وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    ترامب يطالب المحكمة العليا بتعليق قانون يهدّد بحظر تطبيق تيك توك    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن قائمة أفضل الهدافين    فينيسيوس الأفضل في العالم ورونالدو في الشرق الأوسط وفق "غلوب سوكر"    طقس السبت: نسبيا باردا إلى بارد مع جريحة محلية خلال الليل والصباح    3 سنوات ونصف حبسا نافذا في حق محمد أوزال الرئيس الأسبق للرجاء    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    التحقيق في فاجعة تحطم الطائرة الأذربيجانية يشير إلى "تدخل خارجي"    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    النفقة و"تقاسم الثروة" و"إيقاف السكن" .. تصحيح مغالطات حول مدونة الأسرة    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    *بعيدا عن المنطق الاقتصادي: الأسرة تآلف بين القلوب لا تخاصم بين الجيوب    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    توقيف سائقي سيارتي أجرة بمدينة طنجة بسبب القيادة بشكل متهور قرب المطار    وزارة النقل تؤجل تطبيق معيار "يورو6" على بعض أصناف السيارات    خطة استبقاية قبل ليلة رأس السنة تُمكن من توقيف 55 مرشحاً للهجرة السرية    وليد كبير: الرئيس الموريتاني يستبق مناورات النظام الجزائري ويجري تغييرات في قيادات الجيش والمخابرات    أمريكا: روسيا وراء إسقاط طائرة أذربيجانية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة بعدة مناطق في المغرب من السبت إلى الإثنين    الحكومة ترفع الحد الأدنى للأجر في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية    تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء المضيق    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    الجولة 16 من الدوري الاحترافي الأول .. الرجاء يرحل إلى بركان بحثا عن مسكن لآلامه والجيش الملكي ينتظر الهدية    نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته ضد الرجاء    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    الرئيس الألماني يعلن حل البرلمان ويحدد موعدا لإجراء انتخابات مبكرة    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    نواب كوريا الجنوبية يعزلون رئيس البلاد المؤقت    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان المسلمون .. الأممية الإسلامية واستراتيجيا الزحف
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 22 - 03 - 2014

لمواصلة البحث حول «مفاتيح» الصراع السوري، انطلقنا من الاشتغال على جماعة الإخوان المسلمين المعروفة أساسا في مصر، إلا أننا لا نعرف الكثير حول مدى تواجدها في سوريا، في تركيا، في قطر، في تونس أو في فرنسا... كما أنها من المفاتيح التي توضح «تطرف» الإسلام في الشرق الأوسط، في المغرب العربي والمبادرات الرامية إلى تحويل الجاليات المسلمة في أوروبا إلى جماعات متطرفة، حسب ما نشرته «أغورا فوكس ».
أخذنا ننتبه، بالتدريج، إلى أن الأمر يتعلق ب «أممية إسلامية» حقيقية تمنحنا مفاتيح كثيرة لتسليط الضوء على فصول «الربيع العربية» سنة 2011، وكذلك حول ترديد «كفى» بكثرة في شوارعنا. مع الإشارة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت متواجدة بقوة في 80 بلدا عبر العالم ككل، بفضل فروعها، بفضل الأحزاب المنضوية تحت لوائها أو الأحزاب الصديقة.
مصر
يرجع تأسيس التنظيم إلى حسن البنا سنة 1928، وكان الهدف من التأسيس بعث نهضة إسلامية، مقاومة التأثير الغربي، اللائكية وإقامة دولة إسلامية على أساس مبادئ الشريعة. تمكن التنظيم ، في وقت وجيز، من نشر أفكاره في البلدان ذات الأغلبية السكانية المسلمة في الشرق الأوسط، ليقيم بعد ذلك جسورا تربطه بأوروبا؛ ما جعل بعض العناصر المتعاطفة مع الجماعة تنتظم في حركات مستقلة ، ونذكر من بينها الجماعة الإسلامية في لبنان وحماس في غزة. وقد اختارت الجماعة كشعار لها: «الله هدفنا. النبي محمد قائدنا، القرآن شريعتنا. الجهاد دربنا ». إلا أن معارضة الجماعة العنيفة للدول العربية اللائكية، ترتب عنه منعها أو الحد من أنشطتها في بعض البلدان كسوريا ومصر. وتربط التنظيم بالمؤسسات التي تعمل على نشر الوهابية، علاقات تتراوح بين التعاون والندية. ولأن الحركة أولت محاربة إسرائيل مكانة أساسية ضمن حركيتها، فقد تمكنت من استقطاب أعداد متزايدة من الأنصار والأعضاء: كان عدد المنخرطين 2000 منخرط خلال المؤتمر الأول سنة 1933، بعد مرور سنة أصبح عددهم 40.000 وسنة 1943 ارتفع العدد إلى 200.000.
يوم 28 دجنبر 1948، اغتال «الجهاز السري» التابع للتنظيم الوزير الأول المصري؛ وكرد على ذلك، تم منع التنظيم وقتل مؤسسه خلال فبراير 1949 . وحفاظا على حياته، قرر جمال عبد الناصر منع الجماعة واعتقال قرابة 20.000 من أعضائها. أما السادات فقد عمل، خلال سبعينيات القرن الماضي، على توظيف الإخوان المسلمين في صراعه مع اليسار المتطرف واعدا إياهم بإدراج الشريعة في القوانين المصرية. لذلك أعلنت الجماعة رسميا، سنة 1978، تخليها عن أعمال العنف، ما عدا فيما يخص القضية الفلسطينية. إلا أن بعض أعضائها الذين لم يكونوا يقاسمونها الرأي، انتظموا في بنيات أخرى، من بينها الجماعة الإسلامية، التي اغتال أحد عناصرها أنور السادات سنة 1981، كما كانوا وراء الاعتداءات المرتكبة ضد السياح سنة 1992 ولقصر سنة 1993 .
