افرزت نتائج الدور الثاني للانتخابات الجهوية بفرنسا يوم أول أمس فوزا ساحقا لليسار على اليمين الحاكم، حيث حصل اليسار على الأغلبية الساحقة للجهات بفرنسا باستثناء جهة الالزاس وجزيرة لارينيون وغيانا .وهكذا تمكن الحزب الاشتراكي رفقة حلفائه الأوربيين الخضر واتحاد اليسار من الحصول على 19 جهة من بين 22 جهة بفرنسا والجزر. وتميز الدور الثاني بارتفاع نسبة المشاركة التي وصلت الى 51 في المائة بعد ان لم تتجاوز في الدور الاول 46 في المائة ، هذا الارتفاع في نسبة المشاركة استفاد منه في المقام الأول اليمين المتطرف . هذه الانتخابات تميزت بتقدم اليسار على المستوى الوطني الذي حقق بجانب حلفاءه في الخضر واليسار 4،54 في المائة في حين لم تتجاوز نسبة الحزب الحاكم الاتحاد من أجل حركة شعبية 3 ، 36 في المائة لكن الظاهرة البارزة لهذه النتائج هي التقدم الكبير للجبهة الوطنية (اليمين المتطرف ) والتي حققت7، 8 في المائة وهو ما يعني ان اغلبية التي يقودها الرئيس نيكولا ساركوزي حصدت نتائج سياسة النقاش حول الهوية الوطنية بفرنسا والهجوم العنيق على المهاجرين والاجانب مما شجع توجهات فكرية عرفتها فرنسا في عهد فيشي عندما اختار جزء من فرنسا التعاون مع النازيين وتبني افكارهم .كما أن استعمال اليمين الحاكم لقضية الخوف والامن في هذه الانتخابات أدى إلى نتائج معاكسة لما كان ينتظره. زعيمة المعارضة الاشتراكية مارتين أوبري الفائزة في الانتخابات الجهوية أكدت من خلال هذا النجاح زعامتها للحزب و طالبت الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزيره الاول فرنسوا فييون بتغيير عميق لسياستهم والاخذ في الإعتبار تصويت الفرنسيين بأغلبية كبيرة لصالح الاشتراكيين واليسار بصفة عامة. ويبدو ان رد الرئيس الفرنسي لن يتأخر فقد بدأ الحديث عن تعديل حكومي هذا الأسبوع سوف يمس جزءا من الوزراء الذين حققوا نتائج جد ضعيفة في الانتخابات الجهوية حيث شارك في هذه الانتخابات 8 وزارء مما يعني ان الناخبين عاقبوهم ، وأول المغادرين سيكون كزافيي داركوس الذي سيغادر وزارة العمل. الوزير الاول الذي حاول التقليل من نجاح اليسار خلال الدور الاول اعترف بالفوز الكبير الذي حققه واضاف ان أغلبيته لم تتمكن من اقناع الفرنسيين. اليمين المتطرف حقق ارقاما وتقدما كبيرين في عدد من الجهات . ففي منطقة الألب /كوت أزير حقق اليمين المتطرف نسبة 22 في المائة مما يعني عودة جان ماري لوبين الى الواجهة بعد تراجع كبير في مختلف الانتخابات الأخيرة وبدأت التساؤلات تطرح عن أسباب هذه العودة هل هي نتيجة للأزمة التي مازالت تتخبط فيها باريس ام هي راجعة الى استعمال الرئيس نيكولا ساركوزي ووزيره في الهجرة ايريك بوسون للهوية الوطنية وفتحه نقاشا في هذا الموضوع صدم جزء كبيرا من الفرنسيين قبل الأجانب. وهذا التنامي القوي لليمين المتطرف من شأنه ان يشكل عائقا كبيرا بالنسبة لليمين الحاكم الذي عليه في الانتخابات المقبلة ان يأخذ في الاعتبار هذا التيار المتطرف اذا أراد ان يحقق نتائج في مختلف الاستحقاقات المقبلة . أما اليسار الاشتراكي ورغم فوزه الكبير فان العديد من المشاكل ماتزالت تعترضه ايتعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة وتأكيد نتائج الانتخابات الجهوية منها تصاعد قوة الخضر بالاضافة الى المشاكل الداخلية التي يعيشها الحزب وهل ستتم انتخابات أولية داخل الحزب ام لا لاختيار مرشح الحزب او مرشح اليسار ككل.وكيف ستتصرف سيغولين روايال المرشحة السابقة هل ستخضع لإرادة الحزب ام انها ستختار الترشح خارج الحزب؟ لكن هذه الانتخابات بصفة عامة عكست الأزمة العميقة التي تعيشها فرنسا لأن ثلثي 3/2 الفرنسيين عبروا عن غضبهم من العمل الحكومي وأغلبية نيكولا ساركوزي ، نصفهم لم يتنقل للتصويت وجزء صوت لصالح اليمين المتطرف . فهل المعارضة الاشتراكية قادرة على تقديم البديل في افق الانتخابات الرئاسية المقبلة في سنة 2012 أم ان ساركوزي سوف يتمكن من استرجاع دينامكيته ودينامكية الأغلبية الحاكمة؟