حوض سبو.. نسبة ملء السدود تناهز 52 في المائة        وزارة الاقتصاد والمالية: المغرب يصدر سندات اقتراض دولية بملياري أورو    وفاة جنديين وجرح ثالث في حادث مقصود ضواحي "فم زكيد"    "الكورفاتشي" تستنكر سوء المعاملة في مباراة بيراميدز    المدير العام لمنظمة العمل الدولية يشيد باعتماد المغرب قانون الإضراب وإقراره من قبل المحكمة الدستورية        شراكة بين "Boluda Towage France" و"مرسى المغرب" لإدارة خدمات القطر بميناء الناظور غرب المتوسط لمدة 20 عامًا    وزير الفلاحة مطلوب في البرلمان بسبب التهاب أسعار الخضر    السعودية تدين اقتحام بن غفير للأقصى    ولد الرشيد يلتزم بالحوار جنوب جنوب        اعتماد ناشطة جزائرية مثيرة للجدل لتغطية "كان 2025" يشعل غضب المغاربة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    إطلاق دراستين جديدتين والكشف عن معطيات جديدة بخصوص نفق المغرب وإسبانيا    جريمة في سوق "حومة الوردة" بطنجة.. وفاة حارس على يد شاب في حالة تخدير    غياب شروط العلاج والظروف غير الملائمة للتكوين تدفع طلبة طب الأسنان بالبيضاء إلى مواصلة الإضراب        الخطوط الملكية المغربية تطرد طيارا أجنبيا بعد تصرف مستفز    أمين الراضي يقدم أكبر عرض كوميدي له بالدار البيضاء    دراسة: استخدام المضادات الحيوية في تربية المواشي قد يزيد بنسبة 3% خلال 20 عاما (دراسة)    بعد إعادة انتخاب مكتب جديد انتخاب لحسن بلاج عن الاتحاد الاشتراكي رئيسا لمجموعة الجماعات الترابية التضامن السوسية بالإجماع    وزارة الشباب والثقافة والتواصل واليونسكو تطلقان برنامج "مختبرات الشباب"    كأس الكونفدرالية.. نهضة بركان يواجه أسيك ميموزا اليوم الأربعاء بقميص خالٍ من خريطة المغرب    بسبب تأجج عطائه …اشرف حكيمي مرشح لنيل جائزة مارك فيفيان فوي    مجزرة جديدة في مخيم جباليا.. إسرائيل تستهدف عيادة "للأونروا" ومناطق أخرى في غزة    "تهديدات تثير القلق".. قضية مارين لوبان تفجر نقاشا سياسيا ساخنا حول القضاء في فرنسا    ثورة العقل النقدي العربي.. بقلم // محمد بوفتاس    إطلاق خط جوي مباشر بين أكادير وأمستردام    مالي تنفي مزاعم الجزائر بشأن إسقاط مسيّرة مسلحة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات تطلق 33 محطة لتحلية المياه    المغاربة يطالبون بالعودة إلى توقيت غرينيتش والعدول عن الساعة الإضافية    التنسيق الوطني لقطاع التعليم يتضامن مع الفئات المقصية من مباريات تكوين المفتشين    بعد يومين من اتصال ماكرون وتبون.. صنصال يستأنف الحكم ومحاميه يطالب ب"بادرة إنسانية"    إسرائيل توسع الهجوم في قطاع غزة    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    صلاح الدين بنعريم يستهل رحلة طويلة بالدراجة على طول 24 ألف كيلومتر من أوشوايا إلى ألاسكا    وزارة الشؤون الداخلية للدول    إليوت بنشيتريت ويونس العلمي لعروسي يغادران جائزة الحسن الثاني للتنس مبكرا    نائل العيناوي يختار اللعب لفائدة المنتخب المغربي بدلا عن الفرنسي    إفران تحتضن الدورة السابعة من مهرجان الأخوين للفيلم القصير    قناة فرنسية تسلط الضوء على تحولات طنجة التي حولتها لوجهة عالمية    وفاة أيقونة هوليوود فال كيلمر عن عمر يناهر 65 عاماً    كأس ملك إسبانيا .. إياب حارق في دور نصف النهائي    47,5 مليار درهم من التمويلات للمقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر "تمويلكم" في 2024    الصين: "هواوي" تسجل ارتفاعا في إيرادات المبيعات في 2024    واقعة تعنيف إطار صحي بقلعة السراغنة تتكرر بأكادير..    إشكاليات سوق إمزورن الأسبوعي تدفع امغار إلى مساءلة وزير الداخلية    الولايات المتحدة ترسل حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    السلطات البلجيكية تشدد تدابير الوقاية بسبب سلالة "بوحمرون" مغربية ببروكسيل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    القهوة في خطر.. هل نشرب مشروبًا آخر دون أن ندري؟    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    









بالواضح
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 20 - 03 - 2014

مرة أخرى أعود لتناول موضوع نزاهة القضاء ببلادنا، مرة أخرى أنبش في ملف من الملفات الشائكة التي تدمي العدالة ببلادنا، فشتان بين العدالة والقضاء، فالعدالة بيضاء صافية لاتشوبها شوائب، في حين أن القضاء يمكن أن تتسلل إليه طفيليات تحد من نزاهته وتلجمه ليصبح سيفا بيد من يدفع أكثر.
أعتقد جازما بأنه ليس هناك ورش من أوراش الاصلاح في المغرب الحديث، أهم من ورش إصلاح القضاء، كما أنني لا أعتقد بأن هناك ورش إصلاح أصعب منه، لكون العدالة ببلادنا دخلت ، منذ عقود، في متاهات قضاء فاسد في بعض تجلياته لدرجة أن النزاهة أصبحت استثناء عن القاعدة العامة.