ابتداء من الثمانينيات، تأسس جناح سري مسلح تابع للجماعة، وحاول بعض عناصره الاندساس في المؤسسات الحكومية، إلا أن نظام حسني مبارك، اللائكي، أعاق معظم مناوراتهم السياسية، ما عدا بعض النقابات التي لازالوا يتسللون إليها بشكل كبير، كنقابة المحامين. كما تم القضاء، سنة 1982 ، على المنابر الصحافية التابعة لهم والحجز على جل منشوراتهم. وتكمن المفارقة في استمرار التساهل مع التنظيم رغم منعه. و سيعترف النظام المصري لتنظيم الإخوان المسلمين بوضعية المنظمة الدينية. وقد شارك مرشحو الإخوان في الانتخابات كمستقلين أو كممثلين لأحزاب أخرى. كما عمل التنظيم على تقوية حضوره في الساحة بتقديم المساعدة للمحرومين من الناحية الاجتماعية والمالية، بمدهم بالدواء وبقروض مالية. فيما اختار البعض منهم، كسعيد رمضان، التوجه في النهاية إلى أوروبا، بعد المرور ببعض البلدان العربية، اعتمادا على دعم مالي من السعوديين.
الاعتراف الديني وليس السياسي
خلال التسعينيات، أعلنت الجماعة، في مصر، نفسها كحركة تحترم الديمقراطية. ونشرت ثلاث وثائق حول: ضرورة الديمقراطية، ضمان حقوق الاٌقليات - الأقباط بوجه خاص - ووضعية المرأة. إلا أن الإخوان المسلمين، رغم توفرهم على 88 نائبا في مجلس الشعب - من بين 454 - ما بين 2005 و2010، ما جعل منهم أول فريق معارض في المجلس، واعتمادهم خطابا دينيا، لم يتمكنوا من تحويل ذلك التعاطف إلى نجاح سياسي. و ذلك راجع إلى رفض السلطات المصرية خلق حزب سياسي للإخوان المسلمين ورفض بعض عناصر الجماعة لقواعد اللعبة السياسية.
اتبع النظام المصري سياسة الجزرة والعصا، فأحيانا كان يخفف من حدة الضغط كوسيلة لامتصاص الغضب الشعبي ضد السياستين الإسرائيلية والأمريكية في الشرق الأوسط، إلا أنه سرعان ما يغير طريقته بتعذيب عناصر الجماعة وتصفيتهم.
لقد عرفت الجماعة تحولا كبيرا بغرض التمكن من الحكم، بحيث بذل العديد من عناصرها مجهودا كبيرا لتغيير مظهرهم: ارتدوا الزي الغربي، حلقوا اللحي كلية أو قصوها، التحق عدد كبير منهم بالمدارس الكبرى، تكلموا عدة لغات أجنبية وتظاهروا بكونهم ديمقراطيين. كما أن كل مرشحي الحركة للانتخابات التشريعية، استفادوا من تكوين مكثف في تقنيات التواصل، استراتيجيات الإقناع وفن التفاوض. وتخلت الجماعة رسميا عن مشروع الدولة التيوقراطية، مؤكدين على أنهم يتخذون كقدوة لهم الحركات الإسلامية المغربية المعروفة ببراغماتيتها. كل ذلك لتوهيم المصريين بأنهم لا يطمحون إلى بلوغ الحكم باعتماد العنف. إلا أن الفساد الانتخابي همشهم سنة 2010، ما جهلهم يقاطعون الدور الثاني.
تطورات ما بعد الثورة
في المشهد السياسي لما بعد مبارك، واعتمادا على استطلاع للرأي نُشر خلال شهر أبريل 2011، كان ل 75 % من المواطنين رأي إيجابي تجاه الإخوان المسلمين. إلا نزوع انفجار التيار الإسلامي، الذي كان قائما في عهد الديكتاتورية، ظل يتقوى بعد ثورة 2011؛ قبل ذلك وسنة 1996 تحديدا، انفصل الجناح الليبرالي عن الإخوان لتأسيس حزب الوسط؛ أصبح للإسلاميين السلفيين المتشددين أكثر حزبهم الخاص بهم، حزب النور؛ أما حزب الإخوان المسلمين، حزب الحرية والعدالة، الذي تأسس يوم 6 يونيو، فقد أبعد النساء والشباب. ورغم ذلك، تمكن حزب الحرية والعدالة، الذي كان يرأسه محمد مرسي، من الفوز بالانتخابات التشريعية بتاريخ 20 يناير 2012، ليصبح رئيسه رئيسا لمصر ككل بتاريخ 24 يونيو من السنة نفسها. إلا أنه ستتم إزاحته بعد أيام من المظاهرات الشعبية التي شملت مجموع مدن البلاد واعتقال العديد من قادة حزب الحرية والعدالة والإخوان المسلمين من طرف قوات الجيش.
