كانت النتائج كارثية بالنسبة للحزب الاشتراكي الحاكم ، سواء من حيث النتائج المحصل عليها أ و من حيث التقدم الكبير الذي حصلت عليه الجبهة الوطنية ( حزب اليمين المتطرف)،حيث حصلت على الرتبة الأولى في العديد من المدن خلال الدور الأول للانتخابات المحلية . وتمكنت من الفوز بمدينة اينين بومو شمال فرنسا في الدور الأول ،والرتبة الأولى في العديد من المدن مثل فورباخ،بيزي،فريجيس بيربينيون وأفينيون جنوبفرنسا. كما أن هذا الحزب ذا التوجهات العنصرية والمعادية للأجانب بفرنسا تأهل إلى الدور الثاني إلى أكثر من 229 مدينة، وهو ما يجعله مؤهلا للفوز بالعديد منها في حالة عدم تحالف الأحزاب من اليمين واليسار، ضد هذا الحزب المتطرف .وهو الأمر الذي دعا له الوزير الأول الفرنسي جون مارك ايرولت، ورد عليه بالسلب زعيم المعارضة جون فرنسوا كوبي. كما أن اليمين الكلاسيكي عرف تقدما في هذه الانتخابات، وفاز بعدد من المدن مند الدور الأول مثل بوردو. في حين وجد أغلب مرشحي اليسار أنفسهم أمام صعوبات كبيرة ونتائج كارثية. تميزت هذه الانتخابات أيضا بالرقم القياسي للامتناع عن التصويت، وهو رقم تاريخي لم تعرفه فرنسا من قبل ، حيث وصلت نسبة الامتناع إلى 38.5 في المائة. وهو رقم مرتفع بخمسة نقط مقارنة مع الانتخابات البلدية الأخيرة سنة 2008. كما يعتبر الرقم الأضعف للمشاركة بفرنسا بالانتخابات المحلية منذ 40 سنة. وارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت هي التي أثرت بشكل سلبي على مرشحي اليسار بهذه الانتخابات. وحسب وزير الداخلية الفرنسي مانييل فالس «هذه النسبة من الامتناع عن التصويت مرتفعة جدا. هي قطعا رسالة من مواطنينا. يجب أن نستمع إليها. يجب على جميع المسؤولين العامين والسياسيين أن يستمعوا إليها». المفاجأة الكبرى لهذه الانتخابات أيضا هو فوز أحد ممثلي اليمين المتطرف بأحد المدن الفرنسية ،وهو الأمين العام للجبهة الوطنية ستيف بريوا انتخب رئيسا لبلدية المدينة بأكثرية 50,26% من الأصوات، متقدما بفارق شاسع عن منافسه رئيس البلدية المنتهية ولايته اليساري أوجين بينيس الذي حصل على 32,04% من الأصوات في حين بلغت نسبة المشاركة في الاقتراع 64,59% بهذه المدينة شمال فرنسا التي توجد في معقل سابق لليسار والذي تراجع مع اختفاء وإقفال المناجم بهذه المنطقة، التي أصبحت مرتعا للبطالة. ورغم تقدم اليمين الكلاسيكي في هذه الانتخابات وقدرته على الفوز بالعديد من المدن على حساب اليسار، فإن مشاركة اليمين المتطرف ، في الدور الثاني في العديد من المدن من شأنه أن يسهل نجاح اليسار في العديد منها حسب المتتبعين لهذه الانتخابات . أما فيما يخص المدن الرمزية بفرنسا، فإن اليسار رغم الصعوبات التي تعرض لها مازال يحتفظ بقدرته على الفوز بمدينة باريس واللائحة التي تقودها المرشحة آن هيدالغو في مواجهة لائحة المعارضة اليمينية التي تقودها موريزيت كوسيسكو . هذه المدينة التي تعرف اختلاطا كبيرا لسكان والتي مازال اليمين المتطرف يجد صعوبة في اختراقها حيث لا تتعدى نسبة المصوتين عليه بها أقل من 4 في المائة. وفيما يخص مدينة مرسيليا جنوبفرنسا، فإن الصراع سوف يحتدم بين جون كلود كودان الذي تربع على عرش المدينة منذ 19 سنة تقريبا ومنافسه من الحزب الاشتراكي باتريك مينوتشي الذي عانى كثيرا خلال الانتخابات التمهيدية أمام منافسته من نفس الحزب سميرة غالي . كما أنه عليه خلق تحالف مع باقي زعماء لوائح اليسار المتعددة التي شهدتها مدينة مرسيليا والاستفادة من التقدم الكبير الذي خلقه اليمين المتطرف بهذه المدينة والذي سوف يؤثر على اليمين الكلاسيكي سلبا في الدور الثاني لهذه الانتخابات. لكن الاستطلاعات تمنح الفوز بالمدينة لليمين بزعامة العمدة السابق جون كلود كودان. ومن النتائج المهمة أيضا تمكن أحد زعماء المعارضة اليمينية ألان جيبي من الفوز ببوردو منذ الدور الأول. الدور الثاني سوف يكون حاسما لمعرفة من سيستفيد من تراجع اليسار الحاكم في المدن الفرنسية، وهل ستتوفق الطبقة السياسية الفرنسية من يمين ويسار في إقامة جبهة لمواجهة تقدم اليمين المتطرف الذي يمكنه الفوز بالعديد من المدن الفرنسية ؟وهل سيتمكن اليسار الحاكم في فرنسا من الحد من الامتناع عن التصويت الذي يصيب ناخبيه على الخصوص حسب استطلاعات الرأي، من أجل الحد من الخسارة التي تعرض لها في هذه الانتخابات المحلية؟ وكيف ستكون ردود فعل رئيس الجهورية فرنسوا هولند هل سيعمل بنتائج الانتخابات ويقوم بتعديل حكومته؟ وهل سيكون التعديل شاملا أم سيمس فقط بعض المناصب الوزارية؟