع المؤقت بهذه الأراضي ومدته. عدم صدور المرسوم التنظيمي لشروط وإجراءات الاستفادة من حق الانتفاع الدائم المنصوص عليه في المادة الرابعة من ظهير1919 غياب تعريف وتحديد معاير تعيين صفة ذوي الحقوق، التي ظلت خاضعة للأعراف والعادات المتداولة داخل كل جماعة. وجود فراغ قانوني بخصوص كيفية تعيين جمعية المندوبين أو «جماعة النواب»، وتحديد عددهم ومدة انتدابهم. تثمن الأراضي الجماعية وإشكالية مدة الكراء . تحديد اختصاصات القضاء والوصاية في فض النزاعات. الإجراءات الزجرية لمواجهة عملية الترامي والتقسيم العشوائي. تحديد شروط الرعي وطرق استغلال المراعي في الملك الجماعي. وقد حسم ظهر 1919 مسألة الوصاية على الجماعات السلالية بعهدها لإشراف وزير الداخلية الذي يسوغ له دامئا أن يستشير مجلس الوصاية الذي تظل تدخلاته محدودة في بعض الاختصاصات. كما تسهر مديرية الشؤون القروية على ما تبقى من اختصاصات في تدبر و تسيير شؤون الجماعات السلالية و ممتلكاتها، و ذلك في إطار تعامل وتفاعل مع باقي السلطات الترابية التي تعتبر امتدادا لسلطة الوصاية (السلطات الإقليمية والمحلية( وكذا نواب الجماعات السلالية. ورغم كل هذا، فإن النصوص التشريعية والتنظيمية التي تؤطر الأراضي الجماعية وتشكل مرجعية لتدخلات مختلف الفاعلين، لا تواكب، بما فيه الكفاية، التطورات الاجتماعية والاقتصادية الحالية والإكراهات الخارجية التي تجعل هذه القوانين صعبة التطبيق.