سوريا
تأسست الحركة في سوريا خلال ثلاثينيات القرن الماضي من قبل مجموعة من الطلبة الذين كانوا أعضاء سابقين في جماعة الإخوان المسلمين المصرية. كانت الجماعة هي القوة المعارضة الرئيسية لنظام البعث، وكانت ممثلة بشكل قوي في المدن السورية الكبيرة - حما، حمص، دمشق - حيث تُشكل الطبقات الشعبية غالبية أعضاء الحزب. أواخر السبعينيات، أعلنت الحركة النضال المسلح ضد النظام، بارتكابها العديد من الاغتيالات. كما حاولوا، سنة 1982، تنظيم انتفاضة شعبية ضد الرئيس حافظ الأسد الذي قضى، في مدينة حما، على الجناح المسلح للإخوان المسلمين - الطليعة المقاتلة - الذي تفرق أعضاؤه في العربية السعودية، الأردن، الكويت وكذلك في أفغانستان، ليظلوا حتى حدود 2007 خارج القانون، بما أن القانون رقم 49، الصادر سنة 1980 والذي لا يزال معمولا به، ينص على أنه «يعتبر مجرما ويعاقب بالإعدام كل من انخرط في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين ». ما جعلهم يلجؤون، بتاريخ 17 مارس 2006، إلى أن يخلقوا ، في بلجيكا، رفقة نائب الرئيس المنفصل، جبهة للإنقاذ الوطني انخرط فيها كذلك بعض المعارضين العرب والأكراد الوافدين من العديد من الأحزاب. سنة 2009، في غضون حرب غزة، توصلت الجماعة إلى اتفاقية هدنة مع النظام السوري، إلا أن زعيم الإخوان المسلمين سيلغيها خلال يوليوز 2010 .
لم تعد الجماعة تمثل اليوم، في سوريا، قوة سياسية، إلا أنها ما زالت تحتفظ بشبكة دعم تتم إدارتها انطلاقا من لندن وقبرص ويوجد مقرها باسطنبول. وهي تمثل، في سياق الحرب الأهلية، أغلبية في المجلس الوطني، ولو أن أعضاءها يوجدون في المجلس بأسمائهم الشخصية وليس باسم الحركة. و كما حدث في مصر، فإن الحركة تخلت رسميا عن العنف، وأصبحت تطالب بإقرار الديمقراطية في البلد، على أمل الوصول إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع. لم تعد تفرض إقامة دولة إسلامية، بل بالإحالة على الشريعة باعتبارها «من أسس التشريع».
الحرب ضد إسرائيل والإخوان في فلسطين
سنة 1935، ربط التنظيم الاتصال بأمين الحسيني، مفتي القدس، وشارك في الانتفاضة العربية في فلسطين سنة 1936 . بعد ذلك، سنة 1945، سيقوم سعيد رمضان، الابن الروحي لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين، بتأسيس جناح عربي مسلح تابع للحركة بفلسطين، هدفه محاربة الصهيونية. بذلك حققوا نجاحا كبيرا وشارك العديد منهم في حرب 1948 - 1949 ضد إسرائيل. كما حاربوا إلى جانب الجيوش العربية خلال حرب 1948 . ليصبحوا نشيطين أكثر في الأراضي التي تستعمرها إسرائيل منتصف ستينيات القرن، إذ عادوا إلى الاغتيالات والعمليات الانتحارية. و كان الجزء الأكبر من تمويلهم من العربية السعودية، ثم إيران بعد ذلك. تطورت الجماعة أكثر بعد إقامة شريط غزة، خلقت شبكة للمساعدة الاجتماعية وبنت جامعة إسلامية بغزة. لذلك، فإن الحركة تكتسب تعاطف جزء كبير من السكان بفضل برنامج مساعداتها الاجتماعية وبناء المدارس والمستشفيات. أما حركة المقاومة الإسلامية، حماس، فتم خلقها سنة 1987، وتضمن ميثاقها: «إن حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين». شارك الحزب في الانتخابات التشريعية سنة 2006، حيث وعد الناخبين بفرض الأمن، تنقية البلاد من الفساد، ففاز ب 74 مقعدا مقابل 45 لحركة فتح. ترأس إسماعيل هنية، رئيس حماس، حكومة جديدة للسلطة الفلسطينية، إلا أن محمود عباس عزل هنية وحكومته بعد لجوء القوات العسكرية التابعة لحماس إلى المراقبة العنيفة على شريط غزة سنة 2007 .
العراق
يتمثل الفرع العراقي للإخوان المسلمين في الحزب الإسلامي العراقي، الذي تم تأسيسه أواخر الخمسينيات. وقد عملت الجماعة بسرية بعد وصول حزب البعث إلى الحكم. بعد سقوط صدام حسين، سيرى الحزب النور من جديد، ليصبح الناطق الرسمي باسم السنيين في البلاد. شارك الحزب الإسلامي العراقي في الانتخابات يوم 15 نونبر 2005 في إطار الائتلاف مع جبهة التوافق العراقي، وحصل على 44 مقعدا، وهو أقوى نجاح بالنسبة لكل الائتلافات السنية العربية. انتقده متطرفوه، كزعيم القاعدة في العراق أبو مصعب الزرقاوي، لمشاركته في المسلسل السياسي في العراق. انخرط الحزب، بعد ذلك، بقوة في الحياة السياسية الوطنية، لإلحاق الجماعات السنية بالأجهزة الحكومية. كما يمتلك الحزب قناة تلفزية، اسمها «بغداد». وترأس الحزب ما بين 2004 و 2009 طارق الهاشم، الذي عين نائبا للرئيس العراقي من أبريل 2006 إلى 2011، و صدرت في حقه بعد ذلك مذكرة توقيف، ففر إلى تركيا أو قطر وصدر في حقه حكم غيابي بالإعدام. وعوضه على رأس الحزب إياد السامرائي الذي انتخب رئيسا للبرلمان، وتم تعويضه خلال شهر نونبر 2010 بالسني أسامة النجيفي الذي انتخب باسم اللائحة اللائكية العراقية. ويعتبر الحزب الإسلامي العراقي جزءا من حزب «الحركة الوطنية العراقية» الفائز بانتخابات 2010 بحصوله على 24 % من المقاعد.
