رأى محللون ان نفوذ تركيا في الشرق الاوسط يتراجع مع الضربة التي تلقتها جماعة الاخوان المسلمين في مصر، ما قوض آمال انقرة في قيادة قوة سياسية اسلامية في المنطقة. وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من اول الداعمين للانتفاضة في العام 2011 التي اطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك وأقام بالتالي علاقات وثيقة مع جماعة الاخوان المسلمين.
واستثمرت تركيا سياسيا وماليا في مصر بعدما اصبح محمد مرسي اول رئيس منتخب ديموقراطيا في البلاد في يونيو 2012 على امل تعزيز نفوذ انقرة واثبات ان تركيا ليست الدولة الوحيدة التي يمكن ان يتعايش فيها الاسلام والديمقراطية.
لكن عزل مرسي وقمع مناصريه وجها ضربة قوية لأحلام تركيا في لعب دور قيادي في منطقة الشرق الاوسط بعد "الربيع العربي" كما قال محللون.
وقال الاستاذ في جامعة بيلغي في اسطنبول التر توران ان "تركيا كانت تأمل في ان يصب التحول في الشرق الاوسط في مصلحتها لأنها يمكن ان تكسب نفوذا اذا وصلت حكومات شبيهة بحكومة الاخوان المسلمين الى السلطة في مصر وتونس وسوريا".
وأضاف "هذه الخطة لم تنجح في سوريا وقد انهارت في مصر". وأوضح أن "تركيا اصبحت مرغمة على العزلة في الشرق الاوسط وخسرت سيطرتها على الوضع في المنطقة".
وقد راهنت تركيا، العضو في حلف شمال الاطلسي، على توسيع نفوذها في الشرق الاوسط بفضل نموها الاقتصادي الكبير في ظل حكم حزب العدالة والتنمية والفراغ في السلطة في دول عربية الذي خلفته انتفاضات الربيع العربي.
ودعم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، الذي يحظى بشعبية في الشارع العربي بسبب مواقفه المتشددة من معاملة اسرائيل للفلسطينيين، حركات ديمقراطية في انحاء المنطقة وحاول وضع بلاده كنموذج يحتذى به.
وبعد سقوط نظام حسني مبارك السابق في مصر والرئيس السابق زين العابدين بن علي في تونس، اقامت حكومته تحالفات مع جماعة الاخوان المسلمين في مصر ومع حركة النهضة الاسلامية التي تترأس الائتلاف الحاكم في تونس.
وأصبح اردوغان من اشد معارضي حليفه السابق الرئيس السوري بشار الاسد مع بدء الانتفاضة ضد نظامه والتي تحولت الى حرب اهلية.
ونددت تركيا بقوة، الاربعاء 14 غشت 2013، بالقمع الدموي للمتظاهرين المؤيدين لمرسي فيما وصف اردوغان العملية ب"المذبحة" واعتبر الرئيس التركي عبد الله غول ان هذا القمع "غير مقبول".
وقال توران ان "الغضب الذي عبر عنه قادة تركيا ليس فقط بسبب صور العنف او فشل الديمقراطية في مصر وإنما بسبب انهيار احلام الحكومة بان تصبح لاعبا اقليميا".
وكان الجيش المصري عزل مرسي في 3 يوليو بعد تظاهرات كثيفة ضد حكمه ما تسبب بانقسام كبير لدى الشعب المصري بين مؤيدي الاسلاميين وهؤلاء الذين يعتبرون انه ترك الاقتصاد يتداعى فيما كان يسعى لتركيز السلطة في ايدي جماعة الاخوان المسلمين.
وندد اردوغان بإزاحة مرسي معتبرا انها "انقلاب" في موقف اثار غضب الحكومة المؤقتة في القاهرة، ما ادى الى تقويض قدرة تركيا على التأثير على الاحداث في مصر.
وقال حسين بقجي في جامعة الشرق الاوسط التقنية في انقرة ان "تركيا ردت معنويا على الازمة لكن سياسيا هي معزولة".
وقال محللون ايضا ان الاحداث في مصر ما بعد مبارك ادت ايضا الى توتر في العلاقات بين ثلاث قوى سنية كانت في السابق متحدة في مواقفها، تركيا وقطر والسعودية.
واعتبر بقجي ان تركيا المحرجة اساسا بسبب التظاهرات غير المسبوقة المناهضة لحزب العدالة والتنمية التي شهدتها البلاد في يونيو اصبحت الآن معزولة جدا وغير قادرة على لعب دور قيادي. وقال ان "تركيا خسرت فرصتها في لعب دور قيادي في المنطقة".
من جهته قال سنان اولغن، الاكاديمي المحاضر في كارنيغي اوروبا، ان الخلاف بين القوى السنية سيخلف عواقب على المنطقة.
وقال "ان التحالف السني الذي كان سيجعل تركيا اقوى في الشرق الاوسط قد انهار بعد ازمة مصر". وأضاف "هذا سيخلف عواقب على السياسات الإقليمية، بما يشمل الوضع في سوريا".