يحتضن معهد سرفانتس بالرباط معرضا للصور الفوتوغرافية عن مدينة قرطبة. وقد عُرضت هذه الصور بإسبانيا، قبل انتقالها إلى المغرب، وبعد ذلك إلى بلدان عربية عديدة. ولذلك دلالة على أن مدينة قرطبة، التي أُعلنت إرثا إنسانيا، تفخر بآثارها الفنية العربية والأندلسية، والتي مازالت باقية ومنتشرة في هذه المدينة الساحرة. ومن أهداف هذا المعرض، حسب مدير البيت العربي «إدواردو بوسكيتس، إعادة اكتشاف وتقييم هذا الإرث العربي الإسلامي، وإعادة تقييم قرطبة والمنتمين إليها قديما وحديثا. المعرض عبارة عن مجموعة متنوعة من الصور الفوتوغرافية عن تفاصيل زخرفية شاهدة على روعة ماضيها، وعن آثار رمزية خالدة وأبواب وأبراج ومنارات وحمّامات، بما في ذلك أمثلة عن الفنّ المدجّن بكونه آخر نمط معماري في شبه الجزيرة الإيبيرية متأثر بالأندلس ومستوحى عنه. كما ان تلك الصور تعيد إلى الذاكرة المكانة التي أعطاها المسلمون لقرطبة سنة 711 م، حين حوّلوها من مكانا ثانويا في شبه الجزيرة الإيبيرية إلى مركز لها بوصفها عاصمة للأندلس. ففي السنوات الأولى من فترة الحكم التابع لخلفاء دمشق لم تحدث تغييرات عمرانية كبيرة بل أُعيد استخدام وتعمير المباني والبُنى التحتية الموروثة ومن بينها الجسر والفضاء الروماني المسوّر أو القصر القوطي. وفي أواسط القرن الثامن فر الأمير الأموي عبد الرحمان الأول من المشرق أيام حكم العباسيين ليستقر بالأندلس. وفي قرطبة أسّس إمارة جديدة مستقلة سنة 756 م وسرع بعملية «أسلمة» حقيقية للمدينة من خلال معلمين واضحين هما قصر أمية ومسجد الجامع الكبير، ومثل كلاهما انعكاسا للتغييرات الجديدة التي شهدتها المدينة. واستمرة المدينة في تغييرها وتحولاتها العمرانية والثفاية والديموغرافية إلى حدود حكم الموحّدين، إلى حدود غزوها سنة 1236م. يثبت المعرض الحالي إلى أن قرطبة حاضرة في خيال وذاكرات جميع الإسبان، بل وجميع المقيمين والمنتمين للفضاء الإيبيري. فعلى الرغم من ظهور تحولات كثيرة في المدينة المسيحية إلا أنها ظلت تحتفظ بعناصر كثيرة ومتنوعة من الحضارة الإسلامية، حسب قول رافائيل بلانكو غوثمان، ففعلا هذا ما حدث مع جزء كبير من الطرق والأسوار والقصر والمسجد الكبير الذي قام فرناندو الثالث بتحويله فورا إلى كاتدرائية. ونفس الأمر حدث مع عدّة مساجد أخرى أصغر حجما، إذ حولها الإسبان إلى كنائس صغيرة مازالت مآذنها القديمة سامقة في سماء المدينة الإسلامية. يشار إلى أن المعرض سينقل إلى معاهد سرفانتس في كل من الدارالبيضاء، ومراكش، وتطوان، وطنجة وفاس.