هناك أيضا أحزاب إسلامية كردية مقربة من الإخوان الإسلاميين إلى هذا الحد أو ذاك: الحزب الإسلامي لكردستان وهو ممثل في البرلمان الكردي، إلا أنه لا يمثل سوى أقلية مقابل بعض الأحزاب اللائكية كالاتحاد الوطني لكردستان والحزب الديمقراطي لكردستان.
تركيا
يعتبر حزب الرفاه، الذي تأسس سنة 1983،- تحول بعد ذلك إلى حزب الفضيلة - عضوا أو صديقا لجماعة الإخوان المسلمين. خلال السبعينيات من القرن الماضي، التحق رجب طيب أردوغان، الذي درس في مدرسة دينية لتكوين الأئمة، بشبيبة حزب الإنقاذ الوطني، الحزب الإسلامي الذي كان يرأسه آنذاك نسمتين إربكان. وسيلحق به بعد تأسيس حزب الرفاه. دشن أردوغان مشواره السياسي بالعمل المحلي بعد انتخابه عمدة لأسطنبول سنة 1994، ويرجع نجاحه إلى كونه قدم نفسه باعتباره الناطق الرسمي باسم محاربة الفساد. إلا أن ولايته ستنتهي سنة 1998، بعد اعتقاله بتهمة التحريض على الحقد، ليمنع حزب الرفاه بعدها لممارسته أنشطة « مناهضة لللائكية «. سنة 2001، أسس حزب العدالة والتنمية رفقة الجناح الذي كان يوصف ب «المعتدل» داخل حزب الرفاه، وتمكن من الفوز في انتخابات 2002 . وقتها، كان نجاح هذا الحزب المتحدر من الإسلام السياسي، في بلد لائكي تحت الوصاية العسكرية، بمثابة الصدمة، لأن كل الأحزاب الإسلامية السابقة منعت بالتوالي. ورغم، ذلك سيواصل حزب العدالة والتنمية الحكم، متعلما ومستنبطا قواعد اللعبة الانتخابية - وهي من المجالات التي يتقنها الإخوان المسلمون. مما مكنه من الفوز في الانتخابات التالية، 2007 و 2011 .
صرح أردوغان أنه يؤيد فصل الدولة عن الدين - في تركيا، يعتبر الأئمة موظفين تابعين لمديرية الشؤون الدينية، التابعة هي أيضا للوزير الأول، ما يجعل الدين خاضعا بالضرورة لمراقبة الدولة. وكان موقفه ذلك يعارض، في جزء منه، لائكية تركيا. واصل اردوغان سياسته الليبرالية، بحيث خفف من ثقل تدخل الدولة، قلص من نزعتها الوقائية، شجع المقاولات الصغرى والمتوسطة لتصبح تركيا، خلال مطلع 2000، الدولة صاحبة أعلى نسبة نمو من بين بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. إلا أنه رغم اعتباره الرجل السياسي الأكثر شعبية في تركيا، فإن العديد من المثقفين يعتبرون أردوغان مستبدا يزيل مزاليج اللائكية لإقامة نظام إسلامي وشخصي.
سنة 2007، وبعدما تم انتخابه سلفا من طرف البرلمان، فإن انتخاب الرئيس سينتقل إلى مرحلة الاقتراع العام. وقد رفعت ، سنة 2008، شكاية ضد حزب العدالة والتنمية بتهمة «المس باللائكيةش لتقضي المحكمة الدستورية بإبطال قرارين يرخصان وضع الحجاب في الجامعات. إلا أن الحزب سيستأنف القرار، ما جعل المحكمة تتراجع، نسبيا، تحت تأثير وتحذير الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المعارضين لقرار المنع. اتبع أردوغان برنامجا إسلاميا، لا سيما منذ 2011، فأضعف تأثير كمال أتاتورك على الجيش التركي. كما تم التصويت، سنة 2012، على إصلاح يهم قطاع التربية ليقوي بذلك التعاليم الإسلامية في المدرسة العمومية، في الابتدائي والإعدادي والثانوي. موضحا أنه يسعى إلى تكوين جيل ورع. خلال الفترة نفسها، اتخذ مجموعة من الإجراءات التي تحد من حرية الإنسان، رغم بعض التحسن المترتب عن مسلسل الانخراط في الاتحاد الأوروبي. فانطلاقا من 2011، سيتم التضييق على حرية التعبير، حرية الإعلام، بما فيها التلفزة والأنترنيت، وكذلك حرية عقد الاجتماعات. كما تم الحد من عمليات الإجهاض وبيع الخمور. أما ابتداء من ربيع 2012، فإنه سيتقدم بمشروع دستوري يرمي إلى إقامة نظام رئاسي يفضي إلى تركيز قوي للسلط. إلا أن إعلانه، ربيع 2013، عن مشروع إعادة تهيئة ساحة عمومية، ستنجم عنه مظاهرات عارمة في الشارع لم يؤد التعامل معها بعنف إلا إلى اتساعها.