فمن هنا يبدأ الإصلاح، ومن هنا يبدأ التنزيل الحقيقي للدستور، ومن بوابة القضاء النزيه تنطلق باقي الأوراش، فالضامن الحقيقي لمغرب الحريات والعدالة هي نزاهة القضاء.. لكن أين نحن من كل هذا وذاك؟ وهل حقا نحن على مشارف عهد جديد في ظل بعض المجموعات الضاغطة التي غلف السواد قلوبها وحولت بعض المحاكم إلى بورصات لتداول مصائر البعض، ولكل مصير ثمن!
عندما طُرح سؤال على تشرشل رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت القوات الألمانية تقصف المدن الانجليزية ليلا: «كيف هو حال بريطانيا؟»، أجاب بعزة نفس بريطانية:« بخير مادام قضاؤها بخير ونزيها». فُهم من الجواب وقتها أن الأمر يتعلق بمحاولة للتهرب من الجواب، لكنه في الحقيقة، جواب عميق للغاية، يستحق الوقوف عنده وتأمله؛ فالقضاء النزيه هو الذي أرسى قواعد الديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية في بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية؛ القضاء النزيه هو الذي ضمن للمواطنين حقوقهم وأرغمهم على احترام واجباتهم. نتساءل هنا - والسؤال حق مشروع - هل المغرب الآن بخير؟ وهل يمكن الحديث هنا عن ديمقراطية في ظل قضاء تشوبه الشوائب؟
فلا ديمقراطية من دون قضاء نزيه ، والنزاهة تقتضي إعمال مبدأ القانون إحقاقا للحق وضمانا للعدالة؛ النزاهة تقتضي ألا يكون ضمير القاضي مستترا غائبا ومبنيا للمجهول؛ النزاهة تقتضي أن يكون الضميرحاضرا لا تغيبه زينة الحياة الدنيا. ولأن البعض أدرك بأن القضاء في بلادنا تشوبه الشوائب، ولأن التقارير الدولية تعتبر بعض المحاكم في المغرب بعيدة كل البعد عن النزاهة وعن العدالة، فإنه تقرر إطلاق برنامج إصلاح القضاء، والذي كان قاب قوسين أو أدنى من دخوله حيز التنفيذ لولا تحرك لوبيات مناهضة التغيير، التي سارت في اتجاه عرقلته، أو على الأقل، في اتجاه تأخيره في انتظار إفراغه من محتواه الحقيقي، وبالتالي إخراجه مشوها ناقصا ضامنا لمصالح من استرزقوا بالملفات وتلاعبوا بالحقوق وأعدموا العدالة ببلادنا!
بالأمس كانوا يشهرون سيف المتابعة بتحقير الأحكام القضائية والمس بهيبة القضاء في وجه كل من تعرض للقضاء ولبعض الأحكام القضائية بالتحليل والتعليق والنقد ، مختبئين وراء هيبة القضاء؛ متناسين أن من يتلاعب بالأحكام ويبحث عن تخريجات عجيبة لتبرير حكم قضائي جانب الصواب، لسبب أو لآخر، لا هيبة له. واليوم، أيقنوا أن العدالة عليلة عندنا وأن البلاد ليست بخير، بسبب ممارسات البعض على جميع مستويات التقاضي؛ أدركوا أن التقارير التي كانوا يطعنون فيها بالأمس القريب صحيحة ، وأن الكتابات الصحفية التي تناولت الموضوع غير مامرة لم تكن مجانبة للصواب، وأن الوقت قد حان لإصلاح القضاء ،وهل يصلح إلا المعوج والفاسد؟ أدركوا كل هذا وأطلقوا برنامجا اعتبر ثورة في أوساط المؤسسة القضائية ببلادنا ، برنامجا لإصلاح القضاء، لكنه ، وللأسف، لم يبرح مكانه في الوقت الذي استمر عمل النشاط البورصوي للبعض في مجموعة من المحاكم. أتساءل - والسؤال حق مشروع - لو أن وزارة العدل استعانت بمجموعة من القضاة النزهاء للبحث في الملفات القضائية التي تتناولها الصحافة والتي تشتم من ورائها روائح الفساد؛ لو أن المفتشية العامة بوزارة العدل استمعت للمتقاضين المغلوبين على أمرهم عوض الاستماع لمن تثار حوله الشكوك؛ لو أن لجن بحث وترصد تعقبت أولئك السماسرة المنتشرين في مجموعة من المحاكم واقتفت أثرهم؛ لو أن الأمر أعطي للتنصت على المكالمات الهاتفية لمجموعة من الذين غلف السواد قلوبَهم؛ الأكيد أن المفاجأة ستكون كبيرة وسيتبين للجميع بأن المغرب -بالفعل- ليس بخير، مادام القضاء عندنا ليس بخير. ماذا لو تم تدوين معاناة آلاف المتقاضين وحكاياتهم مع مجموعة من السماسرة، أكيد أنه سيتم إنجاز مسلسل مكسيكي لانهاية لحلقاته. أتساءل لو أن العزل طال كل قاض ثبت تورطه في ملف ما ، لو أن التوقيف مدى الحياة طال من تلاعب بالحقوق واغتال العدالة ومنع من الالتجاء الى مهنة المحاماة بعد فصله من سلك القضاء، فالفاسد فاسد أكان قاضيا أو محاميا. لو أن التأديب طال المتلاعبين بالأحكام ولم يقتصر على التنقيل أو خفض الدرجة، بل العزل وربما المتابعة الجنائية بالارتشاء، إن توفرت الأدلة الدامغة ؛ وقتها ستجد وزارة العدل نفسها أمام خصاص كبير على مستوى القضاة، بالنظر لكثرة من غاب ضميرهم واستتر... أو بعد كل هذا يمكننا القول بأن المغرب بخير؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.