في خطوة تطرح أكثر من علامة استفهام، خصصت قناة «ميدي 1 تيڤي»، يوم الاثنين المنصرم، الحُلّة الشهرية من برنامجها «بدون حرج تكافل» لموضوع التكفل بالأيتام الذي ترعاه جمعية العون والإغاثة بمدينة طنجة، وهي الجمعية المقربة من حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، بل تعتبر ذراعه الخيري بالمدينة وأحد المفاتيح الرئيسية لاكتساحه الانتخابي. والجميع يعرف حجم الدعم الانتخابي الكبير الذي تقدمه هاته الجمعية لحزب بنكيران بطنجة، ذلك أن أطر الجمعية، التي تتحرك تحت غطاء دعم العمل الخيري، يتحولون إلى جنود مجندة خلال الحملات الانتخابية، مستغلين في ذلك قاعدة المعطيات والبيانات الخاصة بجميع الأسر المستفيدة من دعم الجمعية، ولذلك لم يكن غريبا أن يسارع بنكيران وهو رئيس للحكومة، برفقة قيادات من الصف الأول لحزبه، إلى مدينة طنجة يوم 12 أبريل من السنة المنصرمة لحضور مراسيم جنازة المرحوم عبد السلام بنيعيش، والد نعيمة بنيعيش المرأة النافذة بجمعية العون والإغاثة. الحلقة المفصلة على المقاس حظيت بدعاية مكثفة على صفحات التواصل الاجتماعي من نشطاء الحزب والحركة، وتحولت على امتداد أزيد من 100 دقيقة إلى حملة مفضوحة لتسويق منجزات هاته الجمعية بحضور ثلاثة من مسؤوليها، أبرزهم المرأة القوية في الجمعية نعيمة بنيعيش، القيادية بحركة التوحيد والإصلاح، عضوة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة القرضاوي، ورئيسة مركز أم المؤمنين للتكوين الشرعي والمتخصص في تخريج الواعظات الدينيات!. المثير في الأمر أن توقيت الحلقة تزامن مباشرة مع نهاية الزيارة الملكية الناجحة بكل المقاييس إلى مدينة طنجة والتي توجت بالإعلان عن ميلاد العديد من المشاريع ذات البعد الاجتماعي والخيري، وهو ما دفع متتبعين للشأن العام بالمدينة إلى التساؤل عن خلفيات بث هذا البرنامج في هذا التوقيت بالذات، وتخصيصه لجمعية مقربة من حزب بنكيران لتسويق أنشطتها الخيرية والإحسانية في نفس المدينة التي غادرها الملك بيوم واحد؟!... العديد من فعاليات المجتمع المدني بالمدينة، ممن استقصت الجريدة آراءهم، اعتبروا الحلقة عملا مخدوما افتقد للمهنية، وأن الأمر تحول إلى حملة انتخابوية مكشوفة لصالح هيئة سياسية بعينها، وشددوا بالمقابل على مطالبة قناة «ميدي 1 تيڤي» بتقديم التوضيحات الكافية تجاه هاته الفضيحة التي شكلت انزلاقا خطيرا يضرب في الصميم مبدأ استقلالية مؤسسة إعلامية عمومية، ممولة من طرف الشعب المغربي.