إيران
تعتبر جماعة الإخوان المسلمين الحزب الوحيد التي تمكن من إقامة جسور بين السنة والشيعة من خلال تنظيره للجهاد ودوره في مواجهة إسرائيل، التي يعتبرها إهانة لأرض الإسلام. فالقضية الإسرائيلية، بالنسبة للحزب، لا تخص الأرض، بل هي إهانة، سبة للأماكن المقدسة في الإسلام. إنها تقصي كل إحالة على العروبة والقومية داعية إلى استراتيجية متطورة على المدى البعيد تهدف إلى إعادة أسلمة الفرد أولا، ثم الزوجين، وبعدهما الأسرة كاملة فالمجتمع ثم الدولة. وسيكون لهذه الأفكار تأثيرها العميق على «فدائيي الإسلام»، وهي جماعة إسلامية شيعية اتخذت كزعيم روحي لها آية الله الخميني الذي كان وراء تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
تونس
يتزعم رشيد الغنوشي حركة النهضة، التنظيم المقرب إلى الإخوان المسلمين والذي يتبع استراتيجيتهم الرامية إلى غزو السلطة. تابع الغنوشي دراساته اللاهوتية بجامعة الزيتونة في تونس. و بما أنه كان معجبا بالناصرية، فقد تمكن من الحصول على منحة للدراسة في القاهرة. خلال إقامته في مصر - صادفت حرب الأيام الستة -، اعتنق طروحات جماعة الإخوان المسلمين. وقد أنهى دراساته في دمشق حيث حصل على الإجازة في الفلسفة سنة 1968 .
بشكل متطابق مع نهج سياسة الإخوان المسلمين، اعتمد حزب النهضة خطابا يختلف تبعا لنوعية مخاطَبيه: اجتهد كثيرا لتقديم نفسه كحركة دينية معتدلة، يرتدي زعماؤها اللباس الغربي ويدعون ميولا ديمقراطية في حين أن يُسخرون في السر الحركات الأكثر تطرفا، سعيا إلى إقامة الخلافة. بل إن الغنوشي سيصرح للجزيرة، خلال شهر يناير 2011، أنه يعارض الخلافة الإسلامية ويدعم الديمقراطية. وخلال ندوة صحافية، يونيو 2011، قدم الحزب نفسه باعتباره معتدلا وديمقراطيا، قدم عضويتين من أعضائه، واحدة بالحجاب والثانية بدونه. إلا أنه تم بعد ذلك، تسريب فيديو يؤكد فيه الغنوشي عكس ذلك أمام بعض القادة السلفيين.
خلال شهر يوليوز 2013، احتضنت اسطنبول الندوة الدولية للإخوان المسلمين الذين انتخبوا رشيد الغنوشي رئيسا للمكتب السياسي للتنظيم.
الجزائر
سنة 1989، ومرة أخرى كانت جماعة الإخوان المسلمين وراء تأسيس عباسي مدني وعلي بلحاج، عضوي الجماعة، للجبهة الإسلامية للإنقاذ التي فازت بالانتخابات البلدية سنة 1990 ثم الانتخابات التشريعية سنة 1991 . إلا أن نتائج الانتخابات ألغيت خلال شهر يناير 1991، ليطلق عباسي مدني دعوته الأولى للجهاد التي تلتها «العشرية السوداء» الجزائرية. وكان عباسي مدني وعلي بلحاج يعلنان تطبيق أحكام الشريعة في حالة فوز الجبهة.
خلال شهر يوليوز 1997، أُطلق سراح مدني إلا أنه سيسجن ثانية بعدما تبين دعمه للجهاد الذي أعلنته الجماعة الإسلامية للإنقاذ والجماعة الإسلامية المسلحة. أطلق سراحه، مرة أخرى شهر يوليوز 2003، في عهد عبد العزيز بوتفليقة، فوجه دعوة لوضع حد للعمل المسلح بتاريخ 25 غشت 2003 وسافر بعدها إلى العربية السعودية ثم ماليزيا وبعدها قطر.
تجدر الإشارة إلى أن ابن علي بلحاج، عبد القهار بلحاج، عضو القاعدة في المغرب الإسلامي قتل يوم 25 يوليوز 2011 بينما كان يعد لعملية إرهابية.
الإخوان والقاعدة
ابتداء من مطلع السبعينيات، من القرن الماضي، ورغم إعلان الإخوان المسلمين رسميا تخليهم عن العنف، فإن بعض الأعضاء الذين لم يتفقوا مع الإدارة بخصوص ذلك القرار، سيكونون وراء خلق جماعات أخرى صغيرة، لتتشكل بذلك تنظيمات إرهابية في العديد من البلدان. بذلك، كان الإخوان المسلمون وراء خلق «الجهاد الإسلامي في مصر»، الجماعة الإرهابية التي ترأسها أيمن الظواهري وهو لا يزال في الرابعة عشرة من عمره. اعتقل بعد اغتيال أنور السادات الذي اعتبرت جماعته مسؤولة عنه، إلا أنه سيطلق سراحه لعدم ثبوت تورطه. رحل بعد ذلك إلى أفغانستان حيث التقى «عبد الله عزام»، الفلسطيني المعروف بعضويته في جماعة الإخوان المسلمين التي ظلت تدعمه دائما، وعن طريقه التقى الظواهري أوسامة بن لادن.
وضع الثلاثة أسس تأسيس تنظيم يكون بمثابة طليعة مكلفة بأسلمة العالم. لقد خلقت القاعدة، التي أصبح أيمن الظواهري رجلها الثاني بعد دمج جماعته في القاعدة. ما أهله لرئاستها بعد وفاة بن لادن.
الوكالة المركزية للاستخبارات والإخوان في أمريكا
كانت الولايات المتحدة الأمريكية تهتم بالإخوان المسلمين منذ 1950، كحليف يمكن الاعتماد عليه ضد جمال عبد الناصر وضد إقامة أنظمة شيوعية أو اشتراكية في الشرق الأوسط. فسنة 1953، استقبل إيزنهاور لجنة بمكتبه كان من بين أعضائها سعيد رمضان، وكان آنذاك الرئيس المنشق لتنظيمات ترتبط بباكستان وتعمل من أجل العصبة الإسلامية العالمية. أما سنة 1971، فإن الوكالة المركزية للاستخبارات ستتعاون مع الاستعلامات السعودية لدعم الإخوان المسلمين وحلفائهم في حملة عالمية ضد الشيوعية، في مصر بوجه الخصوص. سنة 2007، وبعدما عرفت حقيقة وزنها في الشرق الأوسط، فإن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية قد أخذت تهتم من جديد بالتحالف مع الإخوان المسلمين، وسطرت كتابة الدولة العديد من اللقاءات المستقبلية بين سفراء أمريكيين وزعماء الجماعة في العديد من البلدان العربية. لذلك أصبح العديد من المتعاونين مع أوباما يوصفون بالمقربين من بعض فروع الإخوان المسلمين:
- هما أبدين، المستشارة الخاصة لهلاري كلينتون وصديقتها المقربة.
- أريف ألوكان، محام من أصول باكستانية، أستاذ في مكافحة الإرهاب والأمن العمومي، كان سكرتيرا مساعدا في الأمن الداخلي، وعمل بعد ذلك مستشارا لأوباما و مسؤولا مباشرا عن ملف الدول الإسلامية في البيت الأبيض. ويعتبر أحد مؤسسي المنظمة الإسلامية العالمية.
- محمد أولبياري، عضو المجلس الإسلامي في تيكساس. اختاره أوباما لكتابة كل خطبه الموجهة إلى العالم العربي والإسلامي، وكان هو من كتب رسالة أوباما إلى حسني مبارك أثناء ثورة يناير ليطلب منه تقديم استقالته ومغادرة مكتبه.
- رشاد حسين، رجل الثقة بالنسبة لأوباما، شرع في مهامه كمستشار لأوباما في القضايا المرتبطة بالإسلام بعدما كان التحق بفريقه كمستشار قانوني للبيت الأبيض شهر يناير 2009 . عهد له أوباما بتحرير خطاباته حول السياسة الخارجية، وقد صاغ الخطاب الشهير الذي ألقاه أوباما بالقاهرة سنة 2009 . وخلال فبراير 2010، عينه أوباما مبعوثا خاصا لدى منظمة التعاون الإسلامي. كما مثل الحسيني الحكومة الأمريكية كملاحظ خلال القمة الإسلامية التي احتضنتها مكة سنة 2012 .
أوروبا
خلال الخمسينيات من القرن الماضي، و نتيجة للتضييق عليهم في مصر والشرق الأوسط، سيحط الإخوان المسلمون الرحال بأوروبا حاملين معهم مشروع بناء قواعد للأسلمة. والمعروف أكثر من بينهم سعيد رمضان، الذي يعتبر مؤسس الإخوان المسلمين في أوروبا. وكان قد حصل من الأمير السعودي، فيصل، على ضمان الدعم المالي، عن طريق الرابطة الإسلامية العالمية.
كان سعيد رمضان وراء تأسيس الفرع الفلسطيني للحركة الذي سيحل محله حماس. سنة 1958، سيؤسس الجمعية الإسلامية لألمانيا ثم الرابطة الإسلامية العالمية. له ابنان وهما هاني وطارق رمضان. بعد اغتيال مؤسس الإخوان المسلمين، ورغم عدم خلافته له رسميا، سيصبح سعيد رمضان خليفته الروحي. وجهت له تهمة إعداد مخطط لأسلمة أوروبا يرجع تاريخه إلى سنة 1982، وقد اكتشفته المخابرات السويسرية سنة 2001 .
لعبت الحرب الباردة دورا في الترحيب بأعداء الاشتراكية، كما تم دعمهم سرا، الأمر الذي شجعهم على الاستقرار والعمل على تطوير أنفسهم بشكل متماسك، دون الانتظام في جمعية تحمل لها اسما معينا، وببعض الندية كذلك مع بعض الفصائل الأخرى القريبة منهم إيديولوجيا، الوهابيين وأنصار المودودي، مؤسس الحزب الإسلامي الباكستاني وأول منظر في القرن العشرين يدعو إلى الجهاد. كان السعوديون يمولون جزءا كبيرا من أعمالهم. أما من يمثلهم اليوم رسميا في أوروبا فهما هاني رمضان ويوسف القرضاوي، الذي أسقطت عنه الجنسية المصرية وهو قطري وعمل مستشارا دينيا لقناة «الجزيرة».
سنة 1961، وبمساعدة من باكستان، سيؤسس المركز الإسلامي لجنيف وترأس في الفترة نفسها جهازا إسلاميا في ميونيخ حتى حدود 1968 . وبذلك كانت ميونيخ وجنيف أولى قاعدتين أوروبيتين للإخوان المسلمين. وسنة 1962، لعب الإخوان المسلمون دورا مهما في تأسيس رابطة العالم الإسلامي، وهو جهاز سعودي تمول السعودية جزأه الأكبر، للوقوف في وجه المد الناصري / الاشتراكي.
بعد السبعينيات، سيصبح للسعوديين تدخل مباشر في الإسلام الأوروبي، حيث أقاموا مراكزهم الخاصة ومساجد تمولها الرابطة، على حساب المؤسسات الإخوانية أحيانا. خلال الثمانينيات والتسعينيات، ستوسع الجماعة أنشطتها في أوروبا بخلق تنظيمات جديدة: اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. وقد عمل الاتحادان على إخضاع الجاليات المسلمة لتأثيرهما، ساعيتين إلى الحصول على اعتراف الحكومات بهما كممثلتين رسميتين للجاليات المسلمة. نجح بالفعل اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا في الحصول على مركز نائب الرئيس في المركز الفرنسي للديانة الإسلامية، وعلى رئاسة 25 مجلسا جهويا للديانة الإسلامية.
بعد ذلك ستحول الجماعة اهتمامها إلى الجانب المالي، بحيث خلقت سنة 1988 بنك التقوى المتواجد في كل من الباهماس وسويسرا وليشتنستاين، البنك الذي لم يتضح دوره الحقيقي إلا سنة 2001 حيث اعتبرمن التنظيمات المالية الداعمة للإرهاب. أما سنة 1996، ونظرا لصعوبات التمويل القادم من الخليج العربي - الفارسي، فقد تم خلق الصندوق الأوروبي، وكان ستة من أعضاء مجلسه الإداري تابعين لاتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا.
سنة 1997، سيرى النور المجلس الأوروبي للفتوى بدوبلن، وكان يرأسه القرضاوي، والجمعية الإسلامية لبريطانيا العظمى. وكانت مهمة المجلس تتمثل في إصدار فتاوى موجهة بشكل خاص للمسلمين المقيمين في أوروبا لكي يظلوا خاضعين لأحكام الشريعة.
فرنسا
لبلوغ هدفها الأساسي، أي إقامة الخلافة العالمية، فإن الجماعة ترى أنها مطالبة بالتواجد بقوة في الديمقراطيات الغربية. إنه هدفها المسطر على المدى البعيد؛ ومع ذلك، فالقائد الأعلى للإخوان المسلمين، محمد بديع، يرى أن عهد إعادة بناء الخلافة أصبح قريبا. لأجل ذلك، أسس اتحادُ المنظمات الإسلامية بفرنسا، سنة 1990، المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية ويتمثل دوره الأساسي في تكوين أئمة. وسيتمكن، بالفعل، ما بين 1990 و 2004، من تكوين 300 إمام. ما يعني أن معظم أئمة باريس من المقربين لجماعة الإخوان المسامين أو من أعضائها. كما أن الاتحاد ينظم سنويا تجمعا يحضره 100.000 من الأتباع: سنة 2012، كان المحاضرون كلهم، ومن بينهم طارق رمضان، أعضاء في الجماعة أو متعاطفين معها. أما المرجع الأساسي للجماعة، يوسف القرضاوي، فلم يُسمح له بالحضور لتصريحات معادية للسامية صدرت عنه في وقت سابق. وكان قبل ذلك باثنتي عشرة سنة، قد أملى توصياته واستراتيجيته السياسية خلال محاضرة في نفس الإطار:
- التأثير بقوة وخلق جدالات توجه التشريع الفرنسي؛
- دراسة الأحزاب السياسية والتعامل مع أقربها إلى الإسلام؛
- التعجيل بجعل الفرنسيين يهتدون إلى الإسلام؛
- خلق أحزاب إسلامية ولعب دور سياسي.
التنظيم الدولي
بإمكاننا التساؤل حول حقيقة التنسيق العالمي. فأبو العلاء الماضي، مؤسس حزب الوسط المصري وعضو جماعة الإخوان سابقا، يوجه انتقادات قوية بهذا الخصوص: «لم تتمكن الجماعة أبدا من بلوغ هدف محدد. إنها تمثل نجاحا، إذا نظرنا إليها باعتبارها مدرسة فكرية. إلا أنها الفشل كل الفشل، إذا ما نظرنا إليها كتنظيم ».
يرجع تاريخ التأسيس الحقيقي للتنظيم الدولي إلى سنة 1982، بتأثير من مصطفى مشهور، أحد مسؤولي الإخوان الذي انكب، منذ 1973، على وصل خيوط الحركة الدولية عبر كثير من أسفاره إلى الخارج، ليصبح القائد الأعلى سنة 1996 . إلا أن اجتياح العراق للكويت، سنة 1991، ستتمخض عنه أزمة حقيقية. رأى الإخوان الكويتيون أن التنظيم الدولي لا يُدين نظام صدام حسين بقوة وقرروا الانسحاب منه علما بأنهم كانوا أقوى مموليه.
يُسير الإطار الدولي مكتب التنظيم المكون من 25 عضوا، من بينهم عدد وازن من المصريين محدد في تسعة. أما باقي الأعضاء فهم يمثلون بلدانا أخرى. أما أوروبا، فهي ممثلة بعضوين من بينهما رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية لأوروبا الذي ينتمي إليه اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. يعقد مكتب التنظيم اجتماعاته مرة إلى مرتين كل سنة في بلدان مختلفة. ويعتبر القائد الأعلى ممثلا لجميع مسلمي العالم.
الأحزاب المرتبطة
بالإخوان المسلمين في العالم
يوجد منها حوالي 80 حزبا في العالم، من بينها:
- الإخوان المسلمون السوريون الذين يمثلون الأغلبية في المجلس الوطني السوري؛
- حركة حماس في غزة ولها صفة فرع؛
- في العراق، الحزب الإسلامي العراقي الذي تحالف مع حزب الدعوة الشيعي وكونا اتحاد القوى الإسلامية وهو مندمج اليوم في الحركة الوطنية العراقية؛
- الاتحاد الإسلامي الكردي في كردستان؛
- حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وهو من الأحزاب الصديقة لجماعة الإخوان المسلمين؛
- في الأردن، أصبح الإخوان أول قوة سياسية تحت اسم «جبهة العمل الإسلامية »؛
- في الجزائر، بعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ، أصبح العديد من الأحزاب الممثلة في الجمعية الوطنية تعلن اليوم كونها تتبنى إيديولوجية الإخوان المسلمين. ويتعلق الأمر بائتلاف الجزائر الخضراء، المتشكل أساسا من ثلاثة أحزاب حصلت على 58 مقعدا في الانتخابات التشريعية لماي 2012؛
- حزب النهضة الحاكم في تونس وهو عضو في الإخوان المسلمين؛
- في المغرب، حزب العدالة والتنمية، الذي يستلهم كثيرا من الإخوان المسلمين وقد فاز في الانتخابات التشريعية سنة 2011 وكاتبه العام هو رئيس الحكومة المغربية حاليا.
- في باكستان، الجماعة الإسلامية الباكستانية وقد تأسست في الهند سنة 1941 وهي قريبة جدا من الإخوان المسلمين بما أن لهما نفس الأسس. شاركت هذه الجماعة بفعالية في الجهاد بأفغانستان و أصبحت تربطها علاقات وطيدة بالقاعدة.
- في ماليزيا، جماعة الإخوان المسلمين لماليزيا.
- في أوروبا، ويتعلق الأمر بجمعيات ثقافية - اجتماعية أكثر مما يتعلق بأحزاب سياسية: الجماعة الإسلامية لألمانيا، اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، المركز الإسلامي بجنيف ، المجلس الأوروبي للفتوى، الجمعية الإسلامية لبريطانيا العظمى.
خلاصات:
لقد فضلنا أن ننهي بمقتطف من مقال نشرته المجلة الدولية للسياسة والتنمية تحت عنوان: «الربيع العربي: وزن الإخوان المسلمين - رؤيتهم للدولة وللمالية الإسلاميتين » 4 / 2013 .
« لا يكف تحكم سياسة الإخوان المسلمين في المجتمع العربي - الإسلامي على التزايد. في كل مكان، تشتغل استراتيجيا قربهم على الصعيد الاجتماعي، التربوي والسياسي في نفس الوقت. وترتكز سياسة الإخوان المسلمين على ثلاثة محاور في الوقت نفسه: محاربة الفساد وانطلاق إصلاح اقتصادي واجتماعي؛ العمل لأجل نهضة العالم الإسلامي على أساس القيم التي تشمل الدين والمجتمع. كما يرى الإخوان المسلمون، أن القرارات الاستراتيجية للحكومات العربية قبل الربيع العربي، وحكومات اليوم أيضا، تٌمليها واشنطن أساسا. ويجبرهم هذا التحدي على تبني رؤية جديدة للقوة العظمى، وهو ما يتم من خلال نقاشات سرية مع الأمريكيين. وكان لا بد من إقناع واشنطن بعدم إمكانية تجاوز الإخوان المسلمين، من بين كل الحركات الإسلامية، بالنظر لوزنهم الاجتماعي والسياسي في العالم الإسلامي ككل. كما عمل الإخوان المسلمون على تغيير مناهجهم في تكوين مناضليهم بابتعادهم عن الخطاب المتطرف المستلهم من السلفية. ويحاول الإخوان، بطريقتهم، الانفتاح والتكيف للمشاركة في اللعبة الديمقراطية، بغرض إدماج حركتهم في المؤسسات الدولاتية للبلدان العريقة؛ فبناء على توجههم الجديد، ينبغي أن يتم غزو الإخوان للسلطة عبر مراحل ومن غير اللجوء للعنف.
رغم محاولة الانفتاح هذه، يخلق الإخوان المسلمون فضاءات اجتماعية متميزة عن الأوساط اللائكية، المسيحية، اليهودية أو غيرها؛ وهذه المسلمة أصبحت مؤكدة في العالم الإسلامي، وكذلك في بلدان أوروبا و آسيا. أما على المستوى الاقتصادي، فإن نظامهم البنكي يُقصي المستثمرين غير المسلمين، ما أدى بالتالي إلى خلق نوع من الإقطاعية الإسلامية في مجال المعاملات المالية والتجارية. ويبدو أن هؤلاء البنكيين، وكذلك المقاولين » الإسلاميين « يديرون علاقاتهم مع مستخدميهم بناء على النمط البطريركي والأبوي، حيث لا قيمة للتغطية الاجتماعية وأخلاقيات العمل، بما أنهم لا يحترمون ضوابط الشغل المعمول بها دوليا، لا سيما تجاه اليد العاملة المنحدرة من بلدان آسيا.
وفي الأخير، فإن الإخوان المسلمين، بحكم سلوكهم، يصبحون غير قابلين لأي حوار حقيقي بين الديانات، بين الثقافات و بين الاقتصاديات كذلك «